يتم التحميل...

الموضوع: بدايات ظهور النهضة، التحوّل الداخلي للشعب‏

خطاب

الحاضرون: السيد علي الخامنئي (رئيس الجمهورية)، السيد عبد الكريم الموسوي الأردبيلي (رئيس ديوان القضاء)، ميرحسين الموسوي (رئيس الوزاء)، محمد تقي فلسفي، الضيوف الأجانب لعشرة الفجر، العمال والفلاحون من مختلف أنحاء البلاد وأعضاء لجان الثورة الإسلامية

عدد الزوار: 60

التاريخ صباح 22 بهمن 1364 هـ. ش/ 1 جمادى الثانية 1406 هـ. ق‏
المكان: طهران، جماران‏
المناسبة: ذكرى انتصار الثورة (عشرة الفجر)
الحاضرون: السيد علي الخامنئي (رئيس الجمهورية)، السيد عبد الكريم الموسوي الأردبيلي (رئيس ديوان القضاء)، ميرحسين الموسوي (رئيس الوزاء)، محمد تقي فلسفي، الضيوف الأجانب لعشرة الفجر، العمال والفلاحون من مختلف أنحاء البلاد وأعضاء لجان الثورة الإسلامية

بسم الله الرحمن الرحيم

التحوّل الداخلي للشعب انطلاقة الثورة الإسلامية

إنني أهنّئ الشعوب الإسلامية كلها بل المحرومين في أقطار العالم كله بهذا الاحتفال الكبير أو في الحقيقة العيد الإسلامي الكبير لأن هذه الثورة لا تختص بإيران وحدها بل إنها تختلف عن سائر الثورات، لأن الثورات التي حدثت في العالم لحد الآن قد نقلت السلطة من يد جبار إلى يد جبار آخر إمّا مثله أو أسوأ منه، طالعوا وضع الثورات التي حصلت أو الانقلابات التي تقع في الدنيا كل يوم تجدوها وقعت في غفلة من الناس حيث زالت سلطة وحلّت محلها سلطة أخرى مثلها أو أسوأ منها ولم تختلف أوضاع الناس وقد تكون أسوأ من ذي قبل. فهذه الثورة الفرنسية، وهذه الثورةالروسية كيف كانت الأوضاع قبل وقوعها وكيف الحال الآن؟ وهل استفاد الناس منها؟ وهل فكّروا بتحسين أوضاع الشعوب أم مارسوا الاضطهاد والقمع؟

إنَّ الثورة التي حصلت في إيران قد وقعت قبلها ثورة في باطن أبناء شعبنا وهذه الثورة الباطنية هي اتجاه مختلف طبقات شعبنا وفئاته نحو الإسلام الذي لم يبق منه في هذا العصر سوى طقوس جافة لا تضرّ أيّ أحد ولم يفكّر أحد بحال الشعوب، وقد أوكل أمر هذا الدين إلى النسيان، ولكنَّ هذا الشعب وبإرادة الله تبارك وتعالى وعنايته الخاصة قد تغيّر أوّلًا من الناحية المعنوية، وقد رجع الشبّان من الحال السابقة إلى‏حال اسلامية وفهموا ماذا يجب على الإسلام أن يفعل وماذا عليهم أن يفعلوا، وعلى أثر هذا حصلت الثورة، فلو لم يحصل هذا التحوّل والتغيير لكانت حال ثورتنا كحال الثورات الأخرى التي ترون حالها ورأيتموه. إنَّ الذي حصل هنا والذي يجب أن نعدّه إحدى المعجزات هو الثورة الباطنية لهذا الشعب. فالثورة هؤلاء الباطنية لهؤلاء ومعرفتهم للإسلام وتوجههم نحو الله تبارك وتعالى استوجب أن يكون الظرف الذي نعيشه منذ بداية النهضة وتحوّلها فيما بعد إلى ثورة ثم انتصارها حتى هذه اللحظة حيث ترون حضور الشعب والتزامه يزداد يوماً بعد يوم، وهذا ما لم يحصل بسبب هذه الثورة بل بسبب الثورة الباطنية، فالثورات كانت في كثير من الأماكن، لكنَّ الثورة الباطنية التي حصلت في هذا البلد لم تكن إلّا بعناية الله تبارك وتعالى، إننا لا نملك شيئاً من عندنا، وكل الذي كان هو عناياته التي استوجبت ظهور هذه الثورةالباطنية التي حوّلت الشعب كله من الحال السابقة التي نعرفها كلنا إلى الحال المتغيرة التي ترونها الآن مما أدى إلى انتصار الثورة. يجب علينا أن نبحث عن النصر في الثورة الباطنية للناس، وما لم يتحقق هذا الأمر فإنَّ الثورات لا تتعدى نقل السلطة من نظام إلى نظام آخر ويبقى وضع الشعب على حاله السابق.

عناية الله في التحوّل المعنوي للشعب الإيراني‏

على هؤلاء السادةالذين جاءوا من الخارج- وأشكرهم على ذلك- أن يلاحظوا أنهم في أيّ مكان من العالم يجدون هذا الاجتماع حيث يجلس فلّاحه إلى جنب رئيس جمهوريته، ورئيس وزرائه إلى جنب عامله ومسؤولون بعضهم جنب بعض بشكل يجعل الداخل إليه لا يدري من هو رئيس الجمهورية؟ ولا من رئيس الوزراء؟ ولا من الفلّاح؟ أين تجدون مثل هذا؟ إنَّ هذا التحوّل هو الذي أوجب ظهور هذا الإعجاز، أين تجدون رئيس الجمهورية يجلس جنباً إلى جنب مع الفلّاح؟ فأنتم أينما تنظرون تجدون رؤساء الجمهوريات في وضع لا ارتباط لهم بالناس، ولا يحسبون الناس جزءاً من اكائنات، إنهم لا يرون إلّا أنفسهم، لقد رأينا نحن الأنظمة السابقة ولقد شاهدت أنا منذ زمن النظام القاجاري ثم نظام رضا خان وأذنابه وأولاده ورأيت ماذا كانت تفعل حكومة صغيرة بشعب بلد صغير، وأيدي الناس لم تكن لتصل إلى حكومة قرية أو حكومة قصبة، بل كانوا يرون كبكبتها من بعيد، وكان أولئك الحكام لا يهتمون بالناس ولا يقيمون لهم ورناً بل كانوا يعتمدون على رؤوس الحراب، والوضع الآن في الدنيا هو هكذا، لا أن يعقد اجتماع يحضره رئيس الوزراء والفلّاح ورئيس الجمهورية والعالم وغير العالم ويجلسون جنباً إلى جنب، فهذا التحوّل تسبّب في ظهور النصر، إنني أشكر الله على كوني واحداً من أبناء هذا الشعب وخادماً لهذا الشعب الذي حصل فيه هذا التحوّل والتغيير المعنوي الذي هو من الله، وإلّا فكيف يمكن أن يتحوّل شخص من مركز الفحشاء إلى مركز العبادة والعرفان، وإلى مركز مقاتلة الكفار، فلو اجتمعنا كلنا على أن نمنح عشرة أشخاص مثل هذه القدرة لما تمكّنّا من ذلك على الاطلاق، لأن هذا أمر معنوي وهو بيد الله كما أنَّ كل شيئ بيده، وهذا التحوّل تحوّلٌ نموذجي في العالم، فأنتم تلاحظون أنه لم يكن أيّ شعب أو أية حكومة بهذا الوضع على طول التاريخ.

على السادة القادمين من الخارج أن يربّوا شعوبهم ويغيّروهم، ولا يتبعوا الجبابره ولا يتفاوضوا معهم، عليهم أن يتوجهوا إلى ما يقوله الشعب ويتحدثون إليه، فلو أرادوا الخروج من ثقل الجرائم والجنايات فعليهم توعية الشعوب لا أن يتفضّلوا بالحضور إلى احتفالات عشرة الفجر ونجتمع ونتحدث بماذا يجب عملهُ وعند ما نغادر الاجتماع ينتهي كل شيئ. ففي هذه الحال سوف لن نتمكن من عمل أيّ شيئ إلى يوم القيامة. لا ينبغي لنا أن نرتاح للوضع الحاضر بل يجب أن نغتمَّ للمستقبل، وأنتم الذين أتيتم من أطراف الدنيا إلى هنا ترون وضع هذا الشعب وترون وتسمعون الدعايات الأجنبية ضد هذا الشعب. فهذه الجماهير التي رأيتموها في كل مكان، في كل مدينة تفضلتم بزيارتها، وسوف تشهاهدونها غداً إن شاءالله، هل جي‏ء بها بالضغوط والإكراه كما يقول الإعلام الأجنبي أم أنها جاءت من تلقاء أنفسها؟ أية قوّة تقدر أن تجلب شعباً بأكمله؟ فالشعب عند ما يتحوّل ويتغيّر ويقال له إنَّ الشرع يقول كذا، والله يقول كذا فإنَّ الله تعالى يقذف في قلبه الحب والرغبة، فاذهبوا أيها السادة واجعلوا شعوبكم شعوباً إلهية وأيقظوهم وأفهموهم أنَّ الدنيا في يد أقليّة ظالمة ومليارات الأشخاص المظلومين يرزحون تحت نير هذه السلطات الصغيرة بالنسبة للشعوب، والمؤسف هو أنَّ الدعايات السيّئة لرجال الإعلام الأجانب على طول هذه الفترة من السنين كانت بدرجة أنها أقنعتنا بأننا لا نستطيع مواجهة هذه القوى، لقد أخافونا منها بإعلامهم، وعند ما كانت تقع أية حادثة، كان يكفي للقضاء عليها أن يأتي أحد الأجانب ممن يكلف بذلك ويقول: لاينبغي أن تقع مثل هذه الحادثة، فينتهي الأمر، وهذه القوى الكبرى التي كانت هنا كم كانت خائفة بحيث لو أنَّ سفيراً (افترضوا أنه السفير البريطاني) في ذلك الوقت عند ما يأتي ويقول شيئاً فلن يتمكن ملك هذا البلد من مخالفته، لأنَّ الإعلام كان هكذا، وقد حوّل الله تبارك وتعالى هذا الشعب بحيث لو أنَّ رئيس الجمهورية يحضر في أيّ مكان لما أعاره الشخص العادي أية أهمية وهذا بسبب التحوّل الذي ظهر، ولو اعتنى به أحد فذلك لأنه إنسان، إن كان إنساناً في الحقيقة.

عدم عزل إيران عن الشعوب الأخرى‏

يقول هؤلاء إنَّ إيران منزوية وما زالوا يقولون ذلك، فهل يقصدون بانزوائها انزواءَها عن الشعوب أو انزواءَها بين الحكومات؟ فإن كانوا يقصدون انزواءَها بين الشعوب، حسناً، فليأتوا وليجرّبوا بأن يأتوا بعددٍ من السيارات ويُجلِسوا في إحداها (رئيس جمهورية أمريكا، وفي أخرى الرئيس الروسي وفي ثالثة رئيس جمهوريةفرنسا)، ويُجلِسون في واحدة أخرى ملكة بريطانيا، ويجلسون في سيارةأخرى رئيس جمهوريتنا وتتحرك السيارات هذه وسط جماهير العالم، لا نقول في إيران، ولتكن هذه المسيرة في أمريكا اللاتينية، أو في بريطانيا نفسها أو في أيّ‏ بلداً آخر غير إسلامي ونرى كيف يكون تعامل الجماهير مع هؤلاء الرؤساء، هل يعاملونهم كما عامل الشعب الباكستاني رئيس جمهوريتنا؟ 1 أم يستقبلونهم بشتمهم وقذفهم بالبيض وإظهار الكراهية لهم؟ وإن كانوا يقصدون انزواءَنا بين الحكومات فليست هناك دولة لا تتوقع أن تظهر لها إيران جانب اللين. فأمريكا هكذا والاتحاد السوفيتي هكذا وفرنسا هكذا، فهؤلاء هم المنزوون، وهذه الدعايات المتزايدة تقول وتقول وهناك من يصدقونهم في دعاياتهم، وطبيعي أنَّ التصديق كان في السابق أكثر منه اليوم، أمّا في إيران فقد قلَّ اليوم من يصدّقهم وقليل هم الذين يتظاهرون بالتصديق، ولكنَّ الكثرة الكاثرة من أبناءالشعب لا يصدّقون اليوم هذه الدعايات وهذا الإعلام.

رسالة الضيوف الأجانب تبيين حقائق إيران‏

إنَّ ما أريد قوله للسادة القادمين من الخارج أن لاتشاهدوا وتجلسوا ساكتين إلى النهاية، تعالوا انظروا هنا، اذهبوا وانظروا وضع السجناء والأسرى العراقيين وأوضاع فئات الشعب ووضع الفلّاحين في القرى والأرياف البعيدة في أقاصي البلاد كيف كانت في العهد السابق وكيف هي الآن؟ ففي الوقت الذي نواجه الآن هذه المعارضة من قبل كل البلدان إلّا القليل منها، ومع ذلك فإننا خلال هذه السنوات المعدودة من انتصار الثورة وبدء الحرب التي شُنَّتْ علينا من قبل أمريكا، فانظروا إلى هذا الشعب بما أنَّ حكومته شعبية ومنبثقة من الشعب فإن رئيس وزرائه كان كاسباً في السوق، وافترضوا أنَّ فلّاحاً جاء وتسلّم المنصب الفلاني، ففي أيّ مكان من الدنيا تجدون مثل هذا؟ إين تجدون طالب علم يصبح رئيساً للجمهورية؟ 2 وأين تجدون كاسباً يصبح رئيساً للوزراء؟ 3 وفلّاحاً يكون ما يكون؟ فهذا نموذج لا مثيل له في الدنيا، وما هذا إلّا تحوّل الناس وتغييرهم، وهؤلاء جزء من الناس. فلا تذهبوا من هنا وتجلسون ساكتين، إذهبوا وغيّروا أوضاع الناس، وتحدّثوا لهم عن إيران، اعترضوا على وسائل الإعلام العامة، فهؤلاء يريدون عزل الإسلام، هؤلاء لا شأن لهم بنا، إنهم يستهدفون الإسلام، وهذه القدرة ليست قدرتنا، لو كان الأمر بأيدينا لما كنا نستطيع مواصلة حياتنا، هذه هي قدرة الإسلام، إذهبوا وقولوا لهم إنَّ هذه هي قدرة الإسلام، لايستطيعون دحرها. اعترضوا على هؤلاء الذين يبثون الدعايات المغرضة ضد إيران، فأنتم عند ما تتجوّلون في شوارع البلاد هل‏ رأيتم أحداً يقتل الناس في الشوارع؟ وهل انزوت النساءفي إيران وحجزن في البيوت، ام يشاركن الرجال في إعمار البلاد ويسرن معهم جنباً إلى جنب؟ هل ترون أن تتهتّك النساء هنا وتتحلل من كل قيد؟ إنَّ هذا خلاف التحوّل الذي ظهر لدى النساء، وخلاف التحوّل الذي طرأ على‏شعبنا، لا تكونوا متفرجين فقط تأتون وتشاهدون ثم تعودون إلى أعمالكم ولا شأن لكم في شيئ حتى العام القادم لتُدْعَوا للحضور هنا مرة أخرى، إذ لو تكرر هذا الأمر بهذا الشكل مئة عام فلا يساوي شيئاً ولن ينتهي بنتيجة مثمرة. عند ما تأتون إلى هنا وتعودون إلى بلدانكم إذكروا لأبناء شعبكم وغيرهم مارأيتم، ولاتظنّوا أنَّ هذا غير ممكن فقد رأينا أنه ممكن وقد حصل.

هل تظنون أنَّ إيران كانت في السابق هكذا؟ كلّا، لم تكن هكذا من قبل، فكم تحمّل هذا الشعب من الآلام وكم ضحّى من الشبّان، وكم ضحّى هذا الشعب بكل شيئ وما يزال يضحّي، وما ذلك إلّا لأن هذا الشعب قد وعى واستيقظ وتقدم خطوة من أجل الله فتفضل الله تبارك وتعالى عليه بعنايته. إذهبوا وأيقظوا شعوبكم وليذكر أيّ واحد منكم الأمور أينما كان، لا تفكّروا في أنكم إذا تحدثتم في هذه الأمور فستتخذ الدولة منكم موقفاً سلبياً فلو فعلت الدولة ذلك لزادت من احترامكم ولو أبعدتكم عن البلاد لارتفعت منزلتكم، ولو سجنتكم لعظم مقامكم، ولو طلبتم الدنيا وكان طلبكم إياها لله أيضاً فلا يخشى الإنسان من هذه القضايا، عرّفوا الناس على الله وعلى الإسلام وعلى الأخلاق الإسلامية لتحصلوا على النتيجة المطلوبة، وما دام شعبنا يتحلّى بهذه الصفة وكذلك السالكون طريق كربلاء فسيكونون في تقدم، ولو تزلزلوا بعض الشئ لا سمح الله لزالت عنهم هذه الحال ولعادوا إلى السلوك السابق وإلى (صاحب الجلالة) أو إلى أسوأ من ذلك وسيأتي رئيس جمهورية أسوأ منه.

الإخلاص مصدر التقدم‏

و لو أردتم أنتم أن تتصفوا بالإنسانية وأن تتحلوا بالقيم الإنسانية ولا تكون أعمالكم من أجل البطن بل من أجل الشرف ومن إجل الإنسانية ومن أجل الله تعالى، ولو أردتم أن تصل أعمالكم التي عملتموها لله إلى النتيجة المطلوبة فعليكم أن تتخلّوا عن الأهواء النفسية، فالشيطان لا يتخلى عن الإنسان لأنّه قد تحدّى الله وأقسم بأنّه لا يترك العباد وشأنهم بل سيغويهم أجمعين (إلّا عبادك منهم المخلَصين)4، فأنتم تواجهون مثل هذا العدوّاللدود فاتجهوا لمحاربته الآن وعند ما تعودون إلى مدنكم أطلعوا الناس على أنهم يواجهون مثل هذا العدو الباطني الذي أدّى إلى أن يتسلط علينا الجبابرة الظاهرون فلو قضيتم على هذا العدو لحلّ الوئام والوحدة والأخوّة بينكم ولزال الخوف من قلوبكم وفرغت من حبّ الدينا ولتمكنتم من إنجاز الأعمال كلها وهناك تحصل المعجزة.

رسالة إيران هي الدفاع عن المسلمين جميعاً

أسأل الله تبارك وتعالى أن يتفضل بمنح القدرات المعنوية لكل الشعوب الإسلامية والمظلومين والمحرومين في العالم أجمع لكي يتمكنّوا بهذه القدرة المعنوية من التسلّط على‏الجبابرة والشياطين، وآمل من السادة الذين جاءوا من المدن المختلفة وتحمّلوا المشاقّ وحلوا في إيران أن يتنبّهوا إلى القضايا إيران وينقلوها إلى شعوبهم، ويجملوا رسالة هذا الشعب إلى شعوب بلدانهم. إننا نعتبر الدول الإسلامية كلها دولنا وعلى كل مسلم أن يكون كذلك، إننا نرى أنَّ الدفاع عن المسلمين واجب علينا، إننا سنواجه الجبابرة في كل مكان تصل إليه أيدينا. إننا لا يمكننا أن نفرّق بين مسلمي الحبشة والمسلمين هنا، فالإسلام لم يسمح لنا بأن نفرّق بينهما، فالكل متشابهون والفرق بينهما التقوى، فأوصوا شعوبكم بأن لا يستمعوا إلى وسائل الإعلام المغرضة التي طبّقت العالم، إنها تريد أنْ تبعدكم عن الإسلام، إنها تريد أن تقول لكم: أنظروا إلى إيران التي تريد أن تعمل باسم الإسلام قد صارت أكثر الأماكن ظلماً وعبثاً، وأرواح الناس في الشوارع معرضة للخطر إنهم يخافون أن يهجم عليهم حراس الثورة فجأة ويقتلونهم!! أفهموا الناس أنَّ هذه الدعايات كلها من أجل عزل الإسلام لا من أجلي أمثالي. لاحظوا أنَّ رئيس الجمهوريةعند ما زار باكستان وقوبل باستقبال مهيب من قبل الشعب الباكستاني لكنَّ رد فعل عملاء أمريكا لهذا الاستقبال كان بث الدعايات المضادة وإصدار الفتوى من قبل فلان وتوجيه اللعن إلى الخواجه نصير الدين 5.

لماذا كل هذا الضجيج؟ لأنَّ واحداً من رجال الدين إنْ كان معدوداً منهم أمريكائي المشرب جالس في الباكستان وشاهد هذا الاستقبال العظيم فخاف أن يأتي الاسلام في وقت من الأوقات إلى الباكستان كما جاء إلى إيران، وعلى أثر ذلك نهض ونشر كتاباً.

الجميع ملزمون بالمحافظة على الجمهورية الإسلامية

على كل حال فالواجبات كثرةوكبيرة بالنسبة لنا جميعاً، ونحن ومن أجل إدامة هذه الثورة علينا مسؤوليات كثيرة، فالدولة لها مسؤؤلياتها ورئيس الجمهورية له مسؤولياته‏ وكذلك الفلّاح والعامل وكل فرد في كل زاوية من هذا البلد له مسؤولياته في حفظ الجمهورية الإسلامية وهذا واجب عينيٌّ وأهميته تفوق أهمية الصلاة لأنَّ فيه حفظ الإسلام والصلاة فرعٌ من الإسلام وهذا وا جب علينا جميعاً لا فرق بين تركي وفارسي وسيستاني وبلوشستاني وغيرهم، حفظ الدين الحق واجب على الدنيا كلها ويقع على رأس الواجبات كلها، غاية الأمر أنَّ غير المسلمين لعدم اعتقادهم بالإسلام يقولون: حسناً! الإسلام أوجب ذلك، فما شأننا نحن به؟ أمّا نحن المسلمين فنعتقد بهذا الواجب، فحفظ الجمهورية الإسلامية واجب على المسلم في أفريقيا إذ من الممكن أن يشع نورها إن شاء الله في المستقبل في كل مكان، وقد حصل هذا الآن.

لقد تبدل وضع الدنيا حتى في أمريكا فهم يبحثون عن ظهور شيئ، عن خبير إسلامي يستطلعون منه الأخبار. إنهم يتصورون أنهم بسماعهم عدة قصص عن الإسلام ينتهي الأمر، إنهم لا يتمكنون من فهم المعنويات الإسلامية، إنهم يظنون أن لو وقعت الحرب الفلانية في الإسلام أو وقع الشيئ الكذائي فسيصلح الأمر. إنهم يريدون أن يعرفوا: "ما هي القضية التي وقعت في إيران؟ لنذهب وننظر ما الخبر؟". إنهم لا يدرون بأنهم لا يفهمون هذه الأمور على الإطلاق، لا يتمكنون من فهم المعنويات، إنَّ عيونهم لا ترى غير زخارف الدنيا، ولو كان لنا لا سمح الله مثل هؤلاء الناس يقول أحدهم أنا أكون أعلى وأنت أدنى، فسنكون أكثر من أولئك انحطاطاً، لأننا نعيش في بلد إسلامي وفي زمان لو أنَّ شخصاً تخلّق بمثل هذه الأخلاق لكنا أكثر من أولئك انحطاطاً. أسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعاً للعمل بآداب الإسلام، كما أسأله أن يتفضّل بعنايته وينصر مقاتلينا وجميع المسلمين على الظالمين.

والسلام عليكم ورحمة الله‏

روح الله الموسوي الخميني‏

* صحيفة الإمام، ج19، ص:418,412


1- اشارة إلى الحفاوة البالغة للشعب الباكستاني بالسيد الخامنئي في الزيارة التي قام بها إلى باكستان في فترة رئاسته للجمهورية.
2- المقصود، السيد علي الخامنئي.
3- المقصود، السيد ميرحسين الموسوي.
4- سورة الحجر، الآية 40.
5- الخواجة نصيرالدين الطوسي( توفى عام 673 هـ. ق) من كبار علماء العالم الاسلامي، وله مؤلفات عديدة في العرفان والكلام والفلك، واستطاع بحنكته ان يردع هولاكو عن تدمير آثار الحضارة الاسلامية.

2011-06-25