الموضوع: موانع تشكيل الحكومة الإسلامية بواسطة الأئمة عليه السلام
خطاب
الحاضرون: السيد علي الخامنئي (رئيس الجمهورية)، السيد عبد الكريم الموسوي الأردبيلي (رئيس المجلس الأعلى للقضاء)، السيد مير حسين الموسوي (رئيس الوزراء)، وكبار المسؤولين من المدنيين والعسكريين
عدد الزوار: 146
التاريخ صباح 18 مرداد 1363 هـ. ش/ 11 ذو القعدة 1404 هـ. ق
المكان: طهران، حسينية جماران
الحاضرون: السيد علي الخامنئي (رئيس الجمهورية)، السيد عبد الكريم الموسوي الأردبيلي (رئيس المجلس الأعلى للقضاء)، السيد مير حسين الموسوي (رئيس الوزراء)، وكبار المسؤولين من المدنيين والعسكريين
بسم الله الرحمن الرحيم
إظهار الأسف للحرمان من البركات العظيمة
أنا بدوري أبارك للسادة الحاضرين، وكل الشعب الإيراني العظيم، ومسلمي العالم أجمع، بل كل مستضعفي العالم، هذا العيد السعيد، وأطلب إلى الله تعالى أن يفيض بركاته، ببركة هذا العيد، على جميع المسلمين، ويوقظهم، ويرفع عن بلدانهم أيدي الظالمين. إنني في أكثر الأوقات آسف لأمرين، أحدهما أكثر أسفاً من الآخر، ألاول هو أنه منذ صدر الإسلام وفي عهد النبوة، وحتى النهاية، لم يسمحوا بظهور حكومة يرتضيها الإسلام. ففي عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كانت المشاكل والصعوبات والحروب والمعارضات قد حالت دون قيام الحكومة التي كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتمنّاها. وكذلك في عهد سائر الأئمة الأطهار عليه السلام، وحتى في عهد الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام الذي واجه الحروب الداخلية والمنافقين الذين هم أشد ضرراً من الكفار، ولم يدعوه يشكل الحكومة التي يرغب فيها. ولو سمحو - ولو لفترة قصيرة - لتشكلت الحكومة المرجوة ولكانت نموذجاً ودرساً كبيراً يقدمونه [الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام] للبشرية إلى الأبد. وعلينا نحن أن نأسف أشد الأسف لحرماننا من مثل هذه البركة العظمى.
والأمر المؤسف الآخر الذي لم يدعوه يتحقق هو أن أئمتنا عليه السلام أرادوا أن يظهروا الحقائق كما هي، لكن ذلك لم يحصل. والأمر الذي أشد أسفاً هو: ما هذا العلم الذي أسرّه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في أذن علي عليه السلام والذي قال عنه عليه السلام بحسب الرواية: «علمني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ألف باب من العلم يفتح لي من كل باب ألف باب لاشك انه ليس هذا العلم العادي الذي في أيدينا، وفي أيدي الفقهاء، وفي أيدي الفلاسفة، وفي أيدي العرفاء. ما هوهذا العلم الذين قال عنه الإمام علي عليه السلام، أن عنده علماً جمّا ولكن ليس هناك من يحمله:» ها هنا لعلماً جمّاً لو أجد له حَمَلة «1» «لاشك أنه ليس علم الفقه، إذ قد علّمه من غير نقص أو قصور. ولا الفلسفة ولا هذه الأشياء التي في أيدينا، وإنَّ ما يبعث على الأسف هو أنهم لم يعطوا الائمة الفرصة ولم يمهلوهم ليبينوه حيث لم يجدوا له في ذلك الوقت الحَمَلَة الذين يطمئنون إليهم، وأنهم قد حملوا هذا العلم معهم إلى الملأ الأعلى، وعلينا أن نأسف إلى آخر الدهر، إذ لم نستفد منه بأي شكل من الأشكال. ومما لا شك فيه أنه خارج عن العلوم التي في أيدي بني البشر اليوم أو في أيدي المسلمين، لأنَّ هذه العلوم كان لها حَمَلَة، بل الذي لم يكن له حملة إنما هو هذا الذي أسف له الأئمة الأطهار عليه السلام أنفسهم، إذ لم يجدوا أناساً يعلّمونهم إياه. ولم يتمكنوّا من تفسير القرآن الذي هو مخزن العلوم، وأن يبيّنوا لنا هذه المعارف التي في القرآن. هذه من الأمور التي يجب أن نحمل أسفنا عليها معنا إلى القبر. القرآن الآن في حجاب. هذا القرآن مستور. وبالرغم من أن البشر أو الفلاسفة أو العرفاء قد تحدثوا عن بعض الآيات إلّا أنَّ الذي يجب أن يكون لم يكن ولن يكون. والقرآن كذلك قد جاء ل - (مَن خوطب به) فإن كان المقصود ب -» إنما يعرفُ القرآنَ مَن خوطِبَ به « «2» المعاني العرفية، فالناس كلهم يفهمون المعاني العرفية. فماذا كان المقصود إذن؟ ونحن سنحمل الأسف إلى الأبد. الإمام الرضا عليه السلام الذي جلبوه بالمكر ماذا أرادوا منه أن يفعل؟ كان مفهوماً منذ البدء أنهم لم يجلبوه ليسلموه الحكم، بل لم يفسحوا له المجال في إصدار بعض التعليمات الأوامر. والإمام الصادق عليه السلام قد فسح له المجال لينشر علم الفقه ووسعه ويبيّنه، وكذلك بعض المسائل غير الفقهية. لكن إنشغاله كان بالعلوم التي لايمكن أن تبقى معطّلة، وبعلم الشريعة. ومع هذا لم يدعوه، ولم يكن للعلوم حملة. كان هنا حملة للفقه أما تلك العلوم فلم يكن لها حملة. وعلى هذا فيجب أن نأسف لعجزنا عن الوصول إلى التفسير الحقيقي للقرآن. هذه التفاسير التي كتبت للقرآن منذ القدم وإلى الآن ليست تفسيراً بل هي ترجمات له، يُشَم من بعضها رائحة القرآن وإلّا فهي ليست تفسيراً له. على أيّ حال» إنا لله وإنا إليه راجعون «إن ما خسرناه هو حكومة العدل الإلهي التي لم تتحقق لنفهم ماذا يجب علينا فعله.
التهم والدعايات المسمومة ضد النظام الإسلامي
والآن حيث وفق الله هذا الشعب، ومسح على رأسه بيد عنايته، فإنكم ترون ماذا يفعلون بهذه الحكومة. إنهم لا يعطون المسؤولين مجالًا لعرض الإسلام، إنَّ أيّ حادث أو فساد يحصل في العالم يقولون إنَّ: (الشعب الإيراني والحكومة الإيرانية لها يد فيه). هذه دعايات إعلامية، فحينما يقع حادث في البحرالأحمر، أو حصل شئ في قناة السويس قالوا: إنَّ الإيرانيين هم الذين فعلوه. هذه الدعايات، وإن كانت سيئة من جهة فإن فيها حسناً من جهة أخرى، وهو أن العالم سيفهم أن في إيران قصة وخبراً. فالدعايات ضد إيران والإسلام مستمرة ليل نهار. هؤلاء لا شغل لهم بإيران إنما يهمهم الإسلام، إنهم يعلمون لو تحقق ماترونه في إيران، فستقصر أيديهم عن الوصول إلى منافعهم في شتى بقاع العالم.
أنتم تلاحظون اليوم مع كل هذه الصعوبات والمشاكل التي حصلت لإيران، واتحاد العالم قلباً وقالباً ضد الإسلام. ولم يكن معنا في هذا العالم إلا بعدد أصابع اليد، ومع ذلك انظروا إلى تجلّي الإسلام الذي قد وصل إلى الكرملين والبيت الأبيض وأمريكا اللّاتينية وأفريقيا ومصر، واجبرهم على التظاهر بالإسلام. إننا نعلم أنهم لاعتقدون بالإسلام بل يعارضونه، لكن هذا التجلّي قد انعكس من إيران إلى الخارج. هؤلاء الذين لايعتقدون بالإسلام يقولون الآن بوجوب وجود الإسلام وإقامة حدوده. هذه بركة انبعاث الإسلام من إيران، لا أنَّ هؤلاء قد صاروا الآن مسلمين. «أدّبَهُ العصا» حتى صدام يقول كذلك، يقيم الصلاة ويغلط فيها، كلهم صاروا زهّاداً وعباداً ومسلمين. وهذا أمر يجب أن لانستهين به. إنه أمر يشير (إن شاء الله) الى أن النور الإلهي أخذ ينتشر ويتَّسع ويتلوه نصر الله الذي يتطلع اليه الشعب الايراني، النصر الذي وعد الله به، ولكن ما يجب أن نفكر فيه هو نصرة الإسلام ونصرة الله. فإن بهذا الأمر يتحقق بلا شك دين الله وتعقبه كذلك نصرته. حسناً فما العمل تجاه هذا الصخب العالمي ضدنا؟! وما هو واجبنا؟ إنَّ ما أأكد عليه دوماًهو أن على السادة من أية فئة كانوا، سواء علماء، أم أئمة جمعة وجماعات، أم كانوا أعضاءً في مجلس لشورى الإسلامي، أو رجال الدولة المحترمين، يجب أن تتشابك أيديهم ويتعاضدوا ليتمكنوا من تحقيق اهدافهم وأن لا يتبرم بعضهم من بعض عند رؤيته بعض النواقص، لا شك في أن التذكير أمرٌ حسنٌ، لكن التشنيع والتشهير أمر مستهجن، والإنتقام أمر مرفوض، يجب أن نفكر في الإسلام. فإن كنا نفكر في أنفسنا ومنافعنا الشخصية فيجب علينا التفكير في الإسلام لأنه يحفظ لنا منافعنا. وإن كنا أهل دين فعلينا أن نحتفظ بالإسلام بكل ما أوتينا من قوة. وإن كنا أهل دنيا، فدنيانا مرتبطة كذلك بالإسلام.
التفاهم مع الأصدقاء ومخاصمة الأعداء
لو طرأ على الجمهورية الإسلامية - لا سمح الله - خلل فلا ندري ماذا سيفعلون بنا. وأنتم - إنَّ شاء لله - تعلمون، ويجب أن تعلموا. ويجب أن تحسّوا بالخطر على الجمهورية الإسلامية، يجب عليكم جميعاً أن تحسّوا بالخطر. نحن الآن سائرون على الطريق ولم نحقق لحد الآن ما نصبوا إليه. وهذا المقدار الذي قطعناه من الطريق قد جلب أنظار الشعوب نحونا وأيقظها وستكون فيما بعد أكثر يقظة. يجب أن نلتفت إلى أن علينا إنجاز أعمال واختيار طرق للتعامل فيما بيننا بالحسنى وأن صادفتنا بعض المشاكل فلنتعامل كما يتعامل طلبة العلوم الدينية فيما بينهم بالمودّة. حسناً، السادة الذين أكثرهم طلبة وخريجوا مدارس العلوم الدينية وأصدقاء ومتحابّون واخوة، عند ما يبحثون موضوعاً ما قد يرتفع بينهم الصراخ والجدل، ثم عند ما ينتهي البحث، يعودون كسابق عهدهم، فيجلسون سوية، ويشربون الشاي معاً، ويتعاطفون فيما بينهم. وأنتم كذلك ليس بينكم عداء. أنتم جميعا لكم هدف واحد وهو تحيد ما يريده الإسلام. والأمل أن تحققوا ذلك إن شاء الله.
عند ما يكون القصد واحداً وهدف الجميع أمراً واحداً وهو الإسلام فعليكم بالتفكير في اجتناب أي حديث قد يضرّ - لا سمح الله - بمصداقية وكرامة الجمهورية الإسلامية. حولوا أنتم دون حصول هذا الضرر. وفي الوقت نفسه يجب أن تكون هناك مناقشات في كل مكان ولكنها كمناقشات الطلبة - مناقشات علمية، بحضور كبار العلماء كالميرزا الشيرازي الذي كان يلقى درسين يومياً لمدة خمس ساعات - كما نقل لي - يثور فيها الجدل والنقاش وترتفع الأصوات وتشتد ولكن لم تكن هنا خصومة بل كان بحثاً ونقاشاً علمياً. فاذا حدثت خصومة في وقت من الأوقات وحاول كل طرف تحطيم الطرف الآخر فليس هذا طريق الإسلام ولا يمكن أن يحقق هذفاً إسلامياً.
قد يثور بحث وجدل ويطرح أمر، ويقال شئ ويجري حديث، فلابد من ذكرالعيوب، يجب أن تذكر، يجب متابعة الأمر، يجب أن تذكر النواقص لكن على كل حال يجب أن نزن الأمور بموازينها أي نقيس وضعنا اليوم بأوضاع العالم ومشاكلنا في الخارج وداخل البلد، يجب أن نتصرف على هذا الأساس أي نضم الأمور بعضها إلى بعض ونجمع الموافق والمخالف ونتأمّل ونتعمق في البحث ثم نشرع بالعمل.
تجنّب القوات المسلحة للمناقشات السياسية
من الأمورالتي اود الاشارة لها ذلك الذي يقع بين رجال الدولة أو نواب المجلس أو خطاباتهم ولا يذاع في المذياع ويبقى خلف الأبواب المغلقة. فهذا ممّا لا ضرر فيه كثيراً. أما الآن حيث أن الأمر هكذ - وهو أمرٌ حسنٌ - حيث يضع المذياع الناس في الصورة، ويعرض عليهم كل اختلاف يحصل في المجلس بمجرد وقوعه، فهذا الأمر خطير أن ينعكس ذلك على الحرس الثوري والجيش. نحن نريد - وكل العالم يريد إبعاد جيشه عن الأمور السياسية، - أن يكون حراس ثورتنا وجنودنا جنود الله، وأن يبتعدوا عن التحزبات والتكتلات والتوجهات السياسية. فإذا وجدت السياسة ومناقشتها طريقها إلى الحرس والجيش لزمنا قراءة الفاتحة عليهما. يجب أن يلتفت السادة إلى هذا الأمر، البلد منكم والمجلس منكم والحكومة منكم، الجيش منكم والحرس منكم، كلهم منكم. يجب عليكم أن تلتفتوا إلى أنَّ أموركم تعرض على البلاد كلها وعلى جميع أنحاء العالم. أيّة كلمة تقال هنا تفبركها وكالات الأنباء ودوائر الإعلام في العالم ويؤوّلونها كما يريدون ثم يبدأون الهجوم. مع أن هدف التحدث لم يكن كذلك لكنهم يوجدون لهم طريقاً لما يريدون عمله. ففي الوقت الذي تعلن الدولة أن زرع الألغام والقرصنة البحرية والجوية لاعلاقة لنا بها ونعارضها ولا نستجيز نقل عدة من الناس الأبرياء من مكان إلى مكان آخر وتعريضهم للرعب والخوف، نجدهم يقولون بالحرف الواحد: إنَّ الإذاعة الإيرانية قد تحدثت عن الأعمال المشينة للسراق والمختطفين. إنَّ إذاعة مثل هذا الأمر خطأ حتماً ويجب أن يحال دونه بشدّة، لأنه لايجوز للإذاعة أن تعلن أموراً بشكل اعتباطي ودون فهم وحساب لعواقبها مما يسبب فضيحة لإيران. لو قال هؤلاء كلمة فلا ربط للحكومة بها. لكن هؤلاء يعتبرون الإذاعة مرتبطة بالحكومة والناطقة باسمها. يجب أن ينتبه هؤلاء إلى هذه الأمور، كيف نؤيد أمراً خلافاً لأحاسيس ومشاعرلدنيا، خلافاً للإسلام، خلافاً للعقل؟ زرع الألغام في مكان يعني أن مجموعة بريئةسوف تنمحي من الوجود، كيف يسمح الإسلام بذلك؟ كيف تسمح إيران بذلك؟ كيف يسمح جند الله بذلك؟ كيف تسمح حكومة إيران ومجلسها بذلك؟ انظروا أية مشكلة نعاني منها، حيث كل ما يحدث يلقونه على عاتقنا. يجب أن نتنبّه جيداً، أي إنكم أيها السادة حرّاس الإسلام، المجلس حارس الإسلام، الحكومة كذلك والجيش وحرس الثورة كذلك. لا يجوز لحراس الثورة الانتماء إلى التكتلات، هذا يساند هذا الطرف وذاك يدعم الطرف الآخر. ما شأنكم بما يجرى في المجلس؟ لقد بلغني أن أحاديث تدور بين حراس الثورة حول الانتخابات، حسناً. الانتخابات تجري في موعدها وهي آخذة مجراها، ما علاقةالحرّاس بها. إنَّ هذا الأمر يسبب نشر الخلاف بينهم. هذا لا يجوز للحراس ولا لأفراد الجيش. إنه يمنع الحارس من الواجبات المناطة به ويحول دون قيامه بتعهداته، وهكذا الجيش، ونحن في أقوالنا وأفعالنا التي هي بمحضر الله تبارك وتعالى يجب أن نفكر في ما نريد أن نقوله وهل هو في محيط مغلق أم مفتوح على العالم كله؟ عندما تكون الحال أن كل كلمة نقولها تنتشر في جميع أنحاء العالم يجب أن نفكر في الكلمة التي نريد أن نقولها والموضوع الذي نريد طرحه وهل هو في مصلحة وطننا؟ لنفترض أنه خلاف ذوقكم، حسناً. إنه كذلك إنكم تريدون أن تقولوا شيئاً قولوه بهدوء وبشكل لا يطعن بالحكومة أو المجلس ولا يعتبر في وقت من الأوقات - لا سمح الله - وصمةعار في جبين هؤلاء ويضعف مواقفهم. هذا أمر عام وبعهدتنا جميعاً. " كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيته "، كلنا مسؤولون في هذه الأمور. إنهم يشرعون بالدعاية ضدنا من أي طريق تصل إليه أيديهم. صدام البائس عند ما يجد الفرصة يقول بأنه يستطيع محو جزيرة (خرج) ومساواتها بالتراب. نحن نعرف نفسيته فلو سنحت له الفرصة ووجد القدرة على ذلك فلن يكتفي بإزالة جزيرة (خرج) وحدها بل يلحق بها طهران كذلك إنه كائن خبيث وقد ألقم حجراً وصفع، إنَّ وضعه الآن في العراق مضطرب متزلزل وليس من المعلوم أن القوى العظمى الآن تتقبل صداماً ولكنها تتبجح ووسائل الإعلام تتناقل الأنباء: ماذا قال الرئيس صدام للناس بالأمس؟ أعطى أنواط الشجاعة للهاربين من جبهات القتال، ماذا خطب فيهم؟ هذه أمور تقال. حسناً، ماذا يفعل الإنسان؟ يجب أن نتوجه إلى الله، يجب أن نرى أنفسنا في محضر الله دائماً وأنه تبارك وتعالى حاضر وشاهد على أقوالنا وعلى قلوبنا وعلى كل شئ، وكل شئ بمحضره.
الآمال الكاذبة للمبهورين بالغرب والمتمنين للعافية
وأقول لأولئك الذين ذهبوا إلى الخارج والذين يقيمون في مناطق أخرى ويبنون الآمال على الغرب. إنكم لا تعرفون هذه الجمهورية الإسلامية إنكم تزعمون إنكم خبراء إسلاميون و - لا ندري - إنكم خبراء إجتماعيون! أنتم لا تعرفون شعبكم، لو كنتم تعرفونه لما وصلتم إلى هذا الوضع المزري. لو كنتم تعرفون الشعب الإيراني لعرفتم أن الجمهورية الإسلامية - ليست - قائمة على أشخاص. لا تجلسوا وتقولوا: إنَّ فلاناً يحتضر، وأنه لا ينبس ببنت شفة، وما إلى ذلك من أقاويل، لا تمنّوا أنفسكم بهذه الأماني. منذ سنتين أو ثلاث وأنتم ترددون أنَّ الجمهورية الإسلامية ستتلاشى بعد شهرين. ولكن الجمهورية بحمد الله باقية على قوّتها، وقوة جيشنا باقية، حراس ثورتنا، قوّات التعبئة، حرس الحدود كلهم باقون على قوتهم، أمتنا أمة يقظة. أمة تعطي وتمد الثورة بالشبّان، والأمهات يقدمن أبناءهن، ويأتين كالأسود المزمجرة ويقلن: إننا ما نزال مستعدّات للتضحية، مثل هذا الشعب لايهتم بوجود شخص أو ذهابه ولايؤثر ذلك في مسيرته. فعندما فجّروا مقر الحزب الجمهوري وذهب أعزاؤنا ضحيته، قالوا: لو زال شخص أو اثنان آخران، فسيتم لنا الأمر. إنهم يتصورون أن الجمهورية الإسلامية تتمثل في شخصين أو أربعة أو خمسة من أمثالنا. الجمهورية الإسلامية كل أبنائها يدركون حقيقة الأمر. الآن وعندما يتحدث الإنسان في القرى يشاهد ذلك القروي يتحدث في السياسة بوعي. لا يمكن مواجهة مثل هذه الشعب بأنَّ تجلسوا وتتصوروا أنه لو مات فلان، فماذا سيحصل؟ لا. لا يحصل شئ، آمل إن شاء الله أن ندرك الأمور على حقيقتها، أن ندرك المصالح الإسلامية، مصالحة بلدنا. عند ذلك فلنتحدث أينما أردنا الحديث، ونناقش أي شئ نريد، ولكن بهذا التوجه. أسأل الله تعالى السعادة للجميع وخصوصاً للسادة المسؤولين المنشغلين بخدمة هذا الوطن العزيز، وأرجو الله أن يوفقنا ويوفقكم جميعاً لخدمة هذا الشعب. الشعب الذي كان مظلوماً على مدى التاريخ والذي رأى من مظالم الشاه ما لم يره من أي إنسان آخر. والآن وحيث يريد أن يستنشق أنفاس الراحة، آمل أن نكون خدّاماً له ونقدم له الخدمات.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روح الله الموسوي الخميني
* صحيفة الإمام، ج19، ص:19,14
1- الحاملون له.
2- بحار الانوار، ج 24، ص 327- 328. الحديث السادس.