أرميا ودانيال وعزير وبختنصر
قصص من زمان بعض الأنبياء(ع)
قال الله تعالى: (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَ شَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ...)
عدد الزوار: 387
قال الله تعالى: ﴿ وكَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً وبَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وانْظُرْ إِلى حِمارِكَ ولِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.
وفي سورة الإسراء: ﴿وقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ ولَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وكانَ وَعْداً مَفْعُولًا ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وبَنِينَ وجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ ولِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ ولِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً﴾.
وَقَضَيْنا أي وأوحينا إليهم في التوراة قضاء مقضيا. مَرَّتَيْنِ أي إفسادين أولهما مخالفة أحكام التوراة وقتل شعي وقتل أرمي وثانيهما قتل يحيى وزكري وقصد قتل عيسى.
وقوله وَعْدُ أُولاهُما أي وعد عقاب أولهما.
وقوله عِباداً لَنا أي بختنصر عامل لهراسف إلى بابل وجنوده فَجاسُوا أي ترددوا لطلبكم خِلالَ الدِّيارِ أي وسطها للقتل والغارة والْكَرَّةَ الدولة والغلبة عَلَيْهِمْ أي على الذين بعثوا عليكم.
وذلك بأن ألقى الله في قلب بهمن بن إسفنديار لما ورث الملك من جده كشتاسب شفقة عليهم فرد أسراهم إلى الشام وملك دانيال عليهم فاستولوا على من كان فيها من أتباع بختنصر ونفير من ينفر مع الرجل من قومه فَإِذا جاءَ وَعْدُ عقوبة الْآخِرَةِ بعثناهم ليجعلوا وجوههم بادية آثارا لمساءة فيه ولِيُتَبِّرُوا أي ليهلكوا ما عَلَوْا أي ما غلبوه واستولوا عليه ومدة علوهم.
وذلك بأن سلط الله عليهم الفرس مرة أخرى فغزاهم ملك بابل ودخل صاحب الجيش مذبح قرابينهم فوجد فيه دما يغلي فسألهم عنه فقالوا دم قربان لم يقبل منا فقال ما صدقتوني فقتل عليه ألوفا منهم فلم يسكن الدم ثم قال إن لم تصدقوني ما تركت منكم أحدا فقالوا إنه دم يحيى فقال لمثل هذا ينتقم منكم ربكم روي أن بختنصر ملك بابل وكان من جنس نمرود وكان لزنية لا أب له فظهر على بيت المقدس وخرب المسجد وأحرق التوراة وألقى الجيف في المسجد وقتل على دم يحيى عليه السلام سبعين ألف وسبى ذراريهم وأغار عليهم وأخرج أموالهم وسبى سبعين ألف وذهب بهم إلى بابل وبقوا في مدة مائة سنة تستعبدهم المجوس.
ثم تفضل الله عليهم بالرحمة فأمر ملكا من ملوك فارس عارفا بالله سبحانه فردهم إلى بيت المقدس فأقامهم به مائة سنة على الطريقة المستقيمة.
ثم عادوا إلى الفساد والمعاصي فجاءهم ملك من ملوك الروم اسمه أنطياخوس فخرب بيت المقدس وسبى أهله.
تفسير علي بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما عملت بنو إسرائيل بالمعاصي وعتوا عن أمر ربهم أراد الله أن يسلط عليهم من يذلهم ويقتلهم فأوحى الله إلى أرميا يا أرميا ما بلد انتخبته من بين البلدان وغرست فيه من كرائم الشجر فأخلف فأنبت خرنوبا فأخبر أرميا أحبار بني إسرائيل فقالوا له راجع ربك ليخبرنا ما معنى هذا المثل فصام أرميا سبعا فأوحى الله إليه يا أرميا أما البلد فبيت المقدس وأما ما نبتت فيه فبنو إسرائيل الذين أسكنتهم فيها فعملوا المعاصي وغيروا ديني وبدلوا نعمتي كفرا فبي حلفت لأمتحنهم بفتنة يظل الحكيم فيها حيران ولأسلطن عليهم شر عبادي ولادة وشرهم طعاما فليتسلطن عليهم فيقتل مقاتليهم ويسبي حريمهم ويخرب بيتهم الذي يغترون به ويلقي حجرهم الذي يفتخرون به على الناس في المزابل مائة سنة فأخبر أرميا أحبار بني إسرائيل فقالوا راجع ربك فقل له ما ذنب الفقراء والمساكين والضعفاء فصام أرميا سبعا ثم أكل أكلة فلم يوح إليه شيء ثم صام سبع وأكل أكلة فلم يوح إليه شيء ثم صام سبعا فأوحى الله إليه يا أرميا لتكفن عن هذ ولأردن وجهك إلى ورائك ثم أوحى الله إليه قل لهم لأنكم رأيتم المنكر فلم تنكروه فقال أرميا يا رب أعلمني من هو حتى آتيه وآخذ لنفسي وأهل بيتي منه أمانا قال ائت موضع كذ وكذا فانظر إلى غلام أشدهم زمانة وأخبثهم ولادة وأضعفهم جسم وأشرهم غذاء فهو ذاك فأتى أرميا إلى ذلك البلد فإذا هو بغلام في خان زمن ملقى على وسط مزبلة وإذا له أم تربي بالكسر وتفت الكسر في القصعة وتحلب عليه خنزيرة لها ثم تدنيه من ذلك الغلام فيأكله فقال أرميا إن كان في الدنيا الذي وصفه الله فهو هذا فدنا منه وقال ما اسمك قال بختنصر فعرف أنه هو فعالجه حتى برأ ثم قال تعرفني قال لا أنت رجل صالح فقال أنا أرميا نبي بني إسرائيل أخبرني الله أنه سيسلطك على بني إسرائيل فتقتل رجالهم وتفعل بهم السوء قال فتاه في نفسه في ذلك الوقت ثم قال أرميا اكتب لي كتابا بأمان منك فكتب له كتاب وكان يخرج بالجبل ويحتطب ويدخله المدينة ويبيعه فدعا إلى حرب بني إسرائيل وكان مسكنهم في بيت المقدس وأقبل بختنصر فيمن أجابه نحو بيت المقدس وقد اجتمع إليه بشر كثير فلما بلغ أرميا إقباله نحو بيت المقدس استقبله على حمار له ومعه الأمان الذي كتبه بختنصر فلم يصل إليه أرميا من كثرة جنوده فصير الأمان على خشبة ورفعها فقال من أنت فقال أنا أرميا النبي الذي بشرتك بأنك متسلط على بني إسرائيل وهذا أمانك لي قال أما أنت فقد آمنتك وأما أهل بيتك فإني أرمي من هاهنا إلى بيت المقدس فإن وصلت رميتي إلى بيت المقدس فلا أمان لهم عندي وإن لم تصل فهم آمنون وانتزع قوسه ورمى نحو بيت المقدس فحملت الريح النشابة حتى علقتها في بيت المقدس فقال لا أمان لهم عندي فلما وافى نظر إلى جبل من تراب وسط المدينة وإذا دم يغلي وسطه كلما ألقي عليه التراب خرج وهو يغلي فقال ما هذا فقالوا هذا نبي قتله ملوك بني إسرائيل ودمه يغلي كلما ألقي عليه التراب خرج وهو يغلي فقال بختنصر لأقتلن بني إسرائيل أبدا حتى يسكن هذا الدم.
وكان ذلك الدم دم يحيى بن زكريا عليه السلام وكان في زمانه ملك جبار يزني بنساء بني إسرائيل وكان يمر يحيى بن زكريا عليه السلام فقال له يحيى اتق الله أيها الملك لا يحل لك هذا فقالت له امرأة من اللواتي كان يزني بهن حين سكر أيها الملك اقتل يحيى فأمر أن يؤتى برأسه فأتي برأس يحيى عليه السلام في الطشت وكان الرأس يكلمه ويقول يا هذا اتق الله لا يحل لك هذا ثم غلى الدم في الطشت حتى فاض إلى الأرض فخرج يغلي ولا يسكن وكان بين قتل يحيى وبختنصر مائة سنة ولم يزل بختنصر يقتلهم كان يدخل قرية قرية فيقتل الرجال والنساء والصبيان وكل حيوان والدم يغلي حتى أفنى من ثم فقال هل بقي أحد في هذه البلاد قالوا عجوزا في موضع كذ وكذا فبعث إليها فضرب عنقها على الدم فسكن وكانت آخر من بقي ثم أتى إلى بابل فبنى فيها مدينة وأقام وحفر بئرا فألقى فيها دانيال وألقى معه اللبوة فجعل اللبوة تأكل طين البئر ويشرب دانيال لبنها فلبث بذلك زمانا فأوحى الله إلى النبي الذي كان في بيت المقدس أن اذهب بهذا الطعام والشراب إلى دانيال وأقرئه السلام قال وأين هو يا رب فقال في بئر بابل في موضع كذ وكذا قال فأتاه فاطلع في البئر فقال يا دانيال قال لبيك صوت غريب قال إن ربك يقرئك السلام قد بعث إليك بالطعام والشراب فدلاه إليه فقال دانيال الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره الحمد لله الذي لا يخيب من دعاه الحمد لله الذي من توكل عليه كفاه الحمد لله الذي من وثق به لم يكله إلى غيره الحمد لله الذي يجزي بالإحسان إحسانا الحمد لله الذي يجزي بالصبر نجاة والحمد لله الذي يكشف ضرنا عند كربتن والحمد لله الذي هو ثقتنا حتى ينقطع الحبل من والحمد لله الذي هو رجاؤنا حين ساء ظننا بأعمالنا قال فرأى بختنصر في نومه كان رأسه من حديد ورجلاه من نحاس وصدره من ذهب قال فدعا المنجمين فقال لهم ما رأيت قالوا ما ندري ولكن قص علينا.
ما رأيت في المنام فقال وأنا أجري عليكم الأرزاق منذ كذ وكذ وما تدرون ما رأيت في المنام فأمر بهم فقتلوا فقال له بعض من كان عنده إن كان عند أحد شيء فعند صاحب الجب فإن اللبوة لم تعرض له وهي تأكل الطين وترضعه فبعث إلى دانيال فقال ما رأيت في المنام فقال رأيت كان رأسك من كذ وصدرك من كذا قال هكذا رأيت فما ذاك فقال ذهب ملكك وأنت مقتول إلى ثلاثة أيام يقتلك رجل من ولد فارس قال فقال له إن علي لسبع مدائن على باب كل مدينة حرس وما رضيت بذلك حتى وضعت بطة من نحاس على باب كل مدينة لا يدخل غريب إلا صاحت فيؤخذ قال فقال له إن الأمر كما قلت لك قال فبعث الخيل وقال لا تلقون أحدا من الخلق إلا قتلتموه وكان دانيال جالسا عنده قال لا تفارقني هذه الثلاثة أيام فإن مضت قتلتك فلما كان اليوم الثالث ممسيا أخذه الغم فتلقاه غلام كان اتخذه ابنا له من أهل فارس وهو لا يعلم أنه من أهل فارس فدفع إليه سيفه وقال له يا غلام لا تلقى أحدا إل وقتلته ولو لقيتني أنا فاقتلني فأخذ الغلام سيفه فضرب به بختنصر ضربة فقتله فخرج أرميا على حمار ومعه تين قد تزوده وشيء من عصير فنظر إلى سباع البر وسباع البحر وسباع الجو تأكل تلك الجيف ففكر في نفسه ساعة ثم قال أنى يحيي الله هؤلاء وقد أكلتهم السباع فأماته الله مكانه وهو قول الله تبارك وتعالى وكَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ أي أحياه فلما رحم الله بني إسرائيل وأهلك بختنصر رد بني إسرائيل إلى الدني وكان عزير لما سلط الله بختنصر على بني إسرائيل هرب ودخل في عين وغاب فيه وبقي أرميا مائة سنة ثم أحياه الله فأول ما أحيا منه عينيه في مثل غرقئ البيض فنظر فأوحى الله تعالى إليه ﴿كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً﴾ فنظر إلى الشمس قد ارتفعت فقال ﴿أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فقال الله تبارك وتعالى بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ أي لم يتغير وانْظُرْ إِلى حِمارِكَ ولِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً﴾ فجعل ينظر إلى العظام البالية المنفطرة يجتمع إليه وإلى اللحم الذي قد أكلته السباع يتألف إلى العظام من هاهن ومن هاهن ويلتزق بها حتى قام وقام حماره فقال ﴿أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.
أقول: قال أمين الإسلام رحمه الله في قوله تعالى ﴿ وكَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ﴾ هو عزير وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام.
وقيل: هو أرمي وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام وقيل هو الخضر عليه السلام.
قصص الراوندي عن الرضا عليه السلام قال: إن الملك قال لدانيال أشتهي أن يكون لي ولد مثلك فقال ما محلي من قلبك قال أجل محل وأعظمه قال دانيال عليه السلام فإذا جامعت فاجعل همتك في قلبك ففعل الملك ذلك فولد له ابن أشبه خلق الله بدانيال عليه السلام.
وفيه عن ابن عباس قال: قال عزير يا رب إني نظرت في جميع أمورك وأحكامها فعرفت عدلك بعقلي وبقي باب لم أعرفه إنك تسخط على أهل البلية فتعمهم بعذابك وفيهم الأطفال فأمره الله تعالى أن يخرج إلى البرية وكان الحر شديدا فرأى شجرة فاستظل به ونام فجاءت نملة فقرصته فدلك الأرض برجليه فقتل من النمل كثيرا فعرف أنه مثل ضرب له فقيل يا عزير إن القوم إذا استحقوا عذابي قدرت نزوله عند انقضاء آجال الأطفال فماتوا أولئك بآجالهم وهلك هؤلاء بعذابي.
وعن أبي عبد الله عليه السلام: سمي بختنصر لأنه رضع بلبن كلبة وكان اسم الكلبة بخت واسم صاحبها نصر وكان مجوسيا أغلف أغار على بيت المقدس ودخله في ستمائة ألف عام الحديث.
العياشي قال ذكر جماعة من أهل العلم أن ابن الكواء قال لعلي عليه السلام ما ولد أكبر من أبيه من أهل الدنيا ?
قال: نعم أولئك ولد عزير حيث مر على قرية خربة تحته حمار ومعه شنة فيها لبن وكوز فيه عصير فمر على قرية فقال أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ فتوالد ولده وتناسلوا ثم بعث الله إليه فأحياه في المولد الذي أماته فأولئك ولده أكبر من أبيهم.
وفي حديث آخر عنه عليه السلام: أن عزيرا خرج من أهله وامرأته في شهره وله يومئذ خمسون سنة فلما ابتلاه الله عز وجل بذنبه أماته الله مائة سنة ثم بعثه فرجع إلى أهله وهو ابن خمسون سنة فاستقبله ابنه وهو ابن مائة سنة ورد الله عزيرا في السن الذي كان به.
الكافي مسندا إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: إنه كان نبي يقال له دانيال وإنه أعطى صاحب معبر رغيفا لكي يعبر به فرمى صاحب المعبر بالرغيف وقال ما أصنع بالخبز هذا الخبز عندنا قد يداس بالأرجل فلما رأى دانيال ذلك منه رفع يده إلى السماء وقال اللهم أكرم الخبز فقد رأيت يا رب ما صنع هذا العبد ولما قال أوحى الله عز وجل إلى السماء أن تحبس الغيث وأوحى إلى الأرض أن كوني طبقا كالفخار قال فلم يمطر شيء حتى إنه بلغ من أن بعضهم أكل بعضا فلما بلغ منهم ما أراد الله من ذلك قالت امرأة لأخرى ولهما ولدان يا فلانة تعالي حتى آكل أن وأنت اليوم ولدي فإذا جعنا غدا أكلنا ولدك قالت نعم فأكلتاه فلما جاعتا من الغد راودت الأخرى على أكل ولدها فامتنعت عليها فقالت لها بيني وبينك نبي الله فاختصما إلى دانيال عليه السلام فقال لهم وقد بلغ الأمر إلى ما أرى قالتا له نعم يا نبي الله وأشر فرفع يده إلى السماء فقال اللهم عد علينا بفضلك ورحمتك ولا تعاقب الأطفال ومن فيه خير بذنب صاحب المعبر وأضرابه لنقمتك قال فأمر الله تعالى إلى السماء أن أمطري على الأرض وأمر الله الأرض أن أنبتي لخلقي ما قد فاتهم من خيرك فإني قد رحمتهم بالطفل الصغير.
تفسير علي بن إبراهيم قال: لما أخرج هشام بن عبد الملك أبا جعفر عليه السلام إلى الشام سأله عالم النصارى عن مسائل فكان فيما سأله أخبرني عن رجل دنا من امرأته فحملت بابنين جميعا حملتهما في ساعة واحدة وماتا في ساعة واحدة ودفنا في قبر واحد فعاش أحدهما خمسين ومائة سنة وعاش الآخر خمسين سنة من هما فقال أبو جعفر عليه السلام هما عزير وعزرة كان حمل أمهما على ما وصفت ووضعهما على ما وصفت وعاش عزرة مع عزير ثلاثين سنة ثم أمات الله عزير مائة سنة وبقي عزرة حيا ثم بعث الله عزيرا فعاش مع عزرة عشرين سنة.
يقول مؤلف الكتاب أيده الله تعالى: وقع الخلاف في أن الذي أماته الله مائة عام هل هو أرمي وعزير وقد دلت الروايات على كل منهما.
وقيل ولعل الأخبار الدالة على كونه عزيرا محمولة على التقية وعلى ما يوافق أهل الكتاب بأن يكون أجابوهم على معتقدهم.
دعوات الراوندي قال: أوحى الله إلى عزير إذا وقعت في معصية فلا تنظر إلى صغره ولكن انظر إلى من عصيت وإذا أوتيت رزقا مني فلا تنظر إلى قلته ولكن انظر إلى من أهداه وإذا نزلت بك بلية فلا تشك إلى خلقي كما لا أشكوك إلى ملائكتي عند صعود مساوئك وفضائحك.
* النور المبين / المحدّث العلامة الجليل نعمة الله الجزائري.
2012-11-28