المثل الأول: المنافقون
الأمثال في القرآن
المثل الاول هو ما ورد في الآيات 17 و 18 من سورة البقرة: مَثَلُهُم كَمَثَلِ الَّذي اسْتَوقَدَ نَاراً فلمَّا أضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَب الله بِنُورِهِمْ وَتَرَكهُم في ظُلُمَات لا يُبْصُرون صُمٌ بُكُم عُميٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ.
عدد الزوار: 94تحدثت الاية عن المنافقين الذين تستروا بستار النفاق; الا ان التمزق كان عاقبة هذا الستار، والخزي هو عاقبة المنافقين انفسهم.
ان المنافق شُبّه هنا بانسان ضلّ وحيداً في صحراء يسعى للحصول على طريق لانقاذ نفسه من خلال استيقاد النار، إلاّ أنّ ذلك لم ينفعه ولا زال في حيرة من أمره.
تفسير الآية: إنَّ مثل المنافقين مثل الذين يضلون في صحراء ظلماء ومخوفة. افرضوا أنّ مسافراً تخلف وحيداً عن قافلته في صحراء ظلماء، فهو لا يملك نوراً ولا ضوءاً ولا دليلا يرشده، ولا يعرف الطريق ولا يملك بوصلة. فهو يخاف قطاعي الطرق والحيوانات المفترسة من جهة، ويخاف الهلاك من الجوع والعطش من جهة أخرى. وهذا يدفعه للتفكير بجدية بطريق والسعي الأوفر للخلاص مما هو فيه. فيجد حطباً بعد البحث المتوالي فيستوقد ناراً ثم يأخذ بشعلة نار بيده، إلاّ أنّ الريح تطفئ الشعلة فيبادر إلى جمع حطب آخر ليوقد ناراً أخرى إلاّ ان بحثه هذا لا يؤدي به إلا إلى ضلال آخر وانحراف عن الطريق تارة اخرى.
إنَّ المنافقين كهذا المسافر فهم قد ضلوا الطريق. انهم يعيشون في ظلمات في حياة مضيئة. تخلفوا عن قافلة الانسانية والايمان. ولا دليل لهم على الطريق، لأنّ الله سلب عنهم نور الهداية، وتركهم في ظلمات.
للمنافقين شخصيات مزدوجة، ظاهرها مسلمة وباطنها كافرة; ظاهرها صادقة وباطنها كاذب; ظاهرها مخلص وباطنها مرائي، ظاهرها أمين وباطنها خائن، ظاهرها الصداقة وباطنها العداوة و.. انهم يصنعون من ظاهرهم إنارة خادعة. يتظاهرون بالاسلام وينتفعون بمزايا الإسلام; فذبيحتهم حلال واعتبارهم وعرضهم محفوظ وأموالهم محترمة، ويتمتعون بحق الزواج من المسلمين و.. انهم يتمتعون بمنافع مادية ودنيوية قليلة يحصلون عليها من خلال تلك النار التي استوقدوها، إلا ان هذه النار تخمد بعد الموت ﴿ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ﴾ ويتركهم الله آنذاك في ظلمات القبر والبرزخ والقيامة وحينئذ يدركون ان لا فائدة في اسلامهم الظاهري وايمانهم الريائي.
والنتيجة هي: أن في الآية أو المثل تشبيهاً، المنافقون هم المشبهون والمسافر المحتار في الصحراء هو المشبه به ووجه الشبه هو الحيرة والضلالة وأن لا أثر لسعيه الظاهري .1
1- الأمثال في القرأن / مكارم الشيرازي_المثل الأول.
2011-11-04