التاريخ: 1 فروردين 1365. ش/ 10 رجب 1406. ق
المكان: طهران، جماران
المناسبة: حلول العام الهجري الشمسي الجديد (عيد النوروز)
المخاطب: الشعب الايراني
بسم الله الرحمن الرحيم
معرفة الله هدف الأنبياء السامي
(يا مُقلّبَ القُلوبِ والًابصارِ، يا مُدبّرَ الليلِ والنّهارِ، يا مُحوّلَ الحَولِ والاحوالْ حوّل حالَنا الى أحسَنِ الحالِ) 1.
إلهنا! حول حالنا في هذه السنة الجديدة. نحن مبتلون بالأهواء النفسية وأنت تعلم، وإنّك قادر على إنقاذنا.
ربّنا! لاتجعل هذه الانتصارات الباهرة التي نلناها وشعبنا والاسلام تؤثر سلباً في قلوبنا، ولاتجعلها تغرنا. لاتجعلنا نزيغ عن نهج الًانبياء وطريقهم. آمل أن يكون هذا العام الجديد عاماً مباركاً لكافة الشعوب الاسلامية والشعب الايراني المظلوم على وجه الخصوص، حيث تعرض للظلم والاضطهاد طيلة سنوات عديدة، وكما حولت أرواح أولئك المجاهدين الًاعزاء المرابطين في جبهات القتا ل- وسوف يبقون كذلك إن شاءالله- حول أرواحنا الى أرواح ترضيك وتعجبك.
تعود جميع أهداف الًانبياء الى كلمة واحدة، هي " معرفة الله ". إنتهى.
لئن دعي الى العمل الصالح، ولئن دعي الى تهذيب النفس، ولئن دعي الى العلوم والمعارف، فاٍنّ كل ذلك يعود الى تلك النقطة الرئيسية الموجودة في فطرة كافة الناس، كانوا يهد فون الى كشف النقاب عنها، ألا وهي معرفة الحق تعالى، ذلك هو الهدف السامي. لم يشأ الًانبياء أن يضرموا نارالحرب ولم يرغبوا بدعوة غير تلك الدعوة، لم يدعوا للهمينة على البلدان ونظائر ذلك بتاتاً. نحن لم ننحرف عن طريق الأنبياء برغم كل تلك الانتصارات الهائلة التي نلناها وبحمدالله.
فليكن هذا العام الجديد مباركاً علينا ونحن نزهو بالنصر. وإن جلب ذلك لنا بعض الغرور- لا قدر الله- ووثق عرى علاقاتنا بالدنيا، فنحن نريد لبلدنا أن ينمو ويزدهر، ونرغب أن نقيم حكومة، نحن لانختلف عن سائر القوى العظمى، بل متأخرون عنهم. أولئك يتكلمون بصراحة ويقولون «نحن نريد السيطرة على العالم». يقولون هذا كي «يجب علينا المحافظة على مصالحنا ولو على حساب جميع الدول الأخرى». نحن لا نقول بهذا، بل نعتبر أنفسنا تابعين للاسلام، فلو راودتنا هذه المعاني- والعياذ بالله- بأن نطلب سلطة أوسع ونبغي شخصية أكبر كي نتسلط على رقاب الناس ونوسع دائرة ملكنا، سوف يكون حالنا أسوأ وأدنى منهم لدخول مسألة الرياء في ا لبين.
تبجيل وتقدير المقاتلين الشباب
يجب أن أثني على هؤلاء الفتية الذين يتدفقون على الجبهات من كل حدب وصوب من ربوع البلاد. هؤلاء قد تحولوا. لقد استجيب ذلك الدعاء الذي ندعو لهم به يوم العيد الى حد كبير. إنهم يتمتعون بمعنويات تختلّف عما لدينا.
يذهبون الى سوح الوغى وميادين القتال بقلب قوي ويستقبلون الموت وهم مستبشرون. عندما يرى المرء أياً من أولئك يلاحظ أنّهم يختلفون عنا. نسأل الله أن يبدلنا لنصبح مثلهم. يجب أن نثني عليهم.
يجب علينا الدعاء لهم وأنا شخصياً أدعو لهم. واجبنا جميعاً أن ندعو لهؤلاءالفتية السائرين على طريق كربلاء الأعم من حرس الثورة والجيش والتعبويين وجميع القوات المسلحة. أولئك يحرسون الثغور الاسلامية، وآمل أن يكون النصر الباهر حليفهم في هذا العام الجديد، وتقوى شوكةالاسلام، ويجعل كيد الأعداء في نحورهم ويحبط ما يصبو إليه العالم الآن من تقوية أعدائنا وتقهقرنا، إن شاء الله، كما وعد تبارك وتعالى وأنجز وعده. ويجب أن نقوم بجميع الشكر والثناء في مجلسه.
إكرم عوائل الشهداء والفدائيين والأسرى
أقدم شكري الجزيل وثنائي العميق لجميع أسر الشهداء والمعاقين والمفقودين والأسرى، أولئك الذين تحملوا المصاعب في هذه الدولة أثناء الحرب، وإنّما قاموا بذلك لوجه الله ويحتسبون أجرهم لديه، لكنّ من واجبنا أن ندعو لهم ونهنأهم بامتلاكهم كذا فتية، وكذا حجور طاهرة استطاعت تربية هؤلاء الشباب، وكذا قلوب قوية صامدة حيث يرسلون أبناءهم لميادين القتا ل ولاينتابهم الخوف من احتمال استشهادهم. ندعو لهم ونسأل الله أن يلهمهم الصبر والأجر ويبارك لهم هذا العام الجديد. ونسأ ل الله أن يغير قلوبنا لنفهم سبب مجيئنا الى هذه الدنيا وما يجب علينا فعله وبأي صورة نرحل عن هذه الدنيا. عسى ألا يكون موتاً حيوانياً. عسى ألا نكدس المعاصي فتسود وجوهنا هناك.
نسأل الله أن يسددنا ويسدد الجميع لنصبح جميعاً أناساً بالفعل. جاء الاسلام ليصلح البشر. وجاء جميع الًانبياء ليبينوا للانسان ماهو كامن في ذواتهم وفطرتهم الالهية، ألا وهو الالتفات الى الله، كل شيء يتعلق به، نسأله أن يهبنا نزراً قليلًا من المعرفة كي ندرك ونعرف مانحن وما هي الدنيا ومدى ارتباطها بالحق تعا لى. القول بأنّ الكل فان يسير لكنّ إدراكه عسير، إدراك حقيقة الًانبياء وما أرادوه منا صعب.
إنّني أتأمل أن يتحد جميع مقاتلينا وقواتنا المسلحة مع بعضهم. يكون اتجاههم واحداً- كما هو عليه الآن - ويرصون صفوفهم في الجبهات، ويدفعون هذا الشر الذي أريد بالمسلمين وبالشعب العراقي والشعب الايراني، فيعملون دائبين- كما هي رغبتهم- ليكون النصر حليفهم إن شاءالله. إلهنا! انصرهم وانصرنا في جهاد النفس جميعاً عرّفنا واجباتنا. عرفنا ماينبغي فعله لهذة الًامة.
تقبل خدمتنا لهم التي هي خدمة لك. إحفظ ديننا ودنيانا. إجعل هذا العام مباركاً على جميع طبقات وشرائح شعبنا. ربنا! حول قلوب المعارضين لهذه الجمهورية، إنّك مقلب القلوب. أولئك الجالسون جانباً ينظرون الى الشباب كيف يذبحون وإما أن يُسروا أو لايكترثوا، حول قلوبهم الى قلوب سليمة، وأزل الغشاوة من أمام أعين الجميع. ووفقنا ألّا نتباطأ في متابعة المسائل الالهية، نوّر قلوبنا بنور معرفتك. ولتستضيء قلوب شعبنا كافة بنور معرفتك إلهنا! " أرِني الأشياء كَما هيَ " -
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روح الله الموسوي الخميني
* صحيفة الإمام، ج20، ص:21
1- الدعاء لحظة تحويل السنة الجديدة.