الموضوع: ضرورة الثقة بالنفس واغتنام فرصة المقاطعة الاقتصادية للاكتفاء الذاتي
خطاب
الحاضرون: وكيل وزارة النفط - المعاونون - مدراء شركة النفط الوطنية والغاز والصناعات الكيمياوية والشركات التابعة لها
عدد الزوار: 131
التاريخ: 26 بهمن 1359 هـ./ ربيع الثاني 1401 هـ. ق
المكان: طهران، جماران
الحاضرون: وكيل وزارة النفط - المعاونون - مدراء شركة النفط الوطنية والغاز والصناعات الكيمياوية والشركات التابعة لها
بسم الله الرحمن الرحيم
محاولات الأجانب للقضاء على هوية الشعب الإيراني
إن أكبر الضربات التي تلقيناها من القوى الكبرى هي الضربة الشخصية. لقد سعوا لسلبنا شخصيتنا، وبدلا عن الشخصية الإيرانية الإسلامية حاولوا إعطاءنا شخصية تابعة أوروبية شرقية أو غربية. أي أن التربية الفاسدة التي كانت في عهد النظام السابق وكانت تقوى شيئاً فشيئاً، هي الشروع من الحضانة وبهذا الشكل يمهدون لتحويل أطفالنا إلى موجودات تابعة لهم إلى أن ينتقل إلى مرحلة أعلى كالثانوية مثلًا وهكذا إلى المراحل العليا. طيلة المدة التي ابتليت فيها إيران بهذا البرنامج وظهر فيها هذا المرض الذي يجعلنا نفكر أننا لا نستطيع أن نقوم بشيء، ويجب علينا أن نجلب أي شيء من الخارج أو أن نطلب منهم. وإذا أردنا أن نقوم بعملية زائدة دودية يجب أن نحضر الطبيب من الخارج أو أن نرسل المريض إلى الخارج. لقد رأيتم في عهد محمد رضا أنه من أجل مرض بسيط جداَ- الزائدة الدودية او مرض شبيه به- أحضروا طبيباً من الخارج. وتعلمون أن الشخص الذي عنده كل هذا الادعاء إنني أنا قائد هذا الشعب وأريد أن أوصل البلاد إلى (الحضارة الكبرى) وكل تلك الدعايات التي قاموا بها من أجل هذا الموضوع من أجل أن يظهروه بمظهر الشخصية الكبيرة ومن مثل هذه الشخصية التي يدعون أنها كبيرة فإن مثل هذا العمل الذي صدر منه كم يصبح كارثة وفاجعة للوطن في أعين الخارج والداخل. ما يحدث في الخارج هو أنهم يقولون اذا كان لديهم طبيب متخصص في مثل هذا المرض فليس هناك داع لاحضار طبيب من الخارج. وفي الداخل فانه يقلل من شأن وقيمة أطبائنا ومتخصصينا. والإنسان يفهم أن مثل هذه المسالة لم تكن مصادفة، هذا الشخص يتعلق بهذه الرغبة ويريد أن يحضر شخصاً من الخارج. هذه المسألة مدروسة من أجل سلب الشخصية الوطنية. إذا أردتم أن تعبّدوا أرضاً أو شارعاً او طريقاً فانهم كانوا يسارعون إلى مد أيديهم إلى الخارج لياتوا بمتخصصين ليقوموا بمثل هذا العمل. وهذا لم يكن من باب أنه لم يكن موجوداً ومتوفراً هنا بل من باب أنهم يريدون أن لا يأخذوا أصل الموضوع هنا بعين الاعتبار. أساسه هو أن يحطموا بلدهم بأننا نحن لا شيء ومن الأساس نحن لا نساوي شيئاً. يجب أن يكون كل ما لدينا من الخارج حتى الاسفلت وتعبيد طريق مثلًا. كانوا ينفقون كل تلك النفقات الباهظة مع أن النفقات ليست مهمة بالمقايسة مع إلقاء تلك الفكرة في أذهان عامة الناس من أننا بحاجة إلى متخصص من الخارج في مثل هذه الامور البسيطة وهذا هو المهم. وهذا ما كان يتم عن دراسة وخطة. أساسها أنهم يريدون جميع العقول التي في إيران أن تكون تابعة. أي أن يفقد الأطباء أنفسهم شخصيتهم وبدلًا عن أن يكون لديهم شخصية مستقلة يتم تحويل الأشياء إلى الخارج خوفاً من أننا نحن لا نستطيع.
المقاطعة الاقتصادية فرصة للاكتفاء الذاتي
لقد رايتم في هذه الحرب المفروضة التي تعرضنا لها والمقاطعة الاقتصادية التي فرضت علينا بأن الإيرانيين أنفسهم والعسكريين قاموا بصناعة هذه القطع. قبل هذا لم نكن نستطيع أن نصنع واحدة من هذه القطع من باب أنهم فقدوا شخصيتهم وكانوا يقولون يجب أن يأتي المتخصص.
أنا أعتقد أننا إذا تعرضنا لمقاطعة اقتصادية لمدة عشر سنوات أو خمس عشرة سنة فاننا سنكتشف شخصيتنا أي أن جميع العقول التي كانت راكدة في ذلك الوقت ولم تكن تستطيع ممارسة نشاطها فانها ستتفعل. من الطبيعي أن الشخص الذي يجلس في مكان ويتم إحضار كل شيء إليه فان فكره لا يبدع حتى لا يمكنه أن يصبح كاسباً وتاجراً! لو أن شخصاً من الصباح أحضر له الشاي والخبز وعند الظهيرة أحضر له ما يحتاجه أيضاً وعند المساء هكذا وتم تأمين ما يحتاجه أياً كان فانه لا يستطيع أن يقوم بشيء ويصبح إنساناً مصاباً بالشلل. هؤلاء كانوا يريدون تربية أناس مشلولين في هذه البلاد. دعاية وسيعة وأعمال مدمرة كانت من أجل أن يقنعونا أننا لا نستطيع ولسنا أهلًا للقيام بأي شيء. وفي الجهة الأخرى يحضرون كل شيء ويستوردون المتخصصين وكل ما يحتاج إليه في أي موضوع. عندما يرى شعب من الشعوب ان الخارج يدير كل شؤونه لا حاجة لشيء آخر فانه لا يفكر في ان يؤمن حاجاته بنفسه.
في اليوم الذي فهمت فيه الأمة أننا إذا لم نجتهد في زراعتنا وفي صناعتنا النفطية ومعاملنا فاننا سوف نتعرض للفناء ولا احد يعطينا، عندما يوجد هذا الإحساس في الشعب وهو إنني أنا الذي يجب أن اهيئ كل شيء لا أن يعطيني الآخرون، إذا يوجد هذا الاحساس فان العقول تشرع بالفعالية ويظهر المتخصصون في كل مجال وتبدأ الأيدي التي تستطيع القيام بأي عمل بالنشاط. بعدها يصلحون زراعتهم ويصلحون معاملهم.
كما ترون فانهم قاموا بتشغيل المعامل بانفسهم. في التفلزيون أيضاً احياناً يشاهد أنهم هم الذين قاموا بالتشغيل أو إنهم أبدعوا أشياء بأنفسهم. هذه الإبداعات من بركات هذه المقاطعة الاقتصادية. لو أننا كنا كما احتجنا الى شيء ارسلوه هم إلينا، فإن شبابنا ما كانوا ليفكروا في اننا نحن يجب أن نصنع. موجود! ماذا نصنع. المقاطعة الاقتصادية هذه التي يخاف منها الكثيرون، أنا أعدها نعمة لبلادنا لأن المقاطعة الاقتصادية معناها أن ما نحتاجه لا يعطى لنا. وعندما لا نعطى ما نحتاجه فاننا نبحث عنه. من الممكن ان نتعب أنفسنا عشر سنوات في البحث عنه ولكن في النهاية سوف نكون نحن الذين وجدناه ولن نكون في حاجة إلى أن نمد أيدينا إلى هذه المؤسسة أو تلك أو هذا البلد او ذاك. المشكلة هي أن النظام السابق عمل بطريقة وربانا نحن وشبابنا بحيث كانوا يرون أنفسهم فارغين من كل مضمون وكانوا يقولون نحن علينا أن نستهلك. هذا الشيء الذي كانوا يعرفونه! حتى أن تعبير البعض كان هو؛ حسناً ما هو العيب في أن يكون الآخرون خدماً لنا يأتوننا بالأشياء ونحن نستهلكها! وهم غافلون عن أن هؤلاء أسيادكم! ويأخذون كل شيء لديكم بهذا الشكل ويعطونكم شيئاً ما.
الثقة بالنفس والاعتماد على الذات
المهم أن نفهم أن الآخرين لا يعطوننا شيئاً. نحن أنفسنا يجب أن نجلب. إذا فهم المزارعون هذا المعنى واقتنعوا أن الخارج لا يعطينا شيئاً عند ذلك فإن المزارعين يقومون بانجاز العمل والشعب يقوم بالعمل. حسب ما سمعت، في الصين يزرعون أحياناً الحنطة فوق سطوح منازلهم فضلًا عن أراضيهم وساحات دورهم، يقومون بزراعة القمح على سطوح منازلهم. إذا أرادت دولة من الدول أن تقف على قدميها وأن تستقل في جميع النواحي فلا مفر لها من أن تطرد من ذهنها هذه الفكرة (نحن يجب أن نستورد الأشياء من الخارج) وأن توجه ذهنها إلى أننا يجب أن لا نستورد شيئاً من الخارج. إذا لم يكن عندنا شيء فلا نجلبه من الخارج، لا نقوم بالعمل الفلاني أن نصنعه، حتى ننجزه بانفسنا. إذا رأينا في وقت ما أن لدينا معملًا لا يمكن تشغيله فلا نتكل على أننا نذهب ناتي به من الخارج. بل نحاول بأنفسنا أن نصنعه ونؤمّنه. عقول أوروبا لا تختلف عن عقول إيران إلا في هذا المعنى وهو أن هؤلاء تربوا على هذه الطريقة وصنعوا أنفسهم بهذه الطريقة. وربونا نحن بهذه الطريقة. بحيث صنعوا منا موجودات كسولة غير منتجة. حسناً، إلى متى نتحمل كوننا موجودات كسولة ومهملة، إلى أن يصلنا من أسيادنا؟ إلى أن يعطونا خبزنا ولحمنا، الى أن يبنوا لنا إداراتنا وجيشنا. يجب أن يكون هناك نهاية لهذا الأمر ولا يمكن أن يكون الإنسان دائماً طفيلياً على الآخرين.
والأساس هو أن نصدق بأننا نستطيع. بداية كل شيء هو هذا الاعتقاد والتصديق بأننا نستطيع أن نقوم بالعمل. وعندما يوجد هذا الاعتقاد تتحقق الإرادة. إذا وجدت هذه الإرادة في شعب من الشعوب يقف الجميع من أجل العمل ويهبون للعمل. على كل حال يجب أن نخرج هذا الاعتقاد (إننا لا نستطيع) من أذهاننا وعلى الخطباء والكتاب والاداريين في الادارات الذين لديهم معلومات عليهم أن يقنعوا الناس بهذا الموضوع. وكما أنهم من خلال دعايتهم طيلة عدة مئات من السنوات أوجدوا هذه القناعة في الشرق من أننا اذا لم نتجه إلى الغرب أو الشمال أو الشرق فاننا لا نستطيع أن نقوم بشيء. كان هذا اعتقاداً يعمل على ترسيخه الكتاب والخطباء في ذلك الوقت. وكان هناك مجموعة تعتقد بهذا الأمر رغم نواياها الحسنة وكانت عقيدتها هكذا. الآن أيضاً الكثيرون يعتقدون أننا يجب أن تكون لدينا علاقة ورابطة مع أنهم من ذوي النوايا الحسنة. وكانت هناك مجموعة مرتبطة وعميلة لهؤلاء من أجل إثارة هذه المسالة. الآن وقد قامت دولة بالشيء الذي كان يعد مستحيلًا ولم يكن أحد يحتمله وهو أن أمريكا التي عندها كل شيء وهي القوة الأولى في الدنيا تقريباً ياتي شعب صغير رغم كل الدعاية التي قامت بها ورغم كل القيود التي أوجدتها، يأتي هذا الشعب ليقف في وجهها ويطرد أمريكا، هذه القضية لم تكن بنظر الكثيرين ممكنة. أنا لم ألتق بشخص يقول (ممكنة). إما كان ساكتاً أو أنه يقول غير ممكن.
حسناً رأيتم أنه عندما أراد الشعب، تحقق ما أراده. إذا أراد الشعب شيئا فسيتحقق. وهؤلاء الآن بصدد إعادة طرح هذه المسالة. مسالة أننا نحن لا نستطيع ولسنا متخصصين ودراساتنا ناقصة. يطرحون هذه المسالة من جديد. الدول التي استطاعت مثل اليابان. اليابان، لم تكن في البداية شيئاً. سعوا. إلى أن وصل الأمر بهم الآن أنهم ينافسون امريكا. كثير من صناعات اليابان تباع اليوم في أمريكا. حسناً الأمر الذي كان يعد غير ممكن جعلوه ممكناً. أو الهند التي تطورت الآن لأجل هذه الفكرة وهي أننا يجب أن لا نكون تابعين....
روح الله الموسوي الخميني
* صحيفة الإمام، ج14، ص:98,95