يتم التحميل...

موقع تبوك

واقعة وأحداث تبوك

كانت القلعةُ القويّة، الرفيعة الجدران المقامة عند عين ماء على الشريط الحدودي السوري في طريق "حجر" و"الشام" تسمّى تبوكاً. وكانت سوريةُ آنذاك من مستعمرات إمبراطورية الروم الشرقية، التي كانت عاصمتُها القسطنطنية.

عدد الزوار: 139

كانت القلعةُ القويّة، الرفيعة الجدران المقامة عند عين ماء على الشريط الحدودي السوري في طريق "حجر" و"الشام" تسمّى تبوكاً.
وكانت سوريةُ آنذاك من مستعمرات إمبراطورية الروم الشرقية، التي كانت عاصمتُها القسطنطنية.

وكان جميعُ سكان المناطق الحدودية للشام نصارى على دين المسيح عيسى بن مريم عليه السَّلام وكان اكثر زعمائها ولاة منصوبين من قِبَل حاكم الشام الذي كان يمثّلُ هو بدوره إمبراطور الروم، ويمتثل أوامره.

ولقد كان لانتشار الإسلام السريع في شبه الجزيرة العربية وفتوحات المسلمين المشرقة في الحجاز صداه في خارج الحجاز ينعكسُ بالوسائل الموجودة في ذلك اليوم، وكان ذلك يُرعبُ الأعداء، ويدفعُهم إلى التفكير في حيلة.

ولقد دفعَ سقوطُ حكومة "مكة" الوثنية، واعتناقُ زعماء الحجاز الكبار للدين الإسلامي، وبطولات جنود الإسلام الباهرة وبسالتهم وتفانيهم الفريد في طريق عقيدتهم، بإمبراطور الرّوم إلى أن يحشد جموعاً كبيرة، ويتهيّأ لمهاجمة المسلمين وغزوهم بغتة، لأنّه كان يرى تزلزل سلطانه مع انتشار الإسلام المطَّرد، وكانت مخاوفه تزدادُ يوماً بعد يوم وهو يرى تعاظم القوة الإسلامية العسكرية، وانتشار نفوذه السياسيّ.

كانت الرومُ- آنذاك- المنافسة الوحيدة، والقوية لإيران، وكانت تملك أعظم قوة عسكرية، وكانت مغترَّة أشدّ الغرور بنفسها، لما أصابتهُ من فتوحات وانتصارات في معاركها الكبرى مع إيران، وما ألحقتهُ من هزائم نكراء بإيران في تلك العصور.

وقد كان جيش الروم يتألّفُ من أربعين ألف فارس وراجل، وكان مجهّزاً بأحدث أسلحة وتجهيزات ذلك العصر، وقد استقرَّ هذا الجيش على الشريط الحدوديّ لأرض الشام، والتحقت به قبائل عديدة تسكن الحدود مثل قبيلة "لخم" "عاملة" "غسان" "جذام"، وتقدمت طلائع ذلك الجيش حتى منطقة "البلقاء".

ولقد بلغ نبأ استقرار فريق من جنود الروم على الشريط الحدودي للشام إلى مسامع النبي صلّى اللّه عليه وآله عن طريق القوافل التجارية التي تعملُ على طريق الحجاز- الشام فلم يرَ رسولُ اللّه صلّى اللّه عليه وآله بُدّاً من أن يردَّ على هؤلاء المعتدين، بجيش عظيم، ويحافظ بذلك على الدين الَّذي قام بفضل الدماء الزكية التي اُريقت من أصحابه، وبفضل تضحياته هو صلّى اللّه عليه وآله وهو الآن على أبواب أن يعمَّ العالم نورُه وهُداه، من ضريات العدوّ المفاجئة.

ولقد بلغ هذا الخبرُ المقلق أهل المدينة، وأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله أصحابه بالتهيّؤ لغزو الروم، والناس في زمان عسرة، وشدة من الحرّ، وجدب من البلاد، وقد طابت الثمار، والناسُ يحبّون المقام في ثمارهم وظلالهم، ويكرَهُون الشخوص على الحال من الزمان الذي هم عليه.

ولكن الدوافع المعنوية، وروح الحفاظ على الأهداف المقدَّسة، والجهاد في سبيل اللّه مقدّم - عند عباد اللّه المؤمنين الصالحين - على كل تلك الامور.


* اية الله السبحاني / سيرة سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم

2013-01-07