الموضوع: الوحدة والتآخي تبعاً لمؤاخاة الرسول الكريم (ص) والامام علي (ع)
نداء
المخاطب: الشعب الايراني
عدد الزوار: 77
التاريخ: 1 فروردين 1366 هـ. ش/ 20 رجب 1407 هـ. ق
المكان: طهران، جماران
المناسبة: عيد النوروز
المخاطب: الشعب الايراني
بسم الله الرحمن الرحيم
"يا مقلب القلوب والأبصار، يا مدبر الليل والنهار، يا محول الحول والأحوال، حوّل حالنا إلى أحسن الحال".
يمتاز عيد النوروز لهذا العام بمزايا مباركة. ونظراً الى تلك المزايا أقدم أسمى آيات التبريك والتهنئة الى تمام المسلمين والمظلومين في العالم، والى أمتنا العزيزة المجاهدة، إحدى تلك المزايا أنّنا نودع سنة حافلة بالانتصارات الباهرة، والجميع يعلم بذلك.
و آمل أن يغرقنا الله تعالى بألطافه في هذا العام الجديد أيضاً، ويمنحنا مزيداً من الانتصارات. ومن السمات الأخرى لهذا العيد الميمون والتي نادراً ماتقع هو أنّ شروع هذه السنة الجديدة حصل بين عيدين عظيمين، أي بين الثالث عشر من رجب (ولادة الامام علي عليه السلام) والسابع والعشرين منه (بعثة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم)، تلك البعثة التي تتعلق بولي الله الأعظم، وولي الله المطلق بالأصالة, وميلاد الامام الذي يعد عيداً لولي الله بالتبع. لقد كان هذان الرجلان العظيمان متحدين في العوالم الغيبية، وفي مقام الشهادة في هذا العالم أحدهما مظهر الغيب المطلق في البعثة، والآخر مظهر الغيب المطلق في الامامة.
الامامة والبعثة أمران مختلفان يتحدان في إظهار أمر معنوي عظيم ألا وهو الولاية. وبالنظر الى ذلك يكون هذا العيد الوطني عيداً ميموناً. تبعاً لذلك الموضوع أرى من اللازم أن أقول بأنّنا نعيش بين هذين العيدين، أحدهما عيد ميلاد الامام أمير المؤمنين عليه السلام، والآخر عيد المبعث النبوي الشريف، وهما من أعظم الأعياد الاسلامية.
إنّ هذين الرجلين العظيمين وكما كانا متحدين في عالم الغيب وغيب الغيب كانا متحدين ومتآخيين أيضاً عندما جاءا الى هذه الدنيا.
و هذا يشكل لنا درساً وعظة، حيث نقع بين عيدين اتحد صاحباهما في كافة مراحل نشأتهما، وتآخيا في هذه الدنيا، فعلينا أن نتعظ من ذلك ونحافظ على أخوتنا. يجب على كافة المسؤولين في هذه الدولة المحافظة على الأخوة فيما بينهم. فلنجعل أخوة هذين العظيمين قدوة واسوة لنا. وعلى الجميع الاقتداء بهم. خاصة في هذه المرحلة الخطرة، حيث لو حصل خلل في هذه الأخوة لحصل خلل في الاسلام. فعلى هذا، القضية مهمة للغاية، ونحن نعيش في مرحلة عظيمة وحرجة في الوقت ذاته. وان تمكنا من المحافظة على أخوتنا، وتمكن الجيش والحرس والمتطوعون وكافة القوات المسلحة من رص صفوفهم والمحافظة على وحدتهم وانسجامهم فقد اقتفينا آثار موالينا، ووصلنا الى السعادة الحقيقية بعونه تعالى.
و لئن تبعنا أهواءنا النفسية وأردنا مجابهة بعضنا - لاقدر الله - فاعلموا أنّنا سنخذل في الدنيا والآخرة، ولا نحصد سوى الذل والهوان. لذا من الضروري في هذه البرهة الزمينة، وفي هذا اليوم الجديد والعام الجديد المقرون بعيدين عظيمين أن نسير على خطى نبينا وأئمتنا، ونحافظ على تلاحمنا وأخوتنا على كافة المستويات والصعد.
أنا أسأل الله تبارك وتعالى أن يحفظ هذه الأخوة بين كافة الدوائر، وبين أعضاء المجلس والحكومة والقوة القضائية وسائر الناس، وبين كافة الفئات والشرائح، وأن نتمكن من اتباع موالينا لنغادر هذه الدنيا بسعادة. وأهم ما في الموضوع هوى النفس. ما يلقي بالانسان الى التهلكة في كافة شؤونه ما هو إلا هوى النفس.
و أسأله تبارك وتعالى أن يوفق وينصر المسلمين. ويوفق زعماءهم وقادتهم بألا تكون أعمالهم نابعة من هوى النفس. وعلى وجه الخصوص شعبنا الكريم الذي أدرك ذلك ونال انتصارات عظيمة بعد أن قدم شهداء ومعاقين ومفقودين، وضحى بشبابه، لكنّه في الوقت ذاته كان متحداً ومسانداً لبعضه البعض، وأتمنى أن يبقى كذلك.
و آمل أن يكون هذا اليوم الجديد مباركاً على الجميع. وعلى كافة الفئات والشرائح، وعلى كل طائفة من طوائفه.
و آمل أن يفيق الايرانيون الذين ناهضوا هذه الجمهورية الاسلامية متوهمين في ذلك، ويثوبوا الى رشدهم ويتخلوا عن عدائهم لها. وأن يحظوا بالرضا الالهي بذلك.
يتحقق الرضا الالهي اليوم بوصول نور الاسلام الى كل مكان. وهذا متوقف على يقظة الجميع، سواء أنتم الموجودون في الداخل، ومن يظن أنّه مناهض لنا، أو هو مناهض بالفعل، وسواء من وجد في الخارج ويختلف معنا بناءاً على بعض التصورات، فلينتبه الجميع ويضعوا أهواءهم النفسية جانباً. يجب أن يتخلوا عن أهوائهم النفسية. وأسأل الله أن يسعد الجميع ويوفقهم لخدمة الاسلام والمسلمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روح الله الموسوي الخميني
* صحيفة الإمام، ج20، ص:194,193