الموضوع: أهداف النظام الطاغوتي، تضليل الطاقات الشابة، تبيين خصائص مجلس الخبراء
خطاب
الحاضرون: الطلبة الجامعيون في محافظة كاشان
عدد الزوار: 64
التاريخ: 3 مرداد 1358 هـ. ش/ 30 شعبان 1399 هـ. ق
المكان: قم
الحاضرون: الطلبة الجامعيون في محافظة كاشان
بسم الله الرحمن الرحيم
مخطط العدو يهدف الى الحؤول دون نمو الطاقات الشابة الفعالة
لقد ذكرتم في حديثكم عبارة (ثقافة 2500 سنة) إن فترة 2500 عام والثقافة الخاطئة التي كان يروج لها النظام الطاغوتي، والخمسين وبضع سنين التي عاصرناها نحن وخلال عشرة أو خمسة عشر عاماً التي تتذكرونها أنتم، كان التضليل هو كل همّهم. إذ سعوا الى انحراف الطاقات الشابة والقوى الإنسانية أو انشغالها بأمور لا تمت لحياتهم بأي صلة. فمراكز الفساد الكثيرة ومراكز العهر والفسوق والمخدرات، وهذه المراكز الكثيرة التي بدلًا من أن تكون مراكز تعليمية أصبحت مراكز تضليلية، كل هذا لم يأت بطريق الصدفة وإنما كان مخططاً مسبقاً نفذ ببراعة.
فقد كان المخطط بأن لايسمحوا للطاقات الفعالة في هذه البلاد بالنمو، وأن يمنعوها من أداء نشاطها الإنسانية. ولهذا عملوا على منع نمو القوى الإنسانية الشابة عبر طرق مختلفة ومن خلال العديد من البرامج والأمور، لأنهم يخافون من الطاقات الإنسانية، وفي الأصل يخافون من الإنسان نفسه. ففي المراحل السابقة كان ظهور إنسان عاقل واع لخفايا الأمور يعني الوقوف في وجه مصالحهم وتهديدها، ولهذا فقد كان همهم- أي الأجانب الذين يريدون استغلالنا لمصلحتهم- منع ظهور الإنسان، ولم يجدوا وسيلة أفضل من انحراف وتضليل الطاقات الشابّة وحرفها عن الطريق الذي يجب أن تسير فيه، وجرها إلى الفسق والفجور وإلى دور السينما حيث الأفلام الخلاعية، فعندما كان يستيقظ الشاب في الصباح وماأن يدير مفتاح الراديو، حتى تبدأ الأغاني الهابطة ثم يشغل التلفزيون فإذا بالمناظر البشعة وهكذا تبقى أذنه وعينه مشغولتان إلى أن يخرج من المنزل. وإذا خرج فإما أن يذهب إلى شاطئ البحر حيث المناظر الفاضحة أو أن يذهب إلى تلك المراكز التي هيأوها له، وجعلوها رخيصة ومنتشرة حتى يكون الوصول إليها سهلًا. لقد عودوه على هذه الأمور الشهوانية التي تفسد عقل الإنسان. وكل هذا لأنهم لم يكونوا يريدون من الشباب أن يفكروا بالأمور التي تهم حياتهم ومستقبلهم، وإذا اعتاد شبابنا على أن يشغلوا أنفسهم بما يعرض في السينما ومايذاع من الراديو والأشياء التي هيئت لهم في الخارج، فإن كل تفكيرهم سينصب على هذه المواضيع الشهوانية، وعندما يعود أحدهم إلى منزله في المساء فإنه سيذهب إلى سريره وهو يفكر في هذه الأمور، وحتى إذا رأى حلماً أثناء نومه، فإنه سيكون عن هذه المواضيع، وعندما يستيقظ في الصباح فإن أول شيء يدور في ذهنه سيكون عن هذه الأمور، وحتى إذا ذهب لقضاء عمل ما فإنه سوف يبقى يفكر بالوقت الذي سيعود فيه إلى هذه الأمور، إن موجوداً مثل هذا لايستطيع أن يفكر بالأمور بجدية. حتى أن تفكيره لايستطيع أن يستوعب وجود أمور جادة، إن عقلًا تربى على هذا النحو لن يستطيع في يوم ما أن يفكر في المسائل الهامة والحياتية، لأن كل تفكيره مشغول بالمواضيع الشهوانية والحيوانية.
كان ذلك من مخططاتهم المدروسة، وقد تم الإعداد لها جيداً على مختلف الأصعدة لاستهداف الشباب وإلهاههم لينشأوا شباباً عاجزين لا إباليين. لقد فتحوا الباب على مصراعيه أمام هذه الأمور ليملأوا كل جوانب حياة الشباب ويغمضوا أعينهم عن التفكير بالأمور التي تخص حياتهم ومستقبلهم، ويوجهوهم إلى مسائل أخرى فرعية. وكان كل ذلك يتم بصورة متناغمة، الصحف على حدى، والمجلات على حدى، فلابد أنكم تتذكرون الوضع الذي كانت المجلات عليه، لقد كانت هذه الأمور منتشرة في كل مكان، وحتيعندما كنت أمر في أحد شوارع طهران، كانت أصوات الغناء تقرع أذني من كل طرف، ومن جميع المحلات، الغناء كان يملأ الشارع من أوله إلى آخره، لقد كانوا يلعبون بالعقول بهذه الطريقة، وكل حواس الإنسان كانوا يجرونها إلى هذه الأمور، حتى لايتسنى للناس التفكير بالأمور التي تخص حياتهم، أو الأمور الإنسانية، أو التفكير بالأمور التي تخص استقلال بلادهم، وقد نجحوا في ذلك.
الدعايات المغرضة والسامّة ضد الحوزة العلمية
من جهة أخرى، شنّوا حملة دعائية شرسة ضد طبقة علماء الدين لفصلهم عن الأحداث اليومية، وفي الفترة التي وصلت فيها إلى قم- في السنة الأولى أو الثانية- كان أثر الدعاية قد بلغ حداً أن الناس في قم كانوا يتحدثون عن أحد رجال الدين بكلمات نابية وبعضهم كان يقول: (شاهد بعضهم في منزله صحيفة!)، لقد كانوا يعتبرون وجود صحيفة في منزل عالم دين عيباً ونقصاً. أو يقولون: (الشيخ فلان سياسي!) كانوا يطعنون بنزاهة الشيخ إذا تحدث بالسياسة. لقد كان هدفهم عزل رجال الدين وحصرهم ببعض المسائل الشخصية، وإبعادهم عن المسائل السياسية والاجتماعية قدر الإمكان.
إن الأوضاع كانت بدرجة إذا أراد أحد رجال الدين التحدث في أمر ما فإنه كان يخشى أن يشكك الناس في نزاهته أو أن يعزلوه عنهم، لقد كانت هذه أيضاً إحدى الجبهات التي فتحوها لعزل رجال الدين عن الأمور اليومية.
وهناك جبهة أخرى ألا وهي عزل رجال الدين عن الجامعة، لقد كان أحد مخططاتهم ولا يمكن القبول أن كل ذلك كان مجرد مصادفة، بل كانت مخططات أعدوها ليحصلوا على كل شيء دون أن ينتبه أحد لما يحدث. فمن أجل فصل رجال الدين عن الجامعة، كانوا يقولون لرجال بأن طلاب الجامعة ليسوا أكثر من شباب طائش لايعرف ماذا يريد وكذا وكذا، وأمام طلاب الجامعة كانوا يتهمون رجال الدين بأنهم أتباع البلاط! وهكذا كانوا يفصلون بين هاتين الفئتين، وليس فقط فصل وإنما خلق عداوة بينهما، فهذه الفئة تتكلم بسوء عن تلك وتلك الفئة تتكلم بسوء عن هذه. كانوا يفصلون بينهما من خلال المشاجرات الإعلامية. كان هناك مخطط يستهدف وجود مثل هذا الإنفصال. فقبل شهر رمضان وشهر محرم، اللذان هما من الأشهر التي يكثر فيها اجتماعات المسلمين، كانوا يدبرون مخططاً لنا- نحن الغافلين المساكين- حتى يبقى الناس طوال هذين الشهرين يتباحثون ويتجادلون حول مواضيع واهية لا جدوى من ورائها، فالجامعي يتحدث عن هؤلاء وهؤلاء يتحدثون عن الجامعي طيلة شهر رمضان المبارك، دون أن يتسنى لأحد الحديث عن الأحداث اليومية وأمور الحياة. أما هم فكانوا يجلسون جانباً ويضحكون على كلا الطرفين، كانوا يضحكون علينا، ونحن لانعلم شيئاً عن مخططات الشؤم التي حاكوها لنا، وهذه كانت جبهة أخرى فتحوها علينا ومثلها الكثير.
وجوب الحيظة واليقظة أمام مؤامرات الأعداء
علينا الآن جميعاً أن نفكر في هذه الأمور سواء فئة رجال الدين، أو الجامعيين والطلبة وكل الفئات الأخرى على حد سواء، فقد أدرك الأعداء أن اتحاد فئات الشعب يعني هزيمة الأعداء دون أن يتمكنوا حنى من المقاومة، لم يستطيعوا أن يقفوا في وجه وحدة الكلمة. ورغم كل الجهود الواضحة والصريحة التي بذلتها أمريكا وبريطانيا والاتحاد السوفييتي للحفاظ على هذه الجرثومة الخبيثة- الشاه- فإنهم لم يوفقوا في مساعيهم، وقد فهموا أن فشلهم يعود إلى اتحاد فئات الشعب وتمحورها حول هدف واحد، ألا وهو حكومة إسلامية عادلة وهو الحق بعينه. والآن نحن بحاجة إلى استعداد أكبر واتحاد أقوى. بالطبع، في السابق كان الأعداء يقومون بكل شيء في سبيل مصالحهم، ولكنهم كانوا ينظرون إلى الأمور نظرة كلية، وكانوا يتعاملون مع كل الظروف على أسس الفرضية والاحتمال، وكانوا يحتملون يعتقدون أنه ربما اتحد هؤلاء مع بعضهم، وربما اتحد رجال الدين مع الجامعيين وربما اتحد الشعب مع هاتين الفئتين، وكانت كل خططهم توضع على أساس أنه ربما حدث هذا وذاك، أما الآن فقد لمسوا كل شيء عن كثب، وشاهدوا بأم أعينهم كيف أصبحت الأوضاع إبان الثورة، لقد رأوا كيف تهزم جميع القوى أمام قوة الإيمان واتحاد الشعب في سبيل الهدف الإسلامي. ولهذا، فإن أغلب الخطط خطط شيطانية، ولهذا يجب أن نكون حذرين أكثر من قبل، وأن لانتصور أننا الآن حطمنا العائق الذي كان في طريقنا وانتهى الأمر، إنهم الآن مشغولون بالتجهيز والإعداد والاجتماعات والاتصالات لمواجهتنا، حتى أن بعضهم لم يكونوا متفقين في يوم من الأيام، مجموعات لم تلتق يوماً على أمر واحد، اتحدت فيما بينها وهم الآن على اتصال دائم يحيكون المؤامرات ضدنا. عليكم بقراءة الصحف ومتابعة موضوع القانون الأساسي والخبراء وستعرفون المجموعات التي اتحدت مع بعضها لتقدم التأييد والمساندة لمرشحيها الخاصين.
صفات أعضاء مجلس الخبراء
احرصوا على أن يكون مرشحوكم من الإسلاميين، فنحن نريد إقامة دولة إسلامية، ولانريد إقامة دولة غربية، فالدولة الإسلامية يجب أن يكون قانونها إسلامي، وأولئك الذين ستختاروهم بعنوان خبراء لمناقشة القانون، يجب أن يكونوا خبراء إسلاميين. والموضوع كما لو أننا نطلب من فقيه أن يعالج الناس لالشيء إلا أنه فقيه! الطبيب هومن يعالج الناس، والفقيه مهما كان فقيهاً فإنه لايعرف كيف يداوي الناس. ونحنالآن نريد أن نضع قانوناً إسلامياً، نريد جمهورية إسلامية. إن هؤلاء الشباب الذين نزلوا الى الشوارع واستطاعوا في النهاية أن يهزموا أعداءهم ويسقطوا النظام، إن ما كان يجمعهم هو الحس الإسلامي، ولو لم تكن كلمة الإسلام التي تجمع الناس، فما الذي يدفعهم للوقوف في وجه الدبابة والمدفع؟ الناس ليسوا مجانين ليضحوا بحياتهم من أجل لاشيء، الإسلام هو الذي دفعهم إلى ذلك. وكما في صدر الإسلام فإن جنود الإسلام كانوا يضحون بحياتهم في سبيل إسلامهم ولم يكونوا يهابوا الموت، وإنما كانوا يعتبرون التضحية واجباً عليهم، وشبابنا اليوم أصبحوا كذلك.
ففي كثير من الأحيان كان يأتي إلى هنا بعض الشباب، ويهمس في أذني: (ادعو لي بالشهادة). لقد أصبح كل شبابنا هكذا وهذا الحس الذي لديهم هو حس إنساني وإسلامي وهو الذي حقق لنا النصر، وبناءاً على هذا الإحساس كان يقدم الناس دماءهم. فهل من الممكن أن نقوم الآن وبعد كل الذي قدمناه، بوضع قانون أمريكي لأنفسنا أو قانون أوروبي أو قانون غربي، وننسى كل الدماء التي قدمها شبابنا؟! إن الأمر الآن بين أيديكم، وهذا القانون لايزال مسودة، والمسودة لاتعني شيئاً، فعليكم أن تبدوا رأيكم فيها وأن تصوتوا على القانون الجديد.
المهم هو أن يكون الخبراء إسلاميين، أمناء، مؤمنين، واعين لمسألة المعسكر الشرقي والغربي وغير واقعين تحت تأثير أحد منهما، وأن لايكونوا متأثرين بأحد المذاهب الضالة، هذه هي صفات الذين يجب أن تنتخبوهم، لا أن يكونوا من أتباع ماركس مثلًا، أو من أتباع هؤلاء، فأمثال هؤلاء لايجب أن يصلوا إلى المجلس. إذا كنتم تريدون تشكيل مجلس الخبراء، فإن من ستختاروهم ليدرسوا القانون الأساسي ويبدوا رأيهم فيه، يجب أن يكونوا أمناء، وضالعين بالأحكام الإسلامية، غير منقادين لأي من المذاهب الضالة، حريصين على إسلامهم وحريصين على شعبهم، ومن المهم أن يكونوا ملمّين بالظروف الراهنة، لأن القانون الذي عليهم أن يضعوه يجب أن يكون متطابقاً مع إرادة الشعب، وأن لايخالف الإسلام في أي بند من بنوده، وإن شاء الله سيكون كذلك، وبعد كل ذلك يجب أن يعرض هذا القانون على الشعب حتى يعطي الشعب رأيه فيه، وعندها سيصبح القانون الأساسي ساري المفعول.
فليحفظكم الله جميعاً ويوفقكم، ويجعلنا مسخرين لخدمة الإسلام، إن شاء الله.
* صحيفة الإمام، ج9، ص: 192,188