يتم التحميل...

الموضوع: بيان واجبات الشعب - أهداف الأعداء من مواجهة النظام الإسلامي‏

خطاب

الحاضرون: أهالي أرومية وحشد من أهالي المدن الأخرى‏

عدد الزوار: 35

التاريخ: 19 دي 1358 هـ. ش/ 20 صفر 1400 هـ. ق‏
المكان: قم‏
المناسبة: ذكرى أربعين الإمام الحسين - الذكرى السنوية لانتفاضة أهالي قم‏
الحاضرون: أهالي أرومية وحشد من أهالي المدن الأخرى‏

‏‏‏بسم الله الرحمن الرحيم

بيان واجبات الشعب في الظرف الحساس الذي يمر به البلد

لقد سألتم: ما هي واجباتنا في الوقت الحاضر؟ وجميع فئات الشعب تسأل عن الواجبات التي يجب علينا القيام بها في هذه المرحلة؟ إنكم تعلمون أنّ وطننا يمر اليوم بمرحلة حساسّة تُعتبر من أكثر المراحل حساسية من عدّة جوانب, فهو من جانب يواجه القوى العظمى كأمريكا والاتحاد السوفياتي الموجود حالياً في أفغانستان. فالقوى العظمى الآن تطوق إيران وتهددها تقريباً.

ومن جهة أخرى فانكم مقدمون على خوض انتخاب رئيس الجمهورية ولتتفرغوا بعدها - إن شاء الله -. لخوض انتخاب نواب المجلس. ففي هذه المرحلة الحساسة تستعد للتآمر جميع الفئات التي لا تريد تطبيق الإسلام وترفض قيام الجمهورية الإسلامية، وتعرقل عودة أوضاع البلاد إلى حالتها الطبيعية، ولا تريد أن يمسك الشعب بزمام أمور وطنه لتعيين مصير بلاده بنفسه. لذلك فالتكليف الذي يجب العمل به الآن هو أن نغض النظر بشكل مؤقّت عن الصعوبات الموجودة في مناطقنا حتى نستطيع أن نجتاز هاتين المرحلتين: مرحلة انتخاب رئيس الجمهورية, وفي هذه المرحلة تعمل الايدي الخفية على عرقلة اجتياز هذه المرحلة بسلام، ومرحلة انتخاب نواب مجلس الشورى، اذا ما تم اجتياز هذه المرحلة سنشاهد تدهور الأوضاع الأمنية وتصاعد الاضطرابات، لأن هؤلاء العملاء لا يريدون استتباب الأمن والاستقرار في هذا الوطن. لكن الواجب يفرض علينا أن نسعى إلى إيجاد الاستقرار باجتياز هاتين المرحلتين لكي ترسى القواعد الاساسية للهيكل العام للدولة.

الحيلولة دون ازدياد المؤامرات‏

نحمد الله على أن تمت المصادقة على الدستور وأنّ الشعب صوّت لصالحه، وشاهدتم مقدار ما بذله الاعداء من مساعٍ محمومة من اجل افشاله.

كما نحمد الله على تصويت الشعب لصالح قيام الجمهورية الإسلامية، هذا في الوقت الذي حاول بعض الأشخاص الحيلولة دون ذلك. والآن كلما اقتربنا من النصر ازداد عزم العملاء على التخريب. إنهم يفقدون حياتهم بالتدريج خطوة فخطوة. لكنهم يبذلون محاولات مستميتة ليواصلوا حياتهم الاجرامية.

إننا مكلفون بالحيلولة دون تفاقم هذه المؤامرات، ودون أن يسيطروا بافكارهم على عوام الناس عن طريق الذهاب إلى القرى والأماكن التي يستطيعون فيها أن يلعبوا دوراً اكبر في بث الدعايات المغرضة واثارة الفتن والاضطرابات، للحيلولة دون قيام الجمهورية الإسلامية، وإنّ هذه الفتن التي تثار في وقت واحد في أماكن مختلفة من الوطن كقم وتبريز لم يكن تزامنها مُصادفة، بل إنه مؤامرة مدبرة وفقاً لحسابات دقيقة، لأنّ هذه المؤامرة قد حدثت في تبريز بنفس الحالة التي حدثت بها في قم، وفي نفس الوقت الذي بدأت فيه في قم وهو قبل ظهر يوم الجمعة، وشرعت بنفس البداية التي شرعت بها في قم.

وكانت الفئة التي أثارت الاضطرابات في تبريز تنتمي إلى نفس الجماعة التي تنتمي اليها الفئة التي أثارت الاضطرابات في قم. وغرض هؤلاء المخربين هو الحيلولة دون انتخاب رئيس الجمهورية، لأنّ انتخاب رئيس الجمهورية يعتبر نصراً للشعب في هذه المرحلة. فاذا نجح الشعب في انتخاب نواب مجلس الشورى فان ذلك يعتبر نصراً له في المرحلة القادمة، لذلك يسعى هؤلاء للوقوف دون تحقيق هذا النصر.

مؤامرة الأعداء في تشويه الحقائق‏

لو انشغلنا في الوقت الحاضر بالأمور الفرعية فاننا سنغفل عن هذا الأمر الأساسي، وإني أنبهكم وأرجو من السادة الحاضرين أن ينبهوا أهالي مدنهم إلى أن المؤامرة تستهدف إلهاءنا ببعض المسائل لنغفل عن الأمور الأساسية. فاذا غفلنا عن الأمور الأساسية ولم ننجح في انتخاب رئيس الجمهورية مثلًا بنسبة عالية من الاصوات، فان ذلك سيعكس للخارج صورة عن إيران بأنها بلاد عاجزة عن انتخاب رئيس الجمهورية، ولو أننا لم نكن قد نجحنا في التصويت للدستور والمصادقة عليه، فانّ ذلك كان يعطي للخارج صورة عن إيران بانها لم تصل بعد إلى المستوى الذي تستطيع فيه ان تضع لنفسها نظاماً خاصاً بها، فانتبهوا جيداً واحذروا أن نسلك سلوكاً يتخذه الأجانب ذريعة لاتهامنا بعدم النضج الفكري والتطور العقلي. فهذا أمر مهم‏ جداً. إذ إن العملاء من حثالات النظام السابق يسعون إلى إشاعة الفوضى، وذلك لتنعكس عن إيران للخارج الصورة التي يريدها أولئك الذين جلسوا خارج ايران واخذوا يدبّرون المؤامرات ضد بلادنا من هناك. والذين يشيعون في الخارج أنّ إيران مضطربة وتعمها الفوضى، فإذا حدث هنا شي‏ء فانهم يضخّمونه عشر مرات هناك ثم يشيعونه، وبهذه الطريقة التآمرية يعتقد الرأي العام العالمي بالتدريج بأنّ إيران تفتقر إلى الاستقرار، ولم تستطع لحد الآن بلوغ النضج السياسي اللازم، لذلك فالشعب الإيراني غير مؤهل لإعطائه الحرية في الوقت الحاضر.

فهذه النتيجة هي الهدف الذي يريدون الوصول إليه، لأنهم بهذه النتيجة يريدون أن يبرروا تدخلهم العسكري لئلا يعترض العالم عليهم، ولكي يجيبوا العالم بأن الشعب الإيراني يفتقر إلى النظام، ويعمه الاضطراب وتسوده الفوضى وعدم الاستقرار، ويواجه خطراً، وقد شاهدنا عن كثب أنهم أناس يفتقرون إلى النضج، لذلك فقد أعددنا لهم نظاماً يبلغ بهم مرحلة النضج، ويدفعهم إلى التقدم، ويدير أمورهم. فهذا الأمر هو من الأمور المهمة جداً التي نعيشها الآن، أما بقية الأمور كالاعتراض على الحكومة، أو على بعض مدراء الدوائر، فهي أمور ثانوية.

حينما تنتهون من تثبيت شؤون وطنكم، عندها نتجه إلى إصلاح الأمور الزراعية والاسكانية والإدارية بكل ما نملك من طاقات، لأنّ هذه الأمور الثانوية يجب أن تعالج وتخضع لعملية الاصلاح. لكن عليكم ان تكونوا حذرين من أن يصرفوا انظاركم عن الهدف الأساسي من حيث لا تشعرون، فيجعلونكم تسيرون في طريق آخر، وتتجهون إلى هدف آخر، فانتبهوا إلى هذا الأمر فانه أمر مهم جداً، لأننا إذا أغفلنا الهدف الأساسي وسلكنا طريقاً منحرفاً فانّ الهدف الأساسي سيضيع من أيدينا. وهذا ما يوجب علينا التمييز بين الحالتين التاليتين: الأولى: أن يكون الهدف الأساسي للبلاد عرضة للخطر، الثانية: أن يكون بعض دوائر الحكومة بحاجة إلى إصلاح. فأي الحالتين أولى بالعلاج؟ لا شك أنّ علاج الحالة الثانية وإصلاحها يأتي بعد الانتهاء من الاطمئنان على سلامة الهدف الأساسي من الخطر وبعد توطيد أسسه، لأنّ معالجة الحالة الثانية أمر يسير.

هدف الأعداء, ان نغفل عن الأمور الأساسية للبلاد

إنّ تغيير قائد فرقة عسكرية، وتغيير أعضاء الحكومة، وتبديل مسؤول ديني، كل ذلك يعتبر من الأمور الفرعية البسيطة. فلا تغفلوا عن وجود فئات مختلفة ترونها منتشرة في أنحاء البلاد، تسعى إلى أن ينحرف الناس عن الطريق الصحيح، فهم يحولون دون أن يسير الناس على الطريق الذي يجب أن يسيروا عليه, ولهذا يثيرون في كل مكان نوعاً من الفتن ليحولوا دون وصول الناس إلى هدفهم الأساسي، ويوجّهوهم إلى طريق ينتهي بهم إلى انهيار أسس البلاد. ولو أننا لم نصوت لصالح الجمهورية الإسلامية، واتجهنا إلى اصلاح نواقص الحكومة وجهاز الشرطة، لما تحققت هذه المسألة المهمة.

فأنتم إذا اردتم الآن ترسيخ الأساس وانتخاب رئيس الجمهورية، فيجب على جميع القوى أن تكون على استعداد كامل لمواجهة المؤامرات التي ستشيع الفوضى والاضطراب، فانّ المتآمرين سيشيعون الاضطراب في كل مكان. كما يجب أن تكونوا حذرين من أن يحرفوكم عن الطريق المستقيم، ويوجّهوكم إلى طريق آخر. فانّ هؤلاء يثيرون الاضطرابات ليستغلّوها ويحققوا أهدافهم.

فيجب على الجميع الانتباه إلى هذا الأمر، فليس الوقت الآن وقت التعلل بالتمارض والأمور الشخصية، فلهذه الأمور وقت آخر، إنني قد كررت مراراً هذا المثال وهو لو فرضنا حدوث زلازل - لا سمح الله - في مدينة، فهل تنشغلون بالتفكير في أموركم المعيشية الشخصية؟ كلا، إنكم جميعاً تسارعون إلى اغاثة المتضررين بزلزال، ولا تفكرون أبداً في أموركم وأحوالكم الشخصية. وكذلك الأمر بالنسبة لكم حينما كنتم في بداية الثورة تريدون إخراج هذا الفاسد الذي أفسد كل شي‏ء من وطنكم، إذ كنتم تنزلون إلى الشوارع، وتصعدون إلى سطوح المنازل وتصرخون بشعاراتكم، ولم تفكروا أبداً في سلوك رئيس الشرطة وأنه كيف يؤدي وظائفه؟ فلو كنتم منشغلين بهذه الأمور الفرعية لما حققتم هذا النصر. فسبب انتصاركم في طرد العدو هو إعراضكم عن مصالحكم الشخصية واهتمامكم بما هو أهم وأولى. فعليكم الآن أن تتركوا المقاصد الفرعية وتتجهوا إلى هاتين المرحلتين، فاذا طويتم هاتين المرحلتين بنجاح ففي ذلك الوقت يجب إصلاح جميع مرافق هذا الوطن وشؤونه.

لا تظنوا أنّ أرومية هي المنطقة الوحيدة التي تعيش هذا الوضع الذي ذكرتموه، بل جميع المناطق هي هكذا، كل مكان توجد جماعة من حثالات النظام السابق. وإنّ تطهير بلاد حلّ فيها الدمار على طول التاريخ خاصة في الخمسين سنة الأخيرة، وبالأخص في الثلاثين سنة الأخيرة، يحتاج إلى وقت.

النظام السابق وراء فساد الشباب‏

هؤلاء أضلوا شباننا وأفسدوهم، ومن الطبيعي ان تغيير نفوس الشبان الذين عّودهم النظام السابق على الضياع، وتعاطي الهيرويين والترياق والخمر ومشاهدة الأفلام الفاسدة، وارتياد مراكز الفساد، وهيأ لهم كل ذلك ضمن خطة مدروسة لكي ينشأوا مائعين لا يتصفون بالصلابة والرجولة اللازمتين للوقوف بوجه المستعمرين، ان تغيير هؤلاء الشبان بغية إعادتهم إلى حالتهم الطبيعية يحتاج إلى وقت طويل.

التحول المعجز

إن التغيير الذي حصل الآن تغيير معجز. البلد الذي كان شبابه منغمسين في اللهو والفساد، وكذلك الآخرون، كل كان مشغولًا بشأنه، ولا يخطر ببالهم أنّ بالإمكان قيام مثل هذا الأمر، أراد الله فغير الشعب فجأة الى شي‏ء آخر. الجميع وقفوا امام هذا العدو والجميع ساهموا في هذا الأمر. انتقل الشباب من تلك المراكز الى الشوارع، وترك الناس الاسواق والعمل ونزلوا الى الشوارع، حتى العجزة والشيوخ من سكان الأكواخ نزلوا الى الشوارع مع أبنائهم وراحوا يهتفون. وانتصروا على الدبابات، وعلى القوة العسكرية التي كان يمتلكها النظام السابق. وقد كان هذا أمراً إلهياً. لم يكن بالأمر الذي يستطيع البشر انجازه. الله هو الذي أوجده. والآن أيضاً ينبغي لكم جميعاً الالتفات الى أن هذا البلد الإسلامي امانة في أيديكم, إذ لم تكونوا قبل هذا مكلفين لأن الطاغوت كان مسلطاً عليكم. كنتم تقولون: (وماذا نستطيع ان نفعل؟)، أما اليوم فلا مجال للقول (ماذا نستطيع ان نفعل؟).

الهمّة الجماعية لإعمار ايران‏

الآن صار البلد في يد الشعب، وهذا الشعب مكلف أن يرتب اوضاع بلده الإسلامي. وترتيب أوضاعه هو أن يئدوا أي اختلاف أينما ظهر ولا يدعوا مجالًا لظهور الاختلافات. عليهم تشخيص أولئك الأشخاص حيثما أرادوا أن يفسدو, ينبغي إلقاء القبض عليهم وتسليمهم الى المحاكم.

هذه مسألة يجب أن تتم بصورة جماعية. ينبغي ان لا تبقوا قاعدين في انتظار ما تفعله الحكومة لكم، وما يقدمه رئيس الشرطة لكم. أنتم موجودون والبلد بلدكم وعليكم حفظه وحمايته بأنفسكم. دعوا هاتين المرحلتين تمضيان ايضاً إن شاء الله، وبعد ذلك سيتحقق الاستقرار بالضرورة. أي إن اطماعهم ستنتهي تقريباً.

من المؤكد ان الاستقرار سيتحقق ان شاء الله وعندئذ ينبغي بناء البلد بهمم الجميع. لا يمكن لشخص واحد أن يبني البلاد، فتقعدون أنتم وتقوم الحكومة بالمهمات. الحكومة هي الأخرى ليست سوى اشخاص مثلكم، وليست لديها قدرات هائلة. الحكومة عبارة عن أشخاص مثلنا. علينا أن نتعاضد مع بعضنا جميعاً. ليس الرجال فقط، بل النساء ايضاً. وليس فئة واحدة، بل ينبغي لكافة شرائح الشعب أن تتآزر ليعمروا الخربة التي تركوها لهم، وادارة شؤون حياتهم.

أسأل الله أن يحفظكم جميعاً إن شاء الله، وأتمنى لكم التوفيق.

روح الله الموسوي‏


* صحيفة الإمام، ج12، ص:82,78

2011-05-23