الموضوع: التبعية الاقتصادية سبب لكل انواع التبعية- تحريض العناصر المأجورة
خطاب
الحاضرون: الاتحاد الإسلامي لمنتسبي وزارة الصناعة والمعادن
عدد الزوار: 112
التاريخ: 15 دي 1358 هـ. ش/ 16 صفر 1400 هـ. ق
المكان: قم
الحاضرون: الاتحاد الإسلامي لمنتسبي وزارة الصناعة والمعادن
بسم الله الرحمن الرحيم
التبعية الاقتصادية سبب للتبعية السياسية والعسكرية
إيران اليوم بحاجة إلى عمل، وأنا لا أرى اجتماع الناس هنا وفي خارج هذا المنزل صحيحاً. لأنهم لا يجوز لهم ترك أعمالهم والانشغال دائماً في المظاهرات، علماً بأنَّ المظاهرات تقوي المعنويات في مجال تقدم أمور البلاد. لكن لا يجوز ان تستمر دائماً. إذ يجب على الناس أن يعملوا، فالفلاح يجب ان يزرع، وأصحاب المصانع يجب أن ينشغلوا بالانتاج، وكذلك أصحاب الصناعات الصغيرة والكبيرة يجب أن ينشغلوا بأعمالهم، فعلى جميع أبناء الشعب أن يعملوا فإنَّ البلاد اليوم بحاجة إلى العمل. فالبلاد التي أخفق اقتصادها بلاد فقيرة. فعلى الجميع ان لا يتركوا هذه الحاجة التي هي أساس كل شيء والتي اوقعنا بها النظام السابق. علماً أن هناك افتقاراً آخر قد أوجده النظام السابق في إيران باسم الاصلاح الزراعي الذي أدى إلى اضطراب الأوضاع الزراعية، لذلك فنحن الآن مفتقرون إلى الخارج في الأمور الزراعية والمعيشية، إذ عملوا للقضاء على تربية الحيوانات والدواجن، فنحن محتاجون إلى استيراد اللحوم وغيرها من الخارج.
فاذا كنا مفتقرين إلى الغير اقتصادياً فذلك يستلزم الافتقار السياسي، بل ويستلزم الافتقار العسكري أيضاً، وبذلك ترجع بلادنا إلى ما كانت عليه سابقاً. في حين نريد الآن إدارة بلادنا بأنفسنا. فالبلاد الآن ملك لأهلها. وفي هذا الوقت الذي يملك الشعب زمام أمور بلاده بيده نرى ان هناك جماعة تغلغلت بين الناس تحرّضهم كثيراً وباستمرار على تثبيط المزارعين عن الزراعة واثارة القلاقل في المصانع، فهم يعملون الآن على تعطيل الزراعة وتعطيل المصانع. إنَّ هؤلاء لا يتركون هذه البلاد تستقر لكي لا تأخذ صناعاتها ومعاملها وزراعتها مجاريها الطبيعية، وحتى لا تتطور صناعاتها.
العناصر المأجورة تحرّض على إثارة الاضطرابات
هناك حفنة من الذين لا يريدون الاستقرار لهذه البلاد، ولا قيام جمهورية إسلامية إنسانية في إيران. إنّ هؤلاء يقصدون التخريب أينما ذهبوا. بحيث إنَّ الإنسان أينما ينظر يجد هناك جماعة مضربة عن العمل، ويجد أنَّ سبب إضرابهم هو اشاعة الفوضى. فكل جماعة تحرّض الجماعة الأخرى. والشبان البسطاء يتسرّعون في تصديق كل من يُزَيّن لهم أمراً. بحيث إذا جاءهم شخص وزيّن لهم عملًا أو أمراً فانهم يقبلون منه دون تفكير، فتكون النتيجة الإضراب عن العمل.
ومن الواضح أنّ هذه الاضرابات المتتالية تضر بالوطن، إذ إنها تلحق الضرر باقتصادنا وبسمعة وطننا وشرفه. وقد بلغت هذه الظاهرة حداً بحيث أنّ الإنسان أينما ذهب يجد اضراباً. فاذا ذهب إلى الجيش وجد هناك اضراباً، وإذا ذهب إلى المعامل والمصانع وجد إضراباً أيضاً، وكذلك الأمر في المدارس، إذ إنّ الاضرابات قد شملتها، كما شمل الطلاب أيضاً، وهكذا بقية الشرائح حتى صار الاضراب الآن أمراً طبيعياً لدى جميع شرائح المجتمع. لكنَّ هؤلاء جميعاً لا يدركون أنّ هذه الاضرابات تُسيء إلى كرامة الوطن وشرفه، وتعكس ذلك للخارج، حيث يستغل المستعمرون ذلك، ويقولون: إنّ هذا البلد مضطرب وغير مستقر ويحتاج إلى من يديره. فيمهد هذا لهم الطريق لكي يأتوا بالشخص الذي يروق لهم لإدارة هذه البلاد. فهؤلاء المضربون لا يدركون هذه الأمور، ولا ينتبهون إلى أنّ هؤلاء الذين يخطبون في محافلهم ويحرضونهم على الاضراب، واولئك الذين يستجيبون لهم بالهتافات التأييدية، إنما يعكسون للعالم أنَّ هذا الوطن غير مستقر وتسوده الفوضى، ولا وجود لحكومة مركزية فيه.
محاولة إثارة الفتنة والاضطرابات
ما هذه اليد الخفية الموجودة بين الناس، التي تسعى إلى ضرب الإسلام والاساءة إليه؟
أيّ يد هذه التي تغلغلت بين الناس وأخذت تحرض الشبان على النيل من علماء الإسلام؟ فنحن أينما نذهب نجد جماعة من الشباب المضللين ينسبون التخلف وألفاظاً مبهمة مستحدثة إلى علماء الدين. إنّ هؤلاء لا يعلمون أيّ يد تخرب من وراء الستار وتُلقي الفرقة بين سكان كل مدينة؟ ولا يعلمون مدى انعكاس ذلك في الخارج؟ ولا يعلمون أيضاً انه إذا انعكس ذلك للخارج بأنَّ إيران لا تستطيع ان تدير شؤونها بنفسها، سيأتي المستعمرون بشخص مستبد ليحدث انقلاباً هنا، فيذيقكم الأَمرّين جميعاً. إنهم قوم لا يفهمون. لكنّ الذي يحز في النفس هو لماذا صار الوضع هكذا؟ ولماذا يغط بعض شباننا في هذا السبات العميق؟ ولماذا لا يدركون عمق الأمور؟ فقد استطاع شخص واحد-- باسم الإسلام، وباسم القرآن وباسم المقدسات، وهو لا يعلم من الإسلام شيئاً-- استطاع ان يذهب ويحرض الناس على الاضطرابات، وعلى سب العلماء ومراجع الدين، بل وجميع الناس. فهل هؤلاء لا يعلمون أنّ النتيجة هي أن يقال في الخارج: إنّ إيران دولة غير مستقرة، ويجب أن نعمل لتوفير الاستقرار لها. وهل لا يعلمون أنّ الأعداء محيطون ببلادنا لكي لا يتركوا هذا الوطن يستقر، لأنَّ مصالحهم قد تعرضت للخطر، وسيحاولون بعد ذلك تمهيد الاوضاع للقيام بانقلاب عسكري. فلماذا صار شباننا غافلين إلى هذا الحدّ؟ ولماذا يصغون إلى أشخاص غير مطّلعين على الإسلام ويريدون تحطيم الإسلام باسم الإسلام؟
لذلك يجب على الشبان أن يكونوا على قدر من الوعي والانتباه. إذ ليس هذا الوقت وقتاً مناسباً للاضراب. وهل يصح في هذا الوقت الذي تهدد البلاد من جميع أطرافها بالمشاكل، وتخالفها جميع الدول المجاورة لها، هل يصح في هذا الوقت أن يضرب كل شاب وكل جماعة عن العمل؟
الاضراب اليوم حرام
إنَّ الاضرابَ اليوم حرام شرعاً، وهؤلاء الذين يضربون خائنون للإسلام. فليكفوا عن هذه الألاعيب والتضليلات، وليتركوا هذه الأمور. ولا يكونوا ألعوبة إلى هذا الحد في أيدي الذين يريدون استغلالكم. إنّ شخصاً واحداً يريد أن يستغلكم، ويستغل هؤلاء الشبان الطيّبين. فالذين يريدون استغلالكم لكي تضربوا عن العمل وتثيروا الفوضى وتقفوا أمام هذا الأمر أو ذاك، هم أشخاص محتالون خداعون يريدون استغلالكم. لكنكم في غفلة عن ذلك؛ فتضربون عن العمل وتتناحرون، وتتكلمون في المحافل بما تشاؤون، وتشتمون من تريدون، وأنتم في غفلة عن نوايا هؤلاء، وغير ملتفتين إلى أنّ اعمالكم هذه تعني أنكم تظهرون بلدكم وكأنه بلد غير مستقر، وهل تعلمون أن عدم الاستقرار يستلزم تعيين قيّم عليكم، وهذا القيم إما أن يكون من هذا الجانب أو من الجانب الآخر، وأياً كان فانه سيضطهدكم، ويحرمكم من بلادكم.
إنكم لا تعلمون هذه الأمور. فأية مصيبة هذه التي نزلت بهذا الوطن؟ وأي مخطط هذا الذي رسمه لكم الشرق والغرب؟ إنهم يرسمون لكم المخططات من كل جانب. لذلك نرى الفوضى مستمرة، والاضطرابات في كل مكان، ونجد في كل مكان تحركاً، وفي كل مدينة فساداً، وفي كل يوم نشاهد تجمعات، يخطبون ويتكلمون بما يشاؤون، ويشتمون هذا وذاك، ويسبون العلماء وغيرهم.
فما هذا الوضع الذي ابتلينا به في هذه البلاد؟ لماذا يجب ان تكون أوضاع البلاد هكذا؟ ولماذا ينبغي أن يختلف أهل البلاد فيما بينهم اليوم؟
التحذير من الأعمال المخالفة للشرع والقانون
يجب أن تتحدوا اليوم وتتعاضدوا، وتجتمعوا على الالتزام بأحكام الإسلام، وإنكم- أيها المغفّلون- تشتمون الآخرين خلافاً للموازين الإسلامية، وتصادرون أموال الناس خلافاً لأحكام الإسلام. وماذا تفعلون بمزارع الناس في البراري؟ ولماذا تقطعون الاشجار من البساتين؟ إنَّ هذه الأعمال مخالفة للموازين الإسلامية. إنّ أولئك يحرضون الشبان على ارتكاب هذه الأعمال.
هناك يد وراء الستار تعمل في الخفاء لدفعكم إلى ارتكاب هذه الأفعال. وذلك ليثبتوا للعالم أنَّ إيران لا تستطيع ان تكون مستقلة، لأنّ الفوضى تسودها، وهذا ما حدث الآن، لأنّ الإنسان يرى الفوضى تسود جميع أرجاء إيران. حسناً؛ لنا أن نسأل: لماذا حصل هذا الوضع؟ ولماذا لا تفيقوا؟ ولماذا لا يعود شباننا إلى رشدهم؟ وهل من العقل أن تختلفوا فيما بينكم في هذا الوقت الذي نواجه دولة عظمى؟ وهل من العقل ان يمسك بعضكم بتلابيب بعض، وأن تنسبوا لعلمائكم الرجعية قاصدين النيل منهم، وأن تنهبوا بساتين الناس ومنازلهم بذرائع مختلفة، ثم تطردون النساء والأطفال من منازلهم؟ فما هذا الوضع الذي أنتم فيه؟ ولماذا لا تلتزمون بأحكام الإسلام؟ فالإسلام هو الذي أوصلكم إلى ما انتم عليه الآن، وهو الذي اخرج محمد رضا من منازلكم ومن وطنكم، والآن أنتم تعملون بخلاف موازين الإسلام. إنكم تجعلون الإسلام وراء ظهوركم، والله يعلم أنكم إذا جعلتم الإسلام وراء ظهوركم فانه- تعالى- سيصفعكم صفعة لا تنهضون بعدها أبداً. إذن يجب عليكم ان تعودوا إلى رشدكم والى أحكام الإسلام. فهل إننا نهضنا لأجل أن نفعل كل ما تشتهي انفسنا؟ هل نهضنا لكي لا نصغي لا إلى الحكومة، وإلى علماء الدين، ولا أي أحد آخر لا لشيء الا لأننا ثرنا ونهضنا. إنّ الثورة اسلامية وقد انطلقت لتحقيق تطلعات الاسلام. إنكم لم تثوروا ضد الاسلام حتى تفعلوا الآن ما تشتهي أنفسكم؟ إنكم ثرتم من أجل الإسلام، فاقيموا النظام الإسلامي، وأطيعوه وانقادوا له.
المعنى الحقيقي للنظام التوحيدي
إنكم حينما تذهبون إلى الجيش ترونهم قد أسسوا لجاناً للشورى، كما أوجدوا- فيما يزعمون- جيشاً توحيدياً. لكنّ هذا الجيش التوحيدي لا يعرف معنى التوحيد أصلًا. ومعنى الجيش التوحيدي من وجهة نظرهم هو تجريده من كل نظم وتنسيق، وتعريته من جميع الرتب والدرجات، وهذا معناه: اننا لا نريد جيشاً. في حين أنّ معنى النظام التوحيدي هو أن يسير الجميع وفقاً لأحكام الله تعالى وأن يضعوا الله تعالى نصب أعينهم في القول والعمل، وأن ينجز كل فرد عمله لوجه الله. هذا هو معنى النظام التوحيدي. يعني ان يتحد الجميع، وأن يلتحم بعضهم ببعض. فالنظام الذي يجر فيه كل شخص النار إلى رغيفه، ويشتم هذا فيه ذاك، ويذم ذاك فيه هذا، ليس نظاماً توحيدياً.
النظام الذي لا يطيع فيه المرءوس رئيسه، ويظلم فيه الرئيس مرءوسه، ليس بنظام إسلامي. بل هو نظام شيطاني. إذ يجب في النظام الإسلامي حفظ جميع جوانب النظام الإلهي، مع توجه الجميع إلى الله تعالى. وجيش هذا النظام مرءوسه يطيع الرئيس، ورئيسه يتعامل بالمحبة مع مرءوسه، ولا يظلمه. والجميع يطيعيون الله تعالى. والفلّاح في هذا النظام يعمل في مزرعته لوجه الله، وكاسبه يعمل قربة إلى الله، والجامعة فيه تنجز أعمالها لوجه الله. فهذا النظام هو النظام التوحيدي، وليس معنى النظام التوحيدي أن يخلو من كل شيء، وتسوده الفوضى، وان لا يطيع المرءوس الرئيس، وتعم الفوضى جهاز الشرطة، فيكون رئيس الشرطة غير مطاع، وكذلك يكون رئيس مخافر الدرك، وباختصار: لا يطيع الحكومة أحد. فهذا هو معنى النظام الوحشي، والمستعمرون الآن يروق لهم اليوم اطلاق تسمية وطن الوحوش على وطننا.
أيها الشبان، أنقذوا هذا الوطن، أيها المتيقظون، ويا من تريدون العمل في سبيل الحفاظ على وحدتكم، وأُبَشِّركم بأنكم منتصرون، وسيذهب المخربون إلى جهنم. وإن طريقكم- أيها الشبان الأعزاء- هو طريق الله تعالى، وستنتصرون وتفلحون، ووفقتم ان شاء الله.
إني اشكر الأخوات والإخوة، وأوصيكم أن تجعلوا الله تعالى نصب أعينكم في كل عمل تعملونه، ولتكن جميع أعمالكم خالصة لله، وأن تتوجهوا إلى مصدر كل خير، وسيكون الله في عونكم باذنه تعالى.
روح الله الموسوي
* صحيفة الإمام، ج12، ص:44,40