الموضوع: الدقة في كتابة المقالات هدف العدو من بث الخلاف الالتزام بالعهود
خطاب
الحاضرون: مجلس إدارة وهيئة تحرير صحيفة (ميزان)
عدد الزوار: 54
التاريخ: 12 اسفند 1359 هـ. ش/ 25 ربيع الثاني 1401 هـ. ق
المكان: طهران، جماران
الحاضرون: مجلس إدارة وهيئة تحرير صحيفة (ميزان)
بسم الله الرحمن الرحيم
ميزان الأعمال
أثمّن أيها السادة نواياكم ومتبنياتكم على أن تكون صحيفتكم (ميزان) ميزاناً للعدل، وأشكركم وأقدركم على نيتكم في أن تسيروا في طريق هو طريق الإسلام.
ما أقوله هو أنكم اخترتم لفظة يجب أن تكونوا ملتزمين بمحتواها. لفظة ميزان هي نفس الميزان الذي تنتهون إليه فيما بعد في آخر المسير. إذا لم يكن لديكم محتواه الواقعي فإنكم مبتلون به لأنكم لم تستطيعوا أو لم تريدوا تحقيق اسم الميزان وهذه الأسماء التي أخذتموها من الآية الشريفة على أرض الواقع. ولا قدر الله لو ذكر شيء يخالف الميزان بقلم السادة في صحيفتكم فعليكم أن تعلموا أن مردوده سوف يكون على الميزان.
ميزان أعمالنا عند الله مسجل ويسجل. كل كلمة وكل حرف يصدر عنا ينعكس في ذلك العالم وهو في ميزان أعمالنا. وإذا كان هذا الهدف موافقاً لذلك وسرنا على الصراط المستقيم وتبين أن ميزاننا صحيح عندها ستكون وجوهنا بيضاء. هنا من الممكن أن يتخذ الإنسان كلمة ولا يعمل بمحتواها. من الممكن أن يقول الإنسان من خلال الدعاية أننا نعمل. ولا شك في أنه يعتبر نفسه ميزاناً. أساس العالم مبني على هذا. كان يعتبر نفسه ميزانا وكل ما طابقه فهو صحيح. وكل ما لم يطابقه فهو باطل. لو ذهبتم إلى أمريكا نفس الكلام. ما نقوله نحن أن الميزان هو قولنا. كل ما وافقه فهو صحيح. وكل ما لم يوافقه فهو باطل. هنا أيضاً نفس الكلام. هذا الكلام كلام البشر. الإنسان يجعل نفسه محوراً لكل شيء. كل ما أردته وقلته فهو صحيح. وكل ما يقوله الآخرون ليس صحيحاً. وهذا خلاف الميزان الموجود هناك. الميزان الموجود هناك لا يمكن إخفاؤه أو التلاعب به. هناك كل شيء واضح وظاهر. هناك تظهر جميع أسرار القلوب. هناك لا يمكن أن نقول شيئاً وندعيه ونعمل خلافاً له ثم نبرّره. ليس الامر هكذا. أنتم الذين اخترتم هذا الاسم لصحيفتكم - وهو اسم شريف - يجب أن تنتبهوا إلى أن لا يختلف هذا الميزان مع ذلك الميزان الذي هو ميزان الحق.
النهج المريض للأنا والأنانية
إنتبهوا إلى هذا المرض الذي نبتلى به جميعاً وهو مرض يعم الجميع إلا من عصمه الله تعالى. جميع الناس مبتلون بهذا المرض. وهو مرض الأنا والأنانية. الإنسان حتى النهاية تبقى معه أنانيته ولا ينجو من هذا المرض إلا بالاستعانة بالانبياء (عليهم السلام) وبالاستعانة بالله تبارك وتعالى أو على الأقل يقلّ هذا المرض فيه. إنتبهوا ما أمكنكم إلى هذا المرض ولا يكن الأمر بحيث تقولون نحن ولا أحد غيرنا. أنا ولا أحد آخر. هذا موجود في باطن الانسان. لا يمكن أن يقول أحد أنا لا يوجد في باطني أنانية. هذا موجود ولكنه يكثر ويقول. هناك من يسعى وراء معالجة نفسه وهناك أشخاص لا يريدون الاهتمام بهذا. أنتم الذين انتخبتم هذه اللفظة وتريدون تبيين الحق من الباطل في صحيفتكم إنتبهوا إلى أن لا يكون هناك شيء خلافاً للتعهد الذي قمتم به ازاء هذا الاسم. إهتموا بالعدل والحق.
ضرورة الدقة في كتابة المقالات
العدل من أي صدر فهو عدل. والجريمة والجور من أي صدر فهو جور. الإنسان الكامل هو من إذا صدر عنه عمل باطل يسعى لإصلاحه. ولا يأبى الإقرار به. لا أن يرتكب معصية في الخفاء ثم يأتي ليتجاهر بها في العلن فهذا حرام ولكن إذا أخطأ. افترضوا أن صحيفتكم التي أنتشرت، إذا رأيتم مقالة، افتتاحية وكان فيها خطأ - والإنسان ليس مصوناً عن الخطأ - أو خلاف لما يقتضيه الميزان، القوة الروحية للإنسان الصحيح هي أن يكتب أنني أخطأت، القضية هي أن من كانت لديه هذه القوة فهو مالك لنفسه. وإذا لم تكن هذه القوة في الإنسان فهو ليس مالكاً لنفسه والشيطان هو الذي يملكها.
صحيفتكم التي اختير لها هذا الاسم عليها أن تسعى وأن يسعى كتابها (أن يعملوا بشكل صحيح) وبالطبع في بعض الأحيان يمكن أن يكون الكت - - اب شباناً. حسناً، الشاب له طريقة في التفكير تخالف طريقة كبار السن. وبينكم من هو شاب وهناك من هو كبير في السن. أحياناً إذا رأيتم شاباً مع أنه سليم ولكن فيه حدة، وهذا طبيعي في الشباب ولكن إذا رأيتم هذا الشاب قد كتب مقالة وهذه المقالة قد تسبب الأذى للبعض وتسبب التفرقة وتسبب شيئاً مما يواجهه بلدنا في هذه الأيام ويجب علينا أن نسعى لتقليله، في مثل هذه الحالات عندما يتحدث شاب في مقالة عليكم أن تعرضوها على كبار السن لإصلاحها. ليس ممكناً أن يتمكن إنسان من كبح جماح قلمه أو لسانه بشكل كامل ولكن يمكنه أن يتحكم به ويقلل من جماحه. لا أقول أنه لا قدرة له، وخارج عن اختياره وسنعاقب عليه. لا ليس الأمر هكذا. جميعنا سنعاقب على أقوالنا وأعمالنا وآرائنا ومسؤولون عن كل شيء.
يجب الانتباه إلى هذا الأمر قدر الإمكان وخصوصاً في هذا الوقت الذي يعاني فيه الشعب الإيراني والدولة الإيرانية من جميع المشاكل على الجميع أن يسعوا لكي لا تزيد المصائب. عليهم أن يعملوا لتقليل الخلافات وأن لا تزيد. إسعوا للتفاهم. إذا نويتم أن تقولوا شيئاً في الميزان بحيث يعمل لا قدر الله خلافاً للميزان. وبدأتم بالحديث عن جماعة وعن أعمالها وهي أيضا سترد عليكم والآن ليس الوضع كما كان عليه سابقا بحيث أن صاحب الجلالة يقول شيئاً فيطاع. الآن من الأعلى حتى الأسفل يحق لهم أن يتكلموا. هؤلاء الذين هم أدنى الجميع وهم بحسب تصورنا نحن وأنتم أنهم أدنى وهم ليسوا كذلك - يحتجون وترون احتجاجاتهم. الآن الوضع أصبح بشكل لا يمكن لأحد أن يمنع أحداً ولم يمنع. إذا شرع كل أحد بموضوع ليقوله بحيث يسبب انزعاجاً لمجموعة ما وتقوم هذه المجموعة لتجيب وتضيف عليه قليلا. في الغد أنتم أيضاً تزيدون وتنقصون، حسناً - يستمر الوضع إلى أن تصبح الأقلام هراوات والألسنة خناجر! يجب علينا جميعاً، على جميع شعبنا وصحفنا ودعايتنا أن نفكر في تخفيف العبء الثقيل الملقى على عاتق إيران، الآن في جميع أنحاء إيران ظهرت المشاكل. الحرب من جهة ومن جهة أخرى الأشرار يفعلون في بيوت الناس ما يفعلون. وهؤلاء الأشرار يفعلون بأراضي الناس ما يفعلون. هذه القضايا موجودة. وهناك دعاية معادية أيضاً بحيث لو حدث أمر بسيط يتم تضخيمه في الخارج ويروج له في كل أنحاء الدنيا.
هدف العدو من إيجاد الخلاف
يجب علينا ما أمكننا أن نتصرف بشكل بحث لا يقال في الخارج هذا بلد لا يمكنه إصلاح نفسه لا قدّر الله. وجهاؤه بهذا الشكل قد اشتبكوا فيما بينهم وعامته أيضاً اشتبكوا فيما بينهم، في حين أن بلدهم معرّض للخطر. أشعلوا حرباً داخلية. فهؤلاء غير راشدين. لو كانوا عندهم راشدين لكان على الجميع أن يغمدوا أقلامهم وألسنتهم عندما هجم العدو عليهم وأن يستعملوها ضد العدو. الأقلام ضد العدو. الحركة ضد العدو، كل شيء ضد العدو. لو رأوا أننا لسنا كذلك. عندنا حرب بينما، الأشرار مشغولون في أطراف البلاد ليحرفونا عن الحرب ويشغلونا بشيء آخر حتى تطول مدة الحرب ومن هذه الجهة في كل بلادنا هناك مجموعة خاصة جاءت لنشر الاضطراب وكل همها أن تجعلنا نتنازع فيما بيننا. في مثل هذا الوضع الذي تعرف فيه الدنيا أن وضعنا بهذا الشكل - هؤلاء ليسوا بحيث لا يعرفون أوضاعنا ... هؤلاء (العملاء) يخبرون الجميع، ينقلون الكلام إلى هناك - بحيث ينعكس أننا شعب في الوقت الذي نعاني فيه من الأعداء فإننا اشتبكنا داخلياً وانشغلنا بالخلافات فيما بيننا ونزيد باستمرار في خلافاتنا وهذا هو ما يطلبونه، أن ينعكس الأمر عالمياً وكأننا شعب بحاجة إلى قيّم علينا. لا يستطيعون إدارة أنفسهم بأنفسهم. يجب أن يأتي قيم ليدير شؤونهم! يضفون المشروعية عليه في الخارج وبعد ذلك بواسطة هذه المشروعية يدخلون إلى إيران (ويحتلونها). تارة لا يكون العمل مشروعاً كما قالوا أن البلد الفلاني هجم علينا فإن الآخرين يدينونه لو كانوا بشراً يشعرون. ولكن تارة أخرى يعطونه صفة شرعية وعندما يعطونه المشروعية فإن كل من يريد أن يجعل نفسه وصياً يأتي ويحتل البلد. يقولون لقد رأينا هذا البلد على وشك الدمار والخراب فجئنا إلى هنا بدوافع إنسانية، وإنسانية نبيلة من أجل إدارته! حسناً أنتم ترون قضية أفغانستان. وجدوا عذراً في أفغانستان فجاء الاتحاد السوفياتي إلى هناك! قبل أن يدخلوا إلى هناك في الظاهر جاء سفيرهم إليّ وقال لي لقد طلبوا منا أن نذهب إلى هناك. فقلت له: لديكم القدرة على الذهاب لكن ستندمون، لأنكم عندما تذهبون والشعب لا يريدكم لا يمكنكم القيام بشيء. الآن ترون أنهم ذهبوا وقتلوا ونهبوا ولكنهم لم يوفقوا. على أي حال لا يكن الأمر بحيث نعطي نحن بأنفسنا للآخرين مشروعية للتدخل في بلادنا.
الالتزام بالعهود المزعومة
يجب علينا جميعاً أن نكون لساناً واحداً وقلباً واحداً للعمل على حل المشاكل التي واجهتنا لا أن نزيدها. على الأقل على صحفنا أن لا تعمل على زيادتها. أن لم يتمكنوا من (حلها) فلا يظيفوا إليها. وهذه المسألة يجب على جميع الصحف أن تنتبه إليها. وصحيفة (ميزان) لاختيارها هذه الكلمة مسؤولة أكثر. لأن العاملين في هذه الصحيفة ملتزمون بالإسلام فهم مسؤولون أكثر. على سبيل المثال ربما لم يكن لصحيفة (مردم) (/ الشعب) مثل هذا الالتزام. وكل ما تريده يمكنها أن تقوله. ولم تقل في وقت من الأوقات أنني ملتزمة. تلك المسؤولية التي تقع على عاتقنا نحن الذين ندعي أننا جمهورية إسلامية ونريد أن نعمل طبقاً للموازين الشرعية وأن نعمل بالعدل وصحيفة ميزان أيضاً اختارت لنفسها كلمة ميزان وعدل. وتريد أن تكون ميزاناً. وتريد أن تعمل بالموازين الشرعية. وان تعمل بالعدل. نحن من خلال ادعاءاتنا هذه تترتب علينا مسؤولية.
غداً ندخل نحن وأنتم جميعاً إلى رحاب الله تبارك وتعالى وسيقال أنتم إدارة وكتّاب (ميزان) لقد اخترتم هذه الكلمة ولا سمح الله لو كان العمل ليس موافقاً للميزان ولم تزنوا عملكم فأنتم مراؤون. فضلًا عن أنكم مجرمون بسبب المخالفة التي ارتكبتموها وبسبب ريائكم لأنكم قلتم (ميزان) وقلتم انكم تريدون العمل بالعدل. نريد أن نكون لسان العدل, لسان العدل الإلهي وهكذا نحن. هذه الصحيفة معناها أننا نريد أن نعمل بميزان العدل. لا قدر الله لو حصل هذا الخلاف في حين ما، فسيقال لكم هناك، فضلًا عن إجرامكم (من حيث المخالفة) فأنتم مجرمون من حيث الرياء (الرياء شرك بالله العزيز)1.
على أي حال أقول للجميع ليس فقط لكم أنتم بل لجميع المسؤولين عن التبليغ، أصحاب الأقلام وأصحاب المنابر والكتابة والنشر أقول لكم مسألة عامة وهي أننا اليوم اذا كنا نمتلك عقلًا سياسياً حقيقياً وندرك القضايا السياسية, يجب أن نتكاتف جميعاً وأن نتعاون جميعاً من أجل الاستمرار في طريقنا. ولا يجوز إضافة مشلول إلى جماعة المشلولين! يجب عليهم أن يأخذوا بأيدي بعضهم البعض من أجل مواصلة المسير. نحن شعب نتعرض للظلم من كل مكان. ويُهجَم علينا من كل مكان. وعندما نكون بهذا الوضع يجب علينا أن نأخذ بأيدي بعضنا البعض من أجل الوصول إلى غايتنا. إنتبهوا إلى هذا المعنى. كل نفس بما كسبت رهينة، وأحياناً تكون رهينة لأعمال الآخرين. إذا كان يستطيع إصلاحها فعليه أن يأمر بالمعروف. إنّه المبتلى. يجب أن لا تقولوا الصحيفة الفلانية كتبت بهذا الشكل، فنحن نكتب بهذا الشكل أيضاً، وهي التي كتبت هكذا أولًا. إذا ارتكب أحد جريمة فهل يجب على الثاني أن يرتكب جريمة بحجة ان الأول ارتكب جريمة! لا يجوز. ولو أن أحداً وجهت له كلمة، فعلا صراخه فان هذا الصراخ لن ينتهي في جوّنا. إفترضوا أن شخصاً كتب شيئاً غير حقيقي وغير صحيح فاذا تحمل الإنسان وحاول أن يجيب عليه بالقول الصحيح والقول الحسن فان الموضوع يتلاشى وينتهي. ولكن لو أنه تعامل مع الموضوع بالعنف، وردّ بالعنف. وهكذا العنف يولد العنف حتى النهاية.
علينا أن ننتبه إلى أننا اليوم في بلد قلت الأطماع فيه، أعني أن نفس الطمع لم يقل ولكن ما كان ينهب منه في السابق لم يعد ينهب اليوم مع أنهم يريدون لو استطاعوا أن ينهبوا. الاتحاد السوفياتي يريد أن نكون تحت سلطته من أجل أن يستغلنا كما يريد. وأمريكا أيضاً تريد نفس الشيء. وبقية القوى الشبيهة بهما أيضاً تريد نفس الشيء. بعد أن كنا لقمة لجميع ذئاب الدنيا. يجب أن لا نتقاتل فيما بيننا لنعطي الفرصة ليأكلونا. يجب علينا أن نتكاتف مع الجميع بالعقل والتدبير والقلم والكلام. وأن نساعد بعضنا البعض، عندما ترون أن هذه الوزارة لا تدار بشكل جيد إعملوا على أن نساعدها. هذا الشخص لا يستطيع أن يقوم بعمله بشكل جيد فلنساعده. لا أن نأتي ونقول بما أنك لا تستطيع أن تقوم بالعمل فماذا يجب إذاً، وهو يقول لا بل أنا أستطيع وأنتم لا تستطيعون. المشكلة الآن هي أن كل شخص يقول للآخر ما يريد والآخر يجيبه. وعندها تصبح كارثة. وعندما نكون بحاجة إلى الهدوء لماذا نعمل على إيجاد كوارث؟ يجب علينا جميعاً أن نضع أيدينا في أيدي بعضنا وآمل أن يتحقق هذا. أن نضع أيدينا جميعاً في أيدي بعضنا وأن نوصل هذا البلد إلى حيث يستطيع ادارة شؤون نفسه بنفسه، وأن تصبح مطبوعاتنا ومنشوراتنا وإذاعتنا وتلفازنا نموذجاً يقتدى به في الخارج.
آمل أن يوفقكم الله وأن تصلحوا أعمالكم. أصلحوها واعملوا بشكل صحيح واعلموا أننا جميعاً في حضرة الله. الآن هنا حضرة الله. عندما تتناولون القلم بأيديكم وتكتبون إعلموا أن فكركم وقلبكم ويدكم ولسانكم كلها في حضرة الله. وفقكم الله، ووفقنا الله جميعاً أن نعمل بواجباتنا. إن شاء الله.
روح الله الموسوي الخميني
* صحيفة الإمام، ج14، ص:142,138
1- هذه العبارة بحرفيتها ليست حديثاً، بل مأخوذة من حديث( الرياء شرك). سنن الترمذي، ج 3، ص 46.
2011-06-01