يتم التحميل...

ما يشترط في الِعبادات دون المعاملات

الصوم والصلاة

يبحث الإسلام عن العقائد، عن الإيمان باللّه ورسوله واليوم الآخر، وعن محاسن الأخلاق ومساوئها، كالعفاف والصدق، والثبات والوفاء، والكرم والأمانة، وعن الغضب والحسد، والإسراف والبخل، والرياء والكذب، والغش والخلاعة، وما إلى ذلك، ويبحث عن العبادة،

عدد الزوار: 91

يبحث الإسلام عن العقائد، عن الإيمان باللّه ورسوله واليوم الآخر، وعن محاسن الأخلاق ومساوئها، كالعفاف والصدق، والثبات والوفاء، والكرم والأمانة، وعن الغضب والحسد، والإسراف والبخل، والرياء والكذب، والغش والخلاعة، وما إلى ذلك، ويبحث عن العبادة، كالصلاة والصيام والحج، وعن النظم الاجتماعية، كالزواج والطلاق، والوصايا والمواريث، والجيش وتعيين الولاة، وتنظيم القضاء، ويبحث عن التجارة والزراعة، وما إِليهما من العقود.

ومن يرغب في لقب عالم بالديانة الإسلامية فعليه أن يعرف هذه الأمور، ويأخذها من أصولها المقررة، وأدلتها المفصلة، وبقدر معرفته بها قوة وضعفاً تكون منزلته من العلم بالإسلام وشريعته.

والفرق بين العبادة وجميع المعاملات أن العبادة لا تصح بحال بل لا تسمى عبادة إلا بشرطين: الأول: أن يثبت وجوبها بطريق النقل لا بطريق العقل. الثاني: أن يكون الدافع الأول على الإتيان بها إِطاعة اللّه سبحانه، وامتثال أمره الخاص المتعلق بالفعل نفسه، فمن عمل عملاً متعبداً به، وقاصداً منه وجه اللّه من دون أن يثبت أمره فإن عمله يكون بدعة وضلالة، وكذا من صام وصلى من غير أن يكون الدافع الأول على عباته إِطاعة الأمر المتعلق بالعبادة يكون عمله لغواً، فليس للإنسان كائناً من كان أن يعبد اللّه تعالى بعمل خاص يخترعه من عند نفسه، أو يزيد أو ينقص فيما رسم اللّه، مستنداً في ذلك إلى الأوامر المطلقة المجملة، كقوله سبحانه ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ وليس له أيضاً أن يشرك مع طاعة اللّه أي باعث من البواعث المادية، فمن توضأ بداعي الطاعة والنظافة معاً، أو صلى بداعي التعبد والرياضة، أو صام بداعي الوجوب والصحة يقع عمله في غير موقعه.


أما معاملات التجارة، وعقود الزراعة، والأحوال الشخصية، وتنظيم دوائر الحكومة، وما إلى ذلك مما لا يدخل في باب العبادات ولا يمت إليها بصلة قريبة أو بعيدة، فكلها تصح وتنفذ من غير حاجة إلى أمر من اللّه سبحانه، على شريطة أن لا تزاحم حقاً من الحقوق الخاصة أو العامة، فلو فرض أن الناس اصطلحوا فيما بينهم على إيجاد نوع من التجارة أو الزراعة أو الصناعة أو عادة من العادات، ولم يكن شيء منها معروفاً في عهد الرسول فتصح وتسمى شرعية أيضاً، وإن لم يرد فيها نص خاص، تسمى شرعية للمبادئ العامة التي أقرها الدين، مثل﴿َ أوْفُواْ بِالْعُقُودِ * وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ والناس عند شروطهم. وكل صلح وشرط جائز إلا ما حلل حراماً أو حرم حلالاً. وأعلن الفقهاء هذه الحقيقة في كتب الفقه وأصوله بقولهم أنه ليس للمشرع حقيقة دينية شرعية واصطلاح خاص لمعنى الألفاظ إلا في العبادات، أي يرجع إليه في تفسير العبادة وأجزائها وشروطها، لا في المعاملات.

وإذا وجد أمر خاص في الكتاب أو السنة بغير العبادات، كالأمر بالزواج والتجارة، فلا يجب على الإنسان أن يفعل المأمور به تقرباً إلى اللّه، وامتثالاً لأمره الخاص، كما يجب ذلك في العبادات، فمن تزوج لإشباع الغريزة الجنسية أو للولد، فالزواج شرعي صحيح، ومن باع أو اشترى، لغاية مادية فمعاملته صحيحة نافذة، بل لو قصد التوصل إلى الحرام من البيع كمن باع بعض ما يملك ليستعين به على الاثم والعدوان، فالبيع صحيح، وقد أجمع الفقهاء على أن من باع وقت الأذان إلى الصلاة من يوم الجمعة يأثم، ولكن بيعه صحيح نافذ الأثر، ولكنه يأثم للآية الكريمة "يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر اللّه وذروا البيع" ويصح البيع، لأن النهي عن المعاملة لا يدل على الفساد.1

1- الشيعة في الميزان /العلامة محمد جواد مغنية ص215_218.

2011-10-24