الموضوع: التحرر من التبعية الثقافية ودور الصحافة في التأثير على ثقافة الشعب
خطاب
الحاضرون: كروبي (ممثل الإمام والمشرف العام على مؤسسة الشهيد)، عائلة الشهيد علي مازندراني، أسرة التحرير والعاملون في مجلة الشاهد الشهرية
عدد الزوار: 32
التاريخ 2 تير 1360 هـ. ش/ 20 شعبان 1401 هـ. ش
المكان: طهران- حسينية جماران
الحاضرون: كروبي (ممثل الإمام والمشرف العام على مؤسسة الشهيد)، عائلة الشهيد علي مازندراني، أسرة التحرير والعاملون في مجلة الشاهد الشهرية
بسم الله الرحمن الرحيم
التغييرات الجذرية التي أحدثتها ثورة إيران في الشعب
على علمائنا وكتابنا أن يعملوا كثيراً حتى يستطيعوا تنظيف عقول شبابنا من تلك الأفكار الخبيثة التي زرعها النظام البائد في عقولهم.
والحمد لله، فقد حدثت طفرة داخل الشعب الإيراني أدت إلى تغييرات عميقة في جميع مسارات هذا الشعب.في الماضي كان الكثير من شبابنا بعيدين عن التحولات التي تحدث في البلاد، فإما أنهم لم يكونوا يستطيعون الاستفادة من قدراتهم، أو أنهم كانوا يتحركون ضمن المجال الفاسد الذي وضعهم فيه النظام السابق، دون أن يستطيعوا قول كلمة حق واحدة، ولكن الآن وبحمد الله فقد انكسرت القيود التي كانت مفروضة في السابق، وبات معظم الشعب يسير على الطريق الصحيح، ولكن لازال علينا أن نسعى كثيراً، وفي هذا الخصوص فإن المجلة لها دور كبير بالتأثير في ثقافة الشعب، لأنها هي نفسها وحتى طريقة عرضها تتركان أثراً في نفس القارئ، حتى لو لم يقرأها ولكن مجرد تصفحه لها سيترك أثراً في معنوياته، في السابق كانت المجلات في يد النظام وكان يوجهها حسبما يشاء، وعندما كان شباننا يتصفحونها فإنها كانت تترك أثراً سلبياً في نفوسهم.
كان النظام يغير كل شيء حسبما تقتضي مصالحه، وكان يقيد الأفكار ضمن إطار معين حتى لا يسمح للشاب الجديد الذي سيدخل الحياة العملية في المجتمع أن يفكر بمصلحة بلاده وهمومها، والأطفال أيضاً كانوا تحت تأثير أفكار معلمي النظام السابق منذ الطفولة وحتى دخول الجامعة، ولهذا فعندما كان هؤلاء الشباب يتخرجون، لم يكونوا يستطيعون العمل لمصلحة بلادهم، ولكن حساباتهم كانت خاطئة لأنه عندما تكون الجامعات والمراكز الأخرى على هذا الشكل فهي لن تستطيع أن تربي أشخاصاً قادرين على علاج أوجاع هذه الأمة. كل الجامعات والمجلات والصحف والمقالات و .... كانت عبارة عن وسائل لتضليل الشباب، ولم تكن هناك مجلة واحدة تخبر الشباب بالحقيقة فقد كانت أغلب الصحف والمجلات مشغولة بعرض الصور الفاضحة بهدف إيقاظ الشهوات الحيوانية داخل نفوس الشباب، ففي شيراز مارسوا العملية الجنسية أمام الناس، وتزوج رجلان من بعضهما. إن هذا بعض أعمالهم وقد كانت مقدمة للترويج لهذه الأشياء في المجتمع وسلبه اعتباره وثقته بنفسه. ولكن الله عز وجل شاء أن ينقذ هذا الشعب من براثنهم، ولكنهم لن يكفوا عما كانوا يفعلونه وعن الكيد لإيران وللشعب الإيراني، فالاتحاد السوفييتي وأمريكا وانكلترا وجميع قوى الشرق والغرب يطمعون فينا، وأطماعهم بثرواتنا أكبر مما تتصورون بكثير، ولكن الله أراد أن ينقذ هذا الشعب ويبطل جميع خططهم.
استعداد الشعب لمواجهة المؤامرات
سافرت مرة إلى مدينة همدان فجاءني ابن أحد الوجهاء هناك وكانت معه خارطة كبيرة لمدينة همدان وما تضم المحافظة من قرى ونواحي وبعض النقاط المتفرقة في أرجاء المحافظة، فسألته إلى ماذا تشير هذه النقاط؟ فقال: كل نقطة تشير إلى منجم نحاس أو ذهب أو حقل نفط وما إلى ذلك، لقد جاؤوا وصوروا كل هذه الأماكن ولابد أنكم سمعتم أنهم كانوا يأتون إلى هنا ويعاينون جميع هذه الأشياء، وحتى قبل دخول السيارة إلى هذه البلاد فقد كانوا يتنقلون على الجمال من مدينة إلى أخرى وحتى الصحاري الموجودة في إيران زاروها واستكشفوا ما فيها من ثروات. فإذا أردنا أن نكون مستقلين فعلينا أن نكون جاهزين لمواجهة أي شيء، فهم يحاولون زعزعة استقرارنا وأمننا عن طريق الوسائل والأنظمة التي لديهم وهم لا يعرضون دعوتهم على الناس بشكل مباشر أو على شاكلة النظام الشاهنشاهي لأنهم يدركون أن الشعب يمقتهم، وإنما يخفون أنفسهم خلف اسم الإسلام، كما يحدث الآن في بعض الدول، ويبدون كأنهم مسلمون حقيقيون بالفعل، ويظهرون أنهم معتقدون بالإسلام، وهم لا يحضرون إلى السلطة من يعتقد بالإسلام وإنما يحضرون من يقول أنه يعتقد بالإسلام. فهم يخافون من البلاد التي يكون كل شيء فيها إسلامياً. وهم يدركون أنه إن كانت هذه الأجيال التي تتخرج من المدارس والجامعات ملتزمة بالإسلام فإن عليهم الرحيل، وعندما أغلقت الجامعات فقد عارض الكثيرون، في السابق عندما لم تكن الجامعات بين أيدينا، كانت الحيوانات تتخرج منها، وإذا أراد أحدهم أن يصلي في الجامعة، فإنه كان يصلي في الخفاء لأنه لم يكن يجرؤ على الصلاة أمام الآخرين.
وعندما طالبوا بفتح الجامعات، فقد كان من الواضح أن هدفهم ليس الإسلام بل مصالحهم، يجب أن نفتح عيوننا جيداً وأن نوعي الناس بهذه المسائل، وكثيراً ما كان هذا الوضع يؤلمني. لقد كانوا يحاولون إجراء استفتاء آخر لمقاطعة الاستفتاء على الدستور. مثل الاستفتاءات التي كانت تقام زمن الدكتور مصدق، فقد وضعوا صندوقاً للمخالفين وصندوقاً للموافقين ثم أحضر بعض الأراذال حماراً إلى جنب صندوق المخالفين وصوروه وهو يصوت مع المخالفين، وعن طريق هذا الاستفتاء سلموا الدستور للأمريكيين، وبعض علماء الدين- الذين خبرتهم على مدى عشرين عاماً- كانوا يريدون أن يزيحوا هذه الفئة عن مركز صنع القرار وإحضار مجموعة أخرى مسلمة بالظاهر ولكن باطنها مع أمريكا، ولأن الشعب كان يخاف من السوفييت فقد قرروا إزاحة هؤلاء وإحضار أولئك المؤيدين لأمريكا.
علينا أن نسعى كثيراً حتى نصل إلى ما نصبوا إليه، وأنا قلق جداً بالنسبة لهذا الموضوع وسأقوم بكتابة وصية أوضح فيها أطماع هؤلاء، ومن أين يريدون أن يبدأوا وكيف أن الفرصة الآن غير مواتية لهم، ولكنهم مع هذا يريدون أن يبدأوا من الآن، ولكنهم لم ينجحوا فلا المجلس نفعهم ولا مجلس صيانة الدستور أو القضاء.
كان يقول كل هؤلاء بدون دين. بني صدر كثيراً ما كان يقول: يجب أن نقيل هذه الحكومة، كان يريد أن يجعلني ديكتاتوراً، وأنا كنت أضحك وأقول إذا كنت تمتلك القدرة الكافية فغيرهم بنفسك. إن هؤلاء جهلة وبدون دين كانوا يريدون أن يحلوا مجلس الخبراء وأن يعودوا إلى 22 بهمن. يجب القول أن هذا كله غلط فالعودة إلى 22 بهمن تعني هدم كل شيء والعودة إلى نقطة الصفر، وتعني أيضاً أن نلغي المجلس والجمهورية الإسلامية ونعود إلى ما قبل الاستفتاء. كانوا ينادون بجمهورية ديمقراطية أو إسلامية ديمقراطية، وحتى بعض المتدينين كانوا كذلك. لا تتحدثوا عن كلمة ديمقراطية، فمنذ أن جئنا وهم يحاولون تضليلنا، ولكننا أعلنا منذ البداية أننا نريد الإسلام ...، لقد تصرفوا بسذاجة وأعلنوا أنهم يريدون أن يجروا استفتاء، دون أن يدركوا حقيقة الشعب، كانوا يعتقدون أنه بإشارة منهم فإنه سيسير خلفهم.
خوف الأعداء من انتشار الثورة الإسلامية
على كل حال، فإنهم لن يتركونا وشأننا، ولهذا على شبابنا أن يربوا جيل المستقبل، فلا يحق لأحد أن يشوش على أذهانهم، لقد أصروا على فتح الجامعات، وكانوا يدعون أنه لا يوجد لدينا متخصصون، وأن هؤلاء يخالفون العلم، أنتم يا من تدّعون ذلك، من كان يتحدث عن القرآن والعلوم أكثر؟ نحن نحتاج إلى المجلات ولكننا لا نحتاج إلى المجلات التي كانت موجودة في زمن النظام السابق، ونحتاج إلى المتخصصين ولكن ليس إلى مثل شريف إمامي، ولكن هذه المسألة لم تتحقق بالشكل الذي كنا نريده، فالمسألة ليست مسألة جامعة، أو صحيفة أو حرية، بل هي عبارة عن رعبهم الشديد من الثورة الإسلامية ومن انتشارها إلى أماكن أخرى، كالدول الإسلامية أو حتى أمريكا والسود الموجودين هناك، وهذا هو الموضوع الرئيسي الذي كان يشغل بالهم. كانوا يقولون لا يمكن لأحد أن يتنفس دون أمريكا، وها نحن منذ عدة سنوات نتنفس دونها، إنهم يخافون أن تنتقل الثورة الإسلامية إلى الدول المجاورة كالعراق والكويت، فقد ذكر أولئك الذين ذهبوا إلى الخارج أن الأوضاع هناك مهيأة لمثل هذا الموضوع.
على كل حال، كتابة المجلة أمر سهل ولكن كتابة مجلة سليمة أمر صعب، فوضع أربع صور وأربع مقالات وأربع قصائد وأربع طرف وقصص بجانب بعضها، أمر سهل ولا يحتاج إلى تخصص، يجب أن تكون مجلاتكم غنية بالمواد حيث أنه عندما يفتحها الشاب يجب أن تعوضه عناوينها ومقالاتها عن 50 سنة من التخريب والتشويش على الأذهان. خمسون سنة والمجلات لا تقدم إلا التفاهات والراديو والتلفزيون لا يقدمان إلا الفحشاء والفساد. كل هذا كي لا يسمحوا لشبابنا بالوصول إلى النضج الفكري، ولكن الله أنقذكم وأحدث طفرة في كل هذه الأمور أدت إلى تغيير مسارها جذرياً. إنهم يحاولون إعادتكم إلى البداية، وإعادة ثورتكم إلى نقطة الصفر، على كل شخص يريد أن ينشئ مجلة، أن يضع في حسبانه العمل من أجل تربية جيل جديد سليم، فالإسلام يعتبر جميع الأجيال مكلفة بأداء مهمة ما. والرسول كذلك كان مكلفاً بأداء وظيفة ما تجاه جميع الأجيال الآتية. نحن أيضاً مكلفون بالعمل من أجل أجيال المستقبل. ويجب أن نبدأ بأداء وظائفنا من المنزل مرورا بالمدرسة والجامعة.
وفقكم الله وجعل مجلتكم مربية ناجحة، وأن تكون كلماتها قليلة ومفيدة لا كثيرة بدون طائل.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
* صحيفة الإمام، ج14، ص: 388