ما هي قواعد العلاقة بين المؤمنين في الرؤية الإسلامية؟
العلاقة مع المجتمع
أسّس القرآن قواعد كلّيّة في العلاقة بين المؤمنين وهي:
عدد الزوار: 28أسّس القرآن قواعد كلّيّة في العلاقة بين المؤمنين وهي:
1- قاعدة الأخوّة الإيمانيّة: يقول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾[1]. ركّز المنهج القرآنيّ والنبويّ في أهمّيّة مبدأ الأخوّة الإيمانيّة، معتبراً المؤمنين أخوة، وأنّهم بمنزلة الجسد الواحد، ولا يوجد أيّ مذهب اجتماعيّ قد رفع من شأن العلاقة بين أبناء المجتمع إلى منزلة الأخوّة إلّا الإسلام. روي عن الإمام الصادق عليه السلام: "المؤمن أخو المؤمن كالجسد الواحد، إن اشتكى شيء منه، وجد ألم ذلك في سائر جسده، وأرواحهما من روح واحدة، وإنّ روح المؤمن لأشدّ اتّصالاً بروح اللَّه من اتّصال شعاع الشمس بها"[2]. وعنه عليه السلام: "المؤمنون في تبارّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائره بالسهر والحمّى"[3].
وتترتّب على هذا المبدأ أساليب تربويّة اجتماعيّة عدّة، كالتعاطف، والتبارّ، والتراحم، وإصلاح ذات البين، وعدم الظلم أو الخيانة أو الغشّ...، هو ما يؤكّده الإمام الصادق عليه السلام بقوله: "إنّ المؤمن أخو المؤمن، عينه ودليله، لا يخونه، ولا يظلمه، ولا يغشّه، ولا يعدّه عدّة فيخلفه"[4].
2- قاعدة النظائريّة في الإنسانيّة: يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾[5]. أكّد القرآن الكريم مبدأ وحدة النوع الإنسانيّ من حيث الخلقة، فالناس متساوون في البشريّة، إذ كلّ الناس من آدم وحواء عليهما السلام، وهذا يعني أنّهم إخوة في الإنسانيّة. وفي هذين السياقين نلاحظ أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قد قسّم الناس إلى صنفين على أساس الدين والإنسانيّة، إذ قال: "فإنّهم (أي الناس) صنفان: إمّا أخ لك في الدين، وإمّا نظير لك في الخلق"[6].
3 - قاعدة أولياء بعض: يقول الله تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ﴾[7]: إنّ أوّل ما يلفت النظر أنّ كلمة ﴿أَوْلِيَاء﴾ لم تذكر أثناء الكلام عن المنافقين، بل ورد ﴿بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ﴾[8] التي توحي بوحدة الأهداف والصفات والأعمال، ولكنّها تشير ضمناً إلى أنّ هؤلاء المنافقين وإن كانوا في صفّ واحد ظاهراً، ويشتركون في البرامج والصفات، إلّا أنّهم يفتقدون روح المودّة والولاية فيما بينهم، بل إنّهم إذا شعروا في أيّ وقت بأنّ منافعهم ومصالحهم الشخصيّة قد تعرّضت للخطر، فلا مانع لديهم من خيانة حتّى أصدقائهم، فضلاً عن الغرباء، وإلى هذه الحالة تشير الآية (14) من سورة الحشر: ﴿تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى﴾[9].
* من كتاب: قد أفلح المؤمنون - دار المعارف الإسلامية الثقافية
[1] سورة الحجرات، الآية 10.
[2] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص166. يراجع حول معنى هذه الأحاديث درس التربية الجهاديّة.
[3] حسين بن سعيد الكوفي، المؤمن، تحقيق ونشر مدرسة الإمام المهديّ عليه السلام بالحوزة العلميّة، إيران - قم، 1404ه، ط1، ص39.
[4] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص166.
[5] سورة النساء، الآية 1.
[6] نهج البلاغة، مصدر سابق، ص427.
[7] سورة التوبة، الآية 71.
[8] سورة التوبة، الآية 67.
[9] سورة الحشر، الآية 14.