الموضوع: أهمية تواجد الناس في الساحة، والانتقال من الشعارات إلى العمل
خطاب
الحاضرون: السيد علي الخامنئي (رئيس الجمهورية)، مير حسين الموسوي (رئيس الوزراء)، والوزراء
عدد الزوار: 60
التاريخ: 9 آبان 1364 هـ. ش/ 16 صفر 1406 هـ، ق
المكان: طهران، جماران
الحاضرون: السيد علي الخامنئي (رئيس الجمهورية)، مير حسين الموسوي (رئيس الوزراء)، والوزراء
بسم الله الرحمن الرحيم
الاحتفاظ بتواجد الناس في الساحة
أبارك لكم أوّلًا تشكيل الحكومة الجديدة وأتمنّى لكم التوفيق في أن تكون خطواتكم مباركة لهذا البلد. إنَّ ما أريد أن أقوله هو من الأمور التي يعرفها الجميع، ولكنَّ يحسن أن أذكّر به. وإلّا فالكل يعلم أنَّ الأمر المهم الواجب علينا مراعاته دائماً هو المحافظة على تواجد الناس في الساحة، وهذا أمر يرتبط أحد طرفيه بيد الحكومة ورئيس الجمهورية والمجلس، ويرتبط طرفه الآخر بأيدي الناس أنفسهم، فلو أنكم تمسكتم بهذا الطرف فأنا مطمئن إلى أنَّ شعبنا بأغلبيته أو أكثريته متمسك بالطرف الآخر ومحافظ عليه. فهذا الطرف يجب أن يبتني على أن تكون يداً واحدة وصوتاً واحداً فيما تقومون به من عمل.
فلو أرادت حكومة أو وزارة أن تعارض في أمرٍ مّا فلن ينجز ذاك العمل، ولو وجد معارض الآن في الدول التي يسودها الأمن والهدوء لو حصل في الدنيا فليس هذا بالأمر المهم أو قد لا يحصل نظام لا معارضة فيه فهذا لا يؤدي إلى إلحاق الضرر بالدولة، أما في النظام الذي تعلمون أنَّ الكل معارضون لكم ويسعون إلى إيجاد شئ وإذاعته على الملأ ويقولون كل ما يحلو لهم ويعملون ما يروق لهم، ففي مثل هذا الوضع الذي ابتلينا به الآن وأنتم مبتلون به فإن العقل والانصاف يقتضيان أن لا يكون فيما بيننا شئ، فعند ما يكون بيننا معارض وافترضوا أنَّ بيننا خلافاً في الرأي فعلينا أن نعمل معاً في إزالته.
يقال إنه كان في الزمن القديم قبائل كبيرة وكان بينها نزاع وكانت مجموعات منها تنفصل عن القبيلة وتعتزلها وقد يكون بينها قتال أيضاً لكنَّ عند ما يهاجم عدو إحدى هذه المجموعات فإنَّ الجميع يهبّون لمساعدة هذه المجموعة ويدفعون عنها العدو المهاجم، وهذا أمر حسنٌ أن يدافع الإنسان عن قبيلته أو عشيرته ويردّ المعتدي، وإذا كانت له ضغائن أو ديون فليؤجل تصفية حسابها إلىوقت آخر. إننا نعيش الآن مثل هذا الوضع إذ إنَّ كل الدول ما عدا القليل منها يعارضوننا، فبعضهم يعارضنا ويظهر معارضته، وبعضهم يعارضننا في الحقيقة ولكنه قد لا يظهر معارضته.
إنكم ترون أنَّ الشياطين موجودون في الداخل لإثارة الاختلاف والفرقة ليتمكنوا من القيام بعملٍ ما. و لكنَّ أغلب هذه الأمور هادئة الآن بحمد الله، ولكنها ما تزال موجودة، والعقل يحكم علينا نحن المتمسكين بالإسلام وبالجمهورية الإسلامية ونريد أن لا نرزح تحت سلطة الدول العظمى أن نتوحّد، فمثل هذا العمل العظيم وهو الخروج من سلطة الدول العظمى، لا يمكن تحقيقه إلّا باتحاد الحكومة والشعب، وإلا فلايمكن تحقيق هذا الأمر، إن كل ما أنجز إلى الآن إنما كان في ظل هذا الاتحاد، فلو أنَّ هناك اختلافاً مها كان جزئياً وتافهاً فالواجب يقضي السعي لإزالته، أي اعملوا بشكل يستنبط منه الشعب أنكم تريدون أداء الخدمة له.
إشراك الناس في ادارة شؤون البلد
عند ما يرى الناس أنكم تسعون في تقديم الخدمات لهم فسيساعدونكم بالطبع، وهذا يعني أنَّ الوزارات كلها، وكل من يتصدي للمنصب الوزاري عليه أن يسعى لإصلاح وزارته لصالح الناس بشكل يجعل المراجع للوزارة يغادرها وهو مرتاح البال وراضياً فإن كان كذلك فإنَّ الناس سيكونون مستعدين للتواجد في الساحة دونما شك، فشعبنا شعب طيّب وعلينا أن نشكره، وإننا مدينون له وعلينا جميعاً أن نتحد لنتمكّن من تقديم خدمات متقابلة.
وعلينا أن نخرج من مرحلةالكلام وترديد الشعارات لنصل إلى مرحلةالعمل، يعني أنَّ على كل وزير في وزارته أن يُلزم نفسه فيما بينه وبين الله في أن يجنّد كل العاملين في وزارته وكل العاملين بإمرته والمنضوين تحت لوائه ليعاملوا الناس بالحسنى ويتصرفوا معهم تصرّفاً سليماً، كذلك إشراك الناس في الأعمال، وهذا ما قلته مراراً وأكّدته، وقد قلتم أنتم كذلك أنكم لا تتمكنون من إدارةالدولة بشكل صحيح ما لم يشارك الشعب فيها، وعند ما يتقرر إشراك الناس في الأعمال وتشركونهم أنتم فيها فلا تعزلوا الذين يقدّمون الخدمة في الوقت الحاضر وكانوا يقدّمونها فيما مضى لكم ولنا وللإسلام وأوصلوكم إلى هنا، فلا تطردوهم بل اجذبوهم إلى العمل وعند ما يرون أنكم تتعاونون معهم فسيتعاونون معكم، وبدون هذا التعامل لا يتقدم العمل مثلًا في السوق وفيما بين العمال والمزارعين، فيجب إشراك هؤلاء في العمل أيضاً ليساعدوكم وليقوموا بالأعمال التي يقدرون على القيام بها، فافسحوا المجال مثلًا للتجار المتدينين منهم لا كل من هبّ ودبّ الذين يريدون خدمة البلد ليقدموا خدماتهم.
لاتحاولوا جعل كل الأمور بيد الحكومة إلّا في حدود ما عيّنه القانون، ولكنَّ أشركوا الناس وأشركوا السوق، وشدّدوا الرقابة علىالمعامل والمصانع كي لا يقع غبن على العمّال.
وأمّا موظفوكم فإنهم عند ما يرونكم تنظرون إليهم نظرة عادلة وتبدون لهم المحبة فسيبادلونكم المحبة وهذا أمر طبيعي وآمل أن يتحقق بعد أشهر معدودة أنكم قد كسبتم رضا كل فئات الشعب، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يقوم الناس بتقديم الخدمات لكم كما تقدمون أنتم لهم ذلك، وأطلب من رجال الدين في البلاد كلها أن يساعدوا الدولة في هذا المجال وفي تحقيق آمال الإسلام وأهدافه في مثل هذه المواقع، ولو عملوا في وقتٍ ما ولن يعملوا إن شاء الله على ما يخل بعمل الدولة أو بعمل المجلس وأمثال هذه، فهذا أمر يجعلنا نقضي على أنفسنا بأيدينا، وعلينا أن نتعقل أننا نعاني من مخالب الشياطين حيث يجب علينا أن ننقذ أنفسنا بأنفسنا وأن لا نجلس وننتظر أن يهب غيرنا لنجدتنا إذ لا وجود لذلك الغير فعلينا إذاً أن ننقذ أنفسنا بأنفسنا وهذا مرتبط بكم وبعلماء الدين وبالمجلس.
كما أشكر المجلس أيضاً على حله هذه المسألة بسرعة وبشكل لا يسمح بتزلزل الأمور.
الاعتقاد بشهود الله عند أداء الأعمال
و أنتم كذلك خدّام الجميع إن شاء الله ونحن جميعاً خدّام الشعب وعلينا جميعاً أن نعلم بأنَّ الله تعالى حاضر وشاهد في الأمور كلها وهذا أمرٌ مهم جدّاً. إننا سنرحل من هنا دون شك، فأنا السابق وأنتم اللاحقون وهذا ليس أمراً مهماً إنما المهم هو يجب علينا أن نفكر في أننا إذا ذهبنا وسُئلنا: ماذا فعلت للناس عند ما كنت رئيساً للجمهورية؟ وأنت الذي كنت رئيساً للوزراء ماذا فعلت؟ وأنتم أيها الوزراء ماذا فعلتم؟ وأنتم أيها النوّاب ماذا فعلتم؟ والشعب يسألكم ماذا فعلتم للإسلام؟ المهم أن يكون لنا ما يصون ماء وجهنا وكرامتنا، فلو قمنا كما يرام، صلحت دنيانا وآخرتنا وإلّا فلا نرى خيره لا هنا ولا هناك.
أسأل الله تعالى الخير والسعادة والتوفيق لكم جميعاً وأشكركم على اشتغالكم بالخدمة في مثل هذا الظرف بحسن التفاهم والصفاء والحسنى.
والسلام عليكم ورحمة الله
روح الله الموسوي الخميني
* صحيفة الإمام، ج19، ص:355,353