يتم التحميل...

نور الأسبوع: الإسلام حريّة القلب والرّوح

محرم

وصف أمير المؤمنين (عليه السلام) حياة الناس في البيئة التي ظهر فيه الإسلام، بأنّها بيئة فتنة: "في فتنٍ داستهم بأخفافها ووطأتهم بأظلافها"، الفتنة تعني : الأجواء الملوّثة بالغبار، حيث تعجز العين عن الرؤية في تلك الأجواء الملوّثة.

عدد الزوار: 25

الإسلام حريّة القلب والرّوح
من كلام الإمام القائد السيد علي الخامنئي (دام ظله)


وصف أمير المؤمنين (عليه السلام) حياة الناس في البيئة التي ظهر فيه الإسلام، بأنّها بيئة فتنة: "في فتنٍ داستهم بأخفافها ووطأتهم بأظلافها"؛ الفتنة تعني : الأجواء الملوّثة بالغبار، حيث تعجز العين عن الرؤية في تلك الأجواء الملوّثة. فلا ترى طريقها ولا تشخّص مصلحتها. هكذا كانت حال الناس الذين عاشوا في تلك المنطقة المليئة بالمحن والشقاء. وهذا ما كان سائدًا في الدول الكبرى، وفي حضارات ذاك الزمن، التي امتلكت حكومات وشعوبا، لكن بأشكالٍ مختلفة. وليس الأمر أن نتصوّر أنّه في زمن ظهور الإسلام في الجزيرة العربيّة، كان الناس هناك تُعساء، والشعوب الأخرى سعداء. كلا! فغلبة الحكومات الجائرة والظالمة، وعدم احترام شأن الإنسان والإنسانية، والحروب المدمّرة التي جرت بين القوى، وبهدف فرض سيطرتها، قد شرذمت حياة البشر.

ويشير التاريخ إلى وجود حضارتين في ذلك الزمن، هما الحضارة الإيرانية (الفارسية) الساسانيّة، وحضارة الإمبراطوريّة الرومانيّة. كان الناس، ومن مختلف الأطياف والشرائح، يعيشون في تلك المجتمعات حالة مزرية تحرق قلب الإنسان، كانوا يعيشون حياة الرقّ والعبوديّة والأسر، فجاء الإسلام وحرّرهم، وكانت الحريّة بالدرجة الأولى، لقلب الإنسان وروحه. وعندما شعر الإنسان بالحريّة، شعر معها بالحاجة إلى فكّ القيود، وقد أصبحت قواه تحت تأثير تلك المشاعر، فإذا ما عقد الهمّة وتحرّك، فسوف يصل إلى الحريّة المنشودة. وهذا ما فعله الإسلام للإنسان. وهي ذاتها، رسالة اليوم للعالم الإسلاميّ والعالم بأسره. فأعداء حريّة الإنسان يعمدون إلى قتل الفكر الإنسانيّ الحرّ، والقضاء عليه. وإذا ما فُقد الفكر الحرّ، فستبطئ الحركة نحو الحريّة أو تنتفي كليًّا.

التكليف اليوم: تحقيق الحريّة:

إنّ تكليفنا اليوم - نحن المسلمين - هو العمل للوصول إلى الحريّة التي يبتغيها الإسلام. فاستقلال الشعوب الإسلاميّة، استقرار الحكومات الشعبيّة في كافة أنحاء العالم الإسلاميّ، مشاركة وحضور جميع أفراد الشعب في القرارات المصيريّة، والحركة على أسس الشريعة الإسلاميّة هي التي ستُنقذ الأمّة. وبالطبع، فإنّ الشعوب الإسلاميّة اليوم، وفي جميع أنحاء العالم الإسلاميّ تشعر بالحاجة إلى هذه الحركة، وفي النهاية ستصل هذه الأحاسيس إلى النتيجة المرجوّة. بلا شكّ، إذا قام نخبويّو الشعوب وعقلاؤهم - سواء النخب السياسيّة، العلميّة والدينيّة - بواجباتهم بالشكل الصحيح، فسيكون مستقبل العالم الإسلاميّ كما نرجو ونروم، ولدينا أمل بهذا المستقبل؛ هناك اليوم، شعورٌ بالصحوة في العالم الإسلاميّ. ومن هذه النقطة بالتحديد يدخل الأعداء إلى الساحة؛ الأعداء المخالفون للصحوة الإسلاميّة، ولاستقلال الشعوب، ولحكم دين الله في البلاد، يدخلون بمختلف أنواع الخدع لشلّ المجتمعات الإسلاميّة، وأهمها إيجاد الفرقة والاختلاف.

التيّارات التكفيريّة؛ مسرّة الاستكبار:

إنّ وجود هذه التيارات التكفيريّة في العالم الإسلاميّ، هو بمثابة بشرى للاستكبار ولأعداء الإسلام. فهم بدل أن يوجّهوا اهتماماتهم إلى واقع النظام الصهيونيّ الخبيث، يصبّون اهتماماتهم في اتجاه آخر، على النقيض ممّا يريده الإسلام تمامًا. فالإسلام يريد للمسلمين أن يكونوا ﴿أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ، على المسلمين أن يكونوا أشدّاء على أعداء الدين، عليهم الصمود، وأن لا يخضعوا لهم ﴿أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ: آية صريحة في القرآن الكريم. وأن يكونوا ﴿رُحَمَاء بَيْنَهُمْ؛ أن يتوحّدوا، وأن يتضافروا، وأن يعتصموا بحبل الله؛ هذا ما يأمر به الإسلام. عندما يظهر تيّارٌ يقسّمُ المسلمين إلى مسلم وكافر، ويستهدف جماعة منهم على أنّهم كفّار، ويزرع الشقاق بين المسلمين! فمن منّا لا يشكّ في أنّ وجود هذه التيّارات ودعمها وتمويلها، ومدّها بالسلاح وغيره، هو من عمل الاستكبار وأجهزة الاستخبارات الخبيثة للدول المستكبرة!؟ هم يجلسون [يتآمرون] ويخططون لأجل هذا. على العالم الإسلاميّ أن يهتمّ بهذه القضيّة، إنّه لخطرٌ كبير.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

2015-11-12