الإسراء والمعراج
في رحاب الشهر المبارك
تبدأ سورة الإسراء بتنزيه الله من كل نقص وحاجة، وهذا يتناسب مع كون الآية بصدد الحديث عن معجزة. ففي شهر رمضان في الليلة السابعة عشرَ منه على بعض الروايات أراد الله أن يسري بنبيّه محمد صلى الله عليه وآله وسلم أي أن يسير به ليلاً برحلة إعجازية
عدد الزوار: 129
﴿سُبْحَانَ
الَّذِي أَسْرَى
بِعَبْدِهِ
لَيْلاً مِّنَ
الْمَسْجِدِ
الْحَرَامِ إِلَى
الْمَسْجِدِ
الأَقْصَى
الَّذِي
بَارَكْنَا
حَوْلَهُ
لِنُرِيَهُ مِنْ
آيَاتِنَا
إِنَّهُ هُوَ
السَّمِيعُ
البَصِيرُ﴾1.
تبدأ سورة
الإسراء بتنزيه
الله من كل نقص
وحاجة، وهذا
يتناسب مع كون
الآية بصدد
الحديث عن معجزة. ففي شهر رمضان في
الليلة السابعة
عشرَ منه على بعض
الروايات أراد
الله أن يسري
بنبيّه محمد صلى
الله عليه وآله
وسلم أي أن يسير
به ليلاً برحلة
إعجازية يطلّع
صلى الله عليه
وآله وسلم فيها
على مواقع مباركة
من الأرض ترتبط
بمسيرة الأنبياء، وأيضاً على ملكوت
السموات، ليعرِّفه الله
تعالى على سكان
سمواته وملكوته،
ويريه من عجائب
عظمة الله تعالى.
مكان الانطلاق:
المسجد الحرام
المقصد الأول:
المسجد الأقصى، الذي هو المسجد
الثاني في الأرض.
الذي ورد أنّه
بُني بعد المسجد
الحرام بـ 40 سنة،
وهو مصلَّى
أنبياء الله
تعالى عبر
التاريخ.
الوسيلة:
البراق
الذي اشتق اسمها
من البرق، وهي
وسيلة من الجنّة،
ولعلّها سميت
كذلك لأنّ سرعتها
كسرعة البرق.
وأرد ا لله من
خلال هذه الوسيلة
أن يجري الأمور
بأسبابها.
منازل الطريق
1- يثرب:
عن النبي صلى
الله عليه وآله
وسلم:
"نزل بي جبرئيل،
فقال: صلِّ،
فصليت، فقال:
أتدري أين صليت؟
فقلت: لا، فقال:
صليت بطيبة،
واليها مهاجرتك"2.
2- طور سيناء
أكمل النبي صلى
الله عليه وآله
وسلم:
"ثم ركبت، فمضينا
ما شاء الله، ثم
قال لي: انزل،
وصلِّ، فنزلتُ
وصليت، فقال لي:
أتدري أين صليت؟
فقلت: لا، فقال:
صليت بطور سيناء
حيث كلّم الله
موسى تكليماً"3.
3- بيت لحم
وأكمل صلى الله
عليه وآله وسلم:
"ثم ركبت،
فمضينا ما شاء
الله، ثم قال لي:
انزل فصلِّ،
فنزلت وصليت،
فقال لي: أتدري
أين صليت؟ فقلت
لا، قال: صليت في
بيت لحم بناحية
بيت المقدس، حيث
ولد عيسى ابن
مريم عليها
السلام"4.
4- بيت المقدس
وأكمل صلى الله
عليه وآله وسلم:
"ثم ركبت
فمضينا حتى
انتهينا إلى بيت
المقدس، فربطت
البراق بالحلقة
التي كانت
الأنبياء عليهم
السلام تربط بها،
فدخلت المسجد،
ومعي جبرئيل إلى
جنبي"5.
اللقاءات
1- مع الأنبياء
عن النبي صلى
الله عليه وآله
وسلم في حديثه عن
المعراج...: "فسلَّمتُ
على أبي آدم عليه
السلام وسلّم عليّ،
واستغفرتُ له،
واستغفر لي، وقال:
مرحباً بالابن
الصالح، والنبيّ
الصالح، المبعوث
في الزمن الصالح"6.
وكذا التقى النبي
صلى الله عليه
وآله وسلم بخليل
الله ابراهيم
عليه السلام الذي
قال له:
"مرحباَ
بالنبي الصالح
والابن الصالح
والمبعوث في
الزمن الصالح".
كما التقى بكليم
الله موسى بن
عمران عليه
السلام وروح الله
عيسى ابن مريم
عليه السلام
وغيرهم من أنبياء
الله تعالى7.
وفي الحديث
النبويّ:
"فوجدنا
إبراهيم عليه
السلام وموسى
عليه السلام
وعيسى عليه
السلام فيمن شاء
الله من أنبياء
الله قد جُمعوا
إليّ، وأقمت
الصلاة، ولا أشكّ
إلا وجبرئيل
استقدمنا، فلمّا
استووا اخذ
جبرئيل عليه
السلام بعضدي،
فقدّمني فأممتهم
ولا فخر"8.
مع الملائكة
ملك الموت
في
الحديث النبويّ:
"ثم مررت بملك من
الملائكة جالس
على مجلس، وإذا
جميع الدنيا بين
ركبتيه، وإذا
بيده لوح من نور،
سطر فيه مكتوب
فيه كتاب ينظر
فيه، لا يلتفت
يميناً ولا شمالاً،
مقبلاً عليه
كهيئة الحزين،
فقلت: من هذا يا
جبرئيل؟ فقال:
هذا ملك الموت،
دائب في قبض
الأرواح، فقلت:
يا جبرئيل، أدنني
منه حتى أكلّمه،
فأدناني منه،
فسلّمت عليه،
وقال له جبرئيل:
هذا محمّد نبي
الرحمة الذي
أرسله الله إلى
العباد، فرحَّب
بي، وحياني
بالسلام، وقال:
أبشر يا محمد،
فإنّي أرى الخير
كلّه في أمّتك،
فقلت: الحمد لله
المّنان ذي النعم
على عباده، ذلك
من فضل ربي
ورحمته عليّ،
فقال جبرئيل: هو
أشدّ الملائكة
عملاً فقلت: أكلُّ
من مات أو هو ميت
فيما بعد هذا
تقبض روحه؟ فقال:
نعم، قلت: وتراهم
حيث كانوا،
وتشهدهم بنفسك؟
فقال نعم، فقال
ملك الموت: ما
الدنيا كلّها
عندي فيما
سخَّرها الله لي،
ومكَّنني عليها
إلاّ كالدرهم في
كفَّ الرجل يقلبه
كيف يشاء، وما من
دار إلا وأنا
أتصفحه كلّ يوم
خمس مرات، وأقول
إذا بكى أهل
الميّت على ميتهم:
لا تبكوا عليه، فإنّ لي فيكم
عودة وعودة حتى
لا يبقى منكم
أحد"9.
خازن النار
في الحديث النبويّ:
"فما لقيني ملك
إلا ضاحكاً
مستبشراً حتى
لقيني ملك من
الملائكة لم أرَ
أعظم خلقاً منه،..،
ظاهر الغضب... لم
يضحك،... فقلت:
من هذا يا جبرئيل؟...فقال...
إنّ هذا مالك
خازن النار، لم
يضحك قط، ولم يزل
منذ ولاّه الله
جهنّم... فسلّمت
عليه، فرد السلام
عليّ، وبشّرني
بالجنّة، فقلت
لجبرئيل:... ألا
تأمره أن يريني
النار. فقال له
جبرئيل: يا مالك،
أرِ محمداً النار،
فكشف عنها غطاءها،
وفتح باباً منها،
فخرج منها لهب
ساطع في السماء،
وفارت وارتفعت
حتى ظننت
لتتناولني مما
رأيت، فقلت: يا
جبرئيل، قل له:
فليردّ عليها
غطاءها"10.
دخول الجنّة
قصر الياقوتة
الحمراء
في الحديث النبوي:
"دخلتُ الجنّة،
فرأيت قصراً من
ياقوتة حمراء يرى
داخلها من خارجها،
وخارجها من
داخلها من ضيائها،
وفيها بيتان درّ
وزبرجد، فقلت: يا
جبرئيل، لمن هذا
القصر؟ فقال: هذا
لمن أطاب الكلام،
وأدام الصيام،
وأطعم الطعام،
وتهجّد بالليل
والناس نيام"11.
الملائكة تسأل عن
علي عليه السلام
عن الإمام الصادق
عليه السلام في
حديثه عن المعراج:
"...واجتمعت
الملائكة، ثم
جاءت، فسلّمت على
النبي صلى الله
عليه وآله وسلم
أفواجاً، ثم قالت:
يا محمد، كيف
أخوك؟ قال: بخير،
قالت: فإن أدركته
فاقرأه منّا
السلام، فقال
النبي صلى الله
عليه وآله وسلم:
أتعرفونه؟ فقالوا:
كيف لم نعرفه وقد
أخذ الله عز وجل
ميثاقك وميثاقه
منا؟ وإنا لنصلّي
عليك وعليه"12.
شجرة طوبى وفاطمة
عليها السلام
كان رسول الله
صلى الله عليه
وآله وسلم يكثر
تقبيل فاطمة
عليها السلام،
ويقول:
"لمّا أسري بي
إلى السماء دخلت
الجنة، فأدناني
جبرئيل من شجرة
طوبى، وناولني من
ثمارها، فأكلته،
فحوّل الله ذلك
ماءًا في ظهري،
فلمّا هبطت إلى
الأرض واقعتُ
خديجة، فحَمَلَتْ
بفاطمة عليها
السلام، فما
قبلتها قط إلا
وجدت رائحة شجرة
طوبى منها"13.
حجب النور
والأئمة عليهم
السلام
عن
الإمام الرضا
عليه السلام عن
آبائه عن أمير
المؤمنين عليه
السلام عن النبي
صلى الله عليه
وآله وسلم:
"... فلمّا
انتهيت إلى حجب
النور قال لي
جبرئيل: تقدّم يا
محمد، وتخلَّفَ
عني، فقلت: يا
جبرئيل، في مثل
هذا الموضع
تفارقني؟! فقال:
يا محمد، إنّ
انتهاء حدّي الذي
وضعني الله عزّ
وجلّ فيه إلى هذا
المكان، فإنْ
تجاوزته احترقت
أجنحتي بتعدّي
حدود ربي جل
جلاله. فزخّ بي
في النور زخّة
حتى انتهيتُ إلى
حيث (ما) شاء
الله من علوّ
ملكه، فنوديت: يا
محمد، فقلت: لبيك
ربي وسعديك،
تباركت وتعاليت،
فنوديت: يا محمد،
أنت عبدي، وأنا
ربك، فإياي فاعبد،
وعليّ فتوكل،
فإنّك نوري في
عبادي، ورسولي
إلى خلقي، و
حجّتي على بريّتي،
لك ولمن اتبعك
خلقت جنتي، ولمن
خالفك خلقت ناري،
ولأوصيائك أوجبت
كرامتي، ولشيعتهم
أوجبت ثوابي،
فقلت: يا ربّ،
ومن أوصيائي؟
فنوديت: يا محمد،
أوصياؤك
المكتوبون على
ساق عرشي، فنظرت
- وأنا بين يدي
ربي جلّ جلاله -
إلى ساق العرش،
فرأيت اثني عشر
نوراً في كلّ نور
سطر أخضر، عليه
اسم وصيّ من
أوصيائي، أوّلهم
عليّ بن أبي طالب،
وآخرهم مهديّ
أمتي، فقلت: يا
ربّ هؤلاء
أوصيائي من بعدي،
فنوديت: يا محمد،
هؤلاء أوليائي (وأوصيائي)
وأصفيائي وحججي
بعدك على بريّتي،
وهم أوصياؤك
وخلفاؤك وخير
خلقي بعدك،
وعزّتي وجلالي
لأظهرنّ بهم ديني،
ولأعلينّ بهم
كلمتي، ولأطهرنّ
الأرض بآخرهم من
أعدائي،
ولأمكننّه مشارق
الأرض و مغاربها،
ولأسخرنّ له
الرياح، ولأذللنّ
له السحاب الصعاب،
ولأرقينّه في
الأسباب،
فلأنصرنّه بجندي،
ولأمدنّه
بملائكتي، حتى
تعلو دعوتي،
وتجمع الخلق على
توحيدي، ثم
لأديمن ملكه،
ولأداولنّ الأيام
بين أوليائي إلى
يوم القيامة"14.
* كتاب شهر الله، سماحة الشيخ أكرم بركات.
1- سورة
الإسراء، الآية
1.
2- القمي، علي بن
ابراهيم، تفسير
القمي، تحقيق طيب
الجزائري، مكتبة
الهدى، النجف،
1387هـ، ج2، ص3.
3- المصدر السابق،
ج2، ص4.
4- المصدر السابق
نفسه.
5- المصدر السابق
نفسه.
6- الطباطبائي،
محمد حسين، تفسير
الميزان،(ل،ط)،
قم، (ل،ن)، ج13،
ص 10.
7- المرجع السابق،
ص 12- 13.
8- القمّي، علي
بن ابراهيم،
تفسير القمّي،
ج2، ص 4.
9- المجلسي، محمد
باقر، بحار
الأنوار،ج56، ص
172.
10- المصدر
السابق نفسه.
11- المصدر
السابق، ج90، ص
169.
12- الصدوق، محمد
بن علي، علل
الشرائع ، ص 313.
13- المصدر
السابق، ج 18 ص
364.
14- المصدر
السابق، ج1، ص 6.