يتم التحميل...

جيش الاسلام يتحرك نحو تبوك

واقعة وأحداث تبوك

لقد دأب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله إذا خرج لتأديب قوم يكيدون الإسلام، ويمنعون من تقدمه وانتشاره أو يقصدون الهجوم على المدينة واجتياحها، أو إيجاد فتن فيها، على أن لا يبوح بمقصده ووجهته لجنوده واُمراء جيشه،

عدد الزوار: 130

لقد دأب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله إذا خرج لتأديب قوم يكيدون الإسلام، ويمنعون من تقدمه وانتشاره أو يقصدون الهجوم على المدينة واجتياحها، أو إيجاد فتن فيها، على أن لا يبوح بمقصده ووجهته لجنوده واُمراء جيشه، وأن يسير بالجيش في طريق آخر غير الوجه الذي ينويه باطناً، حتى لا يعرف به العدو فيتهيّأ لمواجهته، وبذلك يتسنى له صلّى اللّه عليه وآله أن يباغت العدوّ، ويحقّق الانتصار الساحق عليه غير أنَّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله عدَل عن هذه السيرة في قضيّة غزو الروميّين الذين اجتمعوا في حدود الشام وهم يتأهَّبون للهجوم على عاصمة الاسلام.

فقد بَيّن للناس - منذ أعلن التعبئة العامة- الوجهة التي يقصُدُها، وكان السرُّ في ذلك هو أن يعرف المجاهدون أهمية هذا السفَر وصعوبتَهُ، وأن يحملوا الزاد الكافي والعدة اللازمة.
هذا مضافاً إلى أن رسولَ اللّه صلّى اللّه عليه وآله كان مضطرّاً - لتقوية الجيش الإسلامي - إلى أن يستعينَ بقبائل "تميم" و"عطفان" و"طيّ" التي كانت تسكن في مناطق بعيدة عن المدينة.

وقد عَمد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله لهذا الغرض إلى مراسلة زعماء تلك القبائل، وساداتها كما كتب إلى "عتّاب بن اُسيد" أمير مكة الشاب دعا فيه رجال تلك القبائل، وفتيان مكة إلى المشاركة في هذا الجهاد المقدس.

ومثل هذا النوع من الدعوة الصريحة العامة لا ينجسم مع الكتمان والسريّة، لأنه كان لابدَّ أن يخبر صلّى اللّه عليه وآله رؤساء القبائل في هذا الموضوع، ويذكر لهم أهميّته، ليحملُوا معهم الزاد والعدة اللازمة الكافية.

النبي صلّى اللّه عليه وآله يستعرضُ جيشَهُ

ولما حانَ موعد تحرك الجيشُ استعرض رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله جيشَه في معسكر المدينة العظيم، المؤلَّف من المؤمنين الفدائيين الغيارى على الإسلام، والذين فضّلوا المشقة والموت في سبيل الهدف على الاستراحة في الظلال، والتجارة، وكسب المال واكتناز الثروة، وخرجوا يستقبلون الموت في سبيل الدين بقلوب تفيض إيماناً ويقيناً.

لقد كان هذا المشهد جميلاً ورائعاً جداً، وكان له أثر قوي في نفس المتفرحين.
وفي هذه المناسبة ألقى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله خطبة مهمة، لتقوية معنويات المجاهدين، قد شرح فيها هدفه من هذه التعبئة العامة الواسعة.

فبعد أن حمد اللّه وأثنى عليه بما هو أهله قال: "أيُّها الناس! أما بعدُ، فإنَ أصدقَ الحديث كتابُ اللّه وأوثق العُرى كَلِمة التقوى وَخير المِلَل ملةُ إبراهيم عليه السَّلام وخير السنن سننُ محمَّد وأشرف الحديث ذكرُ اللّه وأحسنَ القصَص هذا القُرآن وخير الاُمور عواقبها وَشرّ الاُمور محدَثاتُها وأحسن الهدى هَديُ الأنبياء وأشرفَ القَتل قتل الشهداء".

إلى آخر الخطبة التي وردت بكاملها في المصادر التاريخية والتي ادرج فيها مجموعة كبرى وهامّة من التعاليم الإسلامية الهامة فرغبَ الناسُ في الجهاد لما سمِعوا هذا مِن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ثم أصدر رسولُ اللّه أوامره للجنود بالتوجه إلى ثغور الشام من الطريق الذي عيّنه رسولُ اللّه صلّى اللّه عليه وآله.


* اية الله السبحاني/ سيرة سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم.

2013-01-07