هل كان السّجود لله أم لآدم(عليه السلام)؟
آدم عليه السلام في القرآن
لا شك أن السجود يعني «العبادة» لله، إذ لا معبود غير الله، وتوحيد العبادة يعني أن لا نعبد إلاّ الله.
عدد الزوار: 162
لا شك أن السجود يعني «العبادة» لله، إذ لا معبود غير الله، وتوحيد العبادة يعني أن
لا نعبد إلاّ الله.
من هنا فإن الملائكة لم يؤدوا لآدم يعني «سجدة عبادة» قطعاً. بل كان السجود لله من
أجل خلق هذا الموجود العجيب. أو كان سجود الملائكة لآدم سجود «خضوع» لا عبادة.
جاء في «عيون الأخبار» عن الإِمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام): «كَانَ
سُجُودُهُمْ للهِ تَعَالى عُبُودِيَّةً، وَلاِدَمَ إكْراماً وَطَاعَةً، لِكَونِنَا
فِي صُلْبِهِ».
بعد هذا المشهد ومشهد اختبار الملائكة، أُمر آدم وزوجه أن يسكنا الجنّة، كما جاء في
قوله تعالى: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوجُكَ الجَنَّةَ، وَكُلاَ
مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتَُما وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ).
يستفاد من آيات القرآن أن آدم خُلق للعيش على هذه الأرض. لكنّ الله شاء أن يسكنه
قبل ذلك الجنّة، وهي روضة خضراء موفورة النعمة في هذا العالم، وخالية من كل ما يزعج
آدم.
لعل مرحلة مكوث آدم في الجنّة كانت مرحلة تحضيرية لعدم ممارسة آدم للحياة على الارض
وصعوبة تحمّل المشاكل الدنيوية بدون مقدمة، ومن أجل تأهيل آدم لتحمل مسؤوليات
المستقبل، ولتفهيمه أهمية حمل هذه المسؤوليات والتكاليف الإِلهية في تحقيق سعادته،
ولإِعطائه صورة عن الشقاء الذي يستتبع إهمال هذه التكاليف، ولتنبيهه بالمحظورات
التي سيواجهها على ظهر الأرض.
وكان من الضروري أيضاً أن يعلم آدم بإمكان العودة إلى الله بعد المعصية. فمعصية
الله ـ لا تسدّ إلى الإبد ـ أبواب السعادة أمامه، بل يستطيع أن يرجع ويعاهد الله أن
لا يعود لمثلها، وعند ذاك يعود إلى النعم الإِلهية.
ينبغي أن ينضج آدم(عليه السلام) في هذا الجوّ إلى حد معيّن، وأن يعرف أصدقاءه
وأعداءه، ويتعلم كيف يعيش على ظهر الأرض. نعم، كانت هذه مجموعة من التعاليم
الضرورية التي تؤهله للحياة على ظهر الأرض.
كانت هذه مقدمات تأهيلية يحتاجها آدم وأبناء آدم في حياتهم الجديدة. ولعل الفترة
التي قضاها آدم في الجنّة أن ينهض بمسؤولية الخلافة على الأرض كانت تدريبية أو
تمرينية.
وهنا رأى «آدم» نفسه أمام أمر إلهي يقضي بعدم الاقتراب من الشجرة، لكن الشيطان أبى
إلاّ أن ينفذ بقسمه في إغواء آدم وذريته، فطفق يوسوس لآدم ويعده وزوجه ـ كما يبدو
من سائر آيات القرآن الكريم ـ بالخلود وباتخاذ شكل الملائكة وأقسم أنه لهما من
الناصحين.
تقول الآية بعد ذلك: (فَأَزَلَّهُما الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا
كَانَا فِيهِ.
نعم. أُخرجا من الجنة حيث الراحة والهدوءُ وعدم الألم والتعب والعناء، على أثر
وسوسة الشيطان.
وصدر لهما الأمر الإِلهي بالهبوط (وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْض عَدُوُّ،
وَلَكُمْ فِي الاَْرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلى حِين).
وهنا، فهم آدم أنه ظلم نفسه، وأخرج من الجوّ الهادي الملي بنعم الجنّة بسبب
استسلامه لوسوسة الشيطان. وهبط في جوّ مفعم بالتعب والمشقة والعناء. مع أن آدم كان
نبيّاً ومعصوماً، فإن الله يؤاخذ الإنبياء بترك الأولى ـ كما سنرى ـ كما يؤاخذ باقي
الأفراد على ذنوبهم. وهو عقاب شديد تلقاه آدم جرّاء عصيانه.