يتم التحميل...

الموضوع: المشاكل والعراقيل التي تواجه البلد وكيفية اعمار الدمار

خطاب

الحاضرون: طلاب الجامعة والمدارس في (سنندج)

عدد الزوار: 97

التاريخ: 7 أرديبهشت 1358 هـ. ش/ 29 جمادى الاولى 1399 هـ. ق‏
المكان: قم
الحاضرون: طلاب الجامعة والمدارس في (سنندج)

بسم الله الرحمن الرحيم‏

محرومية إيران في عهد بهلوي‏
إن من آثار هذه النهضة وبركاتها، لقائنا الجماعات المختلفة من أبناء الشعب الايراني المسلمين، والبوح بهمومنا ومتاعبنا الى بعضنا. إننا نرى مع الأسف عند لقائنا أبناء الشعب سواء كانوا من الأكراد، البلوش، البختياريون، القشقائيون، وبقية العشائر المتواجدة في أنحاء إيران، الذين يأتون إلينا، نرى أن هذه الهموم والمتاعب التي تعانون منها، يعاني منها هؤلاء ايضاً وربما أكثر منكم. فالذين من (بختيار) يأتون ويقولون: إنه لا يوجد مكان أسوأ من (بختيار) فنحن محرومون من جميع نعم المدينة. كذلك يأتي (البلوش) ويقولون الكلام نفس: نحن محرومون ولا توجد فئة من الشعب محرومة مثلنا، وأنتم أيها السادة تقولون الكلام نفسه. ولابد لي من القول بأن الأمر هو كما يقال، فالشعب بأسره محروم من جميع النعم. إذهبوا أنتم الآن إلى طهران والتي هي مدينة مهمة، وكانت كل جهود الحكومات السابقة متمركزة عليها، فستجدون فيها ثلاثين حياً أو أكثر يعيش أهلها في الخيام أو في الحفر أو في بيوت من القصب، سكان الحفر والقصب! محرومون من كل وسائل التحضر. لا يوجد لديهم ماء، وكي يحصلوا عليه عليهم الصعود درجات كثيرة، ليملؤوا جرة من الماء من حنفية الماء الموجودة في طرف الشارع. وليس هناك من اسفلت، ولا مستوصف، ولا مدرسة، ولا كهرباء، هذه طهران العاصمة والتي يجب أن تكون أفضل مما سواها حسب زعمهم!

النظام البهلوي وراء فقر الشعب‏
وإذا ما القيتم نظرة الى ضواحي (خوزستان) أطراف (فارس)، فقد ذكر لنا البعض أن هناك مناطق لا يوجد فيها ماء أبداً، لا يوجد عندهم شي‏ء، حتى الماء لا يوجد عندهم! وعندما ين- زل المطر في الشتاء والربيع يتجمع في الحفر، وعلى النساء أن يذهبن مسافة فرسخ ليجلبن الماء لأطفالهن. وعندما كنت في النجف طلب مني بعض أهل الخير من الكويت وكانوا يعرفونني أن أتعاون معهم في بناء خزان للماء يحفظ ماء المطر ليكون لهؤلاء المساكين ماء عندما يحتاجونه. لاتتصوروا أنكم أنتم وحدكم المحرومون، لقد دمّر هؤلاء الأشقياء ايران بأسرها. جميعنا كنا محرومين، حتى الفئات التي ترونها في الظاهر أنها مرفهة مثلا، ولكنها في ذلك العهد تحملت متاعب أشد من فقدان الماء، نظير الحبس الطويل والآلام الشديدة، والتعذيب الذي لا يطاق لمجموعة من المثقفين، مجموعة من علماء الدين، مجموعة من أصحاب الفكر والوعي، مجموعة من‏ المحامين، من القضاة، وأمثال هؤلاء، لقد عانى أمثال هؤلاء من التعذيب. وبحمد الله وبعد أن أذن الله وأعان فقد استيقظ شعبنا واتحد مع بعضه وحطم هذا السد تحت لواء الإسلام. السد الذي كان مانعا من تطور ثقافتنا ونمو اقتصادنا واستقلال جيشنا، وكل ما عندنا، لقد تم إزالة هذا المانع. ولكن ماذا بقي لنا خلف هذا السد؟ بقيت المصائب، فخزينة الدولة خاوية، لقد استقرضوا من جميع البنوك كما أخبرتنا الحكومة- قروض باهضة. لقد استقرضوا مئات الملايين من الدولارات من بنوك إيران المختلفة ثم فرّوا. لا تتصوروا أنهم فروا ويدهم خالية. لقد أخذ ذلك الأب مقدارا من مجوهرات إيران، وأخذ هذا الابن المقدار الآخر! لقد تركوا مصارفنا خاوية وذهبوا، تركوا شعبنا فقيراً وذهبوا، لقد أعطوا نفطنا لأمريكا على مدى سنوات طويلة ولم يأخذوا ثمنه، بل أوجدوا بثمنه قواعد لأميركا. بدل أن يدفعوا ثمن النفط حيث كان يجب أن يدفعوا لنا نقودا قدموا أسلحة! الأسلحة التي تنفع أمريكا، ولا تنفعنا. لقد كانت مؤامرة بين هذا الشخص (الشاه)، هذا الخبيث، هذا الخائن، وبين أمريكا، فيعطيها نفطاً وبكميات كبيرة وفي المقابل تقدم أميركا الأسلحة لتشييد قواعد لها مقابل الاتحاد السوفييتي، تحت عنوان أننا ندفع ثمن النفط لئلا يعلو صوت الاتحاد السوفييتي. لقد قدموا أسلحة، أسلحة تنفعهم هم! أي أن الإيرانيين لا يستطيعون استعمال هذه الأسلحة، لم يكن لديهم تخصص، لقد شيدوا لأنفسهم قواعد عسكرية، وهي موجودة الآن في إيران.

إعمار الدمار بهمة الشعب‏
الآن وقد تحطم هذا السد بهمتكم وببركة الإسلام، فإن ما خلّفه دمار شامل، ليس في (كردستان)، و (لرستان) وجميع الأقاليم والمحافظات. من الذي عليه إعمار كل هذا الدمار؟ هل يتسنى للحكومة ذلك وحدها؟ لا، ليس لدى الحكومة مثل هذه الميزانية، إنها لا تستطيع، هل تستطيع كل طبقة من الشعب وحدها؟ لا. ولكن يجب علينا جميعا القيام معاً، وبهمة الشعب كله، وبالاعتماد على الله، والاعتماد على القرآن الكريم. لابد من التعاون معاً لإعمار هذا الدمار. لاتتصوروا أن الحكومة لا تهتم بأمور (كردستان). إنها لاتستطيع. لقد تركوا مشاكل للحكومة بحيث أنكم أينما نظرتم في أرجاء هذا البلد ستلاحظون أن هذه المشاكل التي تعانون منها موجودة هناك أيضاً. فليس الأمر أن الحكومة لا ترغب في العمل. إنها تريد العمل ليلًا ونهاراً، مطلع على الوضع، إنهم يعملون ليلًا ونهاراً ويريدون اعمار هذا الدمار، ولكن الدمار كبير ويستغرق اعماره وقتاً وجهداً كبيرين.

نمو الجماعات المعارضة في ظل الاضطراب‏
ولكنه مع الأسف إن هؤلاء الخونة لا يفسحون المجال، إن المصانع يجب أن تعمل حتى تتحرك عجلة هذا البلد، ولكنهم يذهبون إلى المصانع ولا يدعون العمال يعملون. الزراعة يجب أن تسير أمورها بشكل طبيعي حتى يتم إحياء هذا البلد، ولكن هؤلاء الخونة وهم بقايا النظام الفاسد وخدمة أمريكا وغير أمريكا. لايتركون أمور الزراعة على حالها ويقفون حائلًا دون تقدمها. المدارس يجب ان تتابع عملها، ولكنهم يعملون على تعطيل المدارس. أمور الثقافة أيضاً يعيقونها.

أي شي‏ء ترونه مفيداً لهذا البلد وللشعب فإن هؤلاء أذناب أمريكا الذين بقيت بقيتهم هنا، يقفون مانعا دون تحقيق هذه الأمور. كل يوم وبذريعة ما يسحبون الناس إلى الشوارع مرددين (يحيا) و (يموت). وذلك لأنهم لا يريدون لهذا البلد أن يستقر. لأنه إذا عمّ الهدوء فيه ستتمكن الحكومة من إدارة أمورها، وإذا عمّ الهدوء وانشغلت الحكومة بإدارة أعمالها، سوف تقطع أيدي هؤلاء حينئذ. عندما لا تكون هناك فوضى في البلد، تستأصل جذور هؤلاء، ولكن إذا كانت الأمور مضطربة- وهؤلاء يثيرون الفوضى أكثر- فإنهم سيطمعون حينئذ بالتسلط ثانية على هذا البلد ولو بشكل آخر وصورة أخرى، وتعود حينئذ تلك الأوضاع السابقة والمآسي الماضية.

مشاريع البناء
أنتم أيها الاخوة، لا تظنوا أنه لا يوجد اهتمام بمتابعة أموركم، وان الحكومة لا تريد ذلك. بل انها ليس بوسعها الإصلاح بهذه السرعة. انها مشغولة بالتخطيط، بالبحث وايجاد الحلول الناجعة. يجب أن تحل المسائل بالتدريج. ففي يوم أمس حضر إلى هنا السيد (بازركان) وعرض عليّ البرامج التي أعدوها فيما يتعلق بشق الطرق، وكانت خططاً كثيرة لإحداث طرق في جميع أنحاء البلاد، وقد أوصيته بأن يعطوا الأولوية للقرى والأماكن النائية قبل بقية المناطق. وقد قبلوا مني هذا الأمر. أما فيما يتعلق بالعمال، فإنهم مشغولون بتهيئة فرص العمل، ودفع العامل إلى العمل، وحث هذه الطبقة على العمل. وعندما يندفعون نحو العمل سيكون ذلك مفيداً لهم وكذلك دوران عجلة البلد. ولكنكم أنتم ونحن نحتاج إلى صبر ثوري. إننا جميعاً لدينا مصائب، ولكن علينا الصبر قليلًا، علينا التحمل قليلًا، ولا تفهموا هذا على أننا نميِّز فئة على فئة أخرى. يعلم الله أن الإسلام وما نريده نحن- وجميعنا نتبع الإسلام- لا يفرق بين شخص وآخر، ويأخذ بعين الاعتبار جميع الحقوق. إن المسلمين جميعهم يد واحدة، وجميعهم إخوة، فلا وجود للتمييز والتفاضل بين فئة وأخرى ابداً. الجميع، جميع المسلمين، بل كل فرد يعيش في الدولة الإسلامية له حقوق، والإسلام يهتم بتلك الحقوق. كذلك يحترم الاسلام الأقليات الدينية كالزرادشتيين، واليهود، والنصارى، وهم جماعات كثيرة في إيران، ويحرص على اعطائهم حقوقهم. ولكن لايتوهّمنّ أحد أن هناك تمييزا في البين. وإنني أحتمل أن تكون هناك لاسمح الله أيادي في البين، يذهبون إلى إخوتنا الأكراد ويقولون لهم: انظروا لقد أصبحت الدولة إسلامية ولم يتغير شي‏ء، يذهبون إلى إخوتنا البلوش ويتحدثون معهم بنفس الكلام، يذهبون إلى إخوتنا في (بختياري) ويتكلمون بنفس الكلام، يذهبون إلى مكان آخر ويتكلمون بنفس الكلام، وذلك من أجل أن تحدث اضطرابات، وأن لا يكون هناك استقرار حتى لانستطيع إدارة بلد بشكل عقلاني وبصورة عادلة. هؤلاء الذين يأتون ويلقون مثل هذا الكلام ليس قصدهم الإصلاح بل غرضهم الإفساد، أنتم أيضاً تعلمون بأن هؤلاء يريدون الإفساد، وقد أشرتم إلى وجود مفسدين يعملون بهذا الشكل فيجب الصبر قليلا والتأنّي.

انظروا ولاحظوا هل عملت شيئا في منطقة ما ولم تعمله لكم؟ هل قامت بإعمار منطقة وتركت منطقتكم؟ والآن قضية بناء المساكن ... جميع فئات الشعب المحتاجون ومن لا يملكون مساكن على السواء ستبنى لهم مساكن. عندما شق الطرق، سيكون ذلك لجميع أنحاء البلد، وعندما يتسنى لهم ذلك سوف يرسلون الأدوية ويقومون بإرسال الأطباء وتأسيس الجامعات، ولكن‏ كل ذلك يحتاج الى وقت. نعم، لو أن هؤلاء الأشقياء (الشاه وأعوانه) كانوا قد رحلوا ولم ينهبوا خزينة الدولة، لُكنّا نقول في ذلك الوقت للحكومة بأن لديكم الأموال ولديكم الخزينة فلم لا تعملون؟ ولكنهم أفرغوا الخزينة، سرقوا كل شي‏ء، لقد أخلوا المصارف هم وأقرباؤهم، نهبوا كل ما عندنا وتركونا بهذه الحالة البائسة.
لكنني آمل بإذن الله وبعنايته لهذا البلد، لهذه الحكومة الإسلامية، أن يتم إزالة هذه المشاكل بهمة جميع الاخوة وجميع الفئات عن قريب. علينا جميعاً الصبر وإعطاء الفرصة.

قضية المجالس البلدية
أما قضية أن تكون أعمال كل شخص متروكة له ... أمور كل منطقة متروكة لأهلها، فإن هذا جزء من برنامج الإسلام، ونحن نعول كثيراً، على ذلك. فلابد من تأسس مجالس البلدية لادارة شؤون المناطق. يجب أن تكون موجودة ونحن بصددها الآن ومشغولون بالتخطيط لها بحيث تصبحون أنتم المسؤولين عن قضاياكم. ولا يقتصر ذلك على منطقة دون أخرى، بل تشمل كل محافظات البلاد. إن مجالس الشورى هذه يجب أن تكون في جميع المناطق فتدير كل منطقة نفسها بنفسها. وهذا أمر جيد سواء للشعب أو للحكومة. فالحكومة لا تستطيع أن تراقب جميع المناطق، فعندما يتم تفويض العمل إلى الناس أنفسهم فإن أهالي كل منطقة سيهتمون بأمورهم أكثر، ويعرفون حاجاتهم أفضل. هذه مخططات في طريقها الى التنفيذ. لاتظنوا أن هذه البرامج قد طبقت الآن في مكان آخر وبقيتم أنتم محرومين، لاتظنوا مثل هذا الظن.

تطبيق أحكام الإسلام‏
إنني أرجو منكم أن لا تسيئوا الظن بإخوتكم، كما أننا لا نسي‏ء الظن بكم، فلا تسيئوا الظن بحكومتكم وبنا، فإننا نريد الخير. نريد أن نرتقي بالجميع ونعمل على رفائهم وازدهارهم .. لقد حرص الطاغوت على جعل مجموعة خدماً له واخرى تحقق له تطلعاته وأهدافه.
إن جميع الشعب منا، ونحن أيضاً من الشعب، وخدم لكم وللشعب. إنني أطمئنكم على أن جميع مشاكلكم هذه سوف تحل. وفيما يخص الأمن والأمان فإننا سنتحدث الى أركان الجيش، الى قوات الجندرمة ونوصيهم بذلك. وإن شاء الله يكون الجميع موفقين ومؤيدين.
أيدكم الله تعالى جميعاً، وأننا وإياكم مكلفون بالحفاظ على هذه النهضة تحت لواء الاسلام، وعلى طريق الله والقرآن، وأن لا تألوا جهداً في تحقيق أحكام الإسلام، التي تساوي بين الجميع ولا أفضلية لأحد على آخر إلا بالتقوى ومعرفة الله سبحانه.


* صحيفة الإمام، ج‏7، ص: 113

2011-05-01