الموضوع: حدود وظائف مجلس صيانة الدستور
خطاب
الحاضرون: الفقهاء ورجال القانون فى مجلس صيانة الدستور
عدد الزوار: 163
التاريخ صباح 11 شهريور 1363 هـ. ش/ 6 ذو الحجة 1404 هـ. ق
المكان: طهران، جماران
الحاضرون: الفقهاء ورجال القانون فى مجلس صيانة الدستور
بسم الله الرّحمن الرّحيم
وجوب بُعد النظر
يجب أن أعرض عليكم أيها السادة بعض الملاحظات. يجب أن نأخذ المستقبل بنظر الاعتبار وألّا نفكر في ان تمر أمورنا الحالية فحسب، ونترك المستقبل ونقول فليكن ما يكون. نحن ملزمون- بالإضافة إلى الحفاظ على وضعنا الحاضر- أن نكون حرّاس مستقبل النظام والإسلام. يجب أن نكون مؤسسين جيّدين للمستقبل. ومن الأمور التي يجب أن نفكر فيها للمستقبل هو حالة الروحانية وحالة دروسها. وكلما سألنا عن حالتها الدراسية قالوا إنها جيدة. طبعاً هناك فرق بين جيّد وجيّد. فجيّد يخرج لنا مثل صاحب الجواهر والشيخ مرتضى الأنصاري، وجيّد يوجدنا نحن. وبين الاثنين بون شاسع. لتربية أفراد مثل صاحب الجواهر يجب أن تكون هناك مجموعة متفرّغة للتحصيل العلمي تهيّئ أنفسها لدراسة الفقه بالنهج القديم.
القلق من التشريفات الروتينية في الحوزة
الملاحظة الأخرى هي التشريفات الروتينية في الحوزات العلمية التي أخذت تزداد يوماً بعد يوم، عند ما تزداد المظاهر يقلّ المحتوى. حين تزداد العمارات والسيّارات والأجهزة تتعرض بنية الفقه الإسلامي للضرر. يعني إنَّ هذا الوضع لا ينتج للمجتمع مثل الشيخ مرتضى الأنصاري ولا مثل صاحب الجواهر.
هذا ما يوجب القلق، ولا أدري في الحقيقة ماذا أفعل مع هذا الوضع. هذه المظاهر تدعو إلي اندحار الروحانية. عند ما نقارن بين معيشة صاحب الجواهر وبين طلبة العلم اليوم نفهم جيّداً قوة الضربة التي ضربنا بها أنفسنا. وقصة أخري هي قصة بعض أئمة الجمعة وبعض العلماء الذين يتدخلون عبثاً في شؤون الدولة مما يؤدي إلى ابتعاد الناس عنهم، ولو ابتعد الناس عن علماء الدين لأصيبوا بالهزيمة. وإذا انهزم علماء الدين انهزمت الجمهورية الإسلامية تبعاً لذلك. لقد قلت مراراً إنَّ على الروحانيين أن يتخذوا موقفاً إرشادّياً لا أن يكونوا حكّاماً. لا تجعلوا الناس يقولون عنكم أن أيديكم سابقاً لم تكن تصل إلي شئ والآن وقد وصلت فانظروا ماذا يفعلون؟ الاستبداد الديني في حدّ ذاته تهمة يجب أن لا نستهين بها.
الإذاعات تتحدث عنه باستمرار وتتهمنا بالاستبداد. يجب على الروحانيين أن لا يفعلوا ما يكون ذريعة في أيدي الأعداء. يجب أن يكون تدخلنا في مجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإلّا فإنَّ قولنا للمحافظ يجب أن تفعل كذا وتترك كذا وإلّا فاذهب من هنا. هذا التدخل إضعاف للحكومة أوّلًا إضافة إلى أنه يكون موجباً لكراهية الناس للروحانيين. يجب أن نأخذ هذا الأمر بنظر الاعتبار بشكل جادّ.
حفظ مجلس صيانة الدستور مرتبط بعمل أعضائها
أمّا قضيتكم، فإني متفقُ معكم مئة في المئة ومعتقد بوجوب ان يكون مجلس صيانة الدستور قوياً وفاعلًا دائماً. ولكن الحفاظ عليه منوط بكم إلى حدٍ كبير. يجب أن تكون تصرفاتكم بشكل لا توجه في المستقبل لطمة للشورى. يجب أن لا يكون التفكير منحصراً فيما هو الآن وليكن المستقبل كيفما يكون. الشياطين تعمل بالتدريج. أمريكا لديها خطة للخمسين سنة القادمة. عليكم أنتم أن تفكروا في حفظ هذه الشورى إلى الأبد يجب أن يكون تصرفكم بشكل لا يوحي بأنكم تقفون في مواجهة مجلس الشورى والحكومة. إنَّ اعتباركم أنفسكم جهة والمجلس جهة أخرى، أنتم جهة والدولة جهة أخرى أمرٌ مضرٌّ. قفوا بحزم في المواقف الإسلامية ولكن بشكل لا يوحي بأنكم تتدخلون في الأمور كلها. تحدثوا بشكل يفهم منه الجميع أنكم تعملون في حدود القانون. قفوا في هذا المكان القانوني نفسه لا كلمة إلى هذا الجانب ولا كلمة إلى ذاك الجانب. تلاحظون أحياناً أن المصالح الإسلامية، تقتضي العمل بالعناوين الثانوية فاعملوا بها. وأحياناً تلاحظون أن رئيس الوزراء يجب أن يتدخل في أمرِ ما وعدم تدخله يؤدي إلي إلحاق الضرر بالإسلام فأفسحوا المجال له ليعمل. تقتضي الضرورة أن يقوم رئيس الوزراء بعمل لا يتأتّى لغيره. اسعوا إلى أن لا يقولوا إنكم تريدون التدخل في كل الأمور حتى في القضايا التنفيذية.
إنكم تعرفون- بالطبع- هذه الأشياء وتعملون بها ولكنّي أذكّركم. أذكركم بأنَّ المباحثات إذا تحولت إلى جدال ووقوف أحدكم في وجه الآخر فسيضعف موقف مجلس صيانة الدستور وسينتهي المجلس مستقبلًا وسيشعر العلماء الذين كانوا من قبل يديرون أمر المجلس بأنَّهم قد عُزلوا، بهذا الشكل تتم الشيطنة بالتدريج. إذاً يجب علينا أن نكون واعين وحذرين.
التفكير بالناس وعدم التشدّد في الأمور
المسألة الأخرى مسألة تعامل المؤسسات مع الناس. يجب أن تكون حركتنا بشكل يُفهِمُ الناس أنَّ الإسلام جاء ليصلح دنيانا وآخرتنا ليشعر الناس بالاطمئنان. إن ما ورد من أنَّ (الإسلام يجُبُّ ما قبله) هو أمرٌ سياسي. لقد رأى الإسلام أنه لو أراد أن يتشدد مع الأشخاص الذين اعتنقوا الإسلام حديثاً فلن يتّجه أحد نحو الإسلام لذلك (جبّ ما قبله) وغضّ النظر عنه. لقد سمعت في مكان مّا أنَّ نقابة اصحاب المهن والأعمال طالبت بمعاقبة الذين كانوا قبل الثورة يبيعون بثمن غالِ. هذا عمل مخالف للإسلام ولا يرضى الله. يجب أن لا نتشدّد بل نفكر في مصلحة المواطنين، لقد تحمل مواطنونا صعوبات جمّة.
الناس العاديون غير الطبقة المرفهة. ناسُنا العاديون قد طبقوا الإسلام على أرض الواقع ويتحملون مشكلات الحكومة كلها، فعلينا أن نفكر فيهم كثيراً ولا نتشدّد معهم فيخرجون من الساحة. وبالطبع يجب أن لا ندع الفاسدين وشأنهم. ولكن يجب أن لا نزعج الناس ولا نتابع هذا الشخص مثلًا مع من أخذ صورة أو أين رأينا اسمه ولاستقبال من ذهب؟ لقد تعامل القرآن مع الأمور بالتدريج. نحن أربعون مليوناً ونيّف، فلو اتحدنا جميعاً فإن أمريكا والاتحاد السوفيتي لا يتمكنان من عمل أي شئ ضدنا، فيجب علينا إذاً أن نجلب ودّ هذا الشعب. وعلى كل من المجلس والحكومة ومجلس صيانة الدستور أن يضعوا أيديهم في أيدي بعض لحماية إيران وهذه الجمهورية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* صحيفة الإمام، ج19، ص: 41-43
2011-10-01