الموضوع: أهمية أمر القضاء وتوضيح مشكلاته-الرد الحاسم على زمرة مجاهدي خلق
خطاب
الحاضرون: علماء آذربيجان الشرقية والغربية
عدد الزوار: 67
التاريخ: 21 أرديبهشت 1360 هـ. ش/ 6 رجب 1401 هـ. ق
المكان: طهران، حسينية جماران
الحاضرون: علماء آذربيجان الشرقية والغربية
بسم الله الرحمن الرحيم
ضرورة الحذر من المؤامرات
هذا المجلس، مجلس علماء أعلام، وهم علماء آذربيجان وفي هذا المجلس - الذي نأمل أن تنزل عليه بركات الله تبارك وتعالى - يجب أن أذكر بعض النقاط لعلماء آذربيجان، بل لعلماء البلاد الأعلام جميعاً.
لقد كانت آذربيجان وعلماؤها على مرّ التاريخ من حماة الإسلام والبلد وستكون كذلك في المستقبل إن شاء الله.
في هذه المدة شاهدنا بعض الأحداث وكنا على علم بثورة العلماء الكبار في آذربيجان وكنا في الساحة وشاهدنا أن علماء اذربيجان بثورتهم قد قاموا بواجبهم وتكليفهم الشرعي تجاه النظام البهلوي وقد انتهى الأمر بهم إلى نفيهم أحياناً، ومع ذلك كان النصر معهم وسيكون كذلك انشاء الله.
لقد كنا نتوقع من آذربيجان ومن علمائها ما كنا نتوقعه من العلماء السابقين فيها خصوصاً في هذه الخمسين سنة الأخيرة، وكما نهض علماء آذربيجان في وجه الظلم والجور ابان النظام السابق، وواجهتهم بعض القيود الصعاب التي كان لا يجب أن تصيبهم، نأمل أن يكونوا اليوم في الساحة وأن ينتبهوا الى كل الأمور، غير المرضية. وأن يسعوا الى حل المشكلات التي نتعرض لها اليوم جميعا. وأن يلتفتوا إلى أن هناك أيادي قذرة ومجموعات فاسدة تسعى للوقوف ضد العلماء وضد الجمهورية الإسلامية ويجب أن يؤدي كل الشعب - وخصوصاً العلماء وخصوصاً آذربيجان والتي ربما تكون فيها المؤامرات أكثر، وعلى علمائهم وباقي أفراد الشعب - الآذربيجاني المؤمن أن يؤدوا دينهم للإسلام وللجمهورية الإسلامية.
نحن اليوم نواجه أقلاماً وألسنة ونواجه بعض المجموعات المسلحة أيضاً. نواجه اليوم أشخاصاً جلسوا جانباً ويشيرون إلى أشخاص في الداخل، سواءً في الحرب أو في أماكن مكافحة الفساد أو إعادة البناء، جلسوا في الخارج وأخذوا أقلامهم يشيرون بها إلى أخطاء ويقومون بأعمال تخريبية.
أنا أريد أن أقول للعلماء كلمة وهي أنهم معنيون ومكلفون بمسألة القضاء طبقاً للشرع. اريد أن أخاطب أولئك الجالسين في الخارج ويقولون أن هناك اخطاء في القضاء الايراني واريد ايضا أن أخاطب القضاة المتواجدين في سائر أنحاء البلاد.
المسؤولية الخطيرة للقضاء في النظام الإسلامي
وكلامي للقضاة هو: أن ينتبهوا إلى أنه إذا لم تُحل مسألة القضاء بسعيهم، فإنها ستبقى في مكانها إلى النهاية. فليسعوا أولًا أن يوظفوا علماء وثانياً أن ينتبه أولئك المتصدون لمسألة القضاء أنها مسألة صعبة جداً ومهمة ومسؤولية كبيرة ملقاة على عاتقهم. حتى إن مسؤولية القضاة أكبر من كل المسؤوليات الموجودة في أي بلد، لأن القضاة يتصدون لمسألة فيها أرواح الناس ومالهم وشرفهم. والقاضي على شفير جهنم. 1 ويجب الانتباه إلى أن لا تزهق روح (لا سمح الله) بواسطة فتواهم أو بقضائهم بدون إذن شرعي أو يخسر شخص مالًا، أو تضيع كرامة شخص أو عزته حيث إن لذلك أهمية كبيرة وأهميته اليوم أكبر مما سبق.
فلم تكن القضية في السابق بهذا الشكل بحيث أنه لو ارتكب القاضي خطا ما، لشوه أصل الإسلام. ولكن اليوم هناك أقلام فلو أن قاضياً أو قضاة قاموا بعمل خطأً أو - لا سمح الله - عمداً، فانهم سوف ينسبون ذلك الى العلم والعلماء والجمهورية الإسلامية وأخيراً الى نفس الإسلام ولهذا فإن القاضي اليوم مسؤول عن سمعة الإسلام وعن سمعة الجمهورية الإسلامية، فليس الأمر كالقضاء على طول التاريخ بحيث أن القاضي كان مسؤولًا عن القضاء في تلك القضية الشخصية. فالقضاء اليوم وعلاوة على ذلك البعد الدائم، له بعد خاص وهو أنه مسؤول عن سمعة الإسلام.
فلو أن بعض القضاة أخطأوا في عدة أماكن، أو أن البعض منهم مثلً - لا سمح الله - فعل ذلك عمداً، فإن ذلك سوف يعطي الفرصة لأصحاب الأقلام المتربصين الذين يريدون أن يمحوا هذه الجمهورية الإسلامية من الوجود ويضخمون المسألة مئات المرات فيهاجمون بأقلامهم أصل الجمهورية الإسلامية والإسلام.
اذا كان العمل في القضاء في السابق عملًا مهماً جداً له مسؤوليته الكبيرة، فاليوم مسؤوليته أكبر بكثير مما كانت عليه، فيجب أن نقول أنها تضاعفت مئات المرات. هذا هو الموضوع الأول للقضاة سواءً المسؤولين الآن أو من سيتسلمون المسؤولية فيما بعد.
طرح الإشكالات الواهية من قبل البعض حول أمر القضاء
وهناك كلام أوجهه لهؤلاء المتنحين جانباً وفي زوايا حجراتهم في الحوزة وفي بيوتهم وليسوا متواجدين في الساحة، ولكنهم يطرحون الإشكالات فقط أقول للعلماء الذين يطرحون الإشكالات، يتحدثون عنها، يكتبون عنها، ان القول بوجود الخطأ أمر سهل، فالإنسان يستطيع أن يجلس في مكان ما ويفكر ويوجه الانتقادات، إن الصعوبة تكمن في حل ذلك الإشكال.
فنحن اليوم بحاجة إلى آلاف القضاة في هذا البلد، القاضي الذي يكون قاضياً للشرع، فهؤلاء يجب أن يقبلوا بأمر من عدة أمور، فإمّا أن يقبلوا بأن يحذفوا أصل القضاء في هذه الجمهورية الإسلامية، فلا يكون هناك قضاء أصلًا، وأن تسود الفوضى في البلد، فيأخذ أي شخص مال الآخر، ويعتدي على شرفه وكرامته ويقتل فلا يوجد مكان لملاحقته. فهذا هو الفرض الأول.
والفرض الثاني: يكون القضاء ولكن كما كان في السابق، يكون كما كان في زمان النظام البهلوي، أي ليس من الضروري أن يكون القاضي مسلما. كما حدثوني، فقد كان بين القضاة شيوعيون أيضاً، وكان بينهم أيضاً من هو مدمن على المشروبات الكحولية. فإما أن يقبل هؤلاء العلماء بأنه ليس ضرورياً أن يكون القاضي معمماً وشيخاً ومن أهل العلم، كما كان سابقاً وأن يكون أمر القضاة بأيدي الأشخاص السابقين، وهذا أيضاً فرض. أو أن يكون القضاء بيد هذه الطبقة كما عين الشرع ذلك.
فالعلماء يعلمون أن الحوزات العلمية في إيران وخارجها كانت غير مستعدة لمسألة القضاء وغير مهيأة لتربية القضاة لأن أمر القضاء لم يكن بيدهم ونحن اليوم بحاجة إلى آلاف العلماء وعندنا نقص. فبدلًا من أن يجلس أولئك ويقولوا بأن الطلبة الصغار يعملون في القضاء، فليأتوا بأنفسهم من أجل القضاء، فمن يمنعهم؟ فليُعرّفوا أي عالم في أي محافظة، يُعرفوا علماء لائقين من أجل القضاء ومستعدين له.
فمجلس القضاء يقبل ذلك. فذلك السيد الذي يقول إن هذا القضاء غير شرعي، حسناً فليأت هو بنفسه ويستلم مسألة القضاء وأينما كانوا فليعرفوا أشخاصاً جديرين بالقضاء، حتى يعينوهم قضاة، حتى إذا ما دخلوا في هذه المسألة، سيفهمون بأن مسألة القضاء ليست مسألة سهلة، مسألة بدأت الآن من الصفر.
فلو تعاون كل علماء البلاد ومن يشفق على الإسلام ورأوا في القضاء أن هناك أشخاصاً غير جديرين، فليأتوا ويتكفلوا أمر القضاء أو يعرفوا أشخاصاً لائقين وجديرين يستطيعون القضاء.
فكل من يجد قضاة شرعيين إسلاميين فليُعرِّفهم. أليس من الأفضل أن يتعاون كل السادة والعلماء حتى يصبح القضاء كما في الإسلام بشكله الصحيح؟ أليس هذا أفضل من أن يجلسوا ويقولوا أن الطلاب الصغار يمارسون مهنة القضاء؟ لا، ليسو طلاباً، لكن القضاء ليس أمراً سهلًا، فهم جديدون على العمل. لكن لا يمكن أن نجد قضاء كما هو مقرر في الشرع بتلك الشروط وتلك السهولة ولا يمكن أيضاً أن نجد القاضي بهذه السهولة، ولكن أليس من الأفضل أن يقدم هؤلاء السادة والعلماء مساعدتهم حتى يكون القضاء بصورة شرعية إلى حد ما، لا أن يذكروا الأخطاء فقط؟ فالجميع يستطيع أن ينظر ويطرح الإشكالات، ولكن ليساعدوا ويتعاونوا.
فليجلس علماء البلاد الذين تتلوع قلوبهم من أجل الإسلام وليجدوا الأشخاص، وليربوا الأشخاص. كما أن هناك من هو مشغولٌ في قم من أجل العثور على القضاة وتربيتهم، فليساعد العلماء في باقي أنحاء البلاد على هذا الأمر المشروع والشرعي. وكذلك من هم خارج الساحة ولا يعلمون ما هي حدود هذه المشكلة الكبيرة.
فهل إن التعاون في هذا الأمر الشرعي هو تكليف العلماء أم كيل الشتائم هو تكليفهم؟
فهل إن التعاون لكي يتم القضاء بشكل شرعي هو تكليف شرعي أم الكلام الفاحش على القضاء وعلى الجمهورية الإسلامية؟ أقول هذا لعلماء البلاد الأعلام أينما كانوا وفي أية ناحية أن يقدموا المساعدة للجمهورية الإسلامية الناشئة، فليتعاونوا مع بعضهم.
فلو أنهم وجدوا قضاة جيدين في أية محافظة وعرفوهم ولم يقبلهم مجلس القضاء، فعندئذ لهم الحق بأن يقولوا إنكم لم تقبلوا القاضي الجيد ووضعتم بدلًا منه قاضياً سيئاً. ومن الأفضل أن يجلس العلماء الذين عندهم بعض الإشكاليات لرفع هذه الإشكاليات.
ضرورة الحكم بانصاف على النظام الإسلامي بواسطة المعارضين في الداخل
وأقول لأولئك الذين عندهم بعض الانتقادات حول الحكومة وقد وقفوا أصلًا ضد الجمهورية الإسلامية ولم يقبلوا بهذه الحكومة، هل عندكم حكومة أخرى بحيث أنه لو حُلت هذه الحكومة، سوف تصبح الدولة بعد أيام حديقة ورود؟
فهل عندكم شعب يستطيع أن يتحمل عدة ملايين من المشردين، منهم مشردو الحرب ومنهم مشردون من العراق ومنهم من أفغانستان، فهل هناك مبدأ أخفته هذه الدولة ولو أتى أشخاص آخرون يجدون ذلك المبدأ ويصلحون كل ذلك؟ هل عندكم حكومة كهذه؟ هل تعلمون ماذا تفعلون؟ فأنتم تعملون عملًا لو أن هذه الحكومة انتهت من جرائه، فسوف يأتي أمثال أزهاري 2.
فهؤلاء جلسوا في الخارج، جلسوا في باريس وهم يخططون من أجل أن يأتوا ويحلو مكان الحكومة الإسلامية، ويحكموا بأنفسهم. فهل عندكم أشخاصٌ بحيث أنه لو زالت هذه الحكومة، تأتون بهم فوراً وبشكل معجز تنهون كل المشاكل؟
هل عندكم حكومة في هذه الحالة ونحن في الحرب، وفي حالة المقاطعة الاقتصادية بحسب الواقع - ولو أنهم قالوا لفظاً لا، لكن في الواقع نعم - ولا يسدّد الأجانب لنا الديون المترتبة عليهم، ولا يعطون ما اشترته منهم الدولة، مع وجود الكثيرين من المخالفين للجمهورية الإسلامية في كل مكان. هل عندكم حكومة تستطيع اصلاح كل ما تدّعون أنّه غير صحيح في الجمهورية الإسلامية فإذا ذهبت يمكن أن تجلس مكانها حكومة إسلامية كما في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فلو كنتم تعرفون فأعلنوا عنهم، وأعلنوهم بأنهم أشخاص لو أزيلت هذه الحكومة سوف ينهون كل الأعمال المتأخرة أو الأعمال التي لم تستطع هذه الدولة أن تنجزها، فيبنون لكل هؤلاء المشردين مساكن في يوم أو عشرة أيام أو شهر، ويصلحون كل أمورهم وينهون الحرب أيضاً بالصلح المشرّف لإيران ويصلحون كل شيء، وينهون مشاكل الزراعة فوراً والتجارة ويجعلون الجامعات جامعات إسلامية ويجعلون كل مكان في كافة أنحاء إيران كروضة الورد. فلو كان عندكم حكومة كهذه فلتعلنوا عنها.
حسناً، تريدون أن تنتهي هذه الحكومة وتحل مكانها الحكومة السابقة. فإذا لم تستطيعوا أن تعلنوا فهذا يدل على أنكم مخالفون للجمهورية الإسلامية لكونها إسلامية، فلا تكون (الإسلامية) فليكن أي شيء. فأنتم تريدون أن لا تكون الجمهورية الإسلامية، وليكن أي شخص آخر. وإن من يقول إن الأمور الآن أسوء من زمن الشاه الملعون، هل يعي ماذا يقول؟ يفهم أي ضرر يلحقه بالإسلام؟ يفهم ماذا حدث لهذا الشعب ولنساء شعبنا ولأفراد شعبنا، ولعلمائنا، في زمان الشاه الملعون، وكم تحملوا من الأذى، ولم يكونوا يستطيعون التفوّه بكلمة واحدة؟ فالسادة يرون أن الشكاوى كثيرة الآن، فهل هي لم تكن في السابق! فعندما كانوا يأخذون مال الناس بالقوة ويقتلون الناس بلا سبب، لم تكن هناك شكاوى! نعم كانت الشكاوى، ولكن لم تكن الجرأة موجودة لإظهارها.
فلو كان للشعب الحرية ليوم واحد، لفهموا في ذلك الوقت، كم كانت الشكاوي، فكم كان عند العلماء من الشكاوى، وكم كان عند أصحاب السوق من الشكاوى. أن الفرق بين اليوم والأمس هو أن اليوم يشكون ويشتكون إذا حدث أمر ما، وأنتم تضخّمون شكواهم عدة أضعاف، فقد كان الشعب بالأمس قلقاً، لكنه كان مخنوقاً لا يملك الجرأة على التنفس.
فقد قطعت الحكومة السابقة انفاسهم، والآن وصلتم إلى مرحلة تستطيعون الوقوف فيها أمام الحكومة مباشرة وتقولون أن هذا العمل خطأ. هل كنتم تتجرأون أن تقولوا هذه الكلمة أو تكتبوا مقالة كهذه ايام تلك الحكومة السابقة؟ فالفرق بين الآن وذلك الوقت، أنكم تكتبون - اللهم اكسر هذه الأقلام - بشكل حر ضد كل شيء وضد المقدسات الإسلامية وتنشرون ولا يعترض عليكم أحد - مع العلم أنه يجب أن تُمنعو - فالفرق بين الآن والسابق أنكم كنتم مستسلمين في السابق، فلو كان هناك شيء في قلوبكم لم تكونوا قادين على اظهاره واليوم تتكلمون وتكتبون وتتحركون وتظهرون أن الجمهورية الإسلامية أسوء من الزمان السابق! فاشكروا الله على هذه النعمة، وانظروا إلى محاسنها.
فانظروا إلى حجم الخدمة في هاتين السنتين إلى الضعفاء والمساكين والمستضعفين، لا تنظروا إلى مكان ما قد ظهر فيه بعض الفساد، إنكم تغضون النظر عن كل الاعمال التي أنجزت، وتنظرون إلى ذلك فقط، فهذا هو الانحراف، إنه عدم الانصاف، هذا خلاف لمرضاة الله.
فهناك أشخاص يخدمون هذا البلد ليلًا ونهاراً، ولكنّ حجم الفساد كثير جداً والخطأ كبير جداً لدرجة أنه لا يمكن أن تنجز هذه الأعمال بهذه السرعة. ومع ذلك، فقد أُنجز في هاتين السنتين ما يعادل الخمسين سنة السابقة. فلا تنكروا النعمة. فقد يأتي وقت يرفع الله تبارك وتعالى (لا سمح الله) عنايته عنكم وتواجهون ما كنتم تعانون منه طوال الخمسين سنة الماضية.
الرد الحاسم على مجموعة المنافقين (مجاهدي خلق)
لقد قلنا مراراً وتكراراً لأولئك الذين يعارضوننا بأقلامهم، علاوة على ما يفعلونه بأسلحتهم، ونقول الآن أيضاً ما دمتم قد حملتم أسلحتكم في وجه الشعب، أي وقفتم بأسلحتكم ضد الإسلام، فلا نستطيع التحدث ولا الاجتماع سوية. فارموا أسلحتكم أرضاً 3 وعودوا إلى الإسلام، فإن الإسلام يقبلكم والإسلام يحبكم جميعاً. فإن القول (نحن مستعدون) لا يكفي، وفيما كتبتم فإنكم وبالرغم من إظهار ظلامتكم الكبيرة، فقد أسأتم ثانية وهددتمونا بالثورة المسلحة. فكيف نستطيع التفاهم مع أناس يريدون ثورة مسلحة ضد الإسلام؟ فاتركوا هذا الأمر وهذا الأسلوب وسلّموا أسلحتكم وإذا قلتم إننا نخضع للقانون ونقبله رغم أننا لم نصوت له، إعملوا حسب القانون وتجنبوا الثورة ضد الدولة وتجنبوا الثورة المسلحة ضد القانون واحذروا العمل ضد قوانين البلاد، فاعملوا بذلك، فإننا سوف نتعامل معكم بنحو أفضل مما تريدون.
نحن نريد أن نحتضن كل المجموعات ونقبلها ونرغب في أن يستقيم كل المنحرفين. فإن الإسلام جاء من أجل ذلك. لقد جاء الإسلام من أجل أن يبين للناس وللعالم الطريق المستقيم للإنسانية ويتابع هذا الأمر قدر المستطاع من أجل إعادة المنحرفين إلى الطريق الإسلامي. الإسلام بل كل الأديان التوحيدية طوال التاريخ، قد جاءت لاصلاح البشر.
لقد كان النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم يحزن ويتأسف على المشركين 4 الذين كانوا يرسلون أنفسهم إلى جهنم. فالإسلام دين الرحمة ودين العدل. الدين قانون، فأطيعوا قوانين الإسلام واخضعوا لها.
إن بلدكم الإسلامي يقبلكم جميعاً وأنا كوني طالب علوم دينية مستعدٌ للجلوس معكم في اجتماع بل في عشرات الاجتماعات وأتحدث معكم، ولكن ماذا أفعل وقد حملتم أسلحتكم وتريدون أن تخدعونا.
ارجعوا وتعالوا إلى حضن الشعب وسلموا أسلحتكم واعترفوا، بخطأكم. فلا تدَّعوا أننا كنا في الجبهة مشغولين بالحرب. لا تدَّعوا أننا كنا منذ البداية وإلى الآن مع الإسلام أو مع الشعب. ولا تدَّعوا هذا لأنه غير مقبول منكم فقد فضحتم أنفسكم من قبل أن تبلغوا هذه المرحلة.
فأنتم ترون الآن أنه يوجد بعض الأحزاب المنحرفة ونحن لا نعتبرهم جزءاً من المسلمين، ومع ذلك، لأنهم لا يريدون الثورة المسلحة بل هدفهم سياسي، فهم أحرار ولهم منشوراتهم بشكل حر.
اعلموا أنه ليس لنا عداوة مع أحزاب أخرى، أو مجموعات أخرى. ونرغب طبعاً في أن تعود كل المجموعات والأحزاب إلى الإسلام وتأخذ طريق الإسلام المستقيم ويسلم الجميع. اذا لم يصبحوا كذلك، فما دام أنهم لا يحاربوننا ولا يحاربون البلد الإسلامي ولم ينهضوا في وجه الإسلام بالسلاح، فهم يعملون بشكل حر ويتكلمون بشكل حر، ولكن أنتم لا تريدون ذلك.
ولو أني أتوقع واحداً بالألف بأنكم تكفون عما تريدون فعله، لكنت مستعداً للمجيء إليكم والتفاهم معكم لا أن تأتوا أنتم إلي. و أنصحكم من منطلق أحكام الإسلام، إنكم لن تستطيعوا أن تفعلوا أي شيء مقابل سيل هذا الشعب الثائر. فإنكم كذرة مقابل سيل هذا الشعب لو أراد القيام. عودوا إلى احضان الإسلام، تعالوا فإن ما وعدكم به الآخرون وما يريدون أن يعطوه لكم مهيأ لكم في الإسلام. تخلوا عن ثورتكم المسلحة وأعيدوا ما أخذتم من بيت مال المسلمين بغاراتكم، وتعايشوا مع المسلمين الآخرين. فإنكم معززون ومحترمون، ولكن ما دامت الأسلحة بيدكم وتظهرون فيما تكتبون بأنكم مظلومون وتظهرون بأنكم تريدون أن تصلحوا الأوضاع ويتم التفاهم بعد ذلك، ومن ثم تهددون بثورة مسلحة، فنحن لا يمكن أن نقبل منكم ذلك، لكن من الأفضل أن لا تخالفوا هذه الجمهورية. فلو كنتم في الواقع تتألمون لهذا الشعب ولهذه الأمة وللعمال وللمزارعين، فاعلموا بأن هذه الجمهورية الإسلامية لو فشلت - لا سمح الله - فهو فشل لكل المستضعفين في العالم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روح الله الموسوي الخميني
* صحيفة الإمام، ج14، ص:271,265
1- مجمع الزوائد ج 4، ص 193، وقد أتى فيه: القاضي يوقف على شفير جهنم.
2- غلام رضا أزهاري، القائد العام للجيش في زمن الشاه ورئيس الوزراء للحكومة العسكرية.
3- رؤساء جماعة المنافقين الإرهابية.
4- إشارة إلى الآية 6 من سورة الكهف