الهدف من بعثة النبي صلى الله عليه واله

قال تعالى : ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ - الجمعة - الآية - 2 .

الهدف من بعثة الرسول :تبدأ هذه السورة سورة الجمعة بالتسبيح لله عز وجل ، وتشير إلى بعض صفات الجمال والجلال والأسماء الحسنى لله . حيث يقول تعالى : يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض حيث يسبحونه بلسان الحال وينزهونه عن جميع العيوب والنقائض الملك القدوس العزيز الحكيم ويتحدث القرآن عن بعثة الرسول والهدف من هذه الرسالة العظيمة المرتبطة بالعزيز الحكيم القدوس . حيث يقول : هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته .وذلك من أجل أن يطهرهم من كل أشكال الشرك والكفر والانحراف والفساد ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين .ومن الملفت للنظر أن بعثة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الخصوصيات التي لا يمكن تفسيرها إلا عن طريق الإعجاز ، تعتبر هي الأخرى إشارة إلى عظمته عز وجل ودليل على وجوده إذ يقول : هو الذي بعث في الأميين رسولا الخ . وأبدع هذا الموجود العظيم بين أولئك الأميين .

قال بعض المفسرين : إن المقصود بها " أمة العرب " مقابل اليهود وغيرهم ، فالآيات تؤكد على أن نبي الإسلام بعث من بين هؤلاء الأميين الذين لم يتلقوا ثقافة وتعليما وذلك لبيان عظمة الرسالة وذكر الدليل على حقانيتها ، لأن من المحال أن يكون هذا القرآن العظيم وبذلك المحتوى العميق وليد فكر بشري وفي ذلك المحيط الجاهلي ومن شخص أمي أيضا ، بل هو نور أشرق في الظلمات ، ودوحة خضراء في قلب الصحراء ، وهي بحد ذاتها معجزة باهرة وسندا قاطعا على حقانيته .

ولخصت الآيات الهدف من بعثة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في ثلاثة أمور ، جاء أحدها كمقدمة وهو تلاوة الآيات عليهم ، بينما شكل الأمران الآخران أي ( تهذيب وتزكية النفس ) و ( تعليمهم الكتاب والحكمة ) الهدف النهائي الكبير .

نعم ، جاء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ليعطي الإنسانية ويعلمها العلم والأخلاق ، لتستطيع بهذين الجناحين ( جناح العلم وجناح الأخلاق ) أن تحلق في عالم السعادة وتطوي مسيرها إلى الله لتنال القرب منه .

ويمكن أن يكون الفرق بين " الكتاب " و " الحكمة " هو أن الأول إشارة إلى القرآن والثاني إشارة إلى سنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .ويمكن أيضا أن يكون " الكتاب " إشارة إلى أصل العقائد والأحكام الإسلامية ، والحكمة إشارة إلى فلسفتها وأسرارها .¹

^{1- الأمثل في تفسير الكتاب المنزل / مكارم الشيرازي ج18 ص316_318.}