الموضوع: انبثاق اللجان وحرس الثورة من الشعب - الحفاظ على سمعة الإسلام والثورة
خطاب
الحاضرون: قادة لجان الثورة الإسلامية في طهران والمدن الأخرى
عدد الزوار: 43
التاريخ: 29 ارديبهشت 1359 هـ. ش/ 4 رجب 1400 هـ. ق
المكان: طهران، حسينية جماران
الحاضرون: قادة لجان الثورة الإسلامية في طهران والمدن الأخرى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحرس ولجان الثورة مؤسستان منبثقتان عن صميم الشعب
يجب ابتداءً أن أشكر السادة لمجيئهم إلى هنا لنلتقي مع بعضنا عن قرب. من خصائص الثورة الإسلامية في إيران إنها بمجرد أن انتصرت، شعر كل فرد في كل ارجاء هذا البلد، وشعر الشباب سواء كان من طبقة رجال الدين أو من الجامعيين أو سائر الشرائح؛ شعروا بالمسؤولية من دون أن تكون هناك مؤسسة مركزية منذ البداية. كل جماعة انبثقت في كل مكان؛ كأنما تفجرت تلقائياً من صميم الشعب وأوجدت مؤسسات كاللجان الثورية التي يعد السادة الحاضرون من عناصرها والمشرفين عليها، وكحرس الثورة. لم يكن الأمر بحيث كان لحرس الثورة أو اللجان مركز منذ البداية، ثم دعا هذا المركز الجميع ونظمهم، انما كان هناك شعور بواجب إنساني وإسلامي بأن ينهض الجميع لخدمة الإسلام والبلد الإسلامي. هذه إحدى ميزات هذه النهضة وهذه الثورة وهي من ميزات الإسلام. كل الأفراد ألفوا أنفسهم مكلفين بخدمة هذه الثورة، كلُّ بنحو من الانحاء. الشباب الذين كانت لديهم قدرة الحراسة تجهزوا للحراسة. السادة الذين كانت لهم قدرة على تشكيل اللجان شكّلوها من أقصى إيران إلى اقصاها، وكذلك سائر الشرائح التي تحركت ونشطت بنحو تلقائي مستلهمة من تعاليم الإسلام.
هذه الثورة مدينة لهؤلاء الشباب الأبرار، سواء العاملين في الحرس أو المشتغلين في اللجان. النهضة رهن هذه الشرائح. حفظهم الله جميعاً ذخراً للإسلام إن شاء الله. ونصرهم جميعاً في هذا الجهاد الإسلامي.
ضرورة الحفاظ على مصداقية الثورة الإسلامية
لكن المسألة التي يتعين علي ذكرها وقد ذكرتها مراراً هي أن هذه الثورة حينما وقعت تسارعت أحداثها بشكل غير متوقع، وانفجرت فجأة مثل كأس يتحطم. فهجمت وقضت على القوى المعادية. ولكن بعد أن حصل هذا النصر ظهر بعض التراخي، وبعض النواقص البسيطة في كل مكان، سواء في اللجان أو المحاكم أو الحرس أو القطاعات الأخرى، ظهرت بعض النواقص. يجب أن أقول لكم أيها السادة ولكل الشعب الإيراني، خاصة العاملين من أجل النهضة والثورة، مثلما أن انتصار الثورة مدين لكم، فإن الحفاظ على مصداقية الثورة وسمعتها رهن بكم أيضاً.
قد تكون الثورة ثورة وطنية، لا إسلامية، وثورة حزبية، لا إسلامية، فهذه قضية أخرى. ولكنها عندما تكون ثورةً إسلاميةً كثورة إيران، وقد شاهدنا وشاهدتم جميعاً أنه لم يكن ثمة صوت سوى صوت (الله أكبر) والمطالبة بقيام جمهورية إسلامية. الشعب كله من أقصى البلاد إلى أقصاها هتف (جمهورية إسلامية)، (لا شرقية ولا غربية، جمهورية إسلامية). فهذه قضية إسلامية. كان شعبنا يعشق الإسلام حيث جعلوا من صدورهم في كل مكان دروعاً ونزل الشباب إلى الميدان، وسارت النساء والرجال إلى الكفاح وانتصروا.
هذه كانت قوة الإسلام، وإلا لم يكن بأمكان حزب أن يصنع هذا ولا وطنية كان بامكانها صناعة هذا. وإذا لاحظتم فإن الحركات الوطنية والحزبية لا تكون أبداً بحيث يتبعها كل الشعب بصوت واحد من أطفال وكبار ونساء ورجال. أنها قوة الإسلام التي وحدت صوت الجميع وعبأتهم لينتصروا وقد انتصروا.
شعبنا يريد الإسلام لا شيئاً آخر. إذا كان يريد الوطنية فالوطنية موجودة في ظل الإسلام. يظنون أنهم إذا جمعوا حولهم مائة شخص أو مائتين أو خمسمائة، واصدروا عدداً من الصحف، سيستطيعون أن يفعلوا شيئاً في مقابل الشعب. الشعب يريد الإسلام، وقد اعترف رسمياً بالإسلام ورجال الدين. أن حفظ ماء وجه هذه النهضة الآن منوط برجال الدين ومنوط بالحرس الذي يحمي هذه النهضة، والمحاكم وكل المؤسسات التي تخدم هذه النهضة وتعمل لخدمة هذه الثورة. انظار الإسلام اليوم مشدودة إلى ايران، ترى ماذا يفعل هؤلاء بالإسلام. هل هم اوفياء للإسلام ويعملون طبقاً لمصالح الإسلام، سواء في المحاكم أو اللجان أو في حرس الثورة أو في القوات المسلحة الأخرى أو في المجالس أو في أماكن أخرى، في كل الدوائر. الإسلام اليوم يركز انظاره ويتطلع إلى ما يفعله ابناء ايران. انهم انتصروا بقدرة الإسلام.
فماذا يريدون أن يصنعوا مع الإسلام وهم اليوم منتصرون؟ هل هم في خط الإسلام ويريدون للإسلام ان يتقدم، يتطلعون إلى تطبيق أحكام الإسلام في إيران. وستطبق الاحكام في أمكان أخرى أيضاً إن شاء الله، ويتم تصدير النهضة، أم أنهم يسلكون لا سمح الله طريقاً آخر؟ أننا اليوم جميعاً، كل الشعب، كل الشرائح وخاصة الشرائح الناشطة لخدمة الثورة، تتحمل مسؤولية كبرى، مسؤولية حفظ الثورة الإسلامية وحفظ كرامة الإسلام، وكرامة الثورة الإسلامية.
الإساءة الى الإسلام بهتك حرمة علماء الدين
إذا وقعت ممارسات خاطئة في شريحة علماء الدين لا سمح الله، سواء المتواجدين منهم في اللجان، أو في المدارس، أو في المدن، فلن يقال أن فلاناً من الناس فعل هذا، انما ينسب العمل لكل رجال الدين، حيث سيقال أن رجال الدين على هذه الشاكلة. فالمغرضون الذين يريدون تشويه سمعة علماء الدين ويستهدفون الإسلام أصلًا ويرومون القضاء عليه، ولأنهم يعلمون أنهم خدمة الإسلام وحراسه، لذلك يهاجمونهم. ولو وفّر لهم رجال الدين الذريعة فسوف يستغلون أية قضية صغيرة، وإذا صدرت عن شخص واحد، ينسبونها الى كل رجال الدين. في لجانكم هذه إذا حدث أمر بخلاف المعايير الإسلامية لا سمح الله، يقولون إن رجال الدين استولوا على اللجان وها هم يرتكبون المخالفات، لا يقولون أن فلاناً هكذا، بل يقولون إن كل رجال الدين هكذا. الذين يستهدفون النيل من رجال الدين ولا يستطيعون رؤية رجال الدين منهمكين في اصلاح الأمور، وقد شاهدوا إن الساحة كانت حكراً عليهم، ولم يستطيعوا فعل أي شيء، أما الآن وقد جاء رجال الدين وامتلأت إيران كلها برجال الدين وبمن يرتبط بهم كالحرس وأمثالهم واللجان الثورية وغير ذلك من الشرائح الفعالة، لأن هؤلاء المثقفين المتغربين رأوا أنهم لم يستطيعوا قط القيام بعمل إيجابي صحيح، ولم تستطع الأحزاب أن تقوم بشيء، الآن وقد نهضت هذه الشرائح الإسلامية والحوزوية في سبيل الله وراحت تضحي بالأنفس في سبيل الله وتذود عن الإسلام، استشعر هؤلاء النقص وراحوا يعملون من أجل النيل من هذه الشريحة، سواء رجال الدين، أو الحرس، أو اللجان، أو غيرهم، حتى يصوّروهم وكأنهم عاجزين عن اداء ما عجزوا هم عن أدائه. إن رجال الدين وباقي شرائح الشعب مسؤولون اليوم امام الله بأن يصونوا كرامة الإسلام، ويحفظوا كرامة الثورة، ويحفظوا كرامة النهضة وهذه مسؤولية كبيرة. خدماتكم خدمات كبيرة ومسؤوليتكم أكبر، ينبغي أن تنتبهوا الى ذلك.
عدم الإهتمام بالجوانب المادية في الثورة
إنّ الله تبارك وتعالى حاضر في كل مكان. يجب أن تعلموا انه حاضر. لا تعملوا شيئاً في حضوره تبارك وتعالى خلافاً لمشيئته وخلافاً لأحكامه لا سمح الله. سيروا على طريق الإسلام، اخدموا الإسلام، حتى إذا هُزمنا لا سمح الله واستشهدنا فسيكون ذلك من أجل الإسلام وتكتب لنا به الشهادة. وإذا انتصرنا إن شاء الله يكون الإسلام قد انتصر ونكون مرفوعي الرأس في كل مكان، ونطبق الإسلام في كل مكان، في كل البلدان، ونرفع راية الإسلام خفاقة. إيها السادة يا اعزائي؛ لا تبالوا بالجوانب المادية. حينما نهضتم لم تنهضوا لبطونكم، بذلتم دماءكم لا من أجل أن تحصلوا على مناصب. لم تكن هذه الأمور في اذهانكم. حينما كنتم تنزلون إلى الساحة وتنزلون إلى الشوارع وتجابهون المدافع والدبابات ما كنتم تفكرون اطلاقاً في إنكم تعملون وتتقدمون من أجل منصب رئاسة الجمهورية أو المنصب الفلاني، ولا للحصول على كذا وكذا. نهضتم لأجل الله وتقدمتم، فليكن عملكم في سبيل الله حتى تتقدموا. إذا عانيتم من نقص مادي معين فلا تبالوا له، لأنكم لم تنهضوا في سبيل الماديات ولا تعملون الآن من أجل الماديات. كما هو حال جنود الإسلام في صدر الإسلام إذ كانوا يعملون في سبيل الله، ويكتفون بتمرة واحدة كل يوم وليلة، أحياناً كان قوتهم تمرة واحدة في اليوم والليلة. كانوا يخدمون الإسلام، ثم حينما كانوا ينتصرون لم يكونوا بصدد الحصول على الرئاسة أو تبوّأ المناصب هنا وهناك.
الخدمة المخلصة للثورة، عبادة
اخلصوا مقاصدكم لله، اعملوا لله تبارك وتعالى، عملكم هذا عبادة، فكونوا مخلصين في هذه العبادة. هذه النهضة كلها كانت عبادة، هذه الثورة كلها عبادة، فكونوا مخلصين في هذه العبادة، الله معكم. وإذا كانت لديكم مشكلات يجب متابعتها والنظر فيها طبعاً. اعتقد أن كل هذه المشكلات ينبغي أن تعالج في مجلس الشورى الإسلامي. وسيتم إصلاح كافة الأمور إن شاء الله بما يوافق طموحاتكم وهي نفسها طموحات الإسلام، وطبقاً لإرادة الجميع وهي إرادة الإسلام. اتمنى أن لا تطول المدة حتى يفتتح المجلس ويبدأ أعماله. والمشاريع التي تقدمونها تناقش في المجلس لتغدو أموراً ثابتة دائمة. والحمد لله أن الذين انتخبوا في المجلس أكثريتهم الساحقة أكثرية إسلامية ملتزمة. وأنا أتمنى أن نوفق جميعاً لخدمة الإسلام بنوايا خالصة. وكما أن كل ما لدينا من الله تبارك وتعالى، وليس لنا شيء إطلاقاً إلا من عند الله تبارك وتعالى، نحن لا شيء - نحن اشخاص غير موجودين وصرنا أشياءً بإرادته ولا نزال ملكه وله - يجب أن نجد في حراسة هذه الأمانة التي أودعها الله تبارك وتعالى لدينا، وهي الروح، والأمانة هي الحياة، والأمانة هي الإسلام، والأمانة هي القرآن. وحينما نقف بين يدي الله تبارك وتعالى نقف بوجوه بيضاء. نصركم الله تعالى جميعاً، وهدى الله تبارك وتعالى اعداء الإسلام، وإلا هزمهم وقضى عليهم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روح الله الموسوي
* صحيفة الإمام، ج12، ص:260,257