يتم التحميل...

السّنن الطبيعية والعذراء مريم عليها السلام

البتول مريم(ع)

قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءِ إذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُون(آل عمران:47) .إنّنا نعلم أنّ هذه الدنيا هي دنيا العلل والأسباب، وأنّ الله قد دبّر أمر الخلق بحيث إنّ خلق كلّ كائن يتمّ ضمن سلسلة من العوامل.

عدد الزوار: 179

﴿قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءِ إذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُون(آل عمران:47) .

إنّنا نعلم أنّ هذه الدنيا هي دنيا العلل والأسباب، وأنّ الله قد دبّر أمر الخلق بحيث إنّ خلق كلّ كائن يتمّ ضمن سلسلة من العوامل. فلِكي يولد إنسان قرّر الله أن يكون ذلك عن طريق الإتّصال الجنسي، ونفوذ الحيمن في البويضة. لذلك حقّ لمريم أن تصيبها الدهشة وأن تتقدّم بسؤالها: كيف يمكن أن تحمل وتلد ويكون لها ولد بغير أن يكون لها أيّ اتّصال جنسي مع أيّ بشر؟ ﴿قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ.

فجاءتها الملائكة بأمر ربّها تخبرها بأنّ الله يخلق ما يشاء وكيفما يشاء، فنظام الطبيعة هذا من خلق الله وهو يأتمر بأمره، والله قادر على تغيير هذا النظام وقت ما يشاء، فيخلق وفق أسباب وعوامل أُخرى غير عادية ما يشاء : ﴿كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء. ثمّ لتوكيد هذا الأمر وإنهائه يقول ﴿إذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ. إنّ تعبير "كن فيكون" إشارة إلى سرعة الخلق.

بديهيّ أن لفظة "كن" تشير في الحقيقة إلى إرادة الله الحاسمة التي لايعتورها الأخذ والرد. أي أنّه ما إن يشاء أمراً ويصدر أمره بالخلق حتّى تتحقّق مشيئته في عالم الوجود. ومن الجدير بالإلتفات أنّه بشأن خلق عيسى قال : "يخلق" ولكنّه بشأن خلق يحيى قال.: "يفعل". ولعلّ هذا الإختلاف في التعبير ناشىء من إختلاف طريقة خلق هذين النبيّين، فأحدهما خُلق بطريقة طبيعية، والآخر خُلق بطريقة خارقة للطبيعة.

كما أنه من قوله تعالى : "وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاكِ وطهّركِ واصطفاك على نساء العالمين".كما في سورة آل عمرآن الآية 37. نرى محادثة لمريم عليها السلام مع الملائكة ، ومن قوله تعالى :﴿قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء إِ ذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ( آل عمران:47 ).

نلاحظ أنّه بلغ بها الوجد والجذبة الإلهيّة أن زالت الوسائط واتّصلت مع مبدأ العزة، فأخذت تحدثه وتسمع منه مباشرة."وطبعاً لا إشكال في تكلّم غير الأنبياء مع الله تعالى إذا لم يكن بصورة الوحي".


* الأمثل / الجزء الثاني / صفحة -503.

2012-01-17