الموضوع: حل المشاكل يتم من خلال الإيمان والروح المعنوية العالية
خطاب
الحاضرون: جمع من أهالي طهران
عدد الزوار: 132
التاريخ: 18 تير 1358 هـ. ش/ 14 شعبان 1399 هـ. ق
المكان: قم
المناسبة: ولادة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف
الحاضرون: جمع من أهالي طهران
بسم الله الرحمن الرحيم
العمل في سبيل الله
إذا كنتم تسيرون في هذا الطريق من أجل الله، وإذا كنتم تقطعون هذا الطريق من أجل الله، فلا تيأسوا إذا لم يعبأ بكم أحد، فالله يرعاكم. عليكم بالسعي ليكون طريقكم هذا في سبيل الله، وحاولوا أن تغلقوا عيونكم عن كل شيء إلا الله، ولا تنتظروا إذا عملتم عملا من أجل الله أن الآخرين سيكافؤوكم عليه. أنتم أيها الشباب يا من عملتم طوال الوقت في سبيل الله ومن أجله تحملتم المشقّات الكثيرة، والآن قطعتم كل هذه المسافة من أجل الله أيضا وجئتم إلى هنا كي تتحدثوا معنا وتفضوا لنا بهمومكم، اعلموا أن العمل الذي في سبيل الله فإن الله يهتم به ويكافئ عليه، وإن لم يكن في سبيل الله، فحتى لو اهتم به العالم بأسره، فليس له فائدة.
مشكلات الثورة
أنا أيضا أعلم أن المشاكل الآن كثيرة، والمؤامرات كثيرة والتفرقة كثيرة، وكل فئة من فئات الشعب لديها مايؤرقها. ولكن لابد أنكم تعلمون حجم المشاكل والمعضلات التي أوجدها النظام السابق، وتدركون أنه لايمكن التغلب عليها بسهولة. لقد مارسوا الفساد طيلة خمسين سنة، وطيلة هذه الفترة كانوا يربون شبابنا تربية فاسدة أيضا، أعدوا لهم مراكز الفساد، حولوا كل شيء إلى مركز للفساد، وحتى دُور السينما التي كان يجب أن تكون دورا لتربية الشباب، كانت مركزا للفساد الأخلاقي. المدارس كان يجب أن تكون مراكز بناء الانسان، ولكنهم لم يسمحوا لها بالقيام بهذا الدور! حتى التربية الصحيحة لم يقدموها للشباب. وبهذا حرموهم من أن يكونوا ذخراً لهذا الشعب واستلام مقدرات هذا البلد. لم يسمحوا لهم لأن يتربوا تربية سليمة كي يتمكنوا من ذلك.
أنتم الآن في مرحلة الثورة ولم تصلوا بعد إلى مرحلة ما بعد الثورة. وعلى الرغم من أن جميع نقاط العالم تنتابها حالة اضطراب وتشويش عندما تمر في مرحلة الثورة وصولا إلى مابعد الثورة، فإن إيران والحمد لله لم تصب بهذه الحالة سواء في أيام الثورة أو الآن. وإذا أمعنتم النظر في الثورات العظيمة في أرجاء العالم، فإن الفساد الكبير الذي حدث في تلك الثورات والمجازر وحتى الصعوبات لايمكن مقارنتها مع ماحدث هنا مطلقا، والسبب أن هذه الثورة كانت ثورة إسلامية، والفساد الذي حدث خلال هذ الثورة ضئيل جدا إذا ماقورن بالفساد الذي رافق تلك الثورات. ولكن لابد أنكم تعلمون الآن والحكومة والجميع أيضا يعلمون، أن الاضطرابات والمشاكل بدأت بالازدياد والسبب هو تلك الأيدي الخبيثة التي تحيك المؤامرات لتحرمنا من قطاف ثمار نهضتنا، ونحن الآن نواجه صعوبات جمّة علينا أن نحلها حتى نتمكن من تأسيس حكومة مستقرة وتشكيل مجلس للشورى ووضع الدستور وانتخاب رئيساً للجمهورية، وعندما ننتهي من كل هذا سنبدأ عملية البناء. والحكومة ليست ضد أي شيء من هذا ولكن الاضطرابات كثيرة، وهي تعمل ليلا نهارا لحلها، وأنا أيضا أواجه هذه المشاكل ليل نهار، ولستم الوحيدين الذين لديهم مشاكل تريدون حلها. من كل أرجاء إيران يأتون إلى هنا ويحملون معهم مشاكل كثيرة، وكل مجموعة تأتي إلى هنا تظن أن مشاكلها أكثر من مشاكل الأماكن الأخرى، ويقولون أن الخراب والدمار الذي لحق بهم كان أكثر من خراب ودمار المناطق الأخرى. يقول هذا البختياريون، والقادمون من الأهواز ومن كل مكان، الكل يقولون نفس الشيء ويعرضون نفس المشاكل.
ونحن يجب ألا نفقد معنوياتنا في مواجهة هذه الصعاب، فأنتم أيها الشباب المحبين لله استطعتم بمعنوياتكم هذه أن تقضوا على أكبر التحديات ألا وهو النظام البائد، فحافظوا على هذه المعنويات العالية والله سيكون معكم، وعندما يكون الله مع أحدهم فإن أعماله كلها ستتحقق. بطبيعة الحال بعد كل ثورة توجد مجموعة من الصعوبات، ولكن أقول لأولئك المؤمنين بالثورة، المؤمنين بالنهضة، طالما أنكم لازلتم تحتفظون بمعنوياتكم العالية وإيمانكم بالثورة، فإن الله تبارك وتعالى سيكون معكم وسيدفعكم إلى الأمام. ولكن قد تصاب هذه المسيرة بالبطء أحيانا وقد تصبح أسرع أحيانا أخرى، قد تواجه بعض التحديات، فطريق الحق مليء بالتحديات، وكل طريق إلى الحق له تحدياته الخاصة، فالشياطين جالسون على حافة طريق الحق ينتظرون الناس ليحرفوهم عن طريقهم، ليس الآن فقط، حتى في زمان الأنبياء كانوا كذلك، والصعوبات التي واجهت النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم كانت أكبر من الصعوبات التي واجهتنا، والصعوبات التي واجهت أمير المؤمنين عليه السلام كانت أكبر أيضا، إن مشاكلهم كانت أكثر من مشاكلنا، فحتى أصدقاءهم كانوا يقفون في طريقهم، فأولئك الذين وقفوا في وجه أمير المؤمنين عليه السلام في معركة صفين وجردوا سيوفهم في وجهه عليه السلام، كانوا من أصحابه المخلصين، وقد يكون ماعاناه أمير المؤمنين عليه السلام من المخلصين له أكثر من الذي عاناه من غيرهم. الإمام الحسن- سلام الله عليه- أيضا لم يلاقي من الأخرين مثل المتاعب والمشاكل التي لاقاها من أصحابه وأتباعه. هؤلاء الأصحاب الذين لم يستطيعوا أن يدركوا بعقولهم الصغيرة وأفكارهم الخاطئة ماذا كان يريد إمام زمانهم أن يفعل، لذلك فقد كانوا يقفون في وجهه ويوجهون له الأذى وهم من تسبب بهزيمته لما أقاموا المعاهدات والأحلاف مع أعدائه. وكلما زادت المشاكل، كان أجرها أكبر وكانت ربوبيتها أكبر، فأن يتجه الإنسان للإسلام في وقت الرفاه والرخاء والسعادة ليس شيئا عظيما، فالجميع جاهزون للدخول في الإسلام عندما يحين وقت قطاف ثماره. ولكن يوم تواجه الإسلام المتاعب ويوم تسيل الدماء ويتعذب الناس من أجل الإسلام، وتواجه صدورهم العارية رؤوس الرماح والمدافع والدبابات، في ذلك اليوم فقط يُعرف الرجل من غيره، ويُعرف المسلم من غير المسلم، فذلك اليوم يوم الأجر، وهو اليوم الذي يحيط فيه الله هذا الشعب بعنايته ورعايته.
الإيمان بالله سرّ النصر
إن السرّ الذي حقق لكم النصر هو الإيمان بالله تعالى. وأنا أرى هذا الإيمان في سيمائكم الآن، فحافظوا عليه، لاتتضايقوا من الآخرين، فأنتم تعملون من أجل الله، فابذلوا جهدكم لإنقاذ أولئك المخطئين، ونحن أيضا سنبذل ما بوسعنا للأخذ بأيديهم، وإن لم تستطيعوا فإن الله سيسامحكم.
ضرورة إنقاذ المدمنين على المخدرات
هؤلاء المبتلون بالإدمان على المخدرات إخوتنا، وعلينا إنقاذهم، علينا أن ننظر إليهم بعين الأبوة والأخوة وعلينا إرشادهم وبذل كل مابوسعنا لإنقاذ هذه الفئة من الناس، لأن إنقاذهم يعني إنقاذ لهذا الشعب بأسره.
لقد جئتم إلى هنا مشيا على الأقدام يدفعكم عزمكم وإيمانكم. وهكذا الأخوات. وإني لأخجل أمام كل هذه العواطف ومن جلوسي هنا بينما الأصدقاء يقطعون الصحارى مشياً على الأقدام. إني أدعو لكم دائما وليرعاكم الله وليحفظكم ذخرا للإسلام، فأنتم أيها الشباب ذخر هذا الشعب، ومشاعركم وأحاسيسكم هي التي حققت لكم النصر.
التحول الروحي عند الشباب
إن هذا التحول الروحي الذي ظهر عند شبابنا كان بإرادة الله عز وجل، لأن البشر لا يستطيعون إحداث مثل هذا التغيير في الروح، فالله هو مقلب القلوب والأبصار، والقلوب كلها بيده يحولها كما يشاء، ويقوي القلوب الضعيفة، فذلك القلب الذي كان يخاف من رجل الشرطة، أصبح الآن يواجه المدفع والدبابة، ويتقدم للموت والشهادة، وهذا كله حدث بإرادة الله، وهاهنا يجب اكتشاف آثار الله. فليكن توكلكم على الله وعملكم في سبيل الله، لأنه إن قبل الناس عملكم أولم يقبلوه فهذا لا يهم، المهم أن يكون كل همكم إنقاذ إخوتكم وشعبكم، والسعي قدر المستطاع لتطبيق الإسلام الحقيقي في هذه البلاد كما أنزله الله سبحانه وتعالى.
أسأل الله أن يمدكم بالقدرة والعزيمة وأن تكون وجوهكم المضيئة دائما ذخرا للإسلام، فالطريق طويل، وآمل أن يتصل هذا الزمان بزمان ظهور الإمام المهدي عليه الصلاة والسلام.
* صحيفة الإمام، ج9، ص: 32,29