أفضل دليل على عظمة القرآن محتواه
إضاءات قرآنية
وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ
عدد الزوار: 142
قال تعالى: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ
الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى
قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا
أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى
الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ
وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ
(31) وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ
لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [الأحقاف:
29 - 32].
يظهر جلياً من الآيات أعلاه وآيات سورة الجن أنّ هذه الفرقة من الجن قد انجذبوا
إلى القرآن وانشدوا إليه بمجرّد سماع آياته، ولا يوجد أي دليل على أنّهم قد طلبوا
من نبيّ الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) معجزة أُخرى.
لقد اعتبر هؤلاء انسجام القرآن المجيد مع آيات الكتب السابقة من جهة، وأنّه يدعو
الى الحق من جهة ثانية، واستقامة برامجه العملية وتخطيطه من جهة ثالثة، كافياً
لأن يدل على كونه حقّاً.
والحق أنّ الأمر كذلك، فإنّ التدبّر في محتوى القرآن والتحقيق فيه يغنينا عن
الحاجة إلى أي دليل آخر.
إنّ كتاباً لشخص أُمي لم يدرس، وفي محيط مليء بالجهل والخرافات، يكون فيه هذا
المحتوى السامي، والعقائد الطاهرة النقية، والتوحيد الخالص، والقوانين المحكمة
المنسجمة، والإستدلالات القوية القاطعة، والبرامج المتينة البنّاءة، والمواعظ
والإرشادات العالية الجلية، وبتلك الجاذبية القوية، والجمال المذهل، كل ذلك يشكل
بنفسه أفضل دليل على حقانية هذا الكتاب السماوي، فإنّ ظهور الشمس دليل على ظهورها
ـ كما يقول المثل (1).
* المؤلف: ناصر مكارم الشيرازي، الكتاب أو المصدر: تفسير الامثل،
الجزء والصفحة: ج12، ص 581.
1- كان لنا بحث مفصّل حول إعجاز القرآن في التّفسير الأمثل، ذيل الآية (23) من سورة البقرة.
2015-12-20