يتم التحميل...

قصة بلعم بن باعوراء

قصص من زمان بعض الأنبياء(ع)

و أحوال إسماعيل الذي سماه الله صادق الوعد وأنه غير إسماعيل بن إبراهيم وقصة إلياس وإلي واليسع وقصص ذي الكفل عليه السلام تفسير علي بن إبراهيم عن أبي الحسن الرضا عليه السلام: أنه أعطي بلعم بن باعوراء الاسم الأعظم وكان يدعو...

عدد الزوار: 98

و أحوال إسماعيل الذي سماه الله صادق الوعد وأنه غير إسماعيل بن إبراهيم وقصة إلياس وإلي واليسع وقصص ذي الكفل عليه السلام تفسير علي بن إبراهيم عن أبي الحسن الرضا عليه السلام: أنه أعطي بلعم بن باعوراء الاسم الأعظم وكان يدعو به فيستجاب له فمال إلى فرعون فلما مر فرعون في طلب موسى عليه السلام وأصحابه قال فرعون لبلعم ادع الله على موسى وأصحابه ليحبسه علينا فركب حمارته ليمر في طلبموسى عليه السلام فامتنعت عليه حمارته فأقبل يضربها فأنطقها الله عز وجل فقالت ويل لك على ما تضربني أ تريد أن أجي‏ء معك لتدعو على نبي الله وقوم مؤمنين فلم يزل يضربها حتى قتله وانسلخ الاسم الأعظم من لسانه وهو قوله ﴿فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ ولَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِه ولكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ واتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ وتَتْرُكْهُ يَلْهَثْ وهو مثل ضربه الله فقال الرضا عليه السلام فلا يدخل الجنة من البهائم إلا ثلاثة حمارة بلعم وكلب أصحاب الكهف والذئب وكان سبب الذئب أنه بعث ملك ظالم رجلا شرطيا ليحشر قوما من المؤمنين وهو يعذبهم وكان للشرطي ابن يحبه فجاء ذئب فأكل ابنه فحزن الشرطي فأدخل الله ذلك الذئب الجنة لما أحزن الشرطي.

أقول قال ابن عباس دخل الذئب الجنة بأكله لابن الشرطي فلو أكل الشرطي لرفعه الله تعالى إلى عليين والشرطي من أعوان الظلمة من الشرطة وهي العلامة لأنهم يعلمون أنفسهم بعلامات يعرفون بها.

و قال صاحب الكامل لما مات موسى وهارون عليه السلام في التيه أوحى الله تعالى إلى يوشع بن نون يأمره المسير إلى أريح وفتحها.

و قال آخرون إن موسى عاش حتى خرج من التيه وسار إلى مدينة الجبارين وعلى مقدمته يوشع بن نون وكالب بن يوحن وهو صهره على أخته مريم بنت عمران.

فلما بلغوها اجتمع الجبارون إلى بلعم بن باعوراء وهو من ولد لوط عليه السلام فقالوا له إن موسى عليه السلام جاء ليقتلن ويخرجنا من ديارنا فادع الله عليهم وكان بلعم يعرف اسم الله الأعظم فقال لهم كيف أدعو على نبي الله والمؤمنين ومعهم الملائكة فراجعوه في ذلك وهو يمتنع عليهم.

فأتوا امرأته وأهدوا لها هدية وطلبوا إليها أن تحسن لزوجها أن يدعو على بني إسرائيل فقالت له في ذلك فامتنع فلم تزل به حتى قال أستخير ربي فاستخار الله تعالى فنهاه في المنام فأخبرها بذلك فقالت راجع ربك فعاد الاستخارة فلم يرد جواب فقالت لو أراد ربك لنهاك ولم تزل تخدعه حتى أجابهم.

فركب حمارا له متوجها إلى جبل يشرف على بني إسرائيل ليقف عليه ويدعو عليهم فما مشى عليه إلا قليلا حتى ربض الحمار فضربه حتى قام فركبه فسار قليلا فربض ففعل ذلك ثلاث مرات.

فلما اشتد ضربه في الثالثة فأنطقها الله ويحك يا بلعم أين تذهب أ ما ترى الملائكة تردني فلم يرجع فأطلق الله الحمار حينئذ فسار حتى أشرف على بني إسرائيل فكان كلما أراد أن يدعو عليهم ينصرف لسانه إلى الدعاء لهم وإذا أراد أن يدعو لقومه انقلب دعاؤه عليهم.

فقالوا له في ذلك فقال هذا شي‏ء غلب الله عليه واندلع لسانه فوقع على صدره فقال الآن خسرت الدني والآخرة.

و لم يبق إلا المكر والحيلة وأمرهم أن يزينوا النساء ويعطوهن السلع للبيع ويرسلوهن.

إلى العسكر ولا تمنع امرأة نفسها ممن يريده وقال إن زنى منهم رجل واحد كفيتموهم.

ففعلوا ذلك ودخل النساء عسكر بني إسرائيل فأخذ زمري بن شلوم وهو رأس سبط شمعون بن يعقوب امرأة وأتى بها إلى موسى عليه السلام فقال له أظنك تقول إن هذا حرام فو الله لا نطيعك ثم أدخلها خيمة فوقع عليها فأنزل الله عليهم الطاعون.

و كان صحاح بن عيراد بن هارون صاحب عمه موسى غائبا فلما جاء رأى الطاعون قد استقر في بني إسرائيل وكان ذا قوة وبطش فقصد زمري فرآه مضاجع المرأة فطعنها بحربة بيده فانتظمه ورفع الطاعون.

و قد هلك في تلك الساعة عشرون ألف وقيل سبعون ألفا ثم إن موسى عليه السلام قدم يوشع عليه السلام إلى أريحا في بني إسرائيل فدخله وقتل بها الجبارين وبقيت منهم بقية وقد قاربت الشمس المغرب فخشي أن يدركهم الليل فعجزوا فدعا الله أن يحبس عليهم الشمس ففعل وحبسها حتى استأصلهم ودخلهاموسى عليه السلام فأقام بها ما شاء الله أن يقيم وقبضه الله تعالى إليه لا يعلم بغيره أحد من الخلق.

و أما من زعم أن موسى عليه السلام كان توفي قبل ذلك فقال إن الله تعالى أمر يوشع بالمسير إلى مدينة الجبارين فسار ببني إسرائيل ففارقه رجل منهم يقال له بلعم بن باعوراء وكان يعرف الاسم الأعظم وساق من حديثه نحو ما تقدم.

فلما ظفر يوشع بالجبارين أدركه الماء ليلة السبت فدعا الله تعالى فرد الشمس عليه وزاد في الشمس ساعة فهزم الجبارين ودخل مدينتهم وجمع غنائمهم ليأخذها للقربان فلم تأت النار الحديث.

تفسير علي بن إبراهيم ﴿أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ فإنه وقع الطاعون بالشام في بعض الكور فخرج منه خلق كثير كما حكى الله تعالى هربا من الطاعون فصاروا إلى مفازة فماتوا في ليلة واحدة كلهم فبقوا حتى كانت عظامهم يمر بها المار فينحيها برجله عن الطريق ثم أحياهم الله وردهم إلى منازلهم فبقوا دهرا طويلا ثم ماتو وتدافنوا.

القصص بالإسناد إلى الصدوق عن عبد الأعلى: أنه قال للصادق عليه السلام حديث يرويه الناس فقال ما هو قال يرون أن الله تعالى أوحى إلى حزقيل النبي أن أخبر فلان الملك أني متوفيك يوم كذا فأتى حزقيل الملك فأخبره بذلك قال فدعا الله تعالى على قومه وهو على سريره حتى سقط ما بين الحائط والسرير وقال أخرني حتى يشيب طفلي وأقضي أمري فأوحى الله إلى ذلك النبي أن ائت فلان وقل إني أنسئ في عمره خمس عشرة سنة فقال النبي يا رب وعزتك إنك تعلم أني لم أكذب كذبة قط فأوحى الله إليه أنما أنت عبد مأمور فأبلغه.
 
و عن الباقر والصادق عليهما السلام في قوله تعالى ﴿أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا... الآية قال: هؤلاء أهل مدينة من مدائن الشام من بني إسرائيل وكانوا سبعين ألف وكان الطاعون يقع فيهم في كل أوان فكانوا إذا أحسوا به خرج من المدينة الأغنياء وبقي فيها الفقراء لضعفهم فكان الموت يكثر في الذين أقامو ويقل في الذين خرجوا فيقول الذين خرجوا لو كنا أقمنا لكثر فينا الموت فيقول الذين أقاموا لو كنا خرجنا لقل فينا الموت فاجتمع رأيهم جميعا على أنه إذا وقع الطاعون خرجوا كلهم من المدينة فلما أحسوا بالطاعون خرجوا جميع وتنحوا عن الطاعون حذر الموت فساروا في البلاد ثم إنهم مروا بمدينة خربة أفنى أهلها الطاعون فلما أحطوا رحالهم قال لهم الله موتوا جميعا فماتو وصاروا رميما فمر بهم نبي من الأنبياء يقال له حزقيل فرآهم وبكى وقال يا رب لو شئت أحييتهم الساعة فأحياهم الله.

كتاب المحاسن عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما خرج ملك القبط يريد هدم بيت المقدس اجتمع الناس إلى حزقيل النبي فشكوا ذلك إليه فقال لعلي أناجي ربي الليلة فلما جنه الليل ناجى ربه فأوحى الله إليه أني قد كفيتهم وكانوا قد مضوا فأوحى الله إلى ملك الهواء أن أمسك عليهم أنفاسهم فماتوا كلهم وأصبح النبي وأخبر قومه فخرجوا فوجدوهم قد ماتو ودخل حزقيل النبي العجب فقال في نفسه ما فضل سليمان النبي علي وقد أعطيت مثل هذا قال فخرجت قرحة على كبده وأذنه فخشع لله وتذلل وقعد على الرماد فأوحى الله إليه أن خذ لبن التين فحكه على صدرك من خارج ففعل فسكن عنه ذلك.

و روي عن الشيخ أحمد بن فهد في المهذب وغيره بأسانيدهم إلى المعلى بن خنيس عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يوم النيروز هو الذي أحيا الله فيه القوم ﴿الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ وذلك أن نبيا من الأنبياء سأل ربه أن يحيي القوم ﴿الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فأماتهم الله فأوحى الله إليه أن صب عليهم الماء في مضاجعهم فصب عليهم الماء في ذلك اليوم فعاشوا ثلاثون ألفا فصار صب الماء في يوم النيروز سنة ماضية لا يعرف سببها إلا الراسخون.

أقول: لا يتوهم من هذه الأخبار عدم جواز الفرار من الطاعون وذلك أن الآجال إذا تقاربت لا ينفع الفرار وعدمه.

و قد وردت الأخبار متظافرة في الأمر بالفرار منه ولم يعارضها إلا ما.

روي من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: الفرار من الطاعون كالفرار من الزحف.

و لما سئل الصادق عليه السلام عن معناه قال: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في جماعة كانوا في الثغور بإزاء العدو وكانوا إذا فروا من الطاعون زحف العدو على أرض المسلمين واستولى عليها.

يعني أن هذا الكلام متوجه إلى جماعة مخصوصين يلزم من فرارهم من الطاعون الفساد والانفتال في الدين واستلال على المسلمين.

و قد حققنا الكلام وأوردنا الأخبار في هذا الباب في رسالتنا الموسومة بمسكن الشجون في حكم الفرار من الطاعون.

و أما إسماعيل الذي سماه الله صادق الوعد فقال فيه ﴿وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وكانَ رَسُولًا نَبِيًّا.

معاني الأخبار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن إسماعيل الذي قال الله عز وجل في كتابه ﴿وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وكانَ رَسُولًا نَبِيًّا لم يكن إسماعيل بن إبراهيم بل كان نبيا من الأنبياء بعثه الله عز وجل إلى قومه فأخذوه وسلخوا فروة رأسه ووجهه فأتاه ملك فقال إن الله جل جلاله بعثني إليك فمرني بما شئت فقال لي أسوة بما يصنع بالحسين.

و في قصص الأنبياء عن الصادق عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن أفضل الصدقة صدقة اللسان تحقن بها الدماء وتدفع بها الكريهة وتجر المنفعة إلى أخيك المسلم ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم إن عابد بني إسرائيل الذي كان أعبدهم كان يسعى في حوائج الناس عند الملك وإنه لقي إسماعيل بن حزقيل فقال لا تبرح حتى أرجع إليك يا إسماعيل فأبقي عند الملك فبقي إسماعيل إلى الحول هناك فأنبت الله لإسماعيل عشبا فكان يأكل منه وأجرى له عينين وأظله بغمام فخرج الملك بعد ذلك إلى التنزه ومعه العابد فرأى إسماعيل فقال إنك لهاهنا يا إسماعيل فقال له قلت لا تبرح فلم أبرح فسمي صادق الوعد قال وكان جبار مع الملك كذب هذا العبد وقال بربرت بهذه البرية فلم تقول إني هاهنا فقال له إسماعيل إن كنت كاذبا فنزع الله صالح ما أعطاك قال فتناثرت أسنان الجبار فقال الجبار إني كذبت على هذا العبد الصالح فاطلب أن يدعو الله أن يرد أسناني فإني شيخ كبير فطلب إليه الملك فقال إني أفعل قال الساعة قال لا قال وأخره إلى السحر ثم دعا ثم قال إن أفضل ما دعوتم الله بالأسحار قال الله تعالى ﴿وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وفي حديث آخر أنه عليه السلام قال لمن وعده لو لم يجئني لكان منه المحشر فأنزل الله واذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ.

كامل الزيارة بإسناده إلى بريد العجلي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام يا ابن رسول الله أخبرني عن إسماعيل الذي ذكره الله في كتابه حيث يقول ﴿وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ أكان إسماعيل بن إبراهيم فإن الناس يزعمون أنه إسماعيل بن إبراهيم فقال عليه السلام إن إسماعيل مات قبل إبراهيم وإن إبراهيم كان حجة الله على خلقه فإلى من أرسل إسماعيل إذا قلت فمن كان قال إسماعيل بن حزقيل النبي بعثه الله إلى قومه فكذبوه وقتلوه وسلخوا فروة رأسه وجلدة وجهه فغضب الله عليهم فوجه سطاطائيل ملك العذاب فقال له يا إسماعيل أنا ملك العذاب وجهني رب العزة إليك لأعذب قومك بأنواع العذاب إن شئت فقال له إسماعيل لا حاجة لي في ذلك يا سطاطائيل فأوحى الله إليه ما حاجتك يا إسماعيل فقال إسماعيل يا رب إنك أخذت الميثاق لنفسك بالربوبية ولمحمد بالنبوة ولأوصيائه بالولاية وأخبرت خلقك بما يفعل بالحسين بن علي من بعد نبيه وإنك وعدت الحسين أن تكره إلى الدنيا حتى ينتقم ممن فعل ذلك به فحاجتي إليك يا رب أن تكرني إلى الدنيا حتى أنتقم ممن فعل بي كما تكرالحسين عليه السلام فوعد إسماعيل بن حزقيل ذلك فهو يكر مع الحسين بن علي عليه السلام.

و أما قصة إلياس وإلي واليسع عليه السلام.

الكافي عن المفضل بن عمر قال: أتينا باب أبي عبد الله عليه السلام ونحن نريد الإذن فسمعناه يتكلم بكلام ليس بالعربية فتوهمنا أنه بالسريانية ثم بكى فبكينا لبكائه ثم خرج إلينا الغلام فأذن لنا فدخلنا عليه فقلت أصلحك الله سمعناك تتكلم بكلام ليس بالعربية ثم بكيت فبكينا فقال نعم ذكرت إلياس النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان من عباد بني إسرائيل فقلت كما كان يقول في سجوده ثم اندفع فيه بالسريانية فما رأين والله قسيس ولا جاثليقا أفصح لهجة منه ثم فسره لنا بالعربية فقال كان يقول في سجوده أ تراك معذبي بنارك وقد أظمأت لك هواجري أ تراك معذبي وقد عفرت لك في التراب وجهي أ تراك معذبي وقد اجتنبت لك المعاصي أ تراك معذبي وقد أسهرت لك ليلي فأوحى الله إليه أن ارفع رأسك فإني غير معذبك قال فقال إن قلت لا أعذبك ثم عذبتني ما ذا أ لست عبدك وأنت ربي فأوحى الله إليه أن ارفع رأسك فإني غير معذبك فإني إذا وعدت وعدا وفيت به.

قصص الأنبياء عن ابن عباس قال: إن يوشع بن نون بوأ بني إسرائيل الشام بعد موسى عليه السلام وقسمها بينهم فسار منهم سبط ببعلبك بأرضه وهو السبط الذي منه إلياس النبي عليه السلام فبعثه الله إليهم وعليهم يومئذ ملك فتنهم بعبادة صنم يقال له بعل وذلك قوله ﴿وَ إِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَ لا تَتَّقُونَ أَ تَدْعُونَ بَعْلً وتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ فكذبوه وكان للملك زوجة فاجرة يستخلفها إذا غاب فتقضي بين الناس وكان لها كاتب حكيم قد خلص من يدها ثلاثمائة مؤمن كانت تريد قتلهم ولم يعلم على وجه الأرض أنثى أزنى منه وقد تزوجت سبعة ملوك من بني إسرائيل حتى ولدت تسعين ولدا سوى ولد ولده وكان لزوجها جار صالح من بني إسرائيل وكان له بستان يعيش به إلى جانب قصر الملك يكرمه فسافر مرة فاغتنمت امرأته فقتلت العبد الصالح وأخذت بستانه غصبا من أهله وكان ذلك سبب سخط الله عليهم فلما قدم زوجها أخبرته الخبر فقال لها ما أصبت فبعث الله إلياس النبي يدعوهم إلى عبادة الله فكذبوه وطردوه ودعاهم إلى الله فلم يزدهم إلا طغيانا فآلى الله على نفسه أن يهلك الملك والزانية إن لم يتوبوا إليه وأخبرهما بذلك فاشتد غيضهم عليه وهموا لتعذيبه فهرب منهم ولحق بالجبل فبقي سبع سنين يأكل من نبات الأرض فأمرض الله ابنا للملك وكان أعز ولده فاستشفعوا إلى عبدة الأصنام ليشفعوا له فلم ينفع فبعثوا الناس إلى الجبل الذي فيه إلياس فكانوا يقولون اهبط إلين واشفع لنا فنزل إلياس من الجبل وقال إن الله أرسلني إليكم وإلى من وراءكم فاسمعوا رسالة ربكم يقول ارجعوا إلى الملك فقولوا إني أنا الله لا إله إلا أنا إله بني إسرائيل أضرهم وأنفعهم وتطلب الشفاء لابنك من غيري فلما صاروا إلى الملك وقصوا عليه القصة امتلأ غيظا فقال لهم ما الذي منعكم أن تقتلوه فإنه عدوي قالوا قذف في قلوبنا الرعب فندب خمسين من قومه وأوصاهم بالاحتيال له وإطماعه في أنهم آمنوا به ليغتر بهم فيمكنهم من نفسه فانطلقوا إلى الجبل الذي فيه إلياس فنادوا يا نبي الله ابرز لنا فإنا آمنا بك فطمع في إيمانهم فقال اللهم إن كانوا صادقين فيما يقولون فأذن لي بالنزول إليهم وإن كانوا كاذبين فارمهم بنار تحرقهم فما استتم كلامه حتى رموا بالنار فاحترقوا فبلغ الملك خبرهم فاشتد غيظه وانتدب كاتب امرأته المؤمن وبعث معه جماعة إلى الجبل وقال له قد آن أن نتوب فقل له يرجع إلين ويأمرن وينهانا بما يرضي ربن وأمر قومه فاعتزلوا الأصنام فانطلق الكاتب ومن معه إلى الجبل ثم ناداه فعرف الناس صوته فأوحى الله إليه أن ابرز إلى أخيك الصالح وصافحه فقال المؤمن بعثني إليك هذا الطاغي وقص عليه ما قالوا ثم قال وإني لخائف إن رجعت إليه ولست معي أن يقتلني فأوحى الله عز وجل إلى إلياس أن كل شي‏ء جاءك منهم خداع ليظفروا بك وأني أشغله عن هذا المؤمن بأن أميت ابنه فلما قدموا عليه أخذ الموت ابنه ورجع إلياس سالما إلى مكانه فلما ذهب الجزع عن الملك سأل الكاتب عن الذي جاء به فقال ليس لي علم به ثم إن إلياس نزل واستخفى عند أم يونس بن متى ستة أشهر ويونس مولود ثم عاد إلى مكانه فلم يلبث إلا يسيرا حتى مات ابنها حين فطمته فعظم مصابها فخرجت في طلب إلياس ورقت الجبال حتى وجدت إلياس فقالت إن فجعت بموت ابني وألهمني الله تعالى الاستشفاع بك إليه ليحيي لي ابني فإني تركته بحاله ولم أدفنه وأخفيت مكانه فقال له ومتى مات ابنك قالت اليوم سبعة أيام فانطلق إلياس وسار سبعة أيام أخرى حتى انتهى إلى منزلها فدعا الله سبحانه حتى أحيا الله بقدرته يونس عليه السلام فلما عاش انصرف إلياس.

و لما صار أربعين سنة أرسله الله إلى قومه كما قال ﴿وَ أَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ ويَزِيدُونَ ثم أوحى الله تعالى إلى إلياس بعد سبع سنين من يوم أحيا الله يونس سلني أعطك فقال تميتني فتلحقني بآبائي فإني قد مللت بني إسرائيل وأبغضتهم فيك فقال الله تعالى ما هذا اليوم الذي أعري الأرض منك وأهله وإنما قوامها بك ولكن سلني أعطك فقال إلياس فأعطني ثأري من الذين أبغضوني فيك فلا تمطر عليهم سبع سنين قطرة إلا بشفاعتي فاشتد على بني إسرائيل الجوع وألح عليهم البلاء وأسرع الموت فيهم وعلموا أن ذلك من دعوة إلياس ففزعوا إليه وقالوا نحن طوع يدك فهبط إلياس معهم ومعه تلميذ له اليسع وجاء النبي الملك فقال قتلت بني إسرائيل بالقحط فقال قتلهم الذي أغواهم فقال ادع ربك ليسقيهم فلما جن الليل عاد إلياس ودعا الله فقال لليسع انظر في أكناف السماء ما ذا ترى فرأى سحابة فقال أبشروا بالسقاء فليحرروا أنفسهم وأموالهم من الغرق فأمطر الله عليهم السماء وأنبت لهم الأرض فقام إلياس بين أظهرهم وهم صالحون ثم أدركهم الطغيان والبطر فجحدوا حقه وتمردوا فسلط الله عليهم عدوا قصدهم ولم يشعروا به حتى رهقهم فقتل الملك وزوجته وألقاهما في بستان الذي قتلته زوجة الملك ثم وصى إلياس إلى اليسع وأنبت الله لإلياس الريش وألبسه النور ورفعه إلى السماء وقذف بكسائه من الجو على اليسع فنبأه الله على بني إسرائيل وأوحى الله إليه وأيده فكان بنو إسرائيل يعظمونه صلى الله عليه وآله وسلم ويهتدون بهداه.
و قال الشيخ الطبرسي اختلف في إلياس فقيل هو إدريس عليه السلام وقيل هو من أنبياء بني إسرائيل من ولد هارون بن عمران ابن عم اليسع وهو إلياس بن يسع بن فنحاس بن العيزار بن هارون بن عمران.

عن ابن عباس ومحمد بن إسحاق وغيرهما قالوا إنه بعث بعد حزقيل لما عظمت الأحداث في بني إسرائيل. وكان يوشع لما فتح الشام بوأها بني إسرائيل وقسمها بينهم فأحل سبطا منهم ببعلبك وهم سبط إلياس بعث فيهم نبيا إليهم فأجابه الملك ثم إن امرأته حملته على الخلاف لإلياس وطلبته لتقتله فهرب إلى الجبال والبراري واستخلف اليسع على بني إسرائيل ورفعه الله ما بين أظهرهم وقطع عنه لذة الطعام والشراب وكساه الريش فصار إنسيا ملكيا أرضيا سماوي وسلط الله على الملك وقومه عدوا لهم فقتلهم وبعث الله اليسع رسولا إلى بني إسرائيل فآمنوا به.

و قيل: إن إلياس صاحب البراري والخضر صاحب الجزائر ويجتمعان في كل يوم عرفة بعرفات وذكر وهب أنه ذو الكفل وقيل هو الخضر عليه السلام.

الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليكم بالكرفس فإنه طعام إلياس واليسع ويوشع بن نون عليه السلام.

و فيه عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال: قال أبو عبد الله عليه السلام بينا أبي عليه السلام يطوف بي الكعبة إذا رجل متعجر فقطع عليه أسبوعه حتى أدخله دارا جنب الصفا فأرسل إلي فكنا ثلاثة فقال مرحبا يا ابن رسول الله ثم قال إن شئت أخبرني وإن شئت أخبرتك قال أشاء قال إياك أن تنطق لسانك عن مسألتي بأمر تضمر لي غيره قال إنما يفعل ذلك من في قلبه علمان يخالف أحدهما صاحبه فإن الله عز وجل أبى أن يكون له علم فيه اختلاف قال هذه مسألتي وقد فسرت طرفا منها أخبرني عن هذا العلم الذي ليس فيه اختلاف من يعلمه قال أما جملة العلم فعند الله سبحانه وأما ما لا بد منه فعند الأوصياء قال ففتح الرجل عجرته واستوى جالس وتهلل وجهه وقال هذه أردت زعمت أن علم ما لا اختلاف فيه عند الأوصياء فكيف يعلمونه قال كما كان رسول الله يعلم إلا أنهم لا يرون ما كان رسول الله يرى لأنه كان نبي وهم محدثون وأنه كان يسمع الوحي وهم لا يسمعون فقال صدقت يا ابن رسول الله أخبرني عن هذا العلم ما له لا يظهر كما كان يظهر مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال فضحك أبي عليه السلام وقال أبى الله أن يطلع على علمه إلا ممتحنا للإيمان به كما قضى على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يصبر على أذى قومه ولا يجابههم إلا بأمره فكم من اكتتام قد اكتتم به حتى قيل له ﴿فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ وايم الله لو صدع قبل ذلك لكان آمن ولكنه إنما نظر في الطاعة وخاف الخلاف فلذلك كذب فوددت أن عينك تكون مع مهدي هذه الأمة والملائكة بسيوف آل داود بين السماء والأرض يعذب أرواح الكفرة من الأموات ويلحق بهم أرواح أشباههم من الأحياء ثم أخرج سيفا ثم قال ها إن هذا منها فقال أبي إي والذي اصطفى محمدا على البشر قال فرد الرجل اعتجاره وقال أنا إلياس ما سألتك عن أمرك ولي منه جهالة غير أني أحببت أن يكون هذا الحديث قوة لأصحابك.

المناقب لابن شهرآشوب المازندراني روي عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سمع صوتا من قلة جبل اللهم اجعلني من الأمة المرحومة المغفورة فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإذا بشيخ أشيب قامته ثلاثمائة ذراع فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عانقه ثم قال إني آكل في كل سنة مرة وهذا أوانه فإذا هو بمائدة نزلت من السماء فأكل وكان إلياس عليه السلام.


1 _النور المبين / المحدّث العلامة الجليل نعمة الله الجزائري.

2012-11-29