مجلس شهادة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام-2
الشهادة
بينا أنا وفاطمة والحسن والحسين عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذ التفت إلينا فبكى، فقلت: ما يبكيك يا رسول الله؟ فقال: أبكي ممّا يصنع بكم بعدي،
عدد الزوار: 1310
أَللهُ أَكْبَرُ
أَيُّ يَوْمِ
شُجُون |
فِيهِ اسْتُبِيحَ
حَرِيمُ هَذا
الدِّينِ |
شعبي:
نوحي على الأولاد
يا زهره الحزيـنه |
في كــربلا واحـد
وواحــد في
المـدينه |
وكأنّي بها تجيبه:
دهري رماني
بالـرّزايـا بكـل
غـالي |
شــتـّت اولادي
عـن يمـيـني وعـن
شمالي |
في البحار:
عن
الأماليّ، بإسناده عن
عليّ بن أبي طالب عليه
السلام، قال: بينا أنا
وفاطمة والحسن والحسين
عند رسول اللهصلى الله
عليه وآله وسلم، إذ التفت
إلينا فبكى، فقلت: ما
يبكيك يا رسول الله؟
فقال: أبكي ممّا يصنع بكم
بعدي، فقلت: وما ذاك يا
رسول الله؟ فقال: أبكي من
ضربتك على القرن -إلى أن
قال:- وطعنة الحسن في
الفخذ, والسّمّ الّذي
يسقى، وقتل الحسين، قال:
فبكى أهل البيت جميعاً...2
وبإسناده عن ابن عبّاس،
قال: إنّ رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم كان
جالساً ذات يوم، إذ أقبل
الحسن، فلمّا رآه بكى،
ثمّ قال: إليّ إليّ يا
بنيّ، فما زال يدنيه،
حتّى أجلسه على فخذه
اليمنى، وساق الحديث، إلى
أن قال: قال النّبيّ صلى
الله عليه وآله وسلم:
وأمّا الحسن فإنّه ابني
وولدي، ومنّي، وقرّة
عيني، وضياء قلبي، وثمرة
فؤادي، وهو سيّد شباب أهل
الجنّة، وحجّة الله على
الأمّة، أمره أمري, وقوله
قولي، فمن تبعه فإنّه
منّي، ومن عصاه فليس
منّي، وإنّي لمّا نظرت
إليه ذكرت ما يجري عليه
من الذلّ بعدي، فلا يزال
الأمر به، حتّى يقتل
بالسّمّ ظلماً وعدواناً،
فعند ذلك تبكي الملائكة
والسّبع الشّداد لموته،
ويبكيه كلّ شيء حتّى
الطّير في جوّ السّماء،
والحيتان في جوف الماء، فمن بكاه لم
تعم عينه يوم تعمى
العيون، ومن حزن عليه، لم
يحزن قلبه يوم تحزن
القلوب، ومن زاره في
بقيعه، ثبتت قدماه على
الصّراط يوم تزلّ فيه
الأقدام3.
وبالفعل، فقد جرى على
إمامنا الحسن عليه
السلام، الكثير من
الابتلاءات والمحن
والمصائب, فقد روي أنّه:
لمّا سار الحسن عليه
السلام إلى دفع معاوية،
خطب أصحابه وامتحنهم
بكلمات، فنظر النّاس
بعضهم إلى بعض، وقالوا:
ما ترونه يريد بما قال؟
قالوا: نظنّه والله، يريد
أن يصالح معاوية، ويسلّم
الأمر إليه، فقالوا: كفر
والله الرّجل، ثمّ شدّوا
على فسطاطه، وانتهبوه
حتّى أخذوا مصلّاه من
تحته، ثمّ شدّ عليه عبد
الرّحمن بن عبد الله بن
جعال الأزديّ، فنزع مطرفه
من على عاتقه، فبقى
جالساً متقلّداً السّيف
بغير رداء, ثمّ دعا بفرسه
وركبه، وأحدق به طوائف من
خاصّته وشيعته، ومنعوا
عنه من أراده، فقال:
ادعوا لي ربيعة وهمدان.
فدُعُوا، فأحاطوا به
ودفعوا النَّاس عنه عليه
السلام، وسار ومعه شوب من
غيرهم، فلمّا مرّ في مظلم
ساباط, بَدَر إليه رجل من
بني أسد، يقال له الجرّاح
بن سنان...وطعنه في فخذه
فشقّه، حتّى بلغ العظم،
ثمّ اعتنقه الحسن
عليه السلام
وخرّا جميعاً إلى
الأرض، فوثب إليه
رجل من شيعة
الحسن، يقال له
عبد الله بن خطل
الطّائيّ، فانتزع
المعول من يده،
وخضخض4
به
جوفه، فأكبّ عليه
آخر، يقال له
ظبيان بن عمارة،
فقطع أنفه، فهلك
من ذلك, وأخذ آخر
كان معه فقتله،
وحمل الحسن عليه
السلام على سرير
إلى المدائن،
يعالج جرحه.
المصيبة:
وخرج الحسن عليه
السلام إلى المدينة، ولم
يزل معاوية يعمل الحيلة
في قتله، حتّى دسّ السّمّ
إلى جعدة بنت الأشعث زوجة
الحسن، وقال لها: اسقيه،
فإذا مات زوّجتك ابني
يزيد، فلمّا سقته السّمّ
جاءت الملعونة إلى
معاوية، فقالت: زوّجني
يزيد. فقال: اذهبي فإنّ
امرأة لا تصلح للحسن بن
عليّ، لا تصلح لابني يزيد5.
وعن ابن بابويه، بإسناده
عن جنادة بن أبي أميّة،
قال: دخلت على الحسن بن
عليّ بن أبي طالب عليه
السلام في مرضه الّذي
توفّي فيه، فالتفت إليّ،
فقال: والله، إنّه لعهدٌ
عهده إليّ
رسول الله6
صلى الله عليه وآله وسلم،
إنّ هذا الأمر يملكه اثنا
عشر إماماً من ولد عليّ
عليه السلام وفاطمة، ما
منّا إلّا مسموم أو
مقتول, ثمّ رُفعت الطّشت
واتّكىء، قال: ثمّ انقطع
نفسه, واصفرّ لونه, حتّى
خشيت عليه، ودخل الحسين
عليه السلام والأسود بن
أبي الأسود، فانكبّ عليه
حتّى قبّل رأسه وبين
عينيه، فقال له الحسين
عليه السلام: ما لي أرى
لونك مائلاً إلى الخضرة؟
فبكى الحسن عليه السلام،
وقال: يا أخي لقد صحّ
حديث جدّي فيَّ وفيك:
"أمّا خضرة قصر الحسن،
فإنّه يموت بالسّمّ،
ويخضرّ لونه عند موته،
وأمّا حمرة قصر الحسين،
فإنّه يقتل ويحمرّ وجهه
بالدّم".
فعند ذلك بكيا، وضجّ
الحاضرون بالبكاء
والنّحيب7.
وبينما هو يكلّمه، إذ
تنخّع الدّم، فدعا بطشت,
فحمل من بين يديه مملوّاً
ممّا خرج من جوفه من
الدّم، فقال عليه السلام:
أجل دسَّ إليّ هذا
الطّاغية من سقاني سمّاً،
فقد وقع على كبدي8
فهو يخرج قطعاً كما ترى.
قيل له: أفلا تتداوى؟
قال قد سقاني مرّتين،
وهذه الثّالثة لا أجد لها
دواء.
يگله يا عضـيـدي يـا بـو
محـمـّد
كـبدك من
نجيع السَّم تمرّد
يا خوي اليوم طاغي
الشـّام عيّـد وعلى گلبى يا خوي
تراكم الهم
وهكذا أخذ السّمّ في بدن
الحسن عليه السلام مأخذاً
كبيراً، وكان رأسه في حجر
الحسين عليه السلام، وهو
يقذف بين الحين والآخر
أحشاءه في الطّشت قطعة
قطعة. بينما هما كذلك،
وإذا بالحنين والأنين خلف
الباب، وإذا بالعقيلة
زينب، وباقي الهاشميّات،
جئن لعيادة الحسن عليه
السلام، فالتفت إمامنا
الحسن إلى أخيه الحسين،
وقال:
"أخي، أبا عبد الله، نحِّ
هذا الطّشت عنّي، لئلّا
تراه أختنا زينب".
ياحسـين شــيل الطّـــشت
عنّـــي خــواتك يــبــو
الســّجــاد إجـَنّي
يــــــردَن يشــــبعــن
شـــــوف
مـــنّي ويــردن
يـــخـــويه يودّعني
وينوحن عليّ ويندبنيّ
ففتح عليه السلام
الباب، بعدما أخفى الطّشت،
فدخلت زينب عليها السلام
صارخة:
"وا أخاه، واحسناه".
كبــد الحسن متقـطــّـعة
بـسـمّ المــنيّه أَصـبح يعالـج وأصـبحت
زينب شجيّه
شيل الطّشت خـاف الوديعة
تـشوف كبــدي أخـــاف تــحن ومـــن
بكـاها يزيد وجدي
هــذه وديـــعـة
والــــدي حيــــــــدر
وجـــدّي
ما اقدر أشوف
دموعها تجري عالوطيّة
صاحت يالحسن نارك أبـد ما تنطفـــي نـارك وتعوف اختك يا بعد اختك
متحيّرة بزوارك
شگلها من تجي الوفّاد ومن
توقف علــى دارك من يطلع يحييها وعلى
المعتاد ينطيها
ترضى اطلع واناديها راعي
الدّار مو مــوجــود
أنا لا أدري أيّ الطّشتين
أعظم على قلب زينب عليها
السلام؟! هذا الطّشت
الّذي رأت فيه أحشاء
أخيها الحسن عليه السلام
أم ذلك الطّشت الّذي رأت
فيه رأس أخيها الحسين!
حوت زينب يبو السّجّاد
طشتين طشت كبد بو محمّد قرّة
العين
وطشت راسك يا نور العين
يا حسين
لا شكّ أنّ الطّشت
الثّاني أشدّ أثراً،
لأنّها عندما رأت الطّشت
الأوّل، كان أهل بيتها
إلى جانبها، بينما عندما
رأت الطّشت
الثّاني، لم يكن
معها من حماتها
حميّ، ولا من
ولاتها وليّ، بل
كان الأطفال
حولها، اليتامى،
الأرامل، والأفجع
من هذا، أنّ يزيد
(لعنه الله)، كان
بيده عود خيزران،
يضرب به شفتي أبي
عبد الله الحسين!
لمّا رأت عليها
السلام هذا
المنظر، صاحت:
"وا أخاه وا
حسيناه، يا بن
مكّة ومنى، ويا
بن زمزم والصّفا!
أخي، أهكذا يصنع
برأسك بعد القتل،
يا حبيب رسول
الله؟!"،
فبكى الحاضرون
لندبتها.
بُكَائِي طَوِيلٌ
والدُّمُوعُ
غَزِيــرَةٌ وَأَنْـتَ
بـَعِيــدٌ
والمَزَارُ
قَــرِيـبُ
غَرِيبٌ
وَأَطْرافُ
البُيُوتِ
تَحُوطُهُ أَلَا كُلُّ مَنْ
تَحْتَ التُّرابِ
غَرِيبُ
فَلَيْسَ حَرِيباً
مَنْ أُصِيبَ
بِمالِهِ ولكــِنَّ مَنْ
وارَى أَخَاهُ
حَرِيبُ
9
*مجالس الأئمة المعصومين(ع) , سلسلة مجالس العترة, نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
1-القصيدة للسيد ناصر
الاحسائي
2-البحار: 44/149.
3-البحار: 44/148.
4-الخضخضة: التّحريك
والفتك.
5-البحار: 44/155
6-في المصدر: والله لقد
عهد إلينا رسول الله.
7-البحار: 44/145.
8-المراد بالكبد أحشاؤه،
فإنّ الكبد لا يخرج من
الفم, وهو من المجاز،
واستخدامه كثير, كما يقال
للولد: فلذة الكبد,
ويقال: أخرجت الأرض أفلاذ
أكبادها، أي ما في جوفها,
ونحو ذلك ممّا هو كثير في
اللّغة, فلاحظ.
9-المناقب لابن شهر آشوب:
4/45، والحريب: من سلب
ماله.