الصفات والأعمال الأخلاقيّة
مقدمات في الأخلاق
من المعلوم أنّ كلّ فعل يفعله الإنسان له أصلٌ وأساس في باطنه ومحتواه الدّاخلي، وبعبارة اُخرى، إنّ الأعمال هي مرآة باطن الإنسان، فإحداهما بمنزلة الجذر، والاُخرى بمنزلة السّاق والأوراق والّثمر.وبناءً عليه: فإنّ الأعمال الأخلاقيّة، لا تنفك عن الصّفات الأخلاقيّة، فمثلاً النّفاق، له جذوره في روح الإنسان...
عدد الزوار: 105
من المعلوم أنّ كلّ فعل يفعله الإنسان له أصلٌ وأساس في باطنه ومحتواه الدّاخلي، وبعبارة اُخرى، إنّ الأعمال هي مرآة باطن الإنسان، فإحداهما بمنزلة الجذر، والاُخرى بمنزلة السّاق والأوراق والّثمر.
وبناءً عليه: فإنّ الأعمال الأخلاقيّة، لا تنفك عن الصّفات الأخلاقيّة، فمثلاً النّفاق، له جذوره في روح الإنسان، ويحكي عن إزدواجيّة ذلك الشّخص، وعدم توحيده في دائرة الإيمان، فهذه الصّفة الباطنيّة تحثّ الإنسان على سلوك طريق النّفاق والرّياء مع الغير.
الحسد أيضاً من الصّفات الباطنيّة السلبيّة، حيث يتمنى معه الشّخص الحاسد، زوال النّعم التي أعطاها الباري تعالى لغيره، وتتجلى هذه الصّفة الذّميمة في أعماله وأفعاله، التي يريد بها التّصدي لسعادةِ ذلك المحَسود من موقع العداوة والخصومة.
الكِبْر والغُرور، هي صفاتٌ باطنيّة كذلك، نشأت من جهل الإنسان لقدره ومقامه، وهي ناشئةٌ من عدم تحمل الإنسان لثقل المواهب الإلهيّة، التي يُعطيها الباري له، ويتبيّن هذا الأمر من تصرفاته، وعدم إعتنائه بالغير، وبذاءة لسانه وتحقيره للآخرين.
ورُبّما، ولأجل ذلك لم يفرق علماء الأخلاق بين هذين الإثنين في كتبهم الأخلاقيّة، فمرّةً يعرّجون على الصّفات الداخلية للإنسان، واُخرى يتطرّقون للأعمال الخارجيّة، التي تستمد مقوّماتها من عالم الصّفات الباطنيّة، فيطلق على الأول: "الصّفات الأخلاقية"، وعلى الثاني: "الأعمال الأخلاقيّة".
وطبعاً الأعمال الأخلاقية، هي موضوع المباحث الفقهيّة لدى الفُقهاء، ولكن ومع ذلك، فإنّ علماء الأخلاق قد تناولوها بالبحث في دائرة السّلوك الأخلاقي للفرد، ومن الطّبيعي فإنّ نظرة عالِم الأخلاق، تختلف عن نظرة الفقيه، فالفقيه يبحث المسألة في إطار الأحكام الخمسة: (الحُرمة، الوُجوب، والإستحباب، والكراهة، والإباحة)، ولربّما تطرّق للثواب والعقاب، وللأعمال في نطاق الحياة الآخرة، ولكن عالِم الأخلاق ينظر إليها من منظار كمال الرّوح والنّفس، وإنحطاطها وتسافلها في خطّ الإنحراف، وبهذا يتبيّن الفرق بين الصّفات والأفعال الأخلاقية، ويتمّ من خلالها تمييز نظر الفقيه عن نظر عالِم الأخلاق.
*الأخلاق في القرآن،آية الله مكارم الشيرازي،مدرسة الامام علي بن ابي طالب عليه السلام-قم،ط2،ج1،ص186-187
سفينة البحار، مادة "شريك"; ومروج الذهب، ج3، ص310.