الموضوع: أهمية عمل المعلم وواجبات المعلمين في تربية التلاميذ
خطاب
الحاضرون: معلمو التربية الدينية من أنحاء البلاد
عدد الزوار: 191
التاريخ 10 بهمن 1359 هـ ش/ 23 ربيع الأول 1401 هـ. ق
المكان: طهران، جماران
الحاضرون: معلمو التربية الدينية من أنحاء البلاد
بسم الله الرحمن الرحيم
الفطرة النقية للأطفال والناشئة
أتقدم بالشكر للسادة الذين تجشّموا عناء المجيء في هذا الجو البارد وفي هذا المكان الضيق. وفقهم الله جميعاً لخدمة الإسلام والبلاد.
أنتم تعلمون أن هؤلاء الاطفال الموجودين هنا في المدرسة الابتدائية وبعدها سيكونون في أماكن أخرى كالثانوية ثم ينتهي بهم الأمر إلى الجامعات هؤلاء هم رأسمال الوطن أعني رأسماله العلمي والبناء العلمي لهذا الوطن وتعلمون أن هؤلاء الأطفال من بداية دخولهم إلى بيئة التعلم فإن لديهم نفوساً سالمة ونقية قابلة لأنواع التربية ولكل ما يلقى إليهم. وهم من بداية دخولهم إلى دور الحضانة بمثابة أمانات إلهية بأيدي هؤلاء الذين يعلّمونهم فيها وهذه الأمانات تنتقل إلى أماكن أخرى ومعلمين آخرين إلى أن يكبروا ويرشدوا ويصلوا إلى المراحل العليا والجامعات.
اذا تمت تربية هؤلاء الأطفال من البداية دون أي انحراف تربيةً مناسبة لإنسانيتهم ومناسبة لفطرتهم الإنسانية النقية ومن خلال تربية أولئك المعلمين في الحضانة والمدارس الابتدائية فانهم ينتقلون إلى الثانويات مثلًا بنفس التربية. وإذا كانت التربية هنا أيضاً على أساس الصراط المستقيم وإذا قام المعلمون هنا أيضاً بهدايتهم طبقاً لما تقتضيه فطرتهم فمن باب أنهم شبان كانوا في البداية اطفالًا ثم صاروا شباباً هناك إذا كان التعليم والتربية إنسانياً فإنه كما في ذلك الحال قبول أي تربية في اليافعين يتمّ بسرعة وينتقلون إلى المراحل التالية. هناك أيضاً إذا كانت التربية تربية إنسانية أيضاً وموافقة لفطرة الإنسان التي هي ﴿ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾1. وفي الجامعة يتلقى أيضاً نفس هذه التربية. مثل هؤلاء الأطفال عندما يتم تقديمهم إلى المجتمع ويصبح مصير البلاد والمجتمع بأيديهم فإنهم يقودون المجتمع نحو الأمام ويجعلونه نورانياً وإنسانياً ويربّون البلاد على أساس فطرة الله.
خطر العلم بلا تربية
إذا أردتم ان تعلّموا الأطفال فقط دون أن تهتموا بجانب التعليم والتربية الإنسانية والتربية الأخلاقية، فإن المتعلم يقطع مراحل ولكن العلم دون تربية يشدهم أو يشد أكثرهم إلى الفساد. الإنسان لا يأتي إلى الدنيا فاسداً. في البداية يأتي إلى الدنيا بفطرة جيدة يأتي إلى الدنيا بفطرة إلهية كل مولود يولد على الفطرة 2 والتي هي الفطرة الإنسانية فطرة الصراط المستقيم فطرة الإسلام فطرة التوحيد. أنواع التربية هي التي تفتح هذه الفطرة أو أنها هي التي تسد الطريق على الفطرة. التربية هي التي من الممكن أن توصل المجتمع إلى كماله المنشود حسب كل مجتمع إنساني وهي التي تجعل البلاد إنسانية نموذجية كما يريدها الإسلام. وتعليم هؤلاء دون التربية من الممكن عندما يقع البلد بأيديهم وتقع جميع شؤون البلاد بأيديهم فإنهم يدفعونه نحو الدمار. أنتم أيها المعلمون وجميع المعلمين في كل أنحاء البلاد وجميع الأساتذة في الجامعات مسؤولون تجاه هذه الأمانة التي أعطاكم إياها الله تبارك وتعالى وأولياء الأطفال. جميعكم مسؤولون. لا تظنوا انكم تعلّمون بضعة أشخاص وتقومون بتعليم هؤلاء ومن الممكن ان تتخيلوا ان هذا العدد لا يشكل شيئا والآخرون هم الذين يقومون بالأعمال. من الممكن أن يكون بين هؤلاء شخص يصل إلى مرتبة عالية ان يصبح رئيساً للجمهورية وللبلاد أو يصبح رئيساً للوزراء وتصبح المناصب العليا للوطن بيده فلو أن هذا الشخص الذي كان عندك ثم ذهب كان عند أشخاص آخرين إلى أن وصل إلى النهاية وتربى تربية فاسدة أو إنه تعلم دون أن يهتم بأن يتربى تربية إنسانية او كان لديه معلم منحرف لا سمح الله وهذا الطفل من البداية وبعد ذلك في المراحل التالية كان تحت تاثير تربية منحرفة من الممكن هذا الشخص أن يقضي على بلد بأكمله.
رضا خان كان شخصاً واحداً. وعندما جاء إلى طهران كان شخصا واحدا في فوج، كان له منصب صغير ولكن الذين يريدون نهب ثروات البلد بالقوة فهموا ان هذا الشخص اهل لهذا العمل. ولهذا أرسلوه بحيث عندما نفوه خارج إيران في ذلك الوقت كانت الاذاعات الانجليزية قد أعلنت اننا نحن الذين اتينا به ولكن بعد ان خرب علينا امورنا واخطأ في حقنا وخاننا أبعدناه وأخذناه. من الممكن أن يخرج من طلابكم رضا خان آخر اذا لم تكن التربية تربية صحيحة أو أن يخرج من طلابكم محمد رضا آخر. انتم لا تعلمون هذا الشخص الذي أمامكم الآن حتى ولو فرضنا انه ابنٌ لمزارع او ابنٌ لبائع في السوق انتم لا تعلمون ماذا سيصبح ابن هذا المزارع و ابن هذا الكاسب في المستقبل. رضا خان كان ابناً لإنسان من الطبقات الفقيرة ولكن لان التربية لم تكن تربية إنسانية ولم تكن إسلامية ظهر إنسان فاسد وجر البلاد إلى فساد لسنين طويلة. وكما رأيتم هذا الاب وهذا الابن من باب أنهما لم يكونا يتمتعان بتربية إنسانية وإسلامية ومع أنهما كانا شخصين فقط ولكنهما كانا ألعوبتين بيد الأجانب. إذاً لا تظنوا أنّ لدي ابنَ كاسب وهو لا شيء في النهاية سيذهب ويصبح كاسباً. أو أنه فرضاً عندي ابن فلاح، لاتفكروا هكذا ابدا. عليكم ان تفكروا ان هذا الطفل من الممكن ان يصبح يوماً ما رئيساً للجمهورية أو رئيساً للجيش. عندما يصبح هذا رئيساً للبلاد أو رئيساً للجيش فانه سيقود البلاد للدمار والفناء.
دائماً وفي الغالب الأفراد القلائل هم الذين يظهرون ويتسببون برقي بلد ما أو انحطاطه. يجب أن تنتبهوا إلى هذا المعنى إنه إذا كانت تربيتكم تربية غير إنسانية وغير إسلامية لا سمح الله فان اي عمل يقوم به في المستقبل فإنكم شركاؤه في الجريمة وإذا كانت التربية تربية إنسانية وبحسب الفطرة الإنسانية فأنتم شركاء في اي عمل حسن يقوم به في المستقبل. المعلم امين- غير جميع الأمناء الآخرين- إذ أنّ الإنسان أمانة بيده اذا ارتكب الإنسان خيانة للأمانة في الأمانات الأخرى فانه قد ارتكب إثماً. إن اؤتمن على سجادة ففرط بها فان ذلك لا يؤثر على المجتمع بل أضر بشخص واحد طبعاً يجب عليه أن يعوض عن الضرر الذي ألحقه به. ولكن لو كانت الأمانة إنساناً أو طفلًا قابلًا للتربية وتم ارتكاب خيانة بحقها فإن هذه الخيانة قد تكون خيانة للشعب، خيانة للمجتمع وخيانة للإسلام. وبناءً على هذا فإن هذا العمل في نفس الوقت الذي هو عمل شريف جداً وقيم جداً من باب أنه شغل الأنبياء الذين جاؤوا لتربية الإنسان فانه مسؤولية كبيرة جداً كما كانت مسؤولية الأنبياء كبيرة جداً.
أهمية عمل التعليم
يجب عليكم ان تنتبهوا جيداً إلى أنكم لستم أشخاصاً عاديين. ولو فرضتم أنه في إدارة ما قام شخص ما بارتكاب مخالفة، أو في وزارة ما ارتكب مخالفة فالمخالفة التي تحصل في الوزارة أو في الإدارة تختلف كثيراً عن المخالفة التي تقع في الأماكن التي يجب أن تحصل فيها التربية والتعليم مثل وزارة التربية والتعليم. الفرق كبير جداً. المخالفة التي تحصل في وزارة ما لا تؤدي إلى اضطراب المجتمع إلا في حالات نادرة ولكن في التعليم والتربية لو أن التربية تمخضت عن طفل فاسد وتمت تربية طفل بأخلاق شيطانية، أخلاق استكبارية فان هذا الطفل ذا الأخلاق الشيطانية، والأخلاق الاستكبارية من الممكن أن يفسد بلداً بكامله وأن يفسد كثيراً من الناس. وفي جميع هذه الحالات أنتم العاملون في هذا الحقل التربوي العظيم شركاء في جميع الحالات شركاء في المحاسن والاعمال الحميدة وفي الاعمال السيئة. انتم شركاء في الجريمة احيانا وشركاء في النورانية احياناً أخرى تلك النورانية التي ساهمتم في خلقها. يجب عليكم ان تنتبهوا إلى انكم لستم ناسا عاديين. انتم تعلّمون جيلا سوف يتسلم جميع مقاليد وشؤون البلاد في المستقبل. أنتم امناء على مثل هذا الجيل. يجب ان تكون تربيتكم وتعليمكم متقارنين مع بعضهما البعض. وهذا الواجب ليس على عاتق معلم التربية الدينية لوحده، هذا واجب جميع المعلمين وفي أي اختصاص وجميع أساتذة الجامعات وفي كل تخصص.
كما أن معلم التربية الدينية إذا أراد أن يعلم العلوم الدينية دون أن يأخذ الأخلاق الدينية بعين الاعتبار ودون أن يهتم ببناء الطفل والشاب من الممكن ان يتسبب بكوارث وأن يتسبب في تدمير البلاد. معلم الإختصاصات الأخرى أيضاً يتوجب عليه مثل هذا الواجب في كل اختصاص حصل فيه التعليم اذا حصل انحراف في التعليم فان المعلمين والأساتذة الذين يوجدون الانحراف شركاء في الجرم الصادر عنهم من جهة ومن جهة أخرى يتسببون في دمار بلدهم حسب الظروف كما ان واجبكم ليس هو التعليم فقط بل يجب أن تعلموا هؤلاء الذين في أيديكم وأن تعتبروا أنّ اهمية التربية أكثر من التعليم.
واجبات المعلمين في تربية التلاميذ
عليكم أن تربوهم على الأخلاق الإنسانية والأخلاق الإسلامية وأن توجّهوهم نحو الله وأن تجنبوهم الفساد الموجود في المجتمعات المنحطة. عليكم ان تذكروهم بأنهم لو تربوا تربية إسلامية- إنسانية فان هذا سعادة لهم وسعادة لبلدهم. يجب عليكم أن تربوهم على الاحتراز عن الطبيعة المنحطة التي تشد الإنسان نحو الانحطاط والتي تتمثل في حب الجاه وحب المال وحب المنصب. يجب أن تبعدوهم عن هذه الأشياء التي هي من صعوبات طريق الإنسان والتي تمنع رقيّه. وضّحوا لهم ان الإنسان طالما كان منصرفاً الى عالم الطبيعة هذا فانه ليس إنساناً، هؤلاء الذين كل همهم الحصول على شيء وأن يكون لديهم حياة رغيدة والمسائل المادية، في النهاية سيكون وضعهم كحيوان كل همّه في حاجاته المادية، يجب عليكم ان توضحوا لهم ان الحياة هي الحياة الشريفة فقط. الحياة الإنسانية هي الحياة الشريفة. يجب عليكم ان تمنعوهم عن عبادة غير الله وان تربوهم على عبادة الله. واذا دخل الإنسان المجتمع من طريق عبادة الله أو أنه نظر إلى الأمور من طريق العبادة من خلال هذا الطريق ومن خلال هذه القناة، فان جميع اعماله تصبح الهية.
إذا قبل الإنسان عبادة الله فقط واحترز عن سائر الأشخاص، إذا دخل من خلال قناة عبادة الله في الدنيا وفي الطبيعة فان كل عمل يقوم به هو عبادة لأن المبدأ هو عبادة الله. لقد لاحظتم أن القران الكريم وأيضاً في الصلاة عندما تصلون تقدمون عبادة النبي لله على رسالته (عبده ورسوله) عبد قبل أن يكون رسولًا ومن الممكن ان يكون هذا الاساس إشارة إلى انه من خلال العبودية وصل إلى الرسالة. تحرر من كل شيء وصار عبداً، عبداً لله وليس عبداً للأشياء الأخرى.
هناك طريقان لا اكثر، اما عبودية الله وإما عبودية النفس الامارة، هذان هما الطريقان. أن يتحرر الإنسان من عبادة الآخرين ويقبل عبودية الله- الذي يليق ان يكون الإنسان عبده- فان الأعمال التي يقوم بها ليس فيها انحراف اي لن يرتكب انحرافا متعمداً.
جميع الانحرافات سواءً كانت في العقائد أو في الاعمال المنحرفة أو الأقلام المنحرفة أو الأحاديث المنحرفة كلها لأنها لم تمر من قناة العبودية لله، ولأنّهم عبيد للأهواء النفسية.
هؤلاء الصغار الذين في أيدي المعلمين في المرحلة الابتدائية من حيث الصف، هؤلاء الأطفال من حقهم أن يكون كل واحد منهم إنساناً، ويحق لكلّ واحد منهم ان يكون إنساناً بتمام معنى الكلمة. كما لديهم استعداد ان يكون كل واحد منهم شيطانا وحيوانا.
التربية هي التي تدفع الطفل نحو طريق الإنسانية او إلى طريق الحيوانية فإذا زيّن الإنسان لهم مقامات الدنيا ومناصبها وأكثر من الحديث عن هذه الامور وملأ قلب الطفل بها فانه ينشأ على هذا الشيء ويشب عليه. الشيء الذي تعلمه في هذه المرحلة ووقع في قلبه ولأن قلبه صاف ونوراني فانه يقبل بسرعة وفي المرحلة التالية عندما يذهب ليحصل على شهادة وعمل فاما أن يتحول إلى موظّف بطرق شرعية وإما أن يتحول إلى ناهب.
اذا ملأتم أذهان الأطفال بالحديث عن العمل والمنصب .. وأنه كيف يكون منصبك وهل سيكون لديك مالٌ ومزرعة فان كل اهتمام الاطفال يصبح هذه الاشياء وكأنه لا شيء غيرها. ولو أنكم لقنتموهم هذا المعنى انه يجب أن نعيش في هذا البلد بشرف إنساني فان هذا المعنى يرسخ في ذهن هذا الطفل إذا عمل لله كما رسخ ذلك المعنى في ذهن اللص ومن ينهب أموال الناس أو ذلك المنحرف الذي يقبض الراتب. ولكن هناك فرقاً بين الاثنين فأحدهما امتلك بيتاً مثلًا من خلال الخيانة والآخر وصل إلى هذا البيت من خلال عبادة الله، أحدهما لم يكترث بالبيت ولكنه امتلكه كحاجة طبيعية له والآخر لا يهتم بشيء سوى الحصول عليه.
إذا لم يهتد الإنسان إلى الطريق المستقيم الذي وضعه الله تبارك وتعالى أمام الإنسان، اذا لم يسلك هذا الطريق فان بقية الطرق جميعها انحراف واعوجاج. وإذا وصل المنحرفون والمعوجون في بلد ما إلى مقدراته فان ذلك البلد سيؤول إلى الانحطاط والانحراف. واذا وصل الأفاضل والعلماء ذوو الفضائل الإنسانية إلى السلطة فإن فضائل ذلك البلد ستزداد لأنهم وبحسب المنزلة التي هم فيها فإن الناس يهتمون بكلامهم وكلامهم يؤثر في أفكار العامة من الناس. وكم من الممكن ان تؤدي كلمة من شخص في المجتمع له مكانته ونفوذه إلى توجيه المجتمع نحو الفساد. وبالمقابل من الممكن أن تؤدي كلمة تخرج من فم شخص له مكانته في المجتمع، من الممكن أن توجه المجتمع نحو الصلاح. وأنتم أيها السادة تريدون ان تقدموا للمجتمع مثل هؤلاء الأفراد. لا تتوهموا انهم افراد عاديون. هذا الفرد العادي من المحتمل أن يصبح رئيساً لبلد وان يصبح لديه منصبٌ. وعندما يصبح لديه منصب سيكون الميزان. فاذا كان منحرفاً، وانحرف ,عندكم أثناء التعلم، فهذا من الممكن أن يفسد فرداً ومجتمعاً. النبي كان فرداً ولكن من باب انه كان إنساناً عبر من مقام العبودية إلى مقام الرسالة وكل شيء فيه كان إنسانياً فانّه أصلح المجتمعات الكبرى من زمانه إلى فترات لاحقة، كان شخصاً واحداً ولكن فرداً كان يصلح مجتمعات. لو ان الدنيا كانت خالية من الأنبياء أي كان هناك بشر دون انبياء فاننا كنا نرى اليوم حكايات في الدنيا وفضائح لا يتمكن الإنسان من أن يرى نظيرها. الآن وقد قام الانبياء بتحمل العناء وشرّفوا البشرية بتعليمهم وتربيتهم رغم ان المنحرفين كانوا كثيرين أيضاً وقاموا بالوقوف في مقابل الانبياء ودعوا الناس إلى الانحرافات. إلّا أن كل ما في الدنيا من بركات اليوم هو من الأنبياء. انتم لو لاحظتم الملفات والقضايا الموجودة اليوم في المحاكم في جميع أنحاء الدنيا فانكم لا ترون قضايا للاشخاص الذين يعتقدون بالأنبياء وتربوا تحت عناية الأنبياء فان القضايا الجنائية التي تخصهم قليلة او غير موجودة اصلًا. جميع قضايا الجنايات وجميع الملفات المالية والجنائية والاجرامية وأمثالها كلها تصدر عن الأشخاص البعيدين عن تربية الأنبياء حتى ولو كانوا يصلون صلوات لم تمر من قناة العبودية ولو فرضنا أن الأعمال التي يقومون بها أعمال صالحة ولكن لم تكن من طريق العبودية المستقيم ومن كان يقوم بمثل هذه الأعمال كان كل همه والتفاته إلى نفسه.
لو استطعتم ان تربوا هؤلاء الأطفال بحيث يكونون من البداية يريدون الله وكل اهتمامهم نحو الله ولو تمكنتم من إلقاء وتلقين عبودية الله والصلة مع الله لهؤلاء الأطفال، والأطفال يقبلون بسرعة، إذا ألقيتم إليهم التربية الالهية وعبودية الله الذي كل شيء له، وقبلوا ذلك فانكم قدمتم إلى المجتمع خدمة وبعد ذلك سيكون لتعبكم قيمة. ولا قدر الله لو قدم شيء خلاف هذا لهذه الأمانة واياً كان الذي قام بهذا فانه يكون قد ارتكب خيانة، وهذه الخيانة غير جميع الخيانات هذه خيانة بالإنسان وخيانة بالإسلام وخيانة لعبودية الله.
يجب الانتباه جيداً، لقد اخترتم عملًا سامياً جداً ولكن يجب ان تنتبهوا إلى مسؤوليته. ربوا فالمهم هو التربية، العلم لوحده لا فائدة منه. العلم لوحده مضر. أحياناً هذا المطر الذي هو رحمة إلهية عندما يلاقي الورود ينتشر عبقها وأريجها وعندما يلاقي الأشياء القذرة فان رائحتها القذرة أيضاً تتصاعد. العلم هكذا أيضاً لو دخل العلم إلى قلب رُبِّيَ فان عطره يملأ العالم. ولو دخل قلباً لم يترب فان فساده يملأ العالم فإذا فسد العالِم فسد العالَم واذا كان صالحاً فانه يصلحُ، ولهذا الصلاح شعاع من النور يوصل الناس إلى السلام والإصلاح والحسن. وأنتم تتصدون لمثل هذا العمل أنتم تتصدون لايصال هذا العالم إلى النور من الظلمات. حاولوا إظهار نورانية الأطفال النورانيين لتفتّح مواهبهم.
أنتم تتصدون لأمر جليل قوموا بتربيتهم تربية إسلامية صحيحة حتى ينال بلدكم- ان شاء الله- سعادته.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* صحيفة الإمام، ج14، ص: 31
1- الروم:30.
2- عوالي اللآلئ، ج 1، ص 35، ح 18.