اللّهُ الصّمد
تفسير القرآن الكريم
وهو وصف لذاته المقدّسة. وقد ذكر المفسّرون واللغويون معاني كثيرة لكلمة "صمد".
عدد الزوار: 459
وهو وصف لذاته المقدّسة. وقد ذكر المفسّرون واللغويون معاني كثيرة لكلمة "صمد".
الراغب في المفردات يقول: الصمد، هو السيد الذي يُصمد إليه في الأمر، أي يقصد إليه.
وقيل: الصمد الذي ليس بأجوف.
وفي معجم مقاييس اللغة، الصمد له أصلان: أحدهما القصد، والآخر: الصلابة في الشيء...
واللّه جلّ ثناؤه الصمد، لأنّه يَصمِدُ إليه عباده بالدعاء والطلب.
وقد يكون هذان الأصلان اللغويان هما أساس ما ذكر من معاني لصمد مثل: الكبير الذي هو
في منتهى العظمة، ومن يقصد إليه النّاس بحوائجهم، ومن لا يوجد أسمى منه، ومن هو باق
بعد فناء الخلق.
وعن الإمام الحسين بن علي عليه السلام أنّه ذكر لكلمة "صمد" خمسة معان هي:
الصمد: الذي لا جوف له.
الصمد: الذي في غاية السؤدد
الصمد: الذي لا يأكل ولا يشرب.
الصمد: الذي لا ينام.
الصمد: الذي لم يزل ولا يزال.
وعن محمّد بن الحنفية رضوان الله عليه قال: الصمد القائم بنفسه الغني عن غيره. وقال
غيره: الصمد، المتعالي عن الكون والفساد.
وعن الإمام علي بن الحسين عليه السلام قال: "الصمد الذي لا شريك له، ولا يؤوده
حفظ شيء، ولا يعزب عنه شيء. (أي لا يثقل عليه حفظ شيء ولا يخفى عنه شيء)".
وذهب بعضهم إلى أنّ "الصمد" هو الذي يقول للشيء كن فيكون.
وفي الرّواية أنّ أهل البصرة كتبوا إلى الحسين بن علي عليه السلام يسألونه عن
الصمد. فكتب إليهم: "بسم اللّه الرحمن الرحيم، أمّا بعد فلا تخوضوا في القرآن،
ولا تجادلوا فيه، ولا تتكلّموا فيه بغير علم. فقد سمعت جدي رسول اللّه صلى الله
عليه وآله وسلم يقول: من قال في القرآن بغير علم فليتبوّأ مقعده من النّار، وأنّه
سبحانه قد فسّر الصمد فقال: اللّه أحد، اللّه الصمد، ثمّ فسّره فقال: لم يلد ولم
يولد ولم يكن له كفواً أحد...".
وعن ابن الحنفية قال: قال علي عليه السلام تأويل الصمد: "لا اسم ولا جسم، ولا
مثل ولا شبه، ولا صورة ولا تمثال، ولا حدّ ولا حدود، ولا موضع ولا مكان، ولا كيف
ولا أين، ولا هنا ولا ثمّة، ولا ملأ ولا خلأ، ولا قيام ولا قعود، ولا سكون ولا
حركة، ولا ظلماني ولا نوراني، ولا روحاني ولا نفساني، ولا يخلو منه موضع ولا يسعه
موضع، ولا على لون، ولا على خطر قلب، ولا على شمّ رائحة، منفي عنه هذه الأشياء".
هذه الرّواية توضح أنّ "الصمد" له مغهوم واسع ينفي كلّ صفات المخلوقين عن
ساحته المقدّسة، لأنّ الأسماء المشخصة والمحدودة وكذلك الجسمية واللون والرائحة
والمكان والسكون والحركة والكيفية والحد والحدود وأمثالها كلها من صفات الممكنات
والمخلوقات، بل من أوصاف عالم المادة، واللّه سبحانه منزّه منها جميعاً.
في العلوم الحديثة اتضح أنّ كلّ مادة في العالم تتكون من ذرات. وكلّ ذرة تتكون من
نواة تدور حولها الإلكترونات. وبين النواة والإلكترونات مسافة كبيرة نسبياً. ولو
اُزيلت هذه الفواصل لصغر حجم الأجسام إلى حدّ كبير مدهش.
ولو اُزيلت الفواصل الذرية في مواد جسم الإنسان مثلاً، وكثفت هذه المواد، لصَغَر
جسم الإنسان إلى درجة عدم إمكان رؤيته بالعين المجرّدة، مع احتفاظه بالوزن
الأصلي!!.
وبعضهم استفاد من هذه الحقائق العلمية ليستنتج أنّ الآية تنفي عن اللّه كلّ ألوان
الجسمانية، لأنّ واحداً من معاني "الصمد" هو الذي لا جوف له، ولما كانت كل
الأجسام تتكون من ذرات، والذرات جوفاء، فالصمد نفي الجسمية عن ربّ العالمين. وبذلك
تكون الآية من المعاجز العلمية في القرآن.
ولكن، يجب أن لا ننسى المعنى الأصلي لكلمة "صمد" وهو السيد الذي يقصده
النّاس بحوائجهم، وهو كامل ومملوء من كلّ الجهات، وبقية المعاني والتفاسير الاُخرى
المذكورة للكلمة قد تعدو إلى نفس هذا المعنى.
* الامثل في تفسير كتاب الله المنزل.