الموضوع: مؤامرة الاعداء في الايحاء بحاجة الشعب إلى قيّم
خطاب
الحاضرون: ممثلون منتخبون من ضُبّاط الصف في القوة الجوّية
عدد الزوار: 102
التاريخ: 17 دي 1358 هـ. ش/ 18 صفر 1400 هـ. ق
المكان: قم
الحاضرون: ممثلون منتخبون من ضُبّاط الصف في القوة الجوّية
بسم الله الرحمن الرحيم
عدم اعطاء ذريعة يتمسك بها أعداء الثورة
قبل عرض هذه الأمور التي ذكرتموها والتي ترتبط بفقدان النظم والتنسيق، يجب علينا في الوقت الحاضر النظر إلى الظرف الحساس، والظروف التي يمر بها بلدنا وأن لا نغفل عن ذلك، ثم ننظر هل ينطوي عرض مثل هذه الأمور الآن على مصلحة للبلاد أم فيه مفسدة؟
إن بلادنا الآن غير مستقرة، لأنها تفتقد إلى حكومة ثابتة، إذ ليس عندنا رئيس جمهورية ولا مجلس للشورى. ففي هذه الحالة، وفي هذه الظروف الحساسة، إذا وُجّهت أذهان الناس إلى المشاكل التي يعانون منها في مدنهم وأماكنهم، ثم طالبوا بحلّها فوراً وإلا سَيُضربون ويتظاهرون، فانَّ هذا الأمر- في نظرنا- يتعارض مع مصالح البلاد. ثم لا يخفى أنّ كتاباً كثيرين في الخارج والداخل، يعملون بنشاط ضد الجمهورية الإسلامية، ويريدون أن يعكسوا للخارج أنّ الفوضى هي السائدة في هذه البلاد التي لا جيشها جيش، ولا شرطتها شرطة، ولا حكومتها حكومة ثابتة، وأنَّ الجميع مختلفون ومتناحرون فيما بينهم.
إنَّ هؤلاء إنما يفعلون ذلك لكي يتذرعوا به لتبرير تدخلهم العسكري فيما إذا ارادوا التدخل، والمهم أنّ هؤلاء إذا استطاعوا أن يثبتوا ذلك للمنظمات الدولية ويصوّروا لها أنّ إيران بلاد تسودها الفوضى والاضطرابات، وأنَّ شعبها غير مؤهل لأن يعطى الحرية في أن يحكم نفسه بنفسه، وأنه يحتاج إلى وصيّ قيّم، مستندين في كل ذلك إلى ما يحدث هنا من اضرابات ومظاهرات، فانهم سيجدون الذريعة إلى اختيار شخص مثل رضا خان ممن أعدّوهم في كل مكان، وفي إيران، لمثل هذه الحالات ليقوموا بانقلاب عسكري هنا، ولن يبقى بعدها أحد منا ولا منكم.
الحذر من التآمر الداخلي للأعداء
إنّ وضعنا الذي نعيشه الآن والذي يتمثل في وجود أشخاص مُنهمكين في التآمر، وتضليل المواطنين الشرفاء الذين لم يطلعوا على حقائق الأمور، فيحرضوهم على الذهاب إلى آذربيجان- مثلًا- أو إلى كردستان أو بلوجستان ليثيروا القلاقل هناك، ثم يأتون إلى طهران والى قم لاثارة الفتن والبلابل، ثم يثيرون الخلافات بين الجيش وقوى الأمن الأخرى كالدرك و الشرطة. وعلى أيّة حال يصوّرون هذه البلاد وكأن المحاكم فيها وحراس الثورة والجان الثورية وقوى الأمن الداخلي تفتقر جميعاً إلى النظام.
وإن أمريكا- كما أفهم- حين تتحدث عن التدخل العسكري والحصار الاقتصادي، فانها تجعل ذلك مقدمة لحرف الأذهان وتوجيهها إلى ذلك حتى تكونوا في غفلة عن المؤامرة الداخلية التي ستكون بعيدة عن الانظار، وعندها يفسدون علينا نهضتنا، فيلحقون بها الضرر والفساد من الداخل وليس من الخارج، أي أنَّ جميع الفئات التي تستلهم أفكارها من الخارج تنوي إرباك الأوضاع، لكي يعكسها أولئك في الخارج ويثبتوا أنَ وضع إيران مضطرب على هذا النحو.
وأنت أينما تذهب الآن تجد اختلافاً، كما تجد في كل يوم اضرابات ومظاهرات، وضجيج ومسيرات، في مختلف مدن إيران. فهؤلاء منهمكون باثارة مثل هذه القلاقل لتكون سبباً وذريعة لتوجيه تدخلهم- لا سمح الله تعالى-. ومعنى تدخلهم أن يقولوا: إنَّ إيران دولة يسودها الاضطراب، فيجب أن نشرف على إدارة الشعب هناك، فانه شعب متوحّش يحتاج إلى قيم. وبذلك ينصبون علينا وصيّاً قيّماً من عملائهم. فيجب علينا أن ننتبه إلى هذه الأمور المهمة التي تهدد بزعزعة أساس البلاد، والإسلام.
الحفاظ على الاستقرار أهم ما نحتاج اليه
لدينا مشاكل خاصة، ومشاكل فئوية، فاذا كان أساس البلاد في وضع متزعزع فهل يصح في هذا الوقت أن نصرف اهتمامنا إلى المشاكل الشخصية غير مهتمين بما يهدد البلاد؟ يعني- مثلًا- لو وقعت زلزلة- لا سمح الله- فهل يصح لكم الجلوس والانشغال بالحديث عن شؤون النظام؟ أم يجب أن تسارعوا فوراً إلى إنقاذ المصابين وإخراجهم من تحت الأنقاض. فبلادكم- الآن- منكوبة بزلزال، بل هي في معرض الانفجار، فأنتم على وشك أن تذهب جميع أتعابكم التي تحملتموها لحد الآن، أدراج الرياح. لذلك لا يجوز لنا اثارة المسائل الشخصية. بل يجب علينا الآن أن نحافظ على الهدوء والاستقرار إلى أن يتم انتخاب رئيس للجمهورية، ويتم تشكيل مجلس الشورى. فانّ المجلس هو الجهة المكلّفة بانجاز هذه الأعمال وهو الذي يدير البلاد. فاذا أراد الآن أن يجر كل واحد منكم الأمور إلى طرف واراد كل واحد التذرع بذريعة فستحل الفوضى محل النظام، ويشيع الاضطراب في الموضع الذي ينبغي ان يسوده الاستقرار، فاعلموا أنّ ذلك يشكل ضربة موجهة إلى أساس النهضة.
إنّ طلباتكم حق لكنّ الوقت ليس مناسباً لعرضها، وهذا نظير أن يطرح شخص مسألة أو قضية علمية في وقت تتعرض فيه إيران إلى نكبة السيول. فالموضوع والمسألة صحيحان لكنّ وقت عرضهما غير مناسب. فالأمور التي عرضتموها صحيحة، لكنكم الان تواجهون أمراً اكبر أهمية، إذ إنه ليس أمراً داخلياً فقط، بل إنه أمر داخلي وخارجي.
فيجب عليكم أولًا أن تحافظوا على الاستقرار إلى أن تنقضي هذه المرحلة خلال شهرين أو ثلاثة أشهر، ونامل- إنّ شاء الله- أن يتحقق الاستقرار ويتشكل المجلس بنوابه حتى لا يقولوا: إنَّ إيران بلاد مدمرة من جميع الجوانب ولم يُصلح فيها شيء وتعمها الفوضى والخراب. فنحن نريد- على الأقل- أن نقول للعالم: إنّ دستورنا قد اجتاز مرحلة التصويت بنجاح، وإنّ رئيس الجمهورية قد تم أنتخابه، وإنّ مجلسنا قد شُكِّلَ. وذلك لكي يتعرفوا على نظامنا، ولكي يسود الاستقرار، فاذا ساد الاستقرار، عند ذلك نتجه إلى حل هذه المشاكل والأمور.
دوافع المعارضة واعمال الشغب
إنكم تظنون أنكم القلقون فقط، في حين أنَّ القلق يعم جميع أنحاء البلاد، لكنه يختلف باختلاف المناطق، فهو يختلف من مكان إلى آخر. وجميع الطبقات- تقريباً- التي تأتي من أرجاء البلاد تشكو من التدمير والخراب الموجود في مناطقه , لأنّ كل جماعة لا علم لها بما في المناطق الأخرى من تدمير وتخريب. والحق أنّ جميع أنحاء البلاد مدمرة وكل مكان فيها خراب. فقد تركوا لنا بلاداً خربة ومحطمة. وأساس الخراب يتركّز حالياً في جهاز الدولة، إذ إنه جهاز فاسد، وإذا لم يصلح هذا الجهاز، فلا يصح لنا ترك إصلاحه والاتجاه إلى معالجة قلق الناس وإزالته بتوفير احتياجاتهم الخاصة، مثل السكن ومتطلّبات المعيشة الأخرى. لذلك فانّ عرض هذه الأمور الشخصية يحين عندما يستتبّ الاستقرار والأمن، وذلك لكي نأمن الخطر الذي يهددنا من هذا الجانب الخطير، وبعد ذلك نتفرغ للاعمار وتأمين احتياجات الناس , إذ يجب على المجلس والحكومة السعي لتوفير طلبات الناس واحتياجاتهم، وسيتم كل ذلك ان شاء الله تعالى.
لكن يجب على شباننا الذين يريدون أن يخدموا بحسن نية، أن ينتبهوا إلى أنّ خدمتهم هذه الآن مضرة بمصلحة الوطن، لأنها تسبب التفرقة والاختلاف، لأنّ أيّة فتنة تنشب الآن في أيّ مكان من البلاد، لا تنشب الا عن تخطيط وحسابات دقيقة، لأنّ هؤلاء لا يريدون قيام جمهورية إسلامية في ايران، لذلك يسعون بكل جهودهم إلى شل حركة هذه النهضة وإجهاضها. فقد وضعوا- بعد دراسة دقيقة- خطة واسعة لشل حركة جميع مرافق الدولة , فوضعوا خطة لشل حركة الدرك وحرس الحدود، ووضعوا خطة لشل حركة حراس الثورة، ووضعوا خطة لشل حركة الجيش. كما وضعوا خطة لشل حركة الحكومة، وخطة لشل حركة الجامعات، ورسموا مخططات لارباك جميع مرافق البلاد وإشاعة الفوضى فيها، وذلك لكي يتسنى لهم إعطاء صورة مشوهة عن الشعب الإيراني بأنه شعب غير مؤهل لنيل الحرية و المحافظة على النظام، وإدارة نفسه بنفسه، فهو اذاً بحاجة إلى مّن يدير شؤون بلاده.
هذا أمر مهم وحساس جداً بحيث يجب الآن على كل من يعتقد بالله وبالدين، وعلى كل من يحب وطنه، وعلى كل من يحب شعبه أن يحافظ على الهدوء والسكينة، فالظرف الآن ليس مناسباً لعرض هذه الأمور الجزئية (الشخصية). ثم إننا نواجه مشاكل كثيرة. بل إنّ البلاد الآن محاطة بالمشاكل والمصاعب. لكننا إذا اتجهنا إلى حل المشاكل الشخصية، فاننا سنغفل ونتخلف عن معالجة ذلك الأساس المهدد بالتزلزل والانهيار.
هذه خلاصة ما أردت أن أقوله لكم وللسادة الذين يأتون هنا أحياناً.
روح الله الموسوي
* صحيفة الإمام، ج12، ص:61,58