الموضوع: مقارنة مسؤولي النظام الإسلامي بنظام الطاغوت
خطاب
الحاضرون: أعضاء الاتحادات الإسلامية لمعلمي محافظة مازندران، موظفو خدمات الهليكوبتر والطائرات، المدراء العامون للبريد والبرق والهاتف في طهران، موظفو التربية والتعليم، أهالي لاريجان.
عدد الزوار: 32
التاريخ: 7 أرديبهشت 1360 هـ. ش/ 22 جمادى الثانية 1401 هـ. ق
المكان: طهران، حسينية جماران
الحاضرون: أعضاء الاتحادات الإسلامية لمعلمي محافظة مازندران، موظفو خدمات الهليكوبتر والطائرات، المدراء العامون للبريد والبرق والهاتف في طهران، موظفو التربية والتعليم، أهالي لاريجان.
بسم الله الرحمن الرحيم
إسلامية الثورة وشعبيتها خصوصيتان مهمتان لها
كانت لهذه الثورة ومازالت خصائص كثيرة إيجابية. وذلك لكونها ثورة من الشعب ذاته ولم تكن كالثورات الأخرى، حيث إن أكثرها أو كلها، لم تكن ثورات شعوب بشكل مباشر. بل كان على رأسها أحياناً حزب وقام بثورة وأحياناً كانت انقلاب حكومة على حكومة أخرى.
فلم تكن ثورة إيران مثل انقلابات العالم وليس كثوراته، كانت ثورة خاصة بذاتها، ثورة من نفس الشعب بنداء الله أكبر وجمهورية إسلامية. هاتان الميزتان، إحداهما نفس الشعب ووجوده في الساحة، والأخرى هي أن الطريق كان طريقا واحدا، وهو طريق الإسلام، وهاتان الميزتان كانتا السبب في فشل هذه القوى الشيطانية التي كانت متسلطة في إيران وتدعمها القوى العظمى، فلم تكن كذلك بأن يقف الشعب ويقول أننا أبعدنا هذا النظام جانباً والآن فليأت أشخاص ما إلى الساحة من أجل إدارة البلد.
فكان الشعب حاضراً في كل مكان وفي كل جهة فكل جوانب الثورة كانت منبثقة من الشعب ذاته. فكل هذه الاتحادات الإسلامية التي تشكلت في كل البلاد، لم تكن من طرح شخص ما كأنه قال تعالوا أيها الشعب وشكلوا اتحاداً إسلامياً، فقد شكّل الشعب في كل مكان دفعة واحدة، بأنفسهم اتحادا اسلاميا. فالآن أنتم أيها السادة الحاضرون هنا وأتيتم من محافظة مازندران، تمثلون قسماً من فئة كبيرة شكلوا في كل مكان اتحاداً إسلامياً وفّقكم الله إن شاء الله.
كل ما حدث بعد الثورة كان سببه أن الشعب يعتبر الثورة من ذاته، لا أنها ثورة قادها الشرق أو الغرب أو حزب من الأحزاب أو فئة من الفئات.
إنها ثورة أنجزها الشعب ونهض بها واعتبرها من ذاته، كما يعتبر أن الإسلام من وجوده وهذه الأمور كانت سبباً لقيام الشعب بتأمين احتياجاته وكان متواجدا في الساحة، لم يكن غير مبالٍ، لم يتركوا الثورة بعد أن حققوها، ليذهبوا وراء أعمالهم، لم يتركواها بل كانوا متواجدين في الساحة وهذا الحضور هو السبب في أن لا تصاب الثورة بأذى.
فلو كانت الثورة لحزب ما أو فئة ما ولم يكن الشعب متواجداً، لما استمرت الثورة وكان عليهم أن يحفظوها بالحديد والنار. لقد حافظت إيران على الثورة بالمؤمنين والآن تتقدم هذه الثورة على أيديهم.
هذه الاتحادات الإسلامية المتواجدة في كل إيران التي انبثقت مرة واحدة من داخل الشعب، وكذلك اللجان الثورية، والحرس وجهاد البناء، كل هؤلاء المشغولين الآن في إيران بأعمالهم، يعتبرون أن البلد مسؤوليتهم، ليس كما كان على عهد النظام السابق حيث كانت توجد هذه الفكرة أننا لمن نعمل؟ أنعمل لأجل أميركا؟ فهؤلاء يأخذون كل شيء منا ولهم مستشارون منتفعون في كل مؤسساتنا، فلماذا نعمل ويستفيد الأجنبي والآخرون؟ فمن هذه الناحية، إما أن الشعب كان غير مبالٍ أو كان مخالفاً يقوم بأعمال تخريبية ضد الدول الغاصبة.
المسؤولون في النظام الإسلامي من الشعب ذاته
ولكن الوضع الآن وضع آخر، وترون أن الحكومة من الشعب نفسه ولو رأيتم شكل وصفات وزراء الحكومة وسوابق حياتهم، سوف لن تروا واحداً منهم يشبه من كان في زمان الطاغوت، فهؤلاء أشخاص من عامة الشعب.
فليس هناك ألقاب مثل فلان السلطنة وفلان الملك وأمثالهما.1
لقد أحضروا لي مجلة منذ عدة أيام رأيت فيها أن وزراء زمان الطاغوت كانوا من أصحاب تلك الألقاب وكلهم كانوا من أولئك الطواغيت وكانوا تشكيلة قد جمعتهم الخيانة أو إذا لم يكونوا خونة فقد كانوا من الطبقات العليا أي المترفة في هذا البلد، فقد كانت العادة تجري أن لا يكون الوزراء من عامة الشعب، فيجب- كما يقولون- أن يكونوا من الطبقة الممتازة، فالممتاز بنظرهم يعني الغني، المتمكن والمتسلط، أي من له أنصار وعنده مزارع كبيرة وأراضٍ كثيرة، فإذا لم يكونوا كذلك فهم غير لائقين لأن يدخلوا حكومة ما، ولو فرضتم أنه في إحدى المرات وصل أحدٌ ممن لا تنطبق عليه المواصفات إلى الحكومة، وهو أمر قلما حدث فربما كان من أجل اللعب على الناس، لكنكم ترون أن كل واحد من المتصدين اليوم هو من نفس هذا الشعب.
فرئيس الجمهورية هو ابن بني صدر الهمداني وهو عالم من علماء همدان 2، فهو الآن ليس من الأغنياء والمتسلطين والأثرياء بل من عامة الشعب، وكذلك رئيس الوزراء الحالي 3 قد تحمل الكثير من التعذيب في تلك الفترة، وهو من عامة الشعب، وهكذا بالنسبة لباقي الأفراد في المؤسسات الحكومية.
فنحن الآن لا نستطيع أن نقول إنها دولة وشعب، بل إنها دولة قد اختار الشعب بعض أفراده الى الحكومة لإدارة البلاد، أنهم منه فيعتبرهم الشعب منه. ولذا فانه ليس كما كان في السابق لا يوجد أحد من الشعب، إلا أعوانهم وحاشيتهم ومن أجل التسلط والنهب، فلم يكونوا ينظرون إلى عامة الشعب، فإن صغار الكسبة، والعمال والمزارعين كانوا يعتبرون هؤلاء منفصلين عنهم، وكانوا يعتبرون بأنهم منفصلون عن الناس والشعب.
وهؤلاء أيضاً ولو فرضتم بأنهم كانوا يُشاهدون أحياناً بين الناس بتلك الحراسة المشددة وتلك العربة والسيارة وأمثال هذه الأمور، كانوا يستضعفون الناس ويحتقرونهم.
فكانوا بنظر الناس أيضاً ظلمة ومتسلطين، فاليوم لا تستضعف حكومتنا الناس وبل تحترمهم، وتعتبر نفسها من ذات الشعب وهذا هو الواقع، فالشعب نفسه حاضر في الساحة كما أن الشعب لا يعتبرهم من الطبقة الممتازة والطبقة العليا، بل يرونهم منهم ومن ذاتهم، يذهبون مع الناس ويتكلمون معهم وهم بينهم.
فهذا من خصوصيات الثورة الشعبية، لا الثورة الحزبية، لا الثورة الحكومية، ولا الانقلاب على حكومة، أو نزاع شخص مع آخر.
اجتمع الشعب وأطاحوا بتلك الحكومة، ووضعوا حكومة مكانها وأسس الشعب اللجان الثورية، ففي ذلك اليوم الذي نجحت فيه الثورة وانتصرت وكان البلد يحتاج إلى من يحافظ على النظام، أخذ الشعب هذا على عاتقه. فقد انشغلت فئة باسم (الحرس) لحفظ النظام في الأزقة والشوارع والأسواق ومنازل الناس، لم يقل لهم احد تعالوا وافعلوا هذا الأمر.
فقد نزلوا للساحة لأنهم كانوا يعتبرون البلد منهم. وأنتم وأصدقاؤكم أيضاً في كل أنحاء بلدكم أسستم الاتحادات الإسلامية فلم يكن الأمر بأن بعض الناس من الأعلى أمروكم بتأسيس هذه الاتحادات الإسلامية. لقد رأيتم أنكم بحاجة اليها وأنه يجب أن يكون في بلد إسلامي كل شيء إسلامياً، فحاجتكم هذه كانت سبباً لذلك، كما رأى الحرس حاجة الدولة للحفاظ عليها فمارسوا عملهم، وقد قلتم أيضا أنه يجب الحفاظ على الإسلام ونهضتم في كل مكان بهذا الأمر.
واجب الاتحادات الإسلامية المهم في اختيار الأشخاص
ولكن يجب أن تعلم الاتحادات الإسلامية في كل أنحاء البلاد أن هناك أعداء لهذه الاتحادات ويدخلون بينكم بصورة أصدقاء ويريدون أن يجروا هذه الاتحادات نحو الفساد، فيجب عليكم جميعاً الالتفات إلى هذا الأمر، وأن تعرفوا هؤلاء الذين يريدون الدخول في الاتحاد الإسلامي، كمعرفة حياتهم قبل الثورة فلا يكون من (عناصر السافاك) وأتى الآن وقد أخذ بيده مسبحة ويريد أن يخدعكم، انظروا ماذا كان عمله سابقاً، ومن أية عائلة هو، وكيف كان هو، وما هي دراسته؟ وما هو تفكيره؟ وأي نوع من التفكير لديه، فيجب أن نعرفه قبل الثورة، فأثناء الثورة الكل أصبح ثورياً، وهناك الآن من كانوا في (السافاك) ويقولون الآن أننا كنا مخالفين للنظام! فالآن الكل يظهر مخالفته للنظام السابق، ولكن مازال البعض من أتباعه موجودين، ويأملون بأن تتحقق آمالهم السابقة في عودته.
إن هذا الخيال الواهي ما يزال يدور في خلدهم، ويدخلون في بعض المؤسسات التي يعمل فيها شبابنا الأعزاء الملتزمون، فهؤلاء من الممكن أن يدخلوها بدون أن تنتبهوا، سترون بعد فترة أن هذا الاتحاد قد اتجه نحو الفساد، فيجب أن يكون الاتحاد الإسلامي مكوناً من ابناء الاسر المؤمنة وهو مؤمن، وكان قبل الثورة فرداً ملتزماً مؤمنا وهكذا بعد الثورة، فيجب أن يكون اعضاء الاتحاد هكذا، فإذا أراد أحدهم الدخول في الاتحاد وأظهر فرضاً أنه ثوري وأظهر إسلامه، فلا يجب أن تنخدعوا.
فيجب تفحص الأعضاء بدقة، كي لا يكون بينكم (لا سمح الله) أشخاص يجرون الاتحاد الإسلامي نحو الفساد ويشوهون صورة الإسلام في العالم.
فهذا تكليف شرعي لكل هذه المؤسسات، سواءً أكان اتحاداً إسلامياً أو لجنة ثورية أو جهاد البناء.
فهؤلاء جميعاً يخدمون هذا البلد لأنهم يعتبرون البلد من ذاتهم، لكن يجب الانتباه إلى اختيار الأشخاص وخصوصاً في الاتحادات الإسلامية التي اقترن إسمها باسم الإسلام، فيجب أن يكون الاختيار صحيحاً وبكامل الدقة، فلو كان البعض لا يمتلك المؤهلات المطلوبة فيجب أن لا يسمح لهم بالدخول في هذه الاتحادات، لا بمعنى أن يُطردوا من المجتمع، لكن هناك أعمالًا أخرى في المجتمع فليذهبوا وليعملوا بها.
لكن الاتحاد الإسلامي هو الذي سيكون ناطقاً باسم الإسلام ويريد أن ينشر الإسلام في كل مكان، فلا تستطيعون الاطمئنان الى أشخاص لم تكن سوابقهم إسلامية.
التزام الاتحادات الإسلامية في أداء الواجب
بناءً على ذلك فإن إحدى واجباتكم هي اختيار الأعضاء، إختيار أشخاص مؤمنين قبل الثورة و في أثنائها، ما هو وضع العائلة وأمثال ذلك. والواجب الثاني هو مسألة التزامكم فإنكم تقولون في كل مكان أن عندنا اتحاداً إسلامياً، فهذه المسألة تفرض على الإنسان الالتزام والوفاء به.
فعندما يدعي الإنسان أنه مسلم، فهذا ميثاق بينه وبين الله تبارك وتعالى بأن يعمل بالإسلام ويعتقد به. فأنتم تقولون الآن نحن في الاتحاد الإسلامي، الاتحاد الإسلامي للمعلمين، الاتحاد الإسلامي للجيش، الاتحاد الإسلامي لدائرة ما، لمعمل ما أو لمصنع ما، فيجب أن تنتبهوا إلى عدم الاستفادة من أشخاص شبان تكون تجربتهم قليلة فتصدر منهم لا سمح الله حركات مخالفة للأهداف الإسلامية.
الاتحاد الإسلامي جيد في كل مكان لكن ليس بمعنى أنهم أينما ذهبوا يريدون أن بفرضوا سلطتهم، بل بمعنى أن يرشدوا الناس اينما حلوا.
إفرضوا أن هناك مدرسة ما فالاتحاد الإسلامي للمعلمين يجب أن يرشد المعلمين نحو كيفية الأسلوب والعمل. وأولئك الذين في الاتحاد الإسلامي للجيش يجب أن يقوموا بالإرشاد ولكن لا ينبغي التدخل بالشرون العسكرية.
وأنا أطمئنكم جميعاً وأطمئن الشعب الإيراني بأنكم منتصرون ما دام اتحاهكم اسلاميا وما دمتم حاضرين في الساحة، كما أنتم الآن وكما فُرضت الحرب على إيران فإننا نرى أن كل الشعب في كافة أنحاء البلاد هو في ساحة الحرب، فمن هو خلف الجبهة يخدم المقاتلين وهم يخدمون بكل جد و إخلاص وبروح عالية، وبحمد الله لقد حققوا انتصارات واضحة في الأيام الأخيرة.
فيجب عليكم وأنتم خلف الجبهة أن ترفعوا معنويات الحرس والجيش ومعنويات جميع المقاتلين هناك، سواءً من جهاد البناء أو من عامة الشعب والعشائر. فكما أنكم دعمتم إلى الآن يجب أن تعلنوا دعمكم وتعملوا من الآن فصاعداً، وأيضا بالنسبة إلى المتضررين من الحرب فكما كنتم إلى الآن مهتمين بمرافقتهم رافقوهم واعتنوا بهم، ولا تتركوا هؤلاء الذين تشردوا من بيوتهم يعيشون حالة سيئة.
أتمنى من الله تبارك وتعالى أن يوفقنا وإياكم وشعبنا لنكون أوفياء للإسلام ونعمل به.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روح الله الموسوي الخميني
* صحيفة الإمام، ج14، ص:255,251
1- من الألقاب في العهد القاجاري مثل: مشير السلطنة، بهاء الملك
2- السيد نصر الله بني صدر، من العلماء المعروفين في مدينة همدان.
3- السيد محمد على رجائي