يتم التحميل...

الحسد من (الأربعون حديثاً)

العلاقة مع النفس

عن الإمام الصادق عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال الله عز وجل لموسى بن عمران: يا ابن عمران لا تحسدن الناس على ما آتيتهم من فضلي ولا تمدن عينيك الى ذلك ولا تتبعه نفسك, فإن الحاسد ساخط لنعمي صاد لقسمي الذي قسمت بين عبادي ومن يك ذلك فلست منه وليس مني.

عدد الزوار: 3511


عن الإمام الصادق عليه السلام: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال الله عز وجل لموسى بن عمران عليه السلام: يا ابن عمران لا تحسدن الناس على ما آتيتهم من فضلي ولا تمدن عينيك الى ذلك ولا تتبعه نفسك, فإن الحاسد ساخط لنعمي صاد لقسمي الذي قسمت بين عبادي ومن يك ذلك فلست منه وليس مني ".

﴿وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ( الشورى:37). ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ(آل عمران:134).

في الحديث القدسي: "إن الحسود يشيح بوجهه عما قسمته بين العباد، وهو ساخط على نعمي".


معنى الحسد
الحسد حالة نفسية يتمنى صاحبها سلب الكمال والنعمة التي يتصورهما عند الآخرين. سواء كان عنده مثلها أو لا, وسواء أرادها لنفسه أم لم يردها.

وإنما ذكرنا انها نعمة " يتصورها" عند الآخرين لأن الإنسان كثيرا ما يقع في الوهم ويظن النقمة نعمة والنقصان كمال. وكثيرا ما يتمنى أمرا يظنه نعمة وهو نقمة ويطلب أمرا يظنه كمال وهو نقص. بل إن بعض الخصل تعد نقصا للإنسان وكمالا للحيوان ويكون الحاسد في مرتبة الحيوانية فيراها كمالا ويتمنى زوالها, كفتك الدماء مثلا الذي تعتبره بعض الناس موهبة عظيمة ! فإذا شاهدوا من هو كذلك حسدوه. أو قد يحسبون بذاءة اللسان من الكمالات فيحسدون صاحبها!

إذا فالذي يرى في الآخرين نعمة, حقيقة كانت أو موهومة, ويتمنى زوالها, يعد حسدا.

الفرق بين الحسد والغبطة
الحسد هو ما ذكرناه من تمنى زوال النعم المتصورة عند الآخرين, وهو غير الغبطة, لأن الغبطة هي ان يتمنى الإنسان الحصول على هذه النعم التي رآها عند الغير ولكنه لا يتمنى زوالها عن الآخرين. فمجرد تمنى الحصول على النعم لا يعتبر حسدا على الإطلاق, ما لم يتضمن تمني زوال النعم عن الغير.

ما هي أسباب الحسد
ذكر العلامة المجلسي قدس سره أسباب الحسد في سبعة أمور:

الأول - العداوة.
الثاني - التعزز: فهو يعتقد أن الآخرين سيتكبرون عليه من خلال النعم المتوفرة عندهم, وهو لا يطيق ذلك لعزة نفسه.
الثالث - الكبر: فهو بطبيعته يتكبر على الناس. وحصول النعم عند غيره سيحد من تكبره عليهم.
الرابع - التعجب: فيتعجب من فوز هؤلاء الناس بمثل هذه النعم التي يعتبرها عظيمة كما أخبر تعالى عن الأمم الماضية ﴿مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا﴾(يس:15) فتعجبوا أن فاز الأنبياء برتبة الرسالة والوحي والقرب مع أنهم بشر مثلهم فحسدوهم.
الخامس - الخوف: فوجود النعم بيد غيره سيجعله خائفا على طموحاته الخاصة من هذا الشخص الذي قد يزاحمه بسبب ما بيده من نعم.
السادس- حب الرئاسة: هذه الرئاسة التي تنبني على امتيازات ونعم تتحقق عنده دون غيره.
السابع - خبث الطينة: فلا يكون هناك سبب من هذه الأسباب, ولكن لخبث النفس وشحها بالخير لعباد الله.

ما ذكره العلامة المجلسي صحيح ولكن كله يرجع الى سبب واحد هو الأساس لكل حسد يمكن أن يقع فيه الإنسان, وهو"رؤية ذل النفس " فإن الإنسان عندما يلاحظ وجود الكمال في غيره تنتابه حالة من الذل والانكسار, وسينتج عن هذه الحالة الحسد حتما إذا لم يكن قد أدب الإنسان نفسه أو لم يكن هناك موانع أخرى.

مفاسد الحسد
إن الحسد بنفسه (بصرف النظر عن آثاره ومفاسده الأخرى) هو أحد الأمراض القلبية المهلكة, فكيف إذا لاحظنا آثاره ومفاسده الأخرى!

فهناك الكثير من الأمراض القلبية الأخرى التي تنتج عنه كالكبر وإحباط الأعمال, وكل واحد منها تكفي لهلاك الإنسان.

وسنكتفي من المفاسد بذكر ما نقل عن الصادق المصدق عليه السلام: " آفة الدين الحسد والعجب والفخر ".

وفي رواية عن أبي جعفر عليه السلام: "إن الرجل ليأتي بأي بادرة فيكفر, وإن الحسد ليأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب ".

إن الإيمان هو نور إلهي إذا دخل قلب الإنسان جعله مكان تجليات وفيض الحق جل جلاله, كما جاء في الأحاديث القدسية: " لا يسعني أرضي ولا سمائي بل يسعني قلب عبدي المؤمن ".

فهذا النور الإلهي الذي يجعل القلب أوسع الموجودات تأتي رذيلة الحسد لتجعل مكان الوسعة ضيقا ومكان النور ظلاما. ويؤثر ذلك على كل كيان الإنسان باطنه وظاهره, فتصيب القلب بالحزن والكدر. والصدر بالاختناق والضيق, والوجه بالعبوس والغضب. وكلما اشتدت ازداد ضعف الإيمان حتى تصل الى مرحلة تطفيء نور الإيمان وتميت قلب الإنسان, وسنذكر نبذة عن هذه المفاسد :

- لقد جاء في الحديث الشريف:
- إن المؤمن لا يتمنى السوء للمؤمنين, بل هن أعزاء عنده. والحسود بعكس ذلك.
- المؤمن لا يغلبه حب الدنيا. والحسود إنما هو مبتلى بشدة حبه للدنيا.
- المؤمن لا يداخله خوف ولا حزن إلا من بارىء الخلق تعالى, إما الحسود فخوفه وحزنه يدوران حول المحسود.
- المؤمن طلق المحيّا, وبشراه في وجهه. والحسود مقطب الجبين عبوس الوجه.
- المؤمن متواضع والحسود متكبر في معظم الحالات.
- من المفاسد الكبيرة التي لا تنفك عن الحسد أن المؤمن يحسن الظن بالله تعالى. وهو راض بقسمه الذي يقسمه بين عباده. أما الحسود فساخط على الله تعالى ولي نعمته, يشيح بوجهه عن تقديراته.

فالحسد إذا هو آفة الإيمان التي تأكله كما تأكل النار الحطب!

آثار الحسد
إن انشغالنا في هذه الدنيا قد أعمى أعيننا وأصم آذاننا فلا ندري أننا غاضبون تجاه خالق الخلق معرضون عنه, ولا نعمل هذا الغضب والإعراض بأي صورة سيظهر لنا في مسكننا الدائم في تلك الدار ! إن ضيق القلب وكدره الذي سببه الحسد سيتسبب بضيق القبر وظلمته ! فإن ضيق القبر أو اتساعه منوط بضيق الصدر أو انشراحه كما ذكر العلماء.

فعن رسول الله صلى الله عليه وآله عندما خرج في جنازة سعد وقد شيعه سبعون ألف ملك, فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله رأسه الى السماء ثم قال: مثل سعد يضم؟ قال: قلت جعلت فداك أنا نحدث إنه كان يستخف بالبول. فقال صلى الله عليه وآله: " معاذ الله, إنما كان من زعارة في خلقه على أهله ".

إن الضيق والضغط والكدر والظلام الذي يحصل في القلب بسبب الحسد قلما يوجد في خلق فاسد آخر. فصاحب هذا الخلق يعيش في الدنيا معذبا مبتلى ويكون له في القبر ضيق وظلمة.

أما في الآخرة فسيحشر مسكينا متألما, يكفي الحديث القدسي المروي عن الإمام الصادق عليه السلام: "من يك كذلك فلست منه وليس مني", ولا نفهم ماذا يحمل لنا تبرؤ الحق تعالى منا وإعراضه عنا من مصائب عليه السلام أن من يخرج عن ولاية الله ويطرد من ظل رحمته لن يكون له أمل في النجاة, ولن تشمله شفاعة الشافعين ﴿مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ(البقره:255) من سيتقدم ليشفع لمن يسخط عليه الله وخرج من حصن ولايته! لم يزل الأنبياء والأولياء يصرخرون في آذاننا ليوقظونا من النوم ولكننا نزداد غفلة وشقاء يوما بعد يوم!

هذه هي مفاسد الحسد نفسه دون المفاسد الخلقية الأخرى التي تترتب عليه, ودون الأعمال الباطلة التي يمكن أن يلجأ إليها الإنسان نتيجة الحسد.
 
هل يحقق الحسود أهدافه؟
يجب أن تعلم أن حسدك لا يضر المحسود، فلن تزول عنه النعمة لمجرد أنك تحسده،بل على العكس تماماًسيستفيد نتيجة حسدك في الدنيا والآخرة.

سيستفيد في الدنيا لأنك عدوه وحاسده، فشقاؤك وحزنك سيعد نفعاً له، فعذابك وأنت عدوه هو نعمة بالنسبة إليه، وإذا التفت إلى هذا الموضوع سيزداد عذابك وتألمك وفي ذلك نعمة جديدة له أيضا وهكذا... وعليه فإنك ستكون دائماً في عذاب وشقاء وتعاسة وغم، وهو في نعمة وسرور وانبساط.

وسيستفيد في الآخرة أيضاً، خصوصاً إذا كان الحسد قد دفع بك إلى الغيبة والافتراء وسائر الرذائل، مما يستوجب أخذ حسناتك وإعطائها له، فتصبح أنت مفلساً في الآخرة، ويزداد هو نعمة وعظمة.

لو أنك فكرت في هذه الأمور وعرفت عاقبة الحسد لأقدمت على تطهير نفسك من هذه الرذيلة وأنقذت نفسك من هذه الهلكة. وما دام الإنسان في هذا العالم فهو قادر على الإصلاح فلا تجعلك نفسك تيأس من الإصلاح وبادر إليه فهو اسهل مما تصوره لك هذه النفس الأمارة.

أسرع إلى الإصلاح فإن المنع من تسرب الأخلاق الفاسدة إلى نفسك أيسر من إخراجها منها، وإذا تسربت فإنك كلما أخرت التصدي لإخراجها ازدادت جذورها وازداد الجهد المطلوب منك للتطهير وضعفت قواك الداخلية، وعلى كل حال فعليك أن تبذل كل جهد لاقتلاع تلك الجذور قبل أن تصل إلى مرحلة اللاعودة في البرزخ والآخرة.

إن الصفات النفسية والأخلاقية في ذلك العالم تكون قوية إلى درجة أن زوالها إما أن يكون غير ممكن على الإطلاق، فيكون صاحبها مخلداً في النار، وإما إذا أمكن إزالتها بالمشاق والضغوطات والنيران فإن ذلك قد يحدث ولكن بعد قرون حسابها إلهي لا كحسابنا نحن!

فما دمت قادراً على الإصلاح في شهر أو سنة مع القليل من التعب الدنيوي لا تهمله وتؤجله لكيلا يوردك موارد الهلاك.

جذور الحسد
ذكرنا فيما سبق أن العلم محله العقل، وأما الإيمان فمحله القلب، وجميع المفاسد الأخلاقية والعملية سببها أن العلم الذي أدركه العقل عن طريق الدليل والبرهان والأخبار لم يتجاوزه ليصل إلى القلب، فبقي القلب غافلاً عن الإيمان لا يعرف عنه شيئاً:

- الحسود لا يؤمن بالحكمة الإلهية
: ومن بين المعارف التي يعتقد بها الحكماء والمتكلمون وعامة الناس الذين يتبعون الشرائع هو أن ما كتبه الحكيم المطلق جلت قدرته، من الوجود والكمال وبسط النعمة وتقسيم الآجال والأرزاق جاء على خير تقدير وأجمل نظام. وهو يناسب تماماً المصالح التامة ويعطي نظاماً مثالياً كاملاً. وكلُ فرد منهم يعبر عن هذه الحقيقة بتعبيراته الخاصة.

فالعارف يقول: ظل الجميل جميل على الإطلاق.
والفيلسوف يقول: إن هذا الوجود خال من النقص والشرور، وما نتصور نحن أنه شر هو في الحقيقة طريق يوصل الكائنات إلى الكمالات المناسبة لها.
والمتكلم وأهل الشرائع يقولون: أفعال الحكيم لا تكون إلا حكيمة وصالحة، والعقول المحدودة هي العاجزة والقاصرة عن إدراك المصلحة والحكمة.
وكل واحد منهم يستدل بالأدلة والبراهين التي تتناسب مع مدى سعة عقله وعلمه.

ولكن بما أن الأمر لم يتعد الأقوال والعقول إلى القلوب، فإن ألسنة الاعتراض على الله تعالى تبقى مطلقة وهذا القلب الذي لم يخالطه الإيمان بعد سيفند البرهان ويكذّب اللسان. وعلى هذا الأساس تكون المفاسد الأخلاقية.

إن الذي يحسد الناس ويحقد في قلبه على أصحاب النعم ويتمنى وزوال النعمة عنهم، مشكلته الأساسية أنه لم يصل إلى مرحلة الإيمان بأن الله يفعل الأصلح للعباد.

- الحسود لا يؤمن بالعدل الإلهي
: إن من الفطرة الإلهية الكامنة في أعماق البشر حب العدل والرضى به، وكراهة الظلم وعدم الاستسلام له، فالقلب يخضع بالفطرة للقسمة العادلة وينفر بالفطرة من الجور، فإذا سخط على النعمة وأعرض عن القسمة فذلك لأنه لا يرى ذلك عدلاً،

بل يراه والعياذ بالله جوراً، مع أنك في أصول العقائد تقول أن الله عادل. إن الحسد يناقض الإيمان بالعدل، فلو كنت ترى الله عادلاً لرأيت تقسيمه عادلاً أيضاً. وقد جاء في الحديث القدسي: "إن الحسود يشيح بوجهه عما قسمته بين العباد، وهو ساخط على نعمي".

ما هو العلاج العملي للحسد
حتى تستطيع أن تواجه هذه الرذيلة وتعالج هذا المرض الذي ابتليت به، عليك أن لا تجاري هذه النفس ولا تتبع خطواتها، من إظهار البغض للمحسود، إن نفسك تدعوك لإيذائه واعتباره عدواً وتكشف لك عن مساوئه ومفاسده وتركز عليها.

يجب أن تقوم بعكس ذلك تماماً لكسر هذه النفس، فتظهر المحبة له وتترحم عليه وتجله وتحترمه، واحمل لسانك على أن يذكر محاسنه، واعرض أعماله الصالحة على نفسك وعلى الآخرين، وتذكر صفاته الجميلة.

صحيح أن هذا السلوك سيكون تكلفاً في بادئ الأمر ومن باب المجاز لا الحقيقة، ولكن بشكل تدريجي ستقترب نفسك من الحقيقة ويخف تكلفك شيئاً فشيئاً وترجع نفسك إلى حاله الطبيعي وتحقق هدفك في إصلاح النفس وإزالة هذه المنقصة والرذيلة.

وليعلم أنه إذا اتخذ طريق المحبة فإنه سرعان ما يكون موفقاً لأن نور المحبة قاهر للظلمة ومزيل للكدر.

قل لنفسك: على الأقل إن هذا الإنسان عبد من عباد الله، ولعل الله نظر إليه نظرة لطف فأنعم عليه بما أنعم، فخصه دون غيره بها.

خصوصاً إذا كان المحسود من رجال العلم والدين، وكان محسوداً على علمه ودينه، فإن هذا الحسد يكون أقبح، ومعاداة أمثال هؤلاء أسوء عاقبة، ولا بد من تفهيم النفس أن هؤلاء هم من عباد الله المخلصين الذي شملهم توفيق منه ووهبهم هذه النعم العظيمة، فهم أهل للمحبة والاحترام والخضوع لهم. فإذا رأى نفسه على خلاف ذلك فعليه أن يعلم أن الشقاء قد اكتنفه من كل جانب وأن الظلام قد أحاط بباطنه، فعليه أن يبادر إلى إصلاح نفسه.


الحسد الذي لم يظهر
ورد في بعض الأحاديث الشريفة عن النبي صلى الله عليه وآله ما مضمونه: "إن الله رفع عن أمتي تسع... ومنها الحسد إذا لم يظهر من خلال يده أو لسانه".

قد يتصور القارئ في بداية الأمر أنه لا مشكلة ولا عيب من الحسد الذي لم يترتب عليه آثار عملية تظهر من خلال يد الإنسان أو لسانه، ولكن هذا التصور خاطئ.

لربما يرفع هذا الحديث العقاب المباشر على هذا الشعور، ولكنه لا يرفع آثار هذا الشعور داخل الإنسان، تلك الآثار الخطيرة جداً التي تحدثت عنها الروايات. فيكفي أن الحسد نار تحرق الإيمان، وأن الله تعالى برئ من الحسود وأنه مطرود من حضرته، وغيرها من المفاسد التي ذكرناها قبل ذلك.

فيجب أن لا يحول مثل هذا الحديث الشريف دون المساعي الجادة لقلع هذه الشجرة الخبيثة من النفس، ولا يمنع المبادرة لتطهير الروح من نيرانها، هذه النيران التي ستقضي عليه، لأنه يندر أن تدخل هذه الرذيلة المفسدة إلى نفس إنسان ولا تتسبب بالمفاسد المختلفة، أو أن تدخل ولا يظهر لها أثر باليد أو اللسان، ويبقى الإنسان محافظاً على إيمانه.

رواية أخرى: في رواية عن الإمام الصادق‏ عليه السلام: "ثلاثة لم ينجُ منها نبي فمن دونه: التفكر في الوسوسة في الخلق، والطيرة، والحسد إلا أن المؤمن لا يستعمل حسده"1.

فهذا الحديث يذكر أنه لم ينجُ أحد من الحسد في الباطن، والميزان فقط في استعماله أو عدم استعماله. فلربما يظن القارئ أنه لا مشكلة من وجوده في الباطن. ولكن هذا الفهم غير صحيح.

وهذا الحديث المقصود منه أحد الأمور التالية:

- إما أن يكون من باب المبالغة في التعبير ليشير إلى كثرة المبتلين بهذا المرض.
- أو من باب الكناية دون أن يكون المقصود مضمون الكلام بذاته.
- أو أنه أعطى للحسد معنى أوسع يشمل الغبطة أيضاً.
- أو أنه يقصد بالحسد تمني زوال بعض النعم المستعملة لدى الكفار في ترويج مذهبهم الباطل.

إن الأنبياء والأولياء مطهرون من الحسد بمعناه الحقيقي. والقلب الملوث بالمساوئ الأخلاقية والقذارات الباطنية لا يمكن أن يكون محل الوحي والإلهام. فلا بد أن يفسر هذا الحديث بحسب ما ذكر أو بتفسير آخر، أو يرد علمه إلى قائله صلوات الله عليه.

*الأخلاق من (الأربعون حديثاً)،إعداد ونشر جمعية المعارف الاسلامية الثقافية،ط 2 ،2007م ،ص 96-105


1- وسائل الشيعة، المجلد 11، أبواب جهاد النفس، باب تحريم الحسد، ح 8.

2009-08-04