الروح التي تسدد الأولياء
عصمة الأنبياء في القرأن
خلق من خلق الله عزّ وجلّ أعظم من جبرئيل وميكائيل كان مع رسول الله يخبره ويسدده وهو مع الأئمّة من بعده
عدد الزوار: 361
روى أبو بصير قال: سألت أبا عبد الله عن قول الله تبارك وتعالى:
﴿وكَذلِكَ
أوْحَيْنا إلَيْكَ رُوحًا مِنْ أمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ ؤلأ
الإيمانُ﴾ قال:
"خلق من خلق الله عزّ وجلّ أعظم من جبرئيل وميكائيل كان مع رسول
الله يخبره ويسدده وهو مع الأئمّة من بعده". وهذه الرواية مع أنّ ظاهرها لا ينطبق
على الآية، لأنّ الوحي يتعلّق بالمفاهيم والألفاظ لا بالجواهر والأجسام، فالملك
الذي هو أعظم من جبرئيل وميكائيل لا يمكن أن يتعلّق به الوحي، ويكون هو الموحى به،
وإنّما يتعلق به الإرسال والبعث ونحو ذلك، لا صلة لها بباب المعاصي بل هي راجعة إلى
التسديد في تلقى الوحى وإبلاغه إلى الناس، وحفظهم عن الخطأ على وجه الإطلاق.
على أنّ هناك روايات تشعر بأنّ هذه الروح التي تؤيد الأنبياء غير خارجة عن ذواتهم،
وهذا جابر الجعفي يروي عن الإمام الصادق في تفسير قوله سبحانه:
﴿ؤكُنْتُمْ أزْواجًا
ثَلاثَةً * فَأصْحابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أصحابُ الْمَيْمَنَةِ * وأصحابُ
الْمَشْئَمَةِ مَا أصْحابُ الْمَشْئَمَةِ * ؤالسّابِقُونَ السّابِقُونَ * أُولئِكَ
الْمُقَرَّبُونَ﴾.
"فالسابقون هم رسل الله، وخاصة الله من خلقه جعل فيهم خمسة أرواح أيدهم بروح القدس
فبه عرفوا الأشياء، وأيّدهم بروح الإيمان فبه خافوا الله عزّ وجلّ، وأيدهم بروح
القوة فبه قدروا على طاعة الله، وأيّدهم بروح الشهوة فبه اشتهوا طاعة الله عزّ وجلّ
وكرهوا معصيته، وجعل فيهم روح المدرج الذي به يذهب الناس ويجيئون". ولا يخفى أنّ
الأرواح الأربعة غير خارجة عن ذواتهم، ولا يبعد أن تكون الخامسة وهي روح القدس غير
خارجة عن ذواتهم ويكون المراد كمال نفوسهم إلى حد يعرفون الأشياء على ما هي عليها.
قال الشيخ صالح المازندراني في تفسير هذه الأرواح الخمسة: جعل الله تعالى بالحكمة
البالغة والمصلحة الكاملة في الرسل والخاصة، خمسة أرواح لحفظهم من الخطاء وتكميلهم
بالعلم والعمل ليكون قولهم صدقًا، وبرهانًا، والاقتداء بهم رشدًا وإيقانًا كيلا
يكون لمن سواهم على الله حجة يوم القيامة، ولعل المراد بالأرواح هنا النفوس. وعلى
أي تقدير فهذه الروايات التي تشهد بتسديد الأنبياء بها إمّا راجعة إلى تسديدهم في
مقام تلقى الوحى، أو راجعة إلى تسديدهم عن الخطاء في الأحكام والموضوعات والكل خارج
عن إطار البحث، وإنّما الكلام في صيانتهم عن المعاصي .
*عصمة
الانبياء /اية الله جعفر السبحاني