يتم التحميل...

التواضع والتكبر

العلاقة مع المجتمع

هو احترام الناس حسب أقدارهم، وعدم الترفع عليهم. وهوخلق كريم، وخلّة جذابة، تستهوي القلوب، وتستثير الاعجاب والتقدير، وناهيك في فضله أن اللّه تعالى أمر حبيبه، وسيد رسله صلّى اللّه عليه وآله بالتواضع، فقال تعالى:- واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين...

عدد الزوار: 141

التواضع
هو احترام الناس حسب أقدارهم، وعدم الترفع عليهم.

وهو خلق كريم، وخلّة جذابة، تستهوي القلوب، وتستثير الاعجاب والتقدير، وناهيك في فضله أن اللّه تعالى أمر حبيبه، وسيد رسله صلّى اللّه عليه وآله بالتواضع، فقال تعالى: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ(الشعراء:215).

وقد أشاد أهل البيت عليهم السلام بشرف هذا الخُلُق، وشوقوا إليه بأقوالهم الحكيمة، وسيرتهم المثالية، وكانوا روّاد الفضائل، ومنار الخلق الرفيع.

قال الصادق عليه السلام: "إنّ في السماء ملكين موكلين بالعباد، فمن تواضع للّه رفعاه، ومن تكبّر وضعاه"1.

وقال النبي صلّى اللّه عليه وآله: "إن أحبكم إليّ، وأقربكم مني يوم القيامة مجلساً، أحسنكم خُلُقاً، وأشدكم تواضعاً، وإن أبعدكم مني يوم القيامة، الثرثارون وهم المستكبرون"2.

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: "ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء، طلباً لما عند اللّه، وأحسن منه تيه الفقراء على الأغنياء إتكالاً على اللّه"3.

وقال الصادق عليه السلام: "من التواضع ان ترضى بالمجلس دون المجلس، وأن تسلّم على من تلقى. وأن تترك المراء وإن كنت محقاً، ولا تحب أن تحمد على التقوى"4.

وجدير بالذكر أن التواضع الممدوح، هو المتسم بالقصد والاعتدال الذي لا إفراط فيه ولا تفريط، فالاسراف في التواضع داع الى الخسّة والمهانة، والتفريط فيه باعث على الكِبر والأنانية.
 
وعلى العاقل أن يختار النهج الأوسط، المبرّأ من الخسّة والأنانية، وذلك: باعطاء كل فرد ما يستحقه من الحفاوة والتقدير، حسب منزلته ومؤهلاته.

لذلك لا يحسن التواضع للانانيين والمتعالين على الناس بزهوهم وصلفهم.

إن التواضع والحالة هذه مدعاة للذل والهوان، وتشجيع لهم على الأنانية والكبر، كما يقول المتنبي:

إذا أنت أكرمت الكريم ملكته     وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا

ومما قيل في التواضع قول المعري:

يا والي المصر لا  تظلمن فكم جاء مثلك ثم انصرف
تواضع إذا ما رُزقت  العلا فذلك  مما  يزيد   الشرف




وفي المثل:

تواضع الرجل في مرتبته، ذبّ للشماتة عند سقطته.

وقال الطغرائي:


ذريني علـى أخلاقــي  الشـوس  إنني عليم    بإبـرام    العزائم     والنقض
أزيد   إذا أيسرت   فضــل   تواضـــع ويزهى إذا أعسـرت بعضي على بعضي
فــذلك عـنـد اليــســر أكســـب  للثـــنا وهذاك  عند  العسـر  أصـون   للعرض
أرى الغصن يعرى وهو يسمو بنفســه ويوقر حملاً  حين   يـدنو  مـن الأرض








واليك طرفاً من فضائل أهل البيت، وتواضعهم المثالي الفريد:

كان النبي صلّى اللّه عليه وآله أشدَّ الناس تواضعاً، وكان إذا دخل منزلاً قعد في أدنى المجلس حين يدخل، وكان في بيته في مهنة أهله، يحلب شاته، ويرقع ثوبه، ويخصف نعله، ويخدم نفسه، ويحمل بضاعته من السوق، ويجالس الفقراء، ويواكل المساكين.

وكان صلّى اللّه عليه وآله وسلم إذا سارّه أحد، لا ينحّي رأسه حتى يكون الرجل هو الذي ينحّي رأسه، وما أخذ أحد بيده فيرسل يده حتى يرسلها الآخر، وما قعد اليه رجل قط فقام صلى اللّه عليه وآله حتى يقوم، وكان يبدأ من لقيه بالسلام، ويبادئ أصحابه بالمصافحة، ولم يُر قط ماداً رجليه بين أصحابه، يكرم من يدخل عليه، وربما بسط له ثوبه، ويؤثره بالوسادة التي تحته، ويكنّي أصحابه، ويدعوهم بأحب أسمائهم تكرمةً لهم، ولا يقطع على أحد حديثه، وكان يقسّم لحظاته بين أصحابه، وكان أكثر الناس تبسماً، وأطيبهم نفساً5.

وعن أبي ذر الغفاري: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يجلس بين ظهرانيّ أصحابه، فيجيء الغريب فلا يدري أيُّهم هو حتى يسأل، فطلبنا اليه أن يجعل مجلساً يعرفه الغريب إذا أتاه، فبنينا له دكاناً من طين فكان يجلس عليها، ونجلس بجانبه.

ورُوي أنه صلى اللّه عليه وآله كان في سفر، فأمر بأصلاح شاة، فقال رجل: يا رسول اللّه عليّ ذبحها، وقال آخر: علي سلخها، وقال آخر: عليَّ طبخها، فقال صلى اللّه عليه وآله: وعليَّ جمع الحطب. فقالوا: يا رسول اللّه نحن نكفيك. فقال: قد علمت أنكم تكفوني، ولكن أكره أن أتميَّز عليكم، فإن اللّه يكره من عبده أن يراه متميِّزاً بين أصحابه، وقام فجمع الحطب6.

وروي أنه خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله الى بئر يغتسل، فأمسك حذيفة بن اليمان بالثوب على رسول اللّه وستره به حتى اغتسل، ثم جلس حذيفة ليغتسل، فتناول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله الثوب، وقام يستر حذيفة، فأبى حذيفة، وقال: بأبي وامي أنت يا رسول اللّه لا تفعل، فأبى رسول اللّه إلا أن يستره بالثوب حتى اغتسل، وقال: ما اصطحب اثنان قط، إلا وكان أحبهما الى اللّه أرفقهما بصاحبه7.


وهكذا كان أمير المؤمنين عليه السلام في سمو أخلاقه وتواضعه، قال ضرار وهو يصفه عليه السلام:

"كان فينا كأحدنا، يدنينا إذا أتيناه، ويجيبنا إذا سألناه، ويأتينا إذا دعوناه، وينبئنا إذا استنبأناه، ونحن واللّه مع تقريبه إيّانا، وقربه منا، لا نكاد نكلمه هيبة له، فإن تبسَّم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم، يعظّم أهل الدين، ويقرّب المساكين، لا يطمع القويّ في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله".

وقال الصادق عليه السلام: "خرج أمير المؤمنين عليه السلام على أصحابه، فمشوا خلفه، فالتفت إليهم فقال: لكم حاجة؟ فقالوا: لا يا أمير المؤمنين، ولكنّا نحب أن نمشي معك. فقال لهم: انصرفوا، فإن مشي الماشي مع الراكب، مفسدة للراكب، ومذلّة للماشي"8.

وهكذا يقص الرواة طرفاً ممتعاً رائعاً من تواضع الأئمة الهداة عليهم السلام، وكريم أخلاقهم.

فمن تواضع الحسين عليه السلام: أنه مرّ بمساكين وهم يأكلون كِسعَراً لهم على كساء، فسلَّم عليهم، فدعوه الى طعامهم، فجلس معهم وقال: لولا أنّه صدقة لأكلت معكم. ثم قال: قوموا إلى منزلي، فأطعمهم وكساهم وأمر لهم بدراهم9.

ومن تواضع الرضا عليه السلام:

قال الراوي: كنت مع الرضا عليه السلام في سفره الى خراسان، فدعا يوماً بمائدة، فجمع عليها مواليه من السودان وغيرهم، فقلت: جعلت فداك لو عزلت لهؤلاء مائدة، فقال: "مه، إنّ الرب تبارك وتعالى واحد، والأم واحدة، والأب واحد، والجزاء بالأعمال"10.

التكبّر
هو حالة تدعو الى الاعجاب بالنفس، والتعاظم على الغير، بالقول أو الفعل، وهو من أخطر الأمراض الخلقية، واشدها فتكاً بالانسان، وأدعاها الى مقت الناس له وازدائهم به، ونفرتهم منه.

لذلك تواتر ذمه في الكتاب والسنة:

قال تعالى: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ(لقمان:18).

وقال تعالى: ﴿وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً(الاسراء:37).

وقال تعالى: ﴿إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ(النحل:23).

وقال تعالى: ﴿أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ(الزمر:60).

وقال الصادق عليه السلام: "إن في السماء ملكين موكلين بالعباد، فمن تواضع للّه رفعاه، ومن تكبر وضعاه"11.

وقال عليه السلام: "ما من رجل تكبر أو تجبر، إلا لذلة وجدها في نفسه"12.

وقال النبي صلى اللّه عليه وآله: "إن أحبّكم إليّ، وأقربكم مني يوم القيامة مجلساً، أحسنكم خلقاً، وأشدكم تواضعاً، وإن أبعدكم مني يوم القيامة، الثرثارون، وهم المستكبرون"13.

وعن الصادق عن آبائه عليهم السلام: قال "مرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله على جماعة فقال: على ما اجتمعتم؟ فقالوا: يا رسول اللّه هذا مجنون يُصرع، فاجتمعنا عليه. فقال: ليس هذا بمجنون، ولكنه المبتلى. ثم قال: ألا أخبركم بالمجنون حق المجنون؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال: المتبختر في مشيه، الناظر في عطفيه، المحرّك جنبيه بمكنبيه، يتمنى على اللّه جنته، وهو يعصيه، الذي لا يُؤمنُ شره، ولا يُرجى خيره، فذلك المجنون وهذا المبتلى"14.

وقال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة له: "فاعتبروا بما كان من فعل اللّه بابليس، إذ أحبط عمله الطويل، وجهده الجهيد؟ وكان قد عبد اللّه ستة آلاف سنة، لا يُدرى أمن سنيّ الدنيا، أم من سنيّ الآخرة، عن كِبر ساعة واحدة، فمن بعد ابليس يسلم على اللّه بمثل معصيته، كلا ما كان اللّه سبحانه ليدخل الجنة بشراً بأمر أخرج به منها ملكاً، واستعيذوا باللّه من لواقح الكِبر، كما تستعيذون من طوارق الدهر، فلو رخّص اللّه في الكبر لأحد من عباده لرخّص فيه لخاصة أنبيائه ورسله، ولكنه سبحانه كره اليهم التكابر، ورضي لهم التواضع"15.

وعن الصادق عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: "وقع بين سلمان الفارسي وبين رجل كلام وخصومة فقال له الرجل: من أنت يا سلمان؟ فقال سلمان: أما أولي وأولك فنطفة قذرة، وأما آخِري وآخِرُك فجيفة منتنة، فاذا كان يوم القيامة، ووضعت الموازين، فمن ثقل ميزانه فهو الكريم، ومن خفّ ميزانه فهو اللئيم"16.

وعن الصادق عليه السلام قال: "جاء رجل موسر الى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله نقيّ الثوب، فجلس الى رسول اللّه، فجاء رجل معسر، درن الثوب، فجلس الى جنب الموسر، فقبض الموسر ثيابه من تحت فخذيه، فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله: أخفت أن يمسك من فقره شيء؟ قال: لا. قال: فخِفتَ أن يوسخ ثيابك؟ قال: لا . قال: فما حملك على ما صنعت؟ فقال: يا رسول اللّه إن لي قريناً يُزيّن لي كل قبيح ويقبّح لي كل حسن، وقد جعلت له نصف مالي. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله للمعسر: أتقبل؟ قال: لا. فقال له الرجل: لِمَ؟ قال: أخاف أن يدخلني ما دخلك".

مساوئ التكبّر
من الواضح أن التكبر من الأمراض الأخلاقية الخطيرة، الشائعة في الاوساط الاجتماعية، التي سرت عدواها، وطغت مضاعفاتها على المجتمع، وغدا يعاني مساوئها الجمة.

فمن مساوئ التكبر وآثاره السيئة في حياة الفرد:

أنه متى استبد بالانسان، أحاط نفسه بهالة من الزهو والخيلاء، وجُن بحب الأنانية والظهور، فلا يسعده إلا الملق المزيف، والثناء الكاذب، فيتعامى آنذاك عن نقائصه وعيوبه، ولا يهتم بتهذيب نفسه، وتلافي نقائصه، ما يجعله هدفاً لسهام النقد، وعرضة للمقت والازدراء.

هذا إلى أن المتكبر أشد الناس عُتوّاً وامتناعاً عن الحق والعدل، ومقتضيات الشرائع والأديان.

ومن مساوئ التكبر الاجتماعية:

أنه يُشيع في المجتمع روح الحقد والبغضاء، ويعكّر صفو العلاقات الاجتماعية، فلا يسيء الناس ويستثير سخطهم ومقتهم، كما يستثيره المتكبر الذي يتعالى عليهم بصلفه وأنانيته.

إن الغطرسة داء يُشقي الانسان، ويجعله منبوذاً يعاني مرارة العزلة والوحشة، ويشقي كذلك المرتبطين به بصنوف الروابط والعلاقات.

بواعث التكبر
الأخلاق البشرية كريمة كانت أو ذميمة، هي انعكاسات النفس على صاحبها، وفيض نبعها، فهي تُشرق وتُظلم، ويحلو فيضها ويمرّ تبعاً لطيبة النفس أو لؤمها، استقامتها أو انحرافها. وما من خلق ذميم إلا وله سبب من أسباب لؤم النفس أو انحرافها.

فمن أسباب التكبر: مغالاة الانسان في تقييم نفسه، وتثمين مزاياها وفضائلها، والافراط في الاعجاب والزهو بها، فلا يتكبر المتكبر إلا اذا آنس من نفسه علماً وافراً، أو منصباً رفيعاً، أو ثراءً ضخماً، أو جاهاً عريضاً، ونحو ذلك من مثيرات الأنانية والتكبر.

وقد ينشأ التكبر من بواعث العداء أو الحسد أو المباهاة، مما يدفع المتصفين بهذه الخلال على تحدي الأماثل والنبلاء، وبخس كراماتهم، والتطاول عليهم، بصنوف الازدراءات الفعلية أو القولية، كما يتجلى ذلك في تصلفات المتنافسين والمتحاسدين في المحافل والندوات.

درجات التكبر
وهكذا تتفاوت درجات التكبر وابعاده بتفاوت أعراضه شدّةً وضعفاً.

فالدرجة الاولى: وهي التي كَمِن التكبر في صاحبها، فعالجه بالتواضع، ولم تظهر عليه أعراضه ومساوئه.

والدرجة الثانية: وهي التي نما التكبر فيها، وتجلت أعراضه بالاستعلاء على الناس، والتقدم عليهم في المحافل، والتبختر في المشي.

والدرجة الثالثة: وهي التي طغى التكبر فيها، وتفاقمت مضاعفاته، فجُنَّ صاحبها بجنون العظمة، والافراط في حب الجاه والظهور، فطفق يلهج في محاسنه وفضائله، واستنقاص غيره واستصغاره. وهذه أسوأ درجات التكبر، وأشدها صَلفَاً وعتوّاً.

أنواع التكبر
وينقسم التكبر باعتبار مصاديقه الى ثلاثة أنواع:

1- التكبر على اللّه عز وجل:
وذلك بالامتناع عن الايمان به، والاستكبار عن طاعته وعبادته. وهو أفحش أنواع الكفر، وأبشع أنواع التكبر، كما كان عليه فرعون ونمرود وأضرابهما من طغاة الكفر وجبابرة الالحاد.

2- التكبر على الأنبياء:
وذلك بالترفع عن تصديقهم والاذعان لهم، وهو دون الأول وقريب منه.

3- التكبر على الناس:
وذلك بازدرائهم والتعالي عليهم بالأقوال والأفعال، ومن هذا النوع التكبر على العلماء المخلصين، والترفع عن مسائلتهم والانتفاع بعلومهم وارشادهم، مما يفضي بالمستكبرين الى الخسران والجهل بحقائق الدين، وأحكام الشريعة الغراء.

علاج التكبر
وحيث كان التكبر هوساً أخلاقياً خطيراً ماحقاً، فجدير بكل عاقل أن يأخذ حذره منه، وأن يجتهد - إذا ما داخلته أعراضه - في علاج نفسه، وتطهيرها من مثالبه، وإليك مجملاً من النصائح العلاجية:

1-
أن يعرف المتكبر واقعه وما يتصف به من ألوان الضعف والعجز: فأوله نطفة قذرة، وآخره جيفة منتنة، وهو بينهما عاجز واهن، يرهقه الجوع والظمأ، ويعروه السقم والمرض، وينتابه الفقر والضُّر، ويدركه الموتُ والبِلى، لا يقوى على جلب المنافع وردّ المكاره، فحقيق بمن اتصف بهذا الوهن، أن ينبذ الأنانية والتكبر، مستهديأ بالآية الكريمة ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ(القصص:83).

فأفضل الناس أحسنهم أخلاقاً، وأكثرهم نفعاً، وأشدّهم تقوى وصلاحاً.

2-
أن يتذكر مآثر التواضع ومحاسنه، ومساوئ التكبر وآثامه، وما ترادف في مدح الأول وذم الثاني من دلائل العقل والنقل، قال بزرجمهر: "وجدنا التواضع مع الجهل والبخل، أحمد عند العقلاء من الكبر مع الأدب والسخاء، فأنبِل بحسنة غطّت على سيئتين، وأقبح بسيئة غطّت على حسنتين"17.

3-
أن يروض نفسه على التواضع، والتخلق بأخلاق المتواضعين، لتخفيف حدة التكبر في نفسه، وإليك أمثلة في ذلك:

أ- جدير بالعاقل عند احتدام الجدل والنقاش في المساجلات العلمية أن يذعن لمناظره بالحق إذا ما ظهر عليه بحجته، متفادياً نوازع المكابرة والعناد.

ب- أن يتفادى منافسة الأقران في السبق إلى دخول المحافل، والتصدر في المجالس.

ج- أن يخالط الفقراء والبؤساء، ويبدأهم بالسلام، ويؤاكلهم على المائدة، ويجيب دعوتهم، متأسياً بأهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام.

* أخلاق أهل البيت عليهم السلام، السيد محمد مهدي الصدر، دار الكتاب الإسلامي، ص:36.


1-الكافي. 
2- كتاب قرب الاسناد، وقريب من هذا الخبر ما في علل الشرائع للشيخ الصدوق. 
3- نهج البلاغة. 
4- الكافي.
5- سفينة البحار المجلد الأول ص 415 بتصرف وتلخيص. 
6- سفينة البحار ج 1 ص 415. 
7- سفينة البحار ج 1 ص 416.
8- محاسن البرقي. 
9- مناقب ابن شهراشوب.
10- الكافي.
11- الوافي ج 3 ص 87 عن الكافي. 
12- الوافي ج 3 ص 150 عن الكافي.
13- البحار مجلد 15 ج 2 ص 209، عن قرب الاسناد، وقريب منه في علل الشرائع للصدوق رضوان الله عليه. 
14- البحار مجلد (15) ج 3 ص 125 عن الخصال للصدوق.
15- نهج البلاغة. 
16- البحار مجلد 15 ج 3 ص 124 عن أمالي الصدوق.
17- محاضرات الأدباء للراغب.

2012-04-30