يتم التحميل...

الموضوع: عدم ضرورة طرح المسائل الفرعية في الظروف الحالية

خطاب

الحاضرون: طلاب الجامعات في أصفهان‏

عدد الزوار: 85

التاريخ: 25 ارديبهشت 1358 هـ. ش/ 18 جمادى الثانية 1399 هـ. ق‏
المكان: قم‏
الحاضرون: طلاب الجامعات في أصفهان‏

بسم الله الرحمن الرحيم‏

وجود المشاكل في المرحلة الانتقالية
رغم أن وقتي ضاق تقريباً، وقد تحدثت قبل هذا، ولكني أشير الى بعض الملاحظات الضرورية. إن المرحلة التي نمر بها الآن مرحلة انتقالية، أي انتقال السلطة الشيطانية إلى سلطة أخرى، فحكومتنا حكومة انتقالية وليست دائمة. اننا نحتاج الآن إلى المجلس (التأسيسي) ليتولى تدوين القانون الأساسي- الدستور-، ثم بعد ذلك نحتاج إلى تشكيل مجلس الشورى ليتابع أمور البلد وتشكيل حكومة دائمة .. وفي المرحلة الانتقالية لا ينبغي التوقع بأن تنجز جميع الأعمال إذ لايمكن ذلك في أي وقت من الأوقات. إن طبيعة المراحل الانتقالية هي هكذا. إن الامور الثلاثة التي كلفنا بها منذ البداية السيد مهدي بازركان عبارة عن اجراء الاستفتاء، وبعد ذلك تشكيل المجلس التأسيسي ومن ثم مجلس الشورى وعندما ينتهي عمله سوف يتنحى جانباً. وبعد ذلك لا بد من انجاز أمور أساسية لا تنحصر بما ذكرتموه، إذ توجد فوضى كثيرة، ولابد من إحداث تغيير جذري في جميع المجالات، ذلك أن كيفية عمل الوزارات، وطبيعة الدوائر، ما زالت من بقايا عهد الطاغوت. فهي تحتاج إلى تغيير ضروري، ولكن التغيير انما يكون في ظل حكومة مستقرة دائمة، والحكومة الحالية حكومة مؤقتة تريد نقل السلطة إلى حكومة مستقرة مختارة من قبل الشعب. إننا ومنذ فترة طويلة لم يكن لدينا حكومة تكون ملكاً للشعب، بل كان الاسم فقط وأساساً لم يتحقق هذا بعد الحركة الدستورية وإلى الأن، بل كان اسمها فقط شعبية وطنية، وأنهم هم الذين ينتخبون النواب ... وكما تعلمون لم يكن لكم رأي في أي وقت أصلًا، فعلى مدى هذه الفترة التاريخية كانوا هم الذين يعملون كل ذلك وياليتهم كانوا هم الذين يعملون ذلك، لقد قال الشاه الابن في إحدى خطبه بأن القوائم كانت تأتينا من السفارات وكنا مجبورين على العمل بها! فأولئك كانوا يقدمون قوائم بأسماء النواب ونحن نعينهم، نحن أيضاً كنا نعينهم! غاية الأمر انه كان يريد القول بأنه لم يعد الأمر في عهده بهذا الشكل، والحال أنه كان في عهده أسوأ.

الحرية في التصويت‏
لقد تحقق ما كنتم تحلمون به بأن أقدمتم على المشاركة في الاستفتاء وإبداء آرائكم بدون أي ضغط من أحد، لقد صوتم بأنفسكم، فالناس كبارهم وصغارهم- من كان له حق الانتخاب- النساء والرجال والمرضى في مصحاتهم، جميعهم ذهبوا بشوق وحماس وأدلوا بآرائهم، لم يضغط عليهم‏ أحد ولم يكن هناك تهديد في البين، وإنما كانت قوة الإيمان، كانوا مؤمنين بأن الحكومة الإسلامية جيدة، هذا الإيمان هو الذي دفع الناس إلى صناديق الاقتراع، والذين لم يكن باستطاعتهم الذهاب فقد حملوهم على الأكتاف أو أخذوهم بالكراسي المتحركة ليدلوا بأصواتهم. وإننا نخطط لإنتخابات المجلس التأسيسي كي يتسنى لكم التحكم بمقدرات بلدكم- إذا تقرر عدم طرح القانون للاستفتاء وتم إقرار تشكيل المجلس التأسيسي-. إنكم وحدكم المعنيون بتعيين نوابكم ولا يضغط عليكم أحد لتعيين نائب معين، وإذا فرضنا أننا تكلمنا نحن بكلمة فالمقصود منها بيان رغبتنا وان هذا جيد لكم، ليس أكثر من ذلك، نحن نقول فقط إن هذا جيد لكم، كما كان في الاستفتاء حيث قلنا بأن التصويت في الاستفتاء امر حسن، هذا هو رأيي، ولم يكن هناك إلزام في البين، لقد كان الناس أحراراً بأن يذهبوا ويدلوا بآرائهم مهما كانت. وبعد الآن، يجب عليكم تعيين أعضاء المجلس التأسيسي، وبعد ذلك تعيين نواب مجلس الشورى، فكل الأمور بيدكم، عليكم التحري وتعيين نائب جيد لتكون مقدرات بلدكم بيد أمينة.

ضرورة مكافحة المفسدين‏
إن أمثال هذه المسائل التي تطرحونها الآن كثيرة، توجد مسائل كثيرة ولكن ليس وقتها الآن وإنما بعد استقرار الحكومة، وأما الآن فإن علينا جميعاً ان نسعى لهدف واحد ألا وهو مراقبة بحذر شديد هؤلاء الذين يتجولون فيذهبون تارة إلى المصانع يعرقلون العمل فيها، وأخرى إلى الفلاحين يعرقلون عملهم، وثالثة إلى المدارس لإثارة الشغب، فلابد لنا من مواجهتهم وعدم فسح المجال لهم بالإفساد، فإذا نجحوا فيما يبغون فإننا لن نرى مرحلة الاستقرار حينها، بل سنرجع إلى البداية. إن وظيفتنا الآن جميعاً، انتم ايها الجامعيون المحترمون وبقية الطبقات، هي ان تحثوا الجميع للعمل على الحفاظ على هذه النهضة وصيانة ما تحقق لحد الآن والحماسة نفسه، بنفس انفسكم وكل من تصلون اليه وكل من يتأثر بكلامكم على حفظ هذه النهضة بهذا الشكل الذي وصلت فيه إلى هنا، أي بهذه الحرارة الموجودة، بهذا الشوق والحماس الذي ذهبوا بها إلى صناديق الاقتراع وأدلوا باصواتهم من اجل الجمهورية الإسلامية، يجب ان يبقى هذا موجوداً كما هو، لتدلوا بعد ذلك بأصواتكم من أجل المجلس التأسيسي ومجلس الشورى كي تستقر الحكومة بعد ذلك. يجب ان نقف في وجه المخربين الآن، فالوقت وقت الوقوف في وجه المخربين، وبعد أن تستقر الحكومة يحين وقت التفرغ لتلبية هذه الاحتياجات التي ينشدها الجيمع، نحن أيضاً عندنا احتياجات، الجميع عندهم احتياجات، فلا بد من تلبية هذه الاحتياجات فيما بعد. إننا نعلم بأن الفوضى الآن عارمة، وقد رحلوا عنه بعد أن خرَّبوا كل ما في هذا البلد، فليس لدينا الآن اقتصاد سالم، لقد سرقوا كل ما في هذا البلد، فهم مدينون الآن لجميع البنوك، لقد استقرضوا الملايين ثم فروا، اخذوا كل ما عندنا وذهبوا. إنكم ترون ماذا فعلوا بزراعتنا إذ لم ي- بق لدينا زراعة، وكذلك المعامل فقد اندفعوا الى داخل المصانع لعرقلة عملها، وحسبما سمعت إن نفس الإداريين والعمال الموجودين هناك إما لا يعملون أو يعملون قليلًا، بسبب أن هؤلاء لا يفسحون المجال. يجب علينا الآن جميعاً ان نضع ايدينا في ايدي بعض لمواصلة هذه النهضة التي هي نهضة إلهية، من أجل الله، ومن اجل الإسلام. لنحافظ عليها معاً، إلى أن يتم حلّ هذه القضايا وحينذاك نلتفت للمسائل الثانوية، التي هي في المرتبة الثانية.

المحافظة على النهضة واجب أساسي‏
لا ينبغي لنا ان نغفل عن المسائل الأصلية التي هي أساس حكومتنا، إن مسائل من قبيل أن فلانا ليس لديه منزل، وعلان لم يكن التعامل معه صحيحاً، في المدارس مثلًا التدريس ليس جيداً، ما هو حال المعلمين. ليس الآن وقت هذه الامور. فلو أن أحداً جاء حينما كنتم تعملون جميعاً على مواجهة الدبابات لإرغامها على التراجع، وقال لا يوجد لدي منزل، لكنتم قلتم له ليس الآن وقت هذا الكلام فلدينا الآن عمل أهم. كذلك الوقت الحاضر الذي هو في تصوري أشد أوقات بلدنا حساسية، وربما اكثر حساسية من الوقت الذي كنا نعمل جميعاً على تحطيم السد. لقد بدأ الناس يلتفتون إلى انفسهم بعد أن تحطم السد، هذا يقول لا يوجد لدى منزل، وذاك يقول انا مريض، والآخر يقول مدرستي ليست جيدة، والرابع يقول المعلم وضعه كذا، آخر يتساءل عما يجري داخل الجيش، وفي الدوائر. لقد ظهر اضطراب فكري انني أخشى ان تؤدي هذه الاضطرابات الفكرية إلى الغفلة عن قضايانا الرئيسية، ويأتي- لا سمح الله- أولئك الشياطين الذين يتتبعون هذه المسائل بدقة وحرص فيثيرون الاضطرابات أكثر، ونلتفت في وقت من الاوقات فنرى أنفسنا قد هزمنا، وأنتم تعلمون إذا انهزمنا الآن لاسمح الله، فإن هذا الشعب لن يستطيع ان يرفع رأسه بعد ذلك.


اننا إذا سرنا بهذا الانتصار قدماً نكون قد قضينا على هؤلاء الى الأبد. وآمل ان نسير به، وسوف نسير به ان شاء الله ونحقق اهدافه كاملة إن شاء الله، ولكن عليكم جميعاً ان تتحلوا بالعزيمة، فأنتم أيها الجامعيون الاعزاء والعمال في المصانع، وأولئك المشغولون بالزراعة وجميع أبناء الشعب، الكسبة، والجامعيون والطلاب، والمعلمون، إن علينا جميعاً أن نتوجه إلى هدفنا وتبعاً له تأتي هذه المسائل، علينا أن لا نغفل عن المسألة الاصلية ونتوجه للمسائل الفرعية فيضيع الأصل من يدنا.

ضرورة تغيير القوانين‏
إن ما أراه الآن، وما أريده منكم هو أن تضعوا جميعكم ايديكم في ايدي بعض لتحقيق أهداف هذه الثورة كاملة. فإذا تشكلت الحكومة الدائمة ستتولى متابعة هذه الأمور. إن هذه الأمور تحتاج إلى قانون، والقوانين الموجودة قوانين طاغوتية، قوانين تخريبية. ان كل امر يحتاج إلى قانون، وهذا يحتاج إلى وجود مجلس شورى، تقدمون أنتم بتعيين نوابه، الرجال الثقات والوطنيون الذين يخدمونكم، ونحن أيضاًسنطرح معهم ما نستطيع من الأمور والقضايا، وسوف تستقر الأمور إن شاء الله. وعندما تبدأ مرحلة الاستقرار هناك برامج للزراعة، طبعاً لابد من ايجاد تحول جذري في المناهج الدراسية، كذلك ايجاد تحول في الثقافة. كذلك احداث تغيير في وزارة العدل. ان كل ذلك يحتاج إلى تغيير، غاية الامر ان كل واحد منا يلتفت إلى تلك الحالة القريبة منه. إن كل من يأتي إلى هنا يتحدث عن مشاكل منطقته، وما يقوله صحيح، وما يقوله غيره صحيح أيضاً. فالذين يأتون من (بختياري) يقولون: لا توجد منطقة أسوأ من منطقتنا، فليس لدينا شي‏ء، وهم صادقون فيما يقولون. يأتون من منطقة بلوجستان ويذكرون نفس الكلام .. يأتون من خراسان ويذكرون الشي‏ء نفسه .. أنتم تأتون وتذكرون نفس الكلام، وأنا أرى الجميع صادقين، وهذا يعني ان كل واحد منكم إنما يرى منطقته ومصائبه، بيد ان الشعب بأسره مبتلى بالمصائب، فهؤلاء المخربون لم يتركوا مكاناً سليماً لكن الامر يحتاج إلى وقت. أحياناً يأتون ويقولون لي إن المكان الفلاني فيه فقر وعوز وكذا وكذا، فأسألهم، هل هذا الفقر وجد الآن أم كان موجوداً من السابق؟ يقولون: لا، كان من السابق فأقول: إذاً فلماذا تهجمون الآن فجأة معترضين! فهذا الفقر كان موجود من السابق، وفي ذلك الوقت لم يكن يرتفع صوتكم ولكنكم تطالبون الآن بوضع حد له سريعاً، وهذا غير ممكن. لابد من الاصلاح، لابد من إصلاح الزراعة، وتحريك عجلة المعامل، وتنظيم اقتصاد الشعب، حتى يصل إلى يده ثمن النفط، فلحد الآن لم يكن يصل إلى يده ثمن النفط، ولكنه الآن يعطي النفط ويقبض ثمنه .. يجب اصلاح الاقتصاد والسعي لاستقرار وضع البلد ويصبح وضعاً قانونياً وسوف تُحل حينئذ جميع هذه المسائل ان شاء الله. واعتذر عن مواصلة الحديث لأن صحتي لا تساعد.


* صحيفة الإمام، ج‏7، ص: 223

2011-05-01