أبواب السماء
إضاءات قرآنية
في 12 نيسان من سنة 1962 سرى في العالم نبأ تناقلته وسائل الإعلام بإعجاب وتعجب، فلقد أرسل الاتحاد السوفياتي أول إنسان إلى الفضاء ليدور حول الأرض، ولقد كانت الكلمات الأولى التي تفوّه بها الرائد « غاغارين » السوفياتي الهوية،
عدد الزوار: 523
قال تعالى: ﴿لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (13) وَلَوْ
فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14)
لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ﴾ [الحجر:
13 - 15]
في 12 نيسان من سنة 1962 سرى في العالم نبأ تناقلته وسائل الإعلام بإعجاب وتعجب،
فلقد أرسل الاتحاد السوفياتي أول إنسان إلى الفضاء ليدور حول الأرض، ولقد كانت
الكلمات الأولى التي تفوّه بها الرائد « غاغارين » السوفياتي الهوية، الشيوعي
العقيدة، عند ما أصبح في مداره حول الأرض ونظر من كوّة مركبته فرأى بديع خلق
السماوات والأرض هو ما ترجمته الحرفية: « ما ذا أرى؟ هل أنا في حلم أم سحرت عيناي
»؟
أما من تمعّن في كل كلمة من الآيات الكريمة أعلاه عما سيقوله الذين لا يؤمنون بالله
ولو فتح عليهم بابا من السماء، فسيردد بخشوع: سبحان الذي لا تبديل لكلماته، والحمد
لله الذي صدقنا ما جاء في آياته بعد قرون من التنزيل مصداقا لقوله: ﴿وَلَتَعْلَمُنَّ
نَبَأَهُ بَعْدَ حِين﴾ [ص: 88].
هل للسماء أبواب ؟
نعم. فلقد وصف المولى السماء « بذات الحبك » أي بذات الطّرق، ولكل طريق أبواب عدة، ولم ينفذ علماء الفلك من الغلاف الجوي الأرضي ويسبروا شيئا من أقطار السماوات إلا
من خلال الأبواب والطرائق الموجودة في الغلاف الجوي الأرضي والفضاء الخارجي. فكل
مركبة فضائية يجب أن تنطلق في زاوية معيّنة وفي مسار معيّن كي تستطيع النفاذ من
نطاق جاذبية الأرض إلى الفضاء الخارجي. وهناك آلاف الأدمغة الألكترونية التي تصحح
سير المركبة كلما ضلّت عن مسارها، كما أن على المركبات الفضائية خلال عودتها إلى
الأرض من الفضاء الخارجي الدخول والسلوك من فتحات وطرائق معيّنة في الغلاف الجوي
الأرضي وإلا بقيت﴿وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا
فِيهِ يَعْرُجُونَ ﴾ [الحجر: 14]
القمر الاصطناعي إيرس Iras حين انطلاقه، لاحظ مساره المتعرج في الفضاء الخارجي أو
احترقت قبل وصولها إلى الأرض. وهو ما كاد يحصل لإحدى المركبات الفضائية منذ سنوات
عند ما تعطلت لبعض الوقت الأجهزة التي توجّهها نحو الفتحة أو الباب الذي يجب أن
تدخل من خلاله في الغلاف الجوي الأرضي. وقد ظل العلماء يومئذ يحبسون أنفاسهم مع
الرواد الثلاثة الذين كانوا على متنها إلى أن يسّر لهم المولى سبل ولوج الباب الذي
نفذوا منه بمركبتهم سالمين إلى الأرض. ولقد وصف علماء الفلك عودة رواد الفضاء من
القمر إلى الأرض بما ترجمته كالآتي (1): « في يوم الخميس من 24 تموز سنة 1969 وفي
الساعة 17 و20 دقيقة ألقى رواد الفضاء من حمولتهم ودخلوا في الغلاف الجوي الأرضي
بسرعة 11 كلم في الثانية من خلال ممرّ ارتفاعه 65 كلم، فإن دخلوا من ممرّ أعلى
ارتدّوا وعادوا إلى الفضاء الخارجي، وإن دخلوا من ممرّ أسفل من الممر المحدّد كان
حريقهم وموتهم ».
والجدير بالذكر أن المسار الذي سلكه الإنسان وآلته في النفاذ من الأرض إلى الفضاء
هو طريق متعرج وليس مستقيما، وهنا نلاحظ الإعجاز العلمي القرآني في كلمة « يعرجون »
أي يصعدون بصورة متعرّجة، ونفهم لما ذا أسمى المولى سورة من كتابه « بالمعارج »،
ولما ذا وصف نفسه « بذي المعارج » أي برب السماء ذات الطرقات المتعرجة: ﴿سَأَلَ
سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2) مِنَ اللَّهِ
ذِي الْمَعَارِجِ﴾ [المعارج: 1 - 3].
وفي كلمة أخيرة نقول: إن ما اكتشفه الإنسان من أبواب وطرائق في السماء، ما هو إلا
القليل. أما يوم القيامة فستفتح جميع أبواب السماء، من قوله تعالى: ﴿ وَفُتِحَتِ
السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابً﴾ [النبأ: 19].
* المؤلف: د. عدنان الشريف. الكتاب: من علم الفلك القرآني، ص 129-132.
2015-12-20