الموضوع: نجاة المستضعفين طبق تعاليم القرآن، موضوع السيد الصدر وليبيا
خطاب
الحاضرون: أعضاء الوفد الليبي برئاسة السيد عبد السلام جلود
عدد الزوار: 77
التاريخ: 4 أرديبهشت 1358 هـ. ش/ 26 جمادى الأولى 1399 هـ.. ق
المكان: قم
الحاضرون: أعضاء الوفد الليبي برئاسة السيد عبد السلام جلود 1
بسم الله الرحمن الرحيم
الهدف القرآني
الحمد لله الذي أراد أن يمنّ على المستضعفين بنصرهم على المستكبرين، ويطهِّر الأرض من رجس المستكبرين، ويجعل المستضعفين حكَّاماً على الأرض 2. لقد جاء الإسلام لهذا الغرض، وتعاليم الإسلام هي لهذا الأمر وهو أن لا يبقى مستكبر في الأرض، وأن لا يستطيع المستكبرون استعمار المستضعفين واستغلالهم. إننا بتبع تعاليم القرآن السامية وما وصلنا من الإسلام وسيرة الرسول الأكرم وأئمة المسلمين، وما وصلنا أيضاً من سيرة الأنبياء كما ينقلها القرآن، وهو أن على المستضعفين أن يتحدوا ويثوروا بوجه المستكبرين ولا يتركوهم ليعتدوا على حقوقهم، إننا بهذه التعاليم قد سرنا إلى الأمام، وقد استقبل شعبنا الشهادة لهذا الهدف. ولأنه جعل الشهادة هدفاً له فقد استطاع أن يتغلب بقبضات الأيدي والدم على جميع القوى الجهنمية، على الدبابات، وعلى الرشاشات، وعلى القوى العظمى التي اصطفَّت خلف الشاه المخلوع، إننا نريد أن يتحقق هذا السر بين جميع الحكومات والشعوب. يجب على الحكومات أن تكون خادمة للشعوب كما كانت السيرة في الإسلام حيث كانت الحكومة في خدمة الناس، والجيش في خدمة الناس. كانت الحكومة تنشأ من الناس. وكذلك الجيش. ولو أن الحكومات والشعوب كانت قد عملت بسيرة الرسول الأكرم وأئمة المسلمين لكان السلام يملأ الأرض، ولما كانت هذه الاختلافات وسفك الدماء.
ثورة إيران أسوة لمستضعفي العالم
نسأل الله تعالى أن يجعل هذه النهضة الإسلامية والانسانية أسوة لجميع المستصعفين وتنبيهاً للمستكبرين. لا يتصور المستكبرون أن لهم أن يحكموا المستضعفين وأن يستعمروهم ويستغلوهم. ولا ينظر المستضعفون إلى الحكومة بمثابة سلطان بل خادم. ليكونوا إخوة، يخدم الأخ أخاه الآخر، وكل منهما سند للآخر. إذا طبِّقت قوانين الإسلام بين الشعوب وبين الحكومات وكانت الآداب السائدة بين الحكومات والشعوب آداب إسلامية، فإنه لا الحكومات تفكر حينئذ بالتعدّي على الشعوب، ولا الشعوب تعارض الحكومات.
إنني أشكركم وقد جئتم مبعوثين من قبل معمّر 3 حاملين سلامه إلينا، فأبلغوا سلامي أيضاً إليه وإلى الشعب الليبي. أسأل الله تعالى أن يوقظ جميع الشعوب والحكومات، وأن تتحد جميع الشعوب والحكومات الإسلامية حتى لا تستطيع القوى العظمى السيطرة عليها ونهب ثرواتها.
إن عدد المسلمين يقارب المليار، ولكن مع الأسف لم يستطيعوا امتلاك القوة التي أرادها لهم الإسلام بسبب التفرقة الواقعة بينهم وبسبب عدم وعي الحكومات. أسأل الله تعاليأن ينصر المستضعفين على المستكبرين أينما كانوا، وجعل الحكومات والشعوب إخوة فيما بينهم.
والسلام عليكم
حينئذ قام رئيس الوزراء الليبي وبالنيابة عن الوفد الليبية بإلقاء كلمة 4، فأجابه الامام الخميني:إن القضية التي أصبحت لغزاً بالنسبة لنا ولعلماء إيران وبقية الناس هي فاجعة السيد الصدر 5. إنني وعلماء إيران متأثرون جداً لهذه الفاجعة، وهي بالنسبة لنا لغز لا يمكن حلّه إلا بيد الحكومة الليبية. إننا نريد من أخينا (معمر) والحكومة حلّ هذا اللغز وإنهاء آلامنا. لقد نبهّت مراراً الى هذا الأمر والآن أذكِّر أيضاً وبشكل مؤكد بهذا الأمر حيث إن هذا الموضوع له انعكاس سيء على شعبنا وعلمائنا، وأنا لا أرغب بحدوث سوء تفاهم بين شعبنا وحكومتكم. إنني أطلب منكم حلّ هذا اللغز لتريحونا.
بعد كلام الامام الخميني قدَّم رئيس الوفد بعض التوضيحات، فأجابه الامام:قل 6، لم يكن قصدي توجيه الاتهام لكم أو لحكومتكم. بل كان قصدي هو أن لديكم القدرة على القيام بالتحقيق لدى هذه الدول القريبة منكم، التي توجّه اليها حسب قولكم 7 وتحلّوا لنا هذا اللغز. إننا لا نتهم إخوتنا أبداً، ولا نفعل ما يخالف الإسلام، ولكننا نريد منكم حلّ هذه القضية لأن لديكم القدرة على حلّها والقيام بتحقيقات مع هذه الدول التي ذهب إليها، وتطلعونا على ذلك.
بعد استماع الإمام الخميني لكلام ممثل الوفد الليبية 8، قال:نعم، أنا أيضاً أعلم بهذا، ولكن المهم هو أن لا يقع سوء تفاهم بين الشعوب والحكومات الإسلامية. وتبقى الوحدة الإسلامية محفوظة دائماً، ويكون جميع المسلمين إخوة فيما بينهم.
وقد طرحت هذه القضية 9 من أجل أن تزيلوا من خلال التحقيق في هذا الأمر سوء التفاهم الحاصل، ويتحقق تفاهم صحيح بين الحكومتين والشعبين. وتحبطوا دعايات الأجانب الذين يريدون إيقاع التفرقة بين الحكومات وبين الشعوب. لقد كان سعيي دائماً أن يكون المسلمون يداً واحدة على الأعداء كما أمر الإسلام، وجماعة واحدة كما يريد الإسلام، لكن مطلبنا المهم هو رفع سوء التفاهم هذا، وحفظ الأخوّة بين إيران وليبيا، وقطع يد الأجانب الذين يريدون إيقاع الفرقة بين أخوين، وحكومتين، وشعبين.
*صحيفة الإمام، ج7، ص: 91
1- رئيس وزراء ليبيا في ذلك الوقت.
2-إشارة لفحوة الآيتين 5 و 6 من سورة القصص.
3- معمر القذافي، الرئيس الليبي.
4- نشرت كلمته في الصحف الإيرانية بتاريخ 5/ 2/ 1358.
5- اختفى السيد موسى الصدر( زعيم شيعة لبنان) أثناء زيارته إلى ليبيا.
6-خطاب للمترجم.
7- تدَّعي الحكومة الليبية أن السيد موسى الصدر قد غادر إلى إيطاليا.
8- تحدث جلود حول سوء استفادة أعداء الإسلام والمستعمرين من قضية اختلاف إيران وليبيا، والاتهام الموجه إلى ليبيا. راجع صحيفة( كيهان) 5/ 2/ 1358.
9- قضية السيد موسى الصدر.