يتم التحميل...

الموضوع: نهج مجلس الشورى الإسلامي‏

خطاب

الحاضرون: أكبر هاشمي رفسنجاني (الرئيس)، نوّاب في مجلس الشورى الإسلامي‏

عدد الزوار: 68

التاريخ: 24 مهر 1364 هـ. ش/ 1 صفر 1406 هـ، ق‏
المكان: طهران، جماران‏
الحاضرون: أكبر هاشمي رفسنجاني (الرئيس)، نوّاب في مجلس الشورى الإسلامي‏

بسم الله الرحمن الرحيم

أعتذر مسبقاً إتعاب السادة بالحضور هنا، لكن هناك بعض المسائل أوجبت عليّ أن أصل بخدمتهم وأعرض عليهم ما هو واجب عليّ.

أولًا إنه لا داعي للقلق على الإطلاق، وإنني أؤيد المجلس وأوصي الشعب دائماً بتأييده، فالمجلس من المؤسسات التي يتحتم علينا جميعاً تأييدها، ولا يحق لأحد أن يتجرّأ عليه، ومن حق المجلس أن يكون فيه مؤيدون ومعارضون وممتنعون وهذا أمر يجب أن يكون في المجلس على الدوام، وهو أمر مفروغ منه.

النقد البناء وإرشاد المجلس للحكومة

إنَّ ما استوجب استدعاء السادة هو التحدث إليهم فيما يتعلق بالمستقبل، فقد مضى مامضى وقد منح المجلس رئيس الوزراء ثقته وهذه حقيقة واقعة أمامنا جميعاً، وهذه الأوضاع الثلاثة التي طرأت على المجلس من التصويت المؤيد والمعارض والممتنع إنما حصلت بسبب أن كلّا منهم قد ارتأى شيئاً وهذا ما لا كلام فيه، ولكن الكلام هو هل يريد هذا المعارض إعاقة أعمال الحكومة فيما بعد ويعمل بحسب توجهاته من أجل أن يقول: إنني كنت محقاً في معارضتي، يريد بذلك أن يحطّم الإسلام والجمهورية الإسلامية؟ أم أنَّ العقل يدعوه إلى أن يرشد إلى العمل بشكل أفضل مادام أنه قد جوبه فعلًا بالأمر الواقع، ويساعد على العمل بشكل لائق ومناسب ليدلي برأيه، لا أن يعيق العمل ويؤدي سلوكه إلى الاساءة للحكومة في هذا الظرف الحساس الذي نمرّ به لا سمح الله فهذا من الأمور التي تعتبر ضد الإسلام وضد مصالح الدولة وضد مصالحكم أنتم بالذات. فإن كنتم معتقدين بالإسلام وأنتم كذلك وتعتقدون بأنَّ البلد يجب أن يتقدم إلى الأمام بقوّة وينتصر في هذه الحرب، وتغلق الطرق في وجه القوى العظمى، ويصبح بلدنا قوّياً مقتدراً، فاسعوا إلى التأييد ولاتسعوا إلى الانتقاد فقط، وليكن انتقادكم سليماً وبناءً لأنه سينفع في تطوير البلاد، فالانتقاد السالم وإرشاد الحكومة في كل الأعمال التي تريد القيام بها هو من الأمور اللازمة، أمّا لو أردتم الإخلال‏ بالوضع من أجل إثبات رأيكم وحاولتم عرقلة أعمال الحكومة لتهزموها وتضعفوا الشعب وتحطموا الإسلام فهذا ما يجب الحيلولة دونه، وآمل أن لا يكون الأمر هكذا.

إظهار حُسن نيّة المجلس ازاء الحكومه بابداء آرائه البناءة

ليس المجلس اليوم كالمجالس السابقة حيث يجتمع النوّاب خلف أبواب مغلقة ويتحدثون فيما بينهم ثم لو أرادوا بعد ذلك ينشروا من وقائع الاجتماع ما يرغبون في نشره ويمتنعوا عن نشر ما لا يرغبون. فأمور المجلس اليوم تنشر مباشرة ويستطيع حتى المزارع في مزرعته الاستماع إليها عن طريق المذياع الذي عنده، وشعبنا اليوم ليس كما كان في السابق لايهتم بالأمور، فهو اليوم واعٍ ومراقب ويشاهد الأمور كلها، ولو وجد لا سمح الله من تسوِّل له نفسه أو يريد أن يوسوس للآخرين في الداخل أو الخارج بإضعاف الحكومة ويحول دون تقدمها وتقدم كل شؤونها بما يوافق الإسلام فيرصده الشعب ويحدّد هويته ويكشفه ولايسكت عنه. فعلى هذا فإن وصيتي الجادّة للسادة بأنكم إذا رأيتم الحكومة لا تعمل بالشكل المطلوب فعليكم منذ الآن فصاعداً أن تلاحقوها بالمراقبة وتؤيدوها وتسايروها وتساعدوها ليصل بلدكم إلى شاطئ السلامة، وتجنّبوا كل ما لا يرضي الله والشعب، ومن جهة أخرى أقول للسادة في ذلك الطرف الآخر بأنكم إن كنتم قمتم بهذا العمل بناءً على ما رأيتموه من المصلحة، فمن الآن فصاعداً إذا رأيتم من الدولة عملًا مخالفاً للشرع، فلا يجوز لكم أن تؤيدوها في ذلك بنيّة أنكم تريدون أن تثبتوا لها صحة كلامكم السابق وأنكم تستطيعون تشخيص المصلحة، لايجوز تأييدها فيما خالفت فيه الشرع، فالمجلس كما هو دائماً وكما يوصى به مجلس استشاري إسلامي وليس كالمجالس المعروفة في أماكن أخرى، فالآراء يجب أن تكون آراءً إسلامية تريد الخير. وأما ما يتعلق بالحكومة والوزراء الذين انتخبتموهم فيجب أن يكونوا من أهل العلم والمعرفة بالأمور لا أن يؤتى بوزير ثم يعجز فيما بعد عن القيام بعمل أو يتكاسل. فساعدوا في انتخاب مثل هؤلاء الوزراء وسارعوا في العمل.

التعاون الإسلامي لنوّاب المجلس‏

حسناً، نحن نعاني الآن من المشاكل فلا ينبغي أن تطول مدة تعطيل الحكومة، وعلى‏المجلس أن يسرع في اختيار رئيس الوزراء بالشكل الذي يرى فيه الصلاح حسب تكليفه الشرعي، وعلى رئيس الجمهورية حسب وظيفته الشرعيةأن يؤيد هذا الاختيار بمقدار قناعته الشخصية، وعند ما يقدم إلى المجلس فعليه الإسراع في إنهاء هذه المهمة ولا يدعها تطول وتلحق الضرر بالإسلام والبلاد، فالبلد اليوم ليس كما في أيام الأمان كي لا يهمهُ إن لم تتمكن الحكومة من إنجاز عملها لأربعين يوماً أو خمسين، أو شهر أو شهرين أو ثلاثة، فاليوم الواحد في‏ هذا الظرف حساس بالنسبة للدولة ويجب عليها أن تعمل فيه، وعلى هذا فإن على السادة أن يأخذوا بنظر الاعتبار وجوب النقد البناء والنقد الناصح لا النقد العدائي.

و عليهم كذلك أن لا يستخدموا الفاحش من الكلام في الخطب الافتتاحية وعند تقديم الوزراء فهذا لا يناسب شأنهم، وينبغي أن لا يثبّط أياً من الأطراف العزائم الطرف الآخر وهم سواءكان من الأكثرية أو الأقلية أو من الممتنعين لأن هذا لا يرضي الله ومخالف للشرع.

و طبيعي أن الانتقاد لازم، وأنَّ على السادة أن يطرحوا كلما يعنّ لهم من الأفكار والآراء، وإن لم يطرحوها فقد ارتكبوا عملًا منافياً، فعلى هذا فالتعامل يجب أن يكون إسلامياً سالماً سواء كان داخل المجلس أو خارجه، وبكلمة واحدة أنَّ على المجلس أنْ ينجز الأمور كلها بسرعة ويمنح الثقة للوزراء بعد التدقيق في كل شئ وبشكل سريع كي لا تتعطل الأمور. إننا في وضع استثنائي، في حالة حرب ونواجه صعوبات جمة علينا أن ننهي الأمور بسرعة ليكون بلدنا نموذجياً إن شاء الله.

عدم تدخل القوّات المسلحة في الشؤون السياسية

و أوصي من جهة أخرى القوّات المسلحة سواءالجيش وكافة القوّات وحرّاس الثورة بعدم التدخل في الشؤون السياسية، وأن لا تذهب جماعة إلى أنَّ فلاناً قال كذا، وجماعة أخرى تقول: إنه تحدّث عن كذا.

إنَّ هذا الأمر لا يعنيهم وعليهم أن يركّزوا اهتمامهم على‏الحرب، لكنَّ حسناً، إنَّ هؤلاء سيطلعون على ما يدور في المجلس، لا أقول أنه لا ينبغي أن يطلعوا على ما يجري فيه ولكني أقول: عليهم أن لا يتدخلوا في الأمر. وعلى السادةأن يعلموا أن أي اختلاف واضطراب يحصل في المجلس ستنعكس آثاره على جبهات الحرب والمصانع والمزارع وعلى كل المجالات مما يحملكم مسؤولية عواقبه.

إنكم الآن تتحملون مسؤولية كبرى وعليكم أن لاتقوموا بعمل أو تتصرفوا بشكل يؤدي لا سمح الله إلى ظهور نتائج سيئة تعم البلاد كلها وتؤدي إلى وقوع الاضطرابات، ومن جهة أخرى فإن مثيري الفتن والمتآمرين موجودون في بلادنا وهم على استعداد لإثارة الاضطرابات في كل مكان لا سمح الله.

و إنني أوصي الشعب كله بالمحافظة على الهدوء في مثل هذه الظروف وعدم القيام بأي تحرك يؤدي إلى‏الإخلال بالأمن والنظام وأن يؤيدوا المجلس والنوّاب وأن لا يتحدثوا عما يجري في المجلس على الاطلاق وأن ينظروا إلى المستقبل لتتقدم الأمور إن شاء الله وتنجز الأعمال.

توحيد الطاقات تجاه المؤامرات‏

و الأمر الآخر الذي أردت التذكير به هو أننا قد أيدنا الجيش منذ البداية وعلى الدوام، وعند ما أريد حلّ الجيش وطرحت آراءسيئة ونظريات فاسدة لإسقاط الجيش وإزالته من الوجود وقيل إنه لا حاجة بنا إلى الجيش منذ الآن، حينها عارضت هذ الفكرة وقلت إننا محتاجون إلى الجيش، وقد طُهّر الجيش بحمد الله وهو الآن ممتاز جداً ويقدّم الخدمات وإنني أؤيده كما أؤيد الحرس، وعليهم أن يكونوا يداً واحدة ليتمكنوا من المحافظةعلى البلاد.

على الجيش أن لا يرى نفسه مؤسسة مستقلةوعلى الحرس أن لايرى نفسه قوّة مستقلة أخرى ويعتبرهما الآخرون هكذا. أنتم جميعاً قوة واحدة لحفظ الأمن وحفظ بلدكم وإسلامكم، وهذا واجب الجميع، وعلى المجلس أن ينجز هذا العمل، كما أن على الحكومة ورجال الدين والشعب والجيش والحرس أن ينجزوا هذا العمل ويكونوا يداً واحدة للوقوف في وجه المؤامرات ويتقدموا بالبلاد إلى‏الأمام، فبلدنا الآن بحمد الله بلد مستقر ومستقل ومتطور وعلى طريق التقدم وهذا مرتبط بتصرف المجلس تصرفاً صحيحاً وسلمياً ويتبعه الجميع في ذلك. أتمنى لكم من الله التوفيق والسداد في تأييد الإسلام وإيصاله إلى مبتغاه.

والسلام عليكم ورحمة الله‏

روح الله الموسوي الخميني‏


* صحيفة الإمام، ج19، ص:348,345

2011-06-25