يتم التحميل...

المثل الثلاثون: كفران النعمة

الأمثال في القرآن

يقول الله تعالى في الآيتين 112 و 113 من سورة النحل: وَضَرَبَ اللهُ مَثَلا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأتِيْهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَان فَكَفَرَتْ بِأنْعُمِ اللهِ فَأذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ وَلَقَدْ جَائَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأخَذَهُم العَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ تعرّضت الايتان إلى مصير اولئك الذين لا يشكرون نعمَ الله بل يكفرون بها، ولأجل ذلك استحقوا العذاب الشديد من الله.

عدد الزوار: 312
يقول الله تعالى في الآيتين 112 و 113 من سورة النحل: ﴿وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ وَلَقَدْ جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ تعرّضت الايتان إلى مصير اولئك الذين لا يشكرون نعمَ الله بل يكفرون بها، ولأجل ذلك استحقوا العذاب الشديد من الله.

﴿ضَرَبَ اللهُ مَثَلا قَرْيَةً شبّه القرآن المجيد الكافرين بنعم الله والمنكرين لها بالقرية المعمورة التي تحضى- بسبب عمرانها المادي والمعنوي- بالمواصفات الأربع التالية:

1- ﴿آمنة، إنَّ الأمان هو أوّل صفة لهذه القرية، وباعتبار أنَّ نعمة الأمان أهم النعم الإلهية لذلك قدّمها على غيرها من النعم على ما يبدو. في الحقيقة، الامان إذا كان مفقوداً في مكان ما فإنَّ المكان سيفقد الإقتصاد السليم، كما أنَّه سيفقد امكانية التعليم والصناعة والتقنية الحديثة، وامكانية العبادة وأداء الشعائر الدينية، وخلاصة سوف لا يُنجز عمل بشكله الصحيح إذا لم يقترن بالأمان. فإنَّ قضية الأمن تحضى بأهمية كبيرة تؤثر حتى على العبادة وكيفية أدائها.

عندما وطأت قدما إبراهيم الخليل عليه السلام أرض مكة الجرداء، وبنى بين الجبال بيت الله الحرام، دعى لأهل تلك المدينة دعاءً ينقله الله في الآية 126 من سورة البقرة كما يلي: ﴿رَبِّ اجْعَلْ هَذا بَلَدَاً آمِنَاً وارْزُقْ أهْلَهُ مِنَ الثّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخَر في هذه الآيات النورانية نقرأ أنَّ أوّل دعاء دعى به إبراهيم لأهل المدينة هو الأمن.

2- ﴿مُطْمَئِنَّةً قد تحضى المدينة بأمان، لكنَّ أمانها متزلزل وغير ثابت، وقد تحضى بأمان ثابت وغير متزلزل، والامان الذي أشارت إليه الآية هو الأمان المتواصل والثابت.

3- ﴿يَأتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدَاً مِنْ كُلِّ مَكَان كما مضى فإنَّ الأمان يجلب كل شيء حتى الإقتصاد السليم والقوي. في هذا البلد الذي أمن من السوء تأتي الناس أرزاقهم من كل مكان وصوب.

4- ﴿وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُم أي أنَّ الله إلى جانب ما وفَّر لهم من نعم مادية (الأمان والإقتصاد السليم) منحهم نعمة معنوية وهي إرسال نبيّ معصوم وبصير منهم; لكي يتمَّ تعاليمهم ومعارفهم. إنَّ أهل هذه المدينة يتمتعون بهذه الخصال الأربع ويعيشون في رخاء، رغم ذلك لم يشكروا الله على نعمه.

5- ﴿فَكَفَرَتْ بِأنْعُمِ اللهِ فَأذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الجُوعِ والخَوفِ إنّ أهالي هذه البلدة كفرت بدل أن تشكر نعم الله، وكانت النّعم سبباً لتكبرّهم وغرورهم وأنانيتهم، فظلموا بدل أن يستفيدوا من النعم بشكل صحيح، وكان نتيجة ذلك نزول العذاب الإلهي، وأذاقهم الله، إثر ذلك، الطعم المرَّ للجوع وسلب منهم الأمان، فكانت السرقات والغارات تهددهم في كل وقت، وتسلَّط أوباشهم عليهم، وتدمَّر اقتصادهم إثر تزلزل الأمان عندهم.

6- ﴿بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ أي أنَّ صنيعة أهل القرية هو السبب في نزول هذا العذاب الإلهي، فانَّ الإنسان قد يقترف الذنوب التي ترجع عواقبها عليه، رغم صعوبة تحمّلها 1.


1-الأمثال في القرأن /مكارم الشيرازي _ المثل 30.

2011-11-04