الموضوع: أهمية وضرورة القانون الأساسي ومجلس الخبراء
خطاب
الحاضرون: مندوبو الاتحادات المهنية في طهران
عدد الزوار: 173
التاريخ 21 تير 1358 هـ. ش/ 17 شعبان 1399 هـ. ق
المكان: قم
الحاضرون: مندوبو الاتحادات المهنية في طهران
بسم الله الرحمن الرحيم
الأولوية للقانون الأساسي
ما طرحتموه الآن ينقسم إلى قسمين، القسم الأول: أمور السوق والتجارة وتحويل السوق إلى سوق إسلامي، لوضع حد لكل من يحاول تخطي المعايير. والقسم الثاني: يتعلق بالقانون الأساسي ووضعيته. وأنا أعتقد أن نتريث الآن بالنسبة للقسم الأول ونصبر قليلًا. وفيما يتعلق بالقسم الثاني فإنه يحظى بالأولوية وسنتناوله بشيء من التفصيل.
إن ما هو مطروح يمثل الأساس الذي يرتكز عليه الإسلام والمذهب، ألا وهو القانون الأساسي للبلاد، ولقد قلتم معلّقين على القانون الأساسي: يجب أن يتطابق مع الأحكام الشرعية. ولاشك في أنه سيكون كذلك، ولكن عليكم الآن أن تطالعوا هذا القانون الذي تم نشره، وأن تكتبوا رأيكم أنتم وأصحاب الرأي بما يحويه وأن تقدموه إلى مجلس الخبراء- حيث ستذهب كل الآراء إلى هناك- وبعدها سيجتمع الخبراء لمناقشة الآراء وتعديل نواقص القانون الأساسي.
أهمية مجلس الخبراء
والمسألة الأخرة التي تتمتع بأهمية كبيرة هي مسألة الخبراء، وأهميتها تنبع من حساسيتها، لأنه إذا غفلنا أو غفلتم عن أهميتها أو تراخيتم فيها وانصرفتم إلى شؤون أخرى، فإن بعض الذين يناهضوكم سيغتنمون الفرصة وسيرسلون إلى المجلس من سيقوم بتأزيم الأوضاع وإثارة الفوضى. إذاً عليكم الآن أن تركزوا على نقطتين، الأولى: تدوين القانون الأساسي، يعني أن يقدم أهل الرأي آراءهم عن هذا القانون. والثانية: انتخاب الأشخاص المتدينين ليذهبوا إلى مجلس الخبراء، ويجب أن يكونوا من ذوي الخبرة والبصيرة، لاشرقيين ولاغربيين، وموضع ثقة الشعب. وإن الذين تم انتخابهم في طهران موضع احترام وتقدير ويجب أن يتحقق ذلك في بقية المحافظات ايضاً. وبعدها سيبدي أصحاب الرأي رأيهم في من انتخبوهم، على كل حال، طرح جميع المسائل الآن- وهي كثيرة- لايتوافق مع خط السيرالعام، فهناك مسائل تتمتع بالأولوية ويجب طرحها، لأن الآن وقت طرحها وبعض المسائل الأخرى سيأتي وقتها فيما بعد، بعد الانتهاء من المسائل الهامة، وهكذا، خطوة خطوة، وبقية المسائل سيأتي دورها أولًا بأول.
خطورة عدم الاعتناء بأهمية القانون الأساسي
إن ما هو مطروح الآن، هو أساس حكومتنا، وإذا حدث خلل بسيط في قانوننا الأساسي، سواء أكان عن قصد أو بدون قصد، فإنه سيؤدي إلى تغيير مصير البلاد. وبناءً على هذا، فإن الحديث عن مسائل تتعلق بالسوق والنقابات ومشاكلهم في هذا الوقت، لازال مبكراً وسيشكل خطورة على المواضيع ذات الأهمية الخاصة. فالآن وقت القانون الأساسي وعلينا جميعاً أن نعمل عليه وأن نبذل قصارى جهدنا في دراسته وإبداء رأيننا فيه، فهو محط أنظار الجميع، لأنهم يحتاجون إليه. أما السوق فلا أحد يحتاج إليه في هذه المرحلة بالذات. نعم، هناك مشاكل يجب حلّها، مدارسنا وجامعاتنا ومحاكمنا فيها مشاكل يجب حلّها، ولكن الآن ليس الوقت المناسب لكل هذا. إن انشغالنا الآن بالمسائل الفرعية وترك الموضوع الرئيسي جانباً سيؤدي إلى حدوث شرخ لا سمح الله يستغله الأعداء لاختراق صفوفكم، وعندها لن تبقى هناك سوق تنفعكم ولا مدرسة، إذاً، فالأولوية الآن للنقطتين اللتين أشرت إليهما، وفي المرحلة التالية سيأتي دور نقطتين أخريين هما: انتخابات مجلس الشورى ورئاسة الجمهورية.
إن انتخابات مجلس الشورى هذا العام لن تكون كالانتخابات السابقة، ففي الدورات السابقة لم يكن وجود للانتخابات بل كانت تنفيذ أوامر ليس أكثر، لأنه لا أحد منكم كان يعرف من سيذهب إلى المجلس ولا متى سيذهب، وكل شيء كان يتم دون إرادتكم، أما الآن فأنتم الذين سيقررون من الذي سيذهب إلى المجلس، من خلال أصواتكم. وبعد أن تستقر في الحكومة، ستتم دراسة المسائل الأخرى بشكل دقيق. أما الآن فعلينا نسيان مشاكلنا واحتياجاتنا لسنة أو سنتين على الأكثر، تخيّلوا أن الحكومة السابقة لاتزال موجودة- لا سمح الله-، لقد تحملتم سنوات كثيرة، فأضيفوا إلى تلك السنوات عدة أشهر أخرى من الصبر والتحمل وسيتم حل كل شيء إن شاء الله.
خلق الخلافات يؤدي إلى عدم قطاف ثمار النهضة
بعض الأشخاص يحاولون خلق الخلافات لمنعنا من قطاف ثمار نهضتنا. إن الثورة التي فجرتموها قادت إلى هزيمة قوة عظيمة، ولكن الهدف لم يكن إزالة تلك القوة فحسب، لأنه لو كان كذلك لجاءت واحدة أخرى مكانها وعادت الأمور إلى ماكانت عليه. بل الهدف هو إزالة تلك القوة واحلال محلها ما يدعو اليه الإسلام وما فيه صلاح المسلمين. وفي هذه الفترة التي نستعد فيها لقطاف ثمار نهضتنا، توجد أيدي عميلة في الداخل والخارج تسعى لخلق الخلافات بين الشعب والفئات الأخرى تحت عناوين عديدة لأغراض مختلفة، ولذلك عليكم الانتباه جيداً لهذا الأمر، وأرجو أن تبلغوا سلامي إلى أصدقائكم في السوق أيضاً وأن تطلبوا منهم الانتباه إلى هذا الأمر، واعلموا أن كل من يسعى لبث الخلافات، إما أنه جاهل، أو مُغرر به، أو أنه شخص شيطاني لايريد لنهضتنا الخير. حاولوا أن لا تختلفوا على أي شيء، ولقد كنت أوصي دائماً بهذا الأمر خلال أحاديثي الكثيرة. اطلبوا من زملائكم وأصدقائكم أن ينتبهوا لهذا الأمر جيداً، ويجب أن لانسمح لأحدٍ أن يتحدث الآن عن أمور تثير الاختلاف، لأن ذلك سيحول دون أن نتمكن من أن نخطو الخطوة التالية في مسيرتنا.
إيجاد الحرمان تحت اسم (الحضارة العظيمة)
إن شاء الله، سيحل الاستقرار بعد فترة قصيرة وستكون لنا حكومة مستقرة، وسيتم تلافي كل النواقص. فالنواقص ليست واحدة أو اثنتين إنما كثيرة جداً، لأنهم كانوا يسعون على مدى (50) سنة على الأقل، و (2500) سنة قبلها إلى تخريب كل شيء، لم يحاولوا أن يعمروا شيئاً أبدااً، غاية الأمر أن بعضهم كان يفعل ذلك ويتصور أنه يعمّر البلد. فمثلًا أن محمد رضا كان يخرب وكان يصرخ قائلًا: نحن نريد بناء حضارة عظيمة! لقد عملوا على تخلفنا وتخلف ثقافتنا، حتى اقتصادنا لم يسلم من أيديهم. ولكن كل هذا سيتم إصلاحه بإذن الله، لقد خربوا كل شيء وكانوا دائماً يعدوننا. والآن عندما تأتي الوفود من أرجاء إيران إلى هنا، كل بضعة أيام يأتي وفد تقريباً فإنهم يبدؤون بالشكوى من أوضاع مناطقهم وعدم وجود الرعاية الصحية أو الطرق المعبّدة أو أي شيء آخر، وأنا أقول لهم أحياناً: لا تظنوا أنكم أنتم فقط هكذا، طهران أيضاً تعاني من ذلك. اذهبوا وانظروا سكان المناطق المحرومة في طهران. إن منطقة صغيرة من طهران فقط عامرة أما الباقي فكلهم مستضعفين وبؤساء يعيشون ضواحي طهران في الخيام وفي بيوت من قش ولايملكون أي شيء لقد كان النظام يسعى دائماً إلى الوقوف في وجه إعمار البلاد، لقد خربوا كل شيء وكانوا يدّعون أنهم يريدون بناء حضارة عظيمة. وبعون الله بعد أن يتم إرساء الأسس سيتم إصلاح كل شيء.
نصيحة وتحذير للمتلاعبين بالأسعار
القضية الأخرى هي قضية السوق، وكثيراً مايدور الحديث عن السوق في هذه الأيام. فهناك مسألة رفع الأسعار من قبل البائعين دون أن يدركوا أن هذا إجحاف بحق إخوتهم المساكين المحرومين الذين أراقوا دماءهم من أجل نهضتنا. فهل يصح أن تتعاملوا مع هؤلاء الفقراء المساكين بنحو لم يعد بمقدورهم شراء البطيخ حتى في الصيف. فالواحد منهم لم يعد يستطيع شراء الفاكهة لزوجته وأولاده بسبب الغلاء الموجود، ونحن لا ندري كيف نتصرف. فهل من الممكن القيام بعمل خير في السوق وإحداث محلات عامة للشعب تبيع بأسعار معقولة ليتم القضاء على هذا الغلاء الموجود؟! لا يمكن التنبؤ بهذا الآن. على كل حال، فليوفقكم الله في إقامة بلاد إسلامية وسوق إسلامية تصبح قدوة للجميع.
* صحيفة الإمام، ج9، ص: 56,53