يتم التحميل...

محاسبة النفس ومراقبتها

شوال

بعد أن انقضت أيام شهر رمضان وتصرّمت لياليه وحصل المؤمنون على جوائزهم الإلهيّة القيّمة المتمثلة برضوان الله تعالى عن عباده الصائمين، نقف الآن كمؤمنين رساليين على عتبة ما يستقبلنا من أيام قادمة لنستكمل معها رحلة العبادة والطاعة التي روّضنا أنفسنا عليها خلال الشهر المبارك.

عدد الزوار: 277

نور الأسبوع: محاسبة النفس ومراقبتها


بعد أن انقضت أيام شهر رمضان وتصرّمت لياليه وحصل المؤمنون على جوائزهم الإلهيّة القيّمة المتمثلة برضوان الله تعالى عن عباده الصائمين، نقف الآن كمؤمنين رساليين على عتبة ما يستقبلنا من أيام قادمة لنستكمل معها رحلة العبادة والطاعة التي روّضنا أنفسنا عليها خلال الشهر المبارك.

وأولى خطوات هذه المرحلة أن نبدأ محاسبة النفس ومراقبتها لمنع الشياطين من العودة إلى تلك النفس التي طَهُرت وتخلّصت من الذنوب خلال شهر رمضان الكريم. عن رسول الله صلى الله عليه وآله: "لولا أنّ الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى الملكوت"، وعليه ينبغي على جميع المؤمنين لمحاسبة أنفسهم أن يتعرّفوا على معنى محاسبة النفس وما ورد في ذلك من تأكيد عليه في مضامين الروايات الشريفة.

محاسبة النفس ومراقبتها:

المحاسبة هي: محاسبة النفس كل يوم عمّا عملته من الطاعات والمبرّات، أو اقترفته من المعاصي والآثام، فان رجحت كفة الطاعات على المعاصي، والحسنات على السيئات، فعلى المحاسب أن يشكر اللّه تعالى على ما وفّقه إليه وشرّفه به من جميل طاعته وشرف رضاه، وإن رجحت المعاصي، فعليه أن يؤدّب نفسه بالتأنيب والتقريع على شذوذها وانحرافها عن طاعة اللّه تعالى.

وأما المراقبة: فهي ضبط النفس وصيانتها عن الاخلال بالواجبات ومقارفة المحرمات وجدير بالعاقل المستنير بالإيمان واليقين، أن يروّض نفسه على المحاسبة والمراقبة فإنّها (أمّارة بالسوء): متى أهملت زاغت عن الحق، وانجرفت في الآثام والشهوات، وأودت بصاحبها في مهاوي الشقاء والهلاك، ومتى أُخذت بالتوجيه والتهذيب، أشرقت بالفضائل، وازدهرت بالمكارم، وسمت بصاحبها نحو السعادة والهناء، ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا.

هذا إلى أن للمحاسبة، والمراقبة أهمية كبرى في تأهب المؤمن، واستعداده لمواجهة حساب الآخرة، وأهواله الرهيبة، ومن ثم اهتمامه بالتزوّد من أعمال البر والخير الباعثة على نجاته وسعادة مآبه لذلك طفقت النصوص تشوّق وتحرّض على المحاسبة والمراقبة بأساليبها الحكيمة البليغة:

عن الإمام الصادق عليه السلام: "إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربه شيئاً الا أعطاه، فلييأس من الناس كلهم، ولا يكون له رجاء الا من عند اللّه تعالى، فإذا علم اللّه تعالى ذلك من قلبه لم يسأل شيئاً إلا أعطاه، فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا عليها، فإن للقيامة خمسين موقفاً كل موقف مقام ألف سنة، ثم تلا ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ".

عن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام: " ليس منّا من لم يحاسب نفسه في كل يوم، فإن عمل حسنة استزاد اللّه تعالى، وإن عمل سيئة استغفر اللّه تعالى منها وتاب إليه".

وعن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: "إن رجلاً أتى النبي صلى اللّه عليه وآله فقال له: يا رسول اللّه أوصني فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله: فهل أنت مستوصٍ إن أنا أوصيتك؟ حتى قال له ذلك ثلاثاً، وفي كلها يقول له الرجل: نعم يا رسول اللّه، فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله: فاني أوصيك، إذا أنت هممت بأمر فتدبّر عاقبته، فإن يك رشداً فامضه، وإن يك غيّاً فانته عنه "، عن الصادق عليه السلام أنّه قال لرجل:"إنّك قد جُعلتَ طبيب نفسك، وبُيّن لك الداء، وعُرّفت آية الصحة، ودُلِلت على الدواء، فانظر كيف قياسك على نفسك".

وعن موسى بن جعفر عليه السلام عن آبائه عليهم السلام: "قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بعث سرية، فلما رجعوا قال: مرحباً بقوم قضوا الجهاد الأصغر، وبقي عليهم الجهاد الأكبر، قيل: يا رسول اللّه، وما الجهاد الأكبر؟ قال: جهاد النفس. ثم قال: أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه".

وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين

2013-08-15