يتم التحميل...

أصحاب الرس الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن

قصص من زمان بعض الأنبياء(ع)

عن الرضا عن آبائه عن الحسين بن علي عليه السلام قال أبي: سأل علي بن أبي طالب عليه السلام قبل مقتله بثلاثة أيام رجل من أشراف تميم يقال له عمرو: يا أمير المؤمنين أخبرني عن أصحاب الرس...

عدد الزوار: 252

فروي في علل الشرائع و عيون الأخبار بإسناده إلى الهروي عن الرضا عن آبائه عن الحسين بن علي عليه السلام قال أبي: سأل علي بن أبي طالب عليه السلام قبل مقتله بثلاثة أيام رجل من أشراف تميم يقال له عمرو: يا أمير المؤمنين أخبرني عن أصحاب الرس في أي عصر كانوا و أين كانت منازلهم و من كان ملكهم و هل بعث الله عز و جل إليهم رسولا و بما ذا أهلكوا ?

فقال عليه السلام: لقد سألت عن حديث ما سألني عنه أحد قبلك و لا يحدثك أحد بعدي إلا عني و ما في كتاب الله عز و جل آية إلا و أنا أعرف بتفسيرها و في أي مكان نزلت من سهل أو جبل و في أي وقت من ليل أو نهار و إن هاهنا لعلما جما و أشار إلى صدره و لكن طلابه قليل و عن قليل يندمون لو فقدوني.

كان من قصتهم يا أخا تميم: أنهم كانوا يعبدون شجرة صنوبر يقال لها شاهدرخت كان يافث بن نوح غرسها على شفير عين يقال لها روشناآب و إنما سموا أصحاب الرس لأنهم رسوا نبيهم في الأرض و ذلك بعد سليمان عليه السلام و كانت لهم اثنتا عشرة قرية على شاطئ نهر يقال له الرس من بلاد المشرق و بهم سمي النهر و لم يكن يومئذ في الأرض نهر أغزر منه و لا أعذب منه و لا قرى أكثر و لا أعمر منها و ذكر عليه السلام أسماءها و كان أعظم مدائنهم إسفندار و هي التي ينزلها ملكهم و كان يسمى تركوذ بن غابور بن يارش بن ساذن بن نمرود بن كنعان فرعون إبراهيم عليه السلام و بها العين الصنوبرة و قد غرسوا في كل قرية منها حبة من طلع تلك الصنوبرة و أجروا إليها نهرا من العين التي عند الصنوبرة فنبتت الحبة و صارت شجرة عظيمة و حرموا ماء العين و الأنهار فلا يشربون منها و لا أنعامهم و من فعل ذلك قتلوه و يقولون هو حياة آلهتنا فلا ينبغي لأحد أن ينقص من حياتنا و يشربون هم و أنعامهم من نهر الرس الذي عليه قراهم و قد جعلوا في كل شهر من السنة في كل قرية عيدا يجتمع إليه أهلها فيضربون على الشجرة التي بها كلة من حرير فيها من أنواع الصور ثم يأتون بشاة و بقر فيذبحونها قربانا للشجرة و يشعلون فيها النيران بالحطب فإذا سطع دخان تلك الذبائح و قتارها في الهواء و حال بينهم و بين النظر إلى السماء خروا سجدا يبكون و يتضرعون إليها أن ترضى عنهم فكان الشيطان يجي‏ء فيحرك أغصانها و يصيح من ساقها صياح الصبي أن قد رضيت عنكم عبادي فطيبوا نفسا و قروا عينا فيرفعون رءوسهم عند ذلك و يشربون الخمر و يضربون بالمعازف و يأخذون الدست بند يعني الصنج فيكونون على ذلك يومهم و ليلتهم ثم ينصرفون و سمت العجم شهورها اشتقاقا من تلك القرى حتى إذا كان عيد قريتهم العظمى اجتمع إليها صغيرهم و كبيرهم فضربوا عند الصنوبرة و العين سرادقا من ديباج عليه من أنواع الصور و جعلوا له اثني عشر بابا كل باب لأهل قرية منهم و يسجدون للصنوبرة خارجا من السرادق و يقربون لها الذبائح أضعاف ما قربوا للشجرة التي في قراهم فيجي‏ء إبليس عند ذلك فيحرك الصنوبرة تحريكا شديدا و يتكلم من جوفها كلاما جهوريا و يعدهم و يمنيهم بأكثر مما وعدتهم و منتهم الشياطين كلها فيحركون رءوسهم من السجود و بهم من الفرح و النشاط ما لا يفيقون و لا يتكلمون من الشرب و العزف فيكونون على ذلك اثني عشر يوما و لياليها بعدد أعيادهم سائر السنة ثم ينصرفون فلما طال كفرهم بالله عز و جل و عبادتهم غيره بعث الله نبيا من بني إسرائيل من ولد يهودا بن يعقوب فلبث فيهم زمانا طويلا يدعوهم إلى عبادة الله عز و جل و معرفة ربوبيته فلا يتبعونه فلما رأى شدة تماديهم في الغي و حضر عيد قريتهم العظمى قال يا رب إن عبادك أبوا إلا تكذيبي و غدوا يعبدون شجرة لا تضر و لا تنفع فأيبس شجرهم أجمع و أرهم قدرتك و سلطانك فأصبح القوم و قد أيبس شجرهم كله فهالهم ذلك فصاروا فرقتين فرقة قالت سحر آلهتكم هذا الرجل الذي زعم أنه رسول رب السماء و الأرض إليكم ليصرف وجوهكم عن آلهتكم إلى إلهه و فرقة قالت لا بل غضبت آلهتكم حين رأت هذا الرجل يعيبها و يدعوكم إلى عبادة غيرها فحجبت حسنها و بهاءها لكي تغضبوا لها فتنتصروا منه و أجمع رأيهم على قتله فاتخذوا أنابيب طوالا مثل البرابخ و نزحوا ما فيها من الماء ثم حفروا في قرارها بئرا ضيقة المدخل عميقة و أرسلوا فيها نبيهم.

و ألقموا فاها صخرة عظيمة ثم أخرجوا الأنابيب من الماء و قالوا نرجو الآن أن ترضى عنا آلهتنا إذا رأت أنا قد قتلنا من يقع فيها و يصد عن عبادتها و دفناه تحت كبيرها يتشفى منه فيعود لنا نورها و نضرتها كما كان فبقوا عامة يومهم يسمعون أنين نبيهم عليه السلام و هو يقول سيدي قد ترى ضيق مكاني و شدة كربي فارحم ضعف ركني و قلة حيلتي و عجل بقبض روحي و لا تؤخر إجابة دعوتي حتى مات فقال الله جل جلاله لجبرئيل عليه السلام يظن عبادي هؤلاء الذين غرهم حلمي و آمنوا مكري و عبدوا غيري و قتلوا رسولي أن يقوموا لغضبي أو يخرجوا من سلطاني كيف و أنا المنتقم ممن عصاني و لم يخش عقابي و إني حلفت بعزتي لأجعلنهم نكالا و عبرة للعالمين فلم يرعهم و هم في عيدهم ذلك إلا بريح عاصف شديد الحمرة فتحيروا فيها و ذعروا منها و تضام بعضهم إلى بعض ثم صارت الأرض من تحتهم حجر كبريت يتوقد و أظلتهم سحابة سوداء فألقت عليهم كالقبة جمرا يلتهب فذابت أبدانهم كما يذوب الرصاص بالنار فنعوذ بالله تعالى من غضبه و نزول نقمته و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم.

تفسير علي بن إبراهيم أصحاب الرس هم الذين هلكوا لأنهم استغنوا الرجال بالرجال و النساء بالنساء.

قصص الراوندي بإسناده إلى يعقوب بن إبراهيم قال سأل رجل أبا الحسن عليه السلام عن أصحاب الرس الذين ذكرهم الله من هم و أي قوم كانوا فقال: كانا رسولين أما أحدهما فليس الذي ذكره الله في كتابه كان أهله أهل بدو و أصحاب شاة و غنم فبعث الله إليهم صالح النبي رسولا فقتلوه و بعث إليهم رسولا آخر و عضده بولي فقتلوا الرسول و جاهدوا الولي حتى قمحهم و كانوا يقولون إلهنا في البحر و كانوا على شفيره و كان لهم عيد في السنة يخرج حوت عظيم من البحر في ذلك اليوم فيسجدون له فقال ولي صالح لا أريد أن تجعلوني ربا و لكن هل تجيبوني إلى ما دعوتكم إن أطاعني ذلك الحوت فقالوا نعم و أعطوه عهودا و مواثيق فخرج حوت راكبا على أربعة أحوات فلما نظروا إليه خروا سجدا فخرج ولي صالح النبي إليه و قال له ائتني طوعا أو كرها بسم الله الكريم فنزل أخواته فقال الولي ائتني عليهن لئلا يكون من القوم في أمري شك فأتى الحوت إلى البر يجرها و تجره إلى عند ولي صالح فكذبوه بعد ذلك فأرسل الله عليهم ريحا فقذفتهم في البحر و مواشيهم فأتى الوحي إلى ولي صالح بموضع ذلك البئر و فيها الذهب و الفضة فانطلق فأخذه ففضه على أصحابه بالسوية و أما الذين ذكرهم الله في كتابه فهم قوم كان لهم نهر يدعى الرس و كان فيهم أنبياء كثيرة و كانوا يعبدون الصلبان فبعث الله إليهم ثلاثين نبيا في مشهد واحد فقتلوهم جميعا ثم ذكر القصة السابعة.

و في كتاب العرائس أهل الرس كان لهم نبي يقال له حنظلة بن صفوان و كان بأرضهم جبل يقال له فتح مصعدا في السماء سيلا و كانت العنقاء تتشابه و هي أعظم ما يكون من الطير و فيها من كل لون.

و سموها العنقاء لطول عنقها و كانت تكون في ذلك الجبل تنقض على الطير تأكل فجاعت ذات يوم فأعوزها الطير فانقضت على صبي فذهبت به ثم إنها انقضت على جارية فأخذتها فضمتها إلى جناحين لها صغيرين سوى الجناحين الكبيرين.
 
فشكوا إلى نبيهم فقال اللهم خذها و اقطع نسلها فأصابتها صاعقة فاحترقت فلم ير لها أثر فضربتها العرب مثلا في أشعارها و حكمها و أمثالها.

ثم إن أصحاب الرس قتلوا نبيهم فأهلكهم الله تعالى و بقي نهرهم و منازلهم مائتي عام لا يسكنها أحد ثم أتى الله بقرن بعد ذلك فنزلوها و كانوا صالحين سنين ثم أحدثوا فاحشة جعل الرجل يدعو ابنته و أخته و زوجته فيعطيها جاره و أخاه و صديقه يلتمس بذلك البر و الصلة.

ثم ارتفعوا من ذلك إلى نوع أخزى ترك الرجال النساء حتى شبقن و استغنوا بالرجال فجاء شيطانهن في صورة امرأة و هي الدلهات كانت في بيضة واحدة فشهت إلى النساء ركوب بعضهن بعضا و علمتهن كيف يضعن فأصل ركوب النساء بعضهم بعضا من الدلهات.

فسلط الله على ذلك القرن صاعقة في أول الليل و خسفا في آخر الليل و خسفا مع الشمس فلم يبق منهم باقية و بادت مساكنهم و أحسبها اليوم لا تسكن.


* النور المبين / المحدّث العلامة الجليل نعمة الله الجزائري.

2012-11-28