يتم التحميل...

الموضوع: دور وأداء الشرطة في نظام الطاغوت ونظام الجمهورية الإسلامية

خطاب

الحاضرون: خريجو كلية الشرطة

عدد الزوار: 84

التاريخ 27 تير 1358 هـ. ش/ 23 شعبان 1399 هـ. ق‏
المكان: قم‏
الحاضرون: خريجو كلية الشرطة

بسم الله الرحمن الرحيم‏

نظراً لضيق الوقت والجو الحار في هذه الحجرة المكتظة بالناس، سأكتفي بالإشارة الى جانب من عملكم أنتم رجال الشرطة الذين ستقع على عاتقكم مهمة الأمن وحماية الناس إن شاء الله.

خصائص قوى الأمن في عهد الطاغوت‏
إن نظرة الشعب الى الشرطة في عهد الطاغوت لم تختلف عن نظرته الى قوى الأمن والجيش يومذاك. فالانطباع العام لدى أبناء الشعب آنذاك هو أن الناس تهرب من الشرطة. ليس من الشرطة فحسب، بل ومن قوى الأمن الداخلي، لأن عملها كان يتلخص في ارهاب الشعب وقمعه وكنا قد شاهدنا ذلك في عهد رضا خان. ولكن هذه القوات فرّت من طهران عندما هاجم الحلفاء ايران. وقيل حينها أنها ذهبت إلى أصفهان ومن هناك لانعلم الى أين ذهبوا. وقد ذكروا بأن هذه القوات قاومت ثلاث ساعات فقط أمام المهاجمين، وحين سأل رضا خان أحد مسؤوليه لماذا ثلاثة ساعات فقط، فأجابه: ومن قال لك أننا قاومنا ثلاث ساعات بل لم نقاوم أبداً وسلمنا أنفسنا دون أية مقاومة.

لقد كان صمود الجيش أمام الاعتداء الأجنبي على هذا الشكل، بينما كان يمارس في الداخل القمع والإرهاب بحق أبناء الشعب، وأنا بنفسي كنت شاهداً على حالة الفوضى التي انتابت الثكنات العسكرية وقت الهجوم، حيث كنت أرى الجنود تائهين في شوارع طهران دون هدف أو قيادة، وكل ذلك لأن الطاغوت كان يريد الجيش في خدمته وليس لخدمة البلد، كان يضع كافة مسؤوليه من محافظين وجنرالات في خدمة مصلحته الشخصية وكان يرى في هذا الشعب بقرة حلوب أتت لإشباعه وإشباع نزواته ورغباته الشخصية، هذه هي حكومة الشاه، تقهر أبناء الشعب وتهرب أمام المعتدين الأجانب.

طريقة تعامل الحكومات العميلة مع الشعوب‏

كان رضا خان وولده وأعوانهم كما كنا نراهم، يظهرون قوتهم وجبروتهم أمام أبناء شعبنا ولكنني أذكر صورة رأيتها في الجريدة آنذاك لمحمد رضا عندما كان في زيارة لأمريكا وهو إلى جانب الرئيس الأمريكي جونسون، حيث كان جونسون واقفاً بنظارته الشمسية ينظر إلى جهة أخرى ومحمد رضا واقفاً الى جانبه كالعبد. أجل، عندما يذهب الى اميركا يظهر بهذه الصورة المذلة، وحينما يعود الى البلاد يظهر القوة والجبروت، وهذا هو شأن الحكومات الخائنة، حيث تخشى أبناء شعبها، ولذلك فإنها تجند قوات الشرطة والجيش لخدمتها ومواجهة الشعب. ومثل هذا يناقض تماماً المهمات التي ينبغي أن توكل الى قوى الأمن الداخلي وقوات الشرطة، ويناهض المفهوم الذي يريده الإسلام لهذه القوات.

خصائص قوى الأمن الإسلامية
قوى الأمن الإسلامية لم تكن يوماً من أجل قمع أبناء الشعب بل هي صديق وخادم له ومدافعة عنه، وأمام الأعداء قوة ضاربة رادعة، ولدينا المثال على ذلك، تلك العدة القيلة من المؤمنين بأسلحتها البسيطة، كيف قاومت وانتصرت على أكبر إمبراطوريتين عرفهما ذلك العصر، الرومية والفارسية، انتصر المسلمون بسبب إيمانهم بالله واتكالهم عليه. ففي إحدى المعارك المعروفة باسم معركة السلاسل، كانوا يربطون الجنود بالسلاسل على شكل مجموعات مؤلفة من 500 أو 1000 محارب حتى لا يتمكن أحدهم من الفرار بسبب جبنهم. وبطبيعة الحال إن مثل هذا الجيش ليس بوسعه أن يقاتل.
بيد أن رؤية الإسلام الى الحكومة، الى قوى الأمن وقوات الشرطة والجيش، على العكس من ذلك تماماً. فالشرطة اليوم أصدقاء لأبناء الشعب وفي خدمة الشعب، كما أن الجيش مكرس لحماية ودعم مصالح الناس، هكذا نريدهم مع أبناء الشعب، وكذلك نريدهم أقوياء في مواجهة الأجانب المعتدين ﴿ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ 1. نريد روح الألفة والمحبة والصداقة بين الحكومة والجيش وكافة أبناء الشعب، هذا هو أمر القرآن الكريم، فقوى الأمن هي لحماية أمن البلد وحفظ سلامة الناس ومالهم وأرواحهم وليس لإرهابهم.

وظيفة قوى الأمن في نظام الجمهورية الإسلامية
أنتم الآن في ظل الجمهورية الإسلامية وقد ذهب الطاغوت دون رجعة وجاء دوركم لتكونوا مسلمين حقيقيين كما كانت الشرطة في زمان أمير المؤمنين علي عليه السلام. يجب أن يحبكم أبناء الشعب كما كانوا يحبون شرطة ذلك الزمان ويستقبلونهم بمحبة وشعور بالأمان. فأنتم لم تعودوا شرطة الطاغوت، لاتظنوا أنكم أقوى من الشعب، لقد رأيتم بأم أعينكم كيف أنه عندما أراد أبناء الشعب التغيير لم تستطع كافة قوى العالم الوقوف في‏ وجههم، أريدكم أن تأخذوا العبرة من ذلك. والشي‏ء المهم هو الاستقرار الروحي للإنسان. إذ أن سعادته تكمن في أن تتوفر له حياة هادئة مستقرة هنا وفي الآخرة.

استتباب الأمن في الجمهورية الإسلامية
أنتم الآن تملكون الراحة النفسية لأنكم لا تظلمون أحداً، على عكس من يتعدى على حقوق الآخرين، ومن لم يكن كذلك فهو قد خرج عن كونه إنساناً، فأنتم عندما تكونون أصدقاء لأبناء الشعب سوف تمتلكون الهدوء والطمأنينة التي تحقق لكم السعادة. فتصرفوا أنتم بشكل يحفظ لكم هذه الطمأنينة وعاملوا الناس كأولادكم وأخوتكم، ولتتخلصوا من المعاناة التي كانت في زمن الطاغوت، فأنتم الآن تعيشون في ظل الحكومة الإسلامية ويجب أن يكون كل ما لدينا إسلامياً، يجب أن نتمتع بالهدوء و الطمأنينة والرفاه والتعاون والأخوة. وأسأل من الله تعالى أن ينعم عليكم بالسعادة والسلامة جميعاً، وآمل أن تكونوا شرطة جيدة في خدمة الإسلام والمسلمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏

* صحيفة الإمام، ج‏9، ص: 114


1- الفتح: 29.

2011-05-10