يتم التحميل...

الموضوع: أهمية خدمة الناس وقيمتها

خطاب

الحاضرون: السيد علي الخامنئي (رئيس الجمهورية)، ميرحسين الموسوي (رئيس الوزراء) وأعضاء مجلس الوزراء

عدد الزوار: 86

التاريخ: 12 شهريور 1364 هـ. ش/ 17 ذو الحجة 1405 هـ. ق‏
المكان: طهران، جماران‏
الحاضرون: السيد علي الخامنئي (رئيس الجمهورية)، ميرحسين الموسوي (رئيس الوزراء) وأعضاء مجلس الوزراء

بسم الله الرحمن الرحيم

نجاح المسؤولين منوط بخدمة الشعب‏

إنني أرى بشكل عام أن المجموعات التي عملت وما تزال تعمل في الجمهورية الإسلامية من رئيس الجمهورية إلى السلطة التنفيذية والسلطة القضائية والمجلس والآخرين ممّن كانوا في خدمة الثورة، كل هؤلاء أراهم موفقين في أعمالهم، فالادّعاءات كثيرة إذ من الممكن أن يدّعي شخص ويقول: لو أنني كنت رئيساً للجمهورية لخطت الأرض بالسماء، أو لو كنت رئيساً للوزراء لفعلتُ وفعلتُ، أو لو كنت رئيساً للمجلس لرأيتم ما أفعل، أو لو كنت وزيراً أو نائباً في المجلس لفعلت وفعلت، فالادعاءات دائماً كثيرة لكنَّ عند ما تحين ساعة العمل فلا يمكن إنجاز إلّا القليل منها، وهذه الادعاءات الآن إمّا أن تكون في الحقيقة وهماً أو أن هناك أشخاصاً يحاولون عن طريقها عرقلة الأعمال من حيث: ما أكثر الضجيج وأقلَّ الحجيج 1، لذا أرى من اللازم أن أشكر جميع هذه الهيئات والمجموعات، وإن لم أشكرها فقد ظلمتها، وأقدّر الخدمات التي قدّمتها للحقيقة والواقع. وطبيعي أنني لا أعرف الاشخاص فرداً فرداً ولا أستطيع أن أصدر حكماً لهم، لكنَّ من حيث المجموع وإن كنت أعرف عدداً منهم بالطبع أقول إنَّ هذه الهيئات كانت موفقة وقدمت خدمات حسنة وكبيرة وآمل من الله تبارك وتعالى أن يتفضل بمنحهم الأجر ويوفقهم لمواصلة خدمةهذه الجمهورية.

قبول المسؤولية من أجل الخدمة لا السلطة

إنَّ على الأشخاص الذين تنبض قلوبهم في الحقيقةللإسلام ولوطنهم أن يعلموا أنَّ المنصب والمقام ليس معياراً سواء كان رئاسة الجمهورية أو رئاسة الوزراء أو رئاسة المجلس إذ كل هذه المناصب ليست بشيئ وينتهي أمدها، وإنَّ ما يبقى هو الخدمة، فالمتديّن إينما كان إن وجد خدمة مناسبة لمقامه ازدادت ثقته، فلو رأى رئيس الوزراءمثلًا أنه يستطيع تقديم خدمة أفضل فيما لو كان في منصب آخر، فإن كان متديّناً ذهب للخدمة هناك، ولو أنَّ شخصاً يشتغل في الادعاءالعام ووجد من هو أفضل منه لإدارة هذا المنصب فليتخلَّ له عنه وليذهب الى مكان آخر إذ لا فرق عنده بين الموقعين لأن هدفه الخدمة لاالمقام والمنصب، فكل إنسان يعرف نفسه أكثر من غيره، وطبيعي أن يغفل الإنسان عن نفسه في أكثر الأوقات، ولكنَّ الإنسان يدرك في أكثر الأحيان ماذا يفعل؟ وماذا يدور في خَلَدِه؟، نحن لا نعلم به ولكنَّ الله يعلم، فالذي ينتقد يعلم في نفسه هل إن انتقاده هذا للاصلاح أم للانتقام، إنه يعلم ذلك، يعني في أكثر الأحيان يعلم أنه هل يعشق المنصب الذي هو فيه أم يعشق الخدمة؟، وهل إن قلبه متعلق بهذا المنصب من أجل حبه للخدمة أم أن تعلقه به من أجل المنصب ذاته والخدمة ليست ذات أهمية لديه؟.

حسناً، إنه يدّعي الرغبة في الخدمة ويقدم خدمة بالفعل، لكنَّ المهم أن يعلم الإنسان في الحقيقةأنَّ عليه أن يُعِدَّ جواباً يومّاً ما، وإنَّ مما لا شك فيه هو أنَّ علينا أن نُعِدَّ جواباً في يوم من الأيام فرداً فرداً عمّا أنجزنا من عمل، وإذا أردنا الانتقاد فعلينا أن نعدّ جواباً، وإذا أردنا الانتقام فعلينا أن نعدّ جواباً وكذا لو أساءنا التصرّف، أيّ أن أيّ مسلم يعتقد بالمعاد وبأن كل شيئ بيد الله وهناك يجري الحساب وهذا من ضمن العقائد الإسلامية. فعلى هذا لو افترضتم أن رئيس الجمهورية ذهب وجاء غيره فعليه أن لا ينزوي وييأس بل عليه أن يمارس العمل الذي يتمكن من القيام به وأن يتعلق قلبه به بعنوان أنه يقوم بعمل لا بعنوان أنه صاحب منصب أو مقام، فلو أن إنساناً فكّر في أنَّ عليه أن يتسلّم المناصب العليا فعمله هذا شيطانيّ ولا قيمة له، ولو فكّر في أنه يؤدي عملًا من أجل الجمهورية الإسلامية فعمله هذا إلهيٌ وذو قيمة، وهذا يعني أنَّ الإنسان نفسه يستطيع أن يحدّد الأمر، وقد يخفى هذا الأمر بالطبع أحياناً على الإنسان فلا يستطيع تحديده.

التديّن والالتزام هو المعيار لقبول المسؤولية

و بناءً على هذا لو لم تتمكن هذه الحكومة وهؤلاء الأشخاص من القيام بالعمل وحلَّ غيرهم محلّهم فلا ينبغي أن تقلقوا وتقولوا: لقد ذهبنا وجاءغيرنا، بل عليكم أن تنظروا هل إنكم تتمكنون من العمل هنا أم لا. وهؤلاء الذين جاءوا لو أنهم يريدون في الحقيقة أداءالخدمة للإسلام فبها وهم مأجورون عند الله وسيتبين عملهم فيما بعد، وإن أرادوا الحصول على المنصب ويؤدون عملهم لأنهم يشغلون هذا المنصب فأمرهم معلوم عند الله وسيحاسبون عليه. وعلى الذين يريدون القيام بعمل أن يفكروا في هل لديهم أهلية هذا العمل أم لا فالمسائل مهمة، مسألة الحكومة ورئاسةالجمهورية ورئاسة المجلس والسلطة القضائية والوزارة، كل هذه لها أهمية. فلو أن إنساناً يفكر في أنه ما دمت رئيس الدولة فلأجمع حولي رفاقي ولا يهمني إن كانوا أهلًا للعمل أم لا، فليعلم أن عمله هذا شيطاني، ولو أنَّ رئيس الجمهورية يحاول أن يأتي بوزراء يأتمرون بأوامره لا بأوامر الإسلام فليعلم كذلك أنَّ عمله هذا عمل شيطاني لا عمل أنسان ملتزم، وكذلك كل واحد منّا. فهذه المسألة هي المعيار للجميع، فلو أنه كان في الحقيقة والواقع ملتزماً فلا فرق عنده بين أن يكون وزيراً أو نائباً أو يؤدي أيّ عمل آخر يحسنه أيّا كان، وأنه يعمل من أجل الإسلام، وأنتم تعلمون أننا الآن في حاجة في هذه الدولة إلى من يقوم بالخدمة من ذوي الفهم والنشطين في هذا البلد.

إننا معرضون لهجوم كل من يريد السوء للإسلام، فعلينا أن نفكّر في أشخاص يريدون الخدمة للإسلام، لا الأشخاص الذين يريدون خدمتي أنا شخصياً، وهذا الأمر يمكن أن يكون في رئيس الجمهورية وفي أعضاء الحكومة وفي السلطة القضائية وفي كل مكان، فعلى الناخبين أن يضعوا هذا الأمر نصب أعينهم دائماً، وإلّا فالإنسان قد يرد طريق الخطأ فإن لم ينكشف أمره اليوم ففي يوم آخرمن هذه الدنيا، وإن لم يكشف هنا فسيكشف في مكان آخر دون شك، وهذه المسألة لا تبقى خافية، غايةالأمر أنَّ الإنسان سيقال له في وقت تقصر يده عن تدارك ذلك، فلو علم أمره في هذا العالم فيده مبسوطة ويستطيع عمل شيئ ويجبر أخطاؤه ويتلافاها، فإن اجتاز هذا العالم وكشف له الغطاء فهناك تقصر يده ولا يستطيع عمل شيئ ولا ينفعه الاعتذار. وفعند ما أشرف فرعون على الغرق قال: (آمنت أنه لا إله إلّا الذي آمنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين) 2 فقيل له: (الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين) 3 إنه يقول كما يقول هؤلاء وكما أقول أنا أيضاً في حين أنَّ الأمر ليس كذلك إذ عند ما يعاد إلى الحياة سيعود إلى سابق عهده.

قيمة الخدمة للمظلومين ولدولة الإسلام‏

على أيّ حال، فالمعيار إذاً هو تقديم الخدمة لبلد كان مظلوماً على‏مدى التاريخ خصوصاً في هذه القرون الأخيرة، لقد كان في السنوات الأخيرة مظلوماً حقاً وما يزال مظلوماً، فالخدمة لهذا البلد لها قيمتها وخدّامه لهم قيمتهم أيضاً، لتفكّروا كلكم في تقديم الخدمة للبلد وللإسلام، لا خدمة أنفسكم، وهذه مسأله تؤيدونها أنتم أنفسكم، لكن قد يغفل الإنسان أحياناً عن نفسه وعن معنوياته، قد يوجد أحياناً إنسان غير متعادل فنراه يتعمد ممارسة بعض القضايا ويقول: ليكن ما يكون، ما شأني أنا بما يحصل؟ لنقض يومنا هذا ولننظر ماذا سيحصل غداً؟. إنني أدعو لكم وأتمنى‏أن تكونوا موفقين أينما تكونون، موفقين لخدمة الله والإسلام، لتقدّم أهداف الإسلام وخدمة مقاصد بلدكم التي هي مقاصد الإسلام، وآمل أن تكونوا موفقين في هذه الخدمة ومؤيدين وسالمين سواء كنتم أعضاء في الحكومة أم لا، إذ إن هذا ليس مهماً فالمهم هو الخدمة فقط، وآمل أن تكونوا سالمين جميعاً وخدّاماً وملتزمين. والسلام عليكم ورحمة الله.

روح الله الموسوي الخميني‏

* صحيفة الإمام، ج19، ص:319,316


1- بحارالأنوار، ج 27، ص 30، ح 2.
2- سورة يونس: الآية 90
3- سورة يونس: الآية 91.

2011-06-25