الموضوع: ضرورة تجنب إضعاف معنويات الناس، السعي لإزالة الحرمان
خطاب
الحاضرون: أحمد صدر الحاج سيد جوادي (وزير الداخلية) والمحافظون في كافة انحاء البلاد
عدد الزوار: 60
التاريخ 30 أرديبهشت 1358 هـ. ش/ 23 جمادى الثانية 1399 هـ. ق
المكان: قم
الحاضرون: أحمد صدر الحاج سيد جوادي (وزير الداخلية) والمحافظون في كافة انحاء البلاد
بسم الله الرحمن الرحيم
لماذا إضعاف المعنويات؟!
قبل أن أتعرض لهذه القضايا الثلاث1 أودّ الإعراب عن عدم ارتياحي لمواقفكم. إن الندوة2 التي عقدتموها على مدى يومين أو ثلاثة كانت مع الأسف مضرة، لأنكم قمتم بإضعاف معنويات الناس. فاليوم يجب تقوية المعنويات لا إضعافها. الشكوى، مجرد الشكوى لا ترفع الإشكال، لابد من العمل، يجب علينا اليوم جميعاً أن نضع أيدينا في أيدي بعض ونتقدم إلى الأمام بعزم راسخ، وسوف نتقدم. فلا يصح بث اليأس في نفوس الشعب. ولكن السادة حسب ما قرأت في الصحف وسمعت من المذياع، قاموا بإضعاف معنويات الشعب، حتى لعله أنا أيضاً افرضوا شعرت بالضعف! وكان ذلك مضراً. فبعض السادة يشتكي، وبعضهم يعتب. وفعل الشيء نفسه مندوب وزير الداخلية ... أما معاونه فقد أفرط! إنه يجب علينا السير قدماً إلى الأمام بحسم.
الثورة الإيرانية وخطأ الحسابات العالمية
إن شعبنا، وليس نحن إذ لم يكن لنا دور مهم، قام وبالحسم الذي كان لديه بمثل هذا العمل العظيم، الذي لم يكن يخطر احتماله في ذهن أمثالنا. لم يكن يخطر في ذهن أحد احتمال ان يتحطم مثل هذا السد. ولهذا فإن الأجانب الذين كانوا يدرسون الوضع طبق الموازين اليسارية، طبق الموازين المادية، كانوا يرون هذا الأمر محالا، واعترفوا بأن الحسابات قد أخطأت، لقد أخطأت حسابات الجميع لأنها كانت قائمة على المادية. وكانوا صادقين. فطبق الحسابات المادية لا معنى لأن ينتصر شعب أعزل لا يملك شيئاً على قوى تملك كل شيء. ولكن وفق مقاييس أخرى ممثلة بالمعنويات وإيمان الناس، وذلك الشيء الذي امتلكه المسلمون في صدر الإسلام وانطلقوا على أساسه بفتح الدنيا خلال أقل من نصف قرن، ألا وهو الإيمان واستقبال الشهادة. كانوا يرون الشهادة فوزاً. والآن أيضاً فإنه يوجد بين فئات الشعب من يأتون ويقولون ادع لنا بالشهادة. ادع لي ليستشهد ابني. إن هذه الروح المعنوية التي ظهرت، وهذه الوحدة للكلمة التي تحققت بين جميع الفئات هي التي حطمت السد الكبير وأبطلت جميع الحسابات، وبفضل ذلك حققنا النصر والتقدم.
قدرة الشعب على البناء
إن شعباً حقق هذا النصر، لا ينبغي لمجرد أن زراعته متخلفة قليلًا، لمجرد أنهم يعرقلون حركة المصانع ...، إننا نعلم أن بقايا النظام المباد لا زالت موجودة في هذا البلد كجذور فاسدة ومفسدة. ومن جهة أخرى فإن هناك في خارج البلد من يدعم هؤلاء، والمنحرفون كثيرون. إنكم تعلمون أن هؤلاء يقومون بعرقلة الأمور. فمن جملة أعمالهم أنهم يسعون جهدهم حتى لا يبذر الفلاحون الأرض، وإذا ما فعلوا ذلك فإنهم يسعون جهدهم حتى لا يحصدوا المحاصيل. هذه واحدة من المشاكل ولكنه رغم ذلك فإنه يجب علينا السير إلى الأمام بعزم وإيمان قويين.
علينا أن نعمل على تقوية الناس، إن هؤلاء الناس الذين نزلوا إلى الشوارع نساءً ورجالا بقوة الإيمان وروح الشجاعة وهدموا هذا الأساس، لديهم القدرة على بناء البلد واعماره.
لا تعملوا على إضعاف معنويات الناس
يجب علينا- أنتم في المحافظات وأولئك الذين في العاصمة وأنا الموجود هنا- علينا جميعاً الالتفات أثناء أحاديثنا إلى أن هذه الأحاديث لا تجري ضمن أبواب مغلقة، بل إنها تبث في كل انحاء إيران ويسمعها الجميع. فجميع المزارعين الآن لديهم مذياع وجميهم يسمعون. فلا يبنغي لنا أن نتكلم بشيء يؤدي إلى إضعاف هذه المعنويات بل يجب علينا تقوية هذه المعنويات، كما أن مرتكزات الإصلاح بأيدينا. فلدينا الثروات الكبيرة- التي كانوا ينهبونها ولم يعد باستطاعتهم ذلك الآن- ولدينا أيضاً الطاقات الإنسانية- التي كانوا يقفون بوجهها سابقاً ولم يعد باستطاعة أحد الوقوف بوجهها الآن- فلدينا كل شيء، لدينا دولة غنية، الدولة غنية ولكن على أبناء هذه الدولة الاستفادة من هذه الثروات. إنهم في السابق لم يفسحوا المجال لذلك ولكن يجب الاستفادة الآن من هذه الثروات. فاعملوا على تقوية معنويات الناس دائماً. هذه المعنويات العاليه الموجودة الآن عند الناس يجب تقويتها حتى تبقى مسيرة النهضة قوية إلى أن يتم تشكيل حكومة دائمة. وإننا بحاجة إلى استقرار الأوضاع وإلى حفظ هذه النهضة لنستطيع طي هذه المراحل والمراحل التالية. اسعوا لإنجاز الأعمال بقوة وبتعاضد همم الجميع.
اليوم يوم العمل لا الكلام
على كل حال، انني غير مرتاح للاحاديث التي اثيرت في الندوة، والتي كانت سبباً لقلق الناس .. من المؤكد أنكم قلقون على الأوضاع! ولكن كان من الأنسب أن تكون احاديثكم بنحو لا تبعث على اليأس. إن عليكم أن تفهموا الجميع وهذا هو الواقع- أن لديكم كل شيء، فلديكم شعباً استطاع أن يزيل كل الموانع، وكانت موانع مهمة. سواء كان متأخراً قليلا أم مبكراً قليلا. فعليكم الآن إنجاز الأعمال بأنفسكم، حيث لم يعد هناك مانع في البين. فقد ذهب أولئك الذين كانوا يعرقلون الأمور، أولئك الذين كانوا يريدون إبقاء جميع أمورنا متخلفة بما فيها الزراعة.
والآن وقد ذهبوا، فمن أي شيء نخاف؟ سوف نصلح الأمور بأنفسنا. غاية الأمر أننا بحاجة إلى وقت، الزراعة تحتاج إلى وقت، ولابد من إزالة العقبات، المصانع تحتاج إلى وقت حتى تدور عجلتها. الميزانية سيتم اصلاحها بالتدريج. ميزانية الدولة أيضاً قد نهبوها وذهبوا، وعلينا الآن التفكير بشكل أساسي. ولكن المهم هو أن لا نشعر بالانهيار ولا نبث اليأس في نفوس الآخرين. لنكن أقوياء. لقد قمنا بإنجاز عمل عظيم، وأما الأعمال الآخرى فليست أعمالا مهمة وسوف نقوم بإنجازها.
وعلى أبناء الشعب أن يضعوا أيديهم بأيدي بعض. فالبلد بلدكم وينبغي عليكم بناء بلدكم بأنفسكم، يجب توعية الناس بأنه ها قد انتصرت الثورة وزالت العقبات ولكن لا يمكن إصلاح كل شيء في يوم وليلة وبمجرد زوال الموانع. الآن وقت العمل. الآن وقت العمل لا الكلام. يجب وضع الكلام جانباً والانشغال بالعمل.
مسؤولية المحافظين
يجب عليكم أيها السادة العمل بحسم في مناطقكم، وعليكم حث الناس على العمل بحسم أيضاً. قوموا بوعظ الناس، انصحوا الذين لا يعملون بشكل جيد. يقال أن الدوائر لا تعمل بشكل جيد، فليقم كل واحد منكم في محافظته على دفع الدوائر للعمل ... فالآن وقت زيادة العمل لا تقليله. لقد عمل المزارعون بشكل أفضل، فكل من جاء كان يقول إن زراعتنا هذا العام كانت جيدة. لقد عمل المزارعون بشكل أفضل، ولكن الدوائر لم يكن عملها جيداً، فلم يحصل في الدوائر ما كنا نرغب به. إن المزارعين أفضل من الآخرين. وفي المصانع كان هناك عمل ولكن ليس مشجعاً لأن هناك من يعرقل العمل. إنكم مطالبون بالتضامن والتكاتف والتصدي لهؤلاء المخبربين، الجميع مطالب بذلك سواء الإسلاميين والوطنيين والناشطين الملتزمين.
دور الإسلام في انتصار الثورة
أيها السادة! إن عمل أي منكم لا يتقدم إلّا بالإسلام. فهذه الثورة إنما الإسلام الذي دفع بها إلى النصر، فالجميع كانوا يهتفون للاسلام. وإلا فهذه الأحزاب المختلفة وهذه الجبهات المتعددة، فإنه لم يكن باستطاعة أحد منها القيام بهذا العمل. إن هذا الشعب وكونه مسلماً ولاقى الكثير من الآلام والمتاعب، نزل الى الشوارع وهتف للاسلام وطالب بإقامة الجمهورية الإسلامية. وعندما حان وقت التصويت، فقد رأيتم جميعكم حجم المشاركة الشعبية، فلولا أن الإسلام في البين فهل كان يستطيع أحد أن يصنع مثل ذلك الاستفتاء؟ لايمكن صنع مثل ذلك الاستفتاء الذي لا نظير له في تاريخ العالم فضلًا عن تاريخ إيران. إستفتاء يشارك فيه الجميع بشوق وحماس، الشيخ الكبير ذو السبعين عاماً مع الشباب، يأتي المرضى بالكراسي المتحركة من أجل أن يدلوا بأصواتهم. لقد أدلى أحد المرضى رأيه كما نقلوا لي- أدلى برأيه ثم توفي. إن مثل هذا الأمر لا سابقة له ... لقد تم إنجاز هذا العمل تحت راية الإسلام.
الإسلام من دون عالم الدين كالطب بلا طبيب
إننا نرى في هذا الكلام الذي تتحدث به الفئات الجاهلة- لا أقول أنها فاسدة، ولكنها لا تدرك الواقع- أي أثر للإسلامً! وهذه الثورة صنعتها هذه الأحزاب والتنظيمات. بيد إنكم أينما ذهبتهم ترون أن الذي دفع الناس للانخراط في الثورة هم علماء الدين.
فلا تقفوا الآن معارضين لعلماء الدين وتقولوا: (الإسلام من دون رجل الدين)! فالاسلام من دون رجل الدين كالطب من غير طبيب! الطب من دون طبيب معناه أننا لا نريد الطب! وإلّا فلا يمكن أن يكون هناك طب ولكن دون طبيب. الإسلام من دون العالم معناه إننا لا نريد الإسلام. إنكم إذا حطمتم هذا السد لن تستطيعوا إنجاز أيء من الأعمال ولو اجتمعتم كلكم. علماء الدين هم الذين يستطيعون العمل، ابحثوا، انظروا، ادرسوا هذه النهضة. انظروا من الذي كان يتقدم بالنهضة؟ أية فئة كانت مؤثرة في الحركة أكثر من غيرها. الجميع كانوا مؤثرين، ولكن الذي كانت الجماهير تسير من وراءه، عامة الناس، المعيار هو الفلاح، البائع الذي في السوق، المعيار هو هذا الشارع وهؤلاء الناس الذين هم في الشارع، من الذي كان يعبىء هؤلاء ويهيئهم لهذا العمل؟ إنهم علماء الدين. طبعاً كان هناك آخرون ولكن علماء الدين كانوا في الطليعة. فلا تفكروا أن تكتبوا الآن في الصحيف: (سيطر علماء الديني)، فإذا اعرض الناس عن مثل هذه الصحيفة، يأتي الكتّاب والصحفيون ويقولون: لقد وقفوا بوجه الديمقراطية! لقد وقفوا بوجه الحرية!
حرية الصحافة أم التآمر؟!
إن الناس لا يرضون بذلك. وإذا ما أعرض الناس عن صحيفة ما، سينزوي أصحابها. لا يحق لأي صحيفة أن تتآمر تحت شعار الحرية.
نعم توجد حرية للصحافة، ولكن هل هناك حرية للتآمر أيضاً؟ توجد حرية للصحافة، ولكن هل الصحافة حرة في نشر ما يقوله الشيوعيون وعدم نشر ما يقوله المسلمون؟ هل هذا معنى (حرية التعبير) أم أن هناك تآمراً في البين؟ إن هذه المؤامرة إذا نجحت سوف يقضون عليكم جميعاً. إذا نجحت هذه المؤامرة ولم تعينوا على إحباطها متصورين أنكم تستطيعون العمل بدون علماء الدين، فأنتم واهمون! إنكم لا تستطيعون فعل شيء من دون علماء الدين.
التآمر على ايقاع الفرقة بين علماء الدين والناس
اعملوا على تقوية معنويات الناس وعلماء الدين، وعلى السير تحت لواء الإسلام، كي يتسنى لبلدكم التقدم والنجاح. إذا أردتم القول نحن مثلًا الجبهة الفلانية، نحن الجناح الفلاني، الحزب الديمقراطي الفلاني، إن كل واحد من هذه التجمعات إنما تتبعه عدة معدودة وذلك أيضاً من أجل الدنيا. إن الذي يتمكن من العمل، وذلك الذي يعمل للإسلام ومستعد للشهادة، هو الذي عمل علماء الدين على توعيته وقد فعلوا ذلك بحق، والأنبياء أيضاً قاموا بذلك.
لا تسلبوا هذا من أيدي الناس أيها السادة، إن لكم تأثيراً على الناس ان شاء الله، وسوف يكون لكم تأثير أكبر أيضاً، لا تعملوا على ابعاد الناس عن علماء الدين. بل اعملوا على تقوية معنويات الناس لنستطيع وتستطيعوا السير إلى الأمام، وأعلم أنكم تستطيعون.
سوف تتقدمون في السير إلى الأمام إن شاء الله، ولكن لا تهدموا بأنفسكم هذه التحصينات الواحد تلو الآخر .. فهذه التحصينات أمكن تحطيم تلك السدود العظيمة، اعرفوا قيمتها ولا تعملوا على تخريبها، ولا تتهموهم بالتخلف. إنهم مثقفون ومطلعون أكثر منكم فمنهم يخرج أفضل الكتّاب، وأفضل الخطباء، وأفضل المفكرين. لا تتصوروا أنهم ليسوا بشيء. ولمجرد أنه لا توجد حدائق في بيوتهم، وليس لديهم تلك السيارات الفاخرة، فهم رجعيون وغير متنورين. فهل المتنور هو الذي لديه حديقة وسيارة ويرتدي الثياب الفاخرة ويتزين ويخرج بين الناس؟ مع أن هذه الامور تضر ببلادنا.
لجان الثورة هم حراس أمن البلد
فلتناول الآن للمسائل التي ذكرتموها. إن لجان الثوره ضرورية ولابد من وجودها، ولكن مع التطهير. إننا نسلِّم بكلتا القضيتين. إنني أسلم بوجود بعض اللجان غير المفيدة في إيران بل المضرة أحياناً. إنني أسلم بهذا وآسف له، ولكن لا يمكن القول بأننا لم نعد بحاجة الى اللجان! إن أعمالنا لم تنته بعد.
إننا نحتاج الآن للجان الثورة. هؤلاء الجنود الوطنيون، هؤلاء الحرس الوطنيون الذين يحمون بلدنا الآن. إننا نحتاج إليهم. وعلى هذا فإن ما ذكرتموه من أن لجان الثورة تختلق العراقيل وتعيق العمل، لابد من معالجته بإصلاح هذه اللجان، فيجب على الحوزة العلمية والسادة ومجلس الثورة المبادرة الى وضع الخطط وإرسال الهيئات لتطهير هذه اللجان، فإذا كان هناك عضو فاسد قد استطاع النفوذ إلى داخل هذه اللجان فلينحوه جانباً ويصلحوا الأمور. أما أن نقول (لا) للِّجان الثورة الآن، فهذا غير صحيح. إننا مازلنا في وسط الطريق، وبحاجة الى لجان الثورة.
مشكلة الزراعة والجيش
القضية الثانية قضية الزراعة. إن إحدى مشاكل الزراعة هي هؤلاء المفسدين الذين لايريدون أن يتم إصلاح الأمور. لقد جاءت أمس مجموعة، يبدو أنهم من (سيستان) قالوا بأننا قد زرعنا هذا العام أربعمائة ألف هكتار، وكانت زراعة جيدة، ولكن يوجد جسر لابد أن نعبره لنصل إلى أراضينا، وقد جاء (التركمان) ولم يسمحوا لنا بالمرور. إن هذه المسألة يجب على الحكومة التفكير بها وحلّها. فلا فائدة من نصح هؤلاء. ثمة فئة تريد الإفساد ولا تريد الإصلاح ولا ينفع معها الكلام. إنها بحاجة إلى القوة. والقوة بيد الحكومة، فرقة الجندرمة، الجيش، هؤلاء الذين يجب عليهم القيام بذلك رغم أنه يوجد في الجيش بعض المشاكل، ولكنه لابد من إزالتها ويجب دعم الجيش وتقويته، ويجب تقوية الجندرمة للتصدي لهؤلاء الذين يعرقلون الأمور ويمنعون المزارعين من القيام بأعمالهم. ولا بأس بأن ننصح الناس أيضاً بأن من يملك الآلات والأدوات الزراعية فليساعد بإيجارها إن أراد الآخرون استئجارها. وإن استطاع فليساعد في تخفيف الأجر ويتسامح في ذلك بمقدار.
وفي هذه الأثناء قدم أحد الحاضرين تقريراً. فقال الإمام بعد ذلك:
الهدوء، موجود أحياناً، وأحياناً أخرى غير موجود. إن منطقة (سرحدات) مازالت على حالها الأول. لقد تكلمت قبل يومين مع السادة الذين حضروا إلى هنا، ولكنهم عندما ذهبوا إلى دوائرهم جلسوا ولم يفعلوا شيئاً! فإذا لا يهتم الجيش بالكلام ولا يأخذه بعين الاعتبار، وكذلك رئيس الأركان، ولا يعمل بشكل جيد، فإن مثل هذا الجيش لا يستطيع تحقيق شيء. ومع الأسف إن وضع جيشنا الآن هو هكذا، ومشكلته في العمل.
قضية الحدود وحراستها
إنني لا أريد الآن استعراض الإشكالات. فالإشكالات في العمل موجودة. ويجب رفع هذه الإشكالات. يجب تقوية (سرحدات). لقد اقترحوا علينا إرسال مجموعة من الجيش ترافقهم مجموعة أخرى من حرس الثورة إلى (سرحدات) ليقيموا مركزاً هناك لمراقبة المنطقة، وتقوم بعض الطائرات بالتحليق في المنطقة. لابد من القيام بهذا. فإن منطقة (سرحدات) الآن مفتوحة وكل من يريد تهريب الأسلحة يستطيع ذلك. وفي الجانب الآخر هناك من يرسل الأسلحة بل ويقوم بتدريب الأشخاص ايضاً. فلابد من التصدي لهذه الأمور. وتستطيعون التصدي لهم لأنهم قلة معدودة، ولكنكم إذا لم تفعلوا ذلك فإن أمرهم سيتفاقم حينئذ. لابد من القضاء على هذه القلة وهي ما زالت نطفة.
ضرورة الحسم في مواجهة المشاكل
إننا إذا تساهلنا في هذا الموضوع وأردنا العمل بإسلوب إداري رتيب معقد، سيتأخر كثيراً. يجب على الجيش والجندرمة العمل بحسم وإغلاق منطقة (سرحدات) أمام تهريب الأسلحة ودخول المفسدين. وهذا أمر أهم من أمر الزراعة. إنهم سيقضون علينا إذا أمهلتموهم. إنهم الآن ليسوا بشيء وبصرخة واحدة ينتهي أمرهم، ولكنكم إذا أعطيتموهم فرصة فسوف يعملون على تجميع قواهم تدريجياً ويزداد حينئذ عددهم. وبناءً على هذا فإن حل المشكلة يقع على عاتق الجيش والجندرمة في التصدي لهؤلاء الذين يعتدون على أموال الناس وزراعتهم- وليس معلوماً أن ما يقولونه حق وصحيح- ثم بعد ذلك يتم الرجوع إلى المحاكم الصالحة ليتم النظر في ادعاءاتهم ويتبين الصدق من الكذب. وأما الآن فلا يحق لهم منع الناس من الزراعة. وعلى الجيش أو الجندرمة الوقوف بوجه هؤلاء.
وزير الداخلية، الجندرمة
لا بأس، الجندرمة، على الجندرمة الوقوف بوجه هؤلاء.
وزير الداخلية: إن الشيء الذي أمرتم به نطبقه بدقة في كل منطقة
عدم إعطاء فرصة للمتآمرين
لا بأس، فعلى هؤلاء الوقوف بوجه تلك الأعمال. وهذا لا يكون بالكلام، لأن المفسدين لا يصغون للكلام. بل لابد من القوة، وبدونها لا يتحقق شيء.
نعم، يمكن إرشاد الناس المؤمنين وأهل السوق وحثهم على العمل، كذلك الفلاح المزارع، أما الذي جاء لإثارة الفوضى، وهدفه إثارة القلاقل حتى لا يستتب الأمن في البلد، ليقولوا بعد ذلك بأنهم لا يستطيعون إدارة إيران بأنفسهم فليرسل الأجانب لنا من يتولى إدارة الأمور. إننا نستطيع إدارة الأمور، نستطيع حتى أفضل من الآخرين، لم لا نستطيع؟
وزير الداخلية: لقد قتلوا في آراك قائد الجندرمة مع اثنين من مرافقيه، ولم يسمحوا بتنفيذ الحكم الذي أصدرته الهيئة الخماسية لابد أن تكون قوات الجندرمة قوية حتى لا يتجرأ أحد بالاعتداء عليها. إن هذا الوضع لا يمكن إصلاحه بالموعظة! فذلك الذي يريد قتل إنسان ويريد قتل قائد الجندرمة، لابد من الوقوف في وجهه ولابد من القبض عليه أياً كان وإنزال العقوبة به حتى لا يجرؤ أحد على مثل ذلك العمل. لابد من تقوية قوات الجندرمة. وعلى هذا، فإن هذا الأمر يقع على عاتق الحكومة وعليها القيام به بأسرع وقت.
المسؤولون الصالحون والمتلزمون:رداً على كلام أحد الحاضرين: إن هذه أمور قابلة للتأمل. وما أريد أن أقوله للسادة هو ضرورة التحقيق حول وضع الذين تقومون بتعيينهم في المناصب الحكومية. فقد ذكروا بأن بعض التعيينات في بعض المحافظات غير دقيقة. بل أحياناً يعزل المؤهلين ويحل محلهم أشخاص غير صالحين. إن من يفعل ذلك إذا كان يفعله عن خطأ وسهو فلينتبه لئلا يخطىء ثانية، ليفتح عينيه جيداً، وإذا كان- لا سمح الله- لديه هدف ونية سيئة فليعلم أن زمن هذه الأمور قد مضى.
إن تعيين مسؤول حكومي منحرف في منصب ما مثلًا لن يؤدي إلى عودة الأوضاع السابقة، إن تلك الأوضاع قد انتهى عهدها ولا عودة لها. فالأفضل للسادة أن ينتبهوا ويعملوا على خدمة هذا الشعب، على خدمة بلدهم، بنية صادقة كما يعملون من أجل بيوتهم. لقد كان الكثيرون يعتذرون سابقاً عن العمل، بأنني لماذا أعمل؟ إن منافعنا تذهب للآخرين، فلماذا نعمل ما دامت المنافع تذهب للآخرين؟ ولكن هذا الكلام لا محل له الآن. إننا إذا عملنا الآن فإن نفعه يعود إلى أمتنا وإلينا. فكما أنهم يعملون بصدق وبشوق وأمانة من أجل أسرهم، فليعملوا من أجل بلدهم كذلك. إن الذين يتصورون أن بوسعهم تغيير الأوضاع من خلال تعيين منحرف في هذا المكان وآخر في ذلك المكان وثالثاً في مكان آخر، وإعادتها الى سابق عهدها، فإنهم واهمون، إنه لا يمكن ذلك، وليس من نتيجة لعملهم هذا إلّا إسقاط أنفسهم من أعين الناس.
على كل حال فأنتم متواجدون في كافة أرجاء البلد وعليكم خدمة بلدكم. ونحن هنا ندعو الجميع لأداء واجباتهم ومسؤولياتهم، وآمل أن تزول جميع المشاكل قريباً.
مضى زمن الخوف من مخابرات الشاه ومن أمريكا
إن المشاكل الأساسية قد زالت. تلك المشكلة والعقبة التي لم تكن تترك أحداً ليعمل قد زالت ولا عودة لها. أما المشاكل المتبقية فهي كتلك الموجودة داخل البيت الواحد. افرضوا مثلا أن هناك مكاناً في البيت قد خرب ويحتاج إلى إصلاح، فإن صاحب البيت يقوم بإصلاحه بطمأنينة ورغبة. والوضع الآن هو هكذا فنحن نريد إصلاح بيتنا. ولم يعد في البين خوف من أنني إذا عملت العمل الكذائي يأتي رجال المخابرات ويمسكون بي ويرمون بي داخل تلك الزنزانات الرهيبة، لم يعد لهذا الخوف من وجود أنني إذا عملت العمل الفلاني فإن الأمريكيين يدفعونهم للقيام بذلك. لم يعد وجود لهذه الأمور. الموجود الآن هو أنتم وبلدكم. وعليكم العمل من أجل أنفسكم. علينا جميعاً العمل من أجل أنفسنا. من أجل الله إذا كنا نعتقد بالله- ونحن نعتقد إن شاء الله فهذا بلد اسلامي. وإذا لم نكن كذلك لا سمح الله، فلنعمل من أجل بلدنا، وأرجو أن يكون الجميع موفّقين ومؤيّدين.
الحرمان والتوقعات
رداً على كلام أحد الحاضرين: نعم، لقد جاؤوا إلي مراراً، وكانت كل مجموعة تأتي تقول بأن البطالة عندنا كثيرة، لا يوجد عندنا شيء، لا يوجد كهرباء ولا ماء، لا يوجد لدينا م- درسة ابتدائية، لا يوجد عن- دنا مستشفى، وأمثال ذلك، إن كل من يأتي ومن أي مكان كان يقول هذا الكلام، وغالباً ما يقولون أيضاً بأنه لا توجد منطقة محرومة كمنطقتنا. ونحن نقول لهم هل حدث ذلك مؤخراً أم أنه كان موجوداً من قبل؟ هل وجد بسبب الثورة أم أنه كان من قبل؟ إذا قلتم بأن الثورة هي التي جلبت معها هذا الفقر والحرمان فأنتم بأنفسكم تعرفون بأنه ليس كذلك، إذاً، كان ذلك من قبل الثورة، فهذا الفقر والبطالة وفقدان الماء والكهرباء والإسفلت و ... كان موجوداً في السابق، قد ورثت الحكومة الحالية بلداً كله على هذا النحو.
الذي من (بختياري) يقول كنا محرومين أكثر من جميع المناطق. والذي من (سيستان) يقول نحن المحرومون أكثر من الأخرين. والذي من (بلوجستان) يقول الكلام عينه، والشيء نفسه بالنسبة لأبناء (كردستان). الجميع كذلك. والجميع صادقون فيما يقولون بأنهم كانوا محرومين. ولكن هذا الحرمان كان موجوداً من قبل ولم يحدث الآن حتى تمسكوا برقبة هذه الحكومة: فهو لم يحدث الآن، لم يحدث في حكومة السيد (بازركان) ليكون هو الضامن والمسؤول عنه. بل كان هذا في عهد الحكومات السابقة وفي عهد النظام البائد. وقد جئتم إلى بلد مدمَّر تعمه الفوضى وعليكم إصلاحه.
إذاً فالعامل والفلاح والإداري والعاطل عن العمل، الجميع كانت أوضاعهم متردية! بيد الآن أنتم على الأقل أحرار في حين أن حتى هذه الحرية لم تكن موجودة ... إن عليكم الصبر قليلًا وعدم العجلة في طرح المطالبات بتصور أننا لا نعمل! فلسنا نحن الذين سببنا هذا الحرمان لنطالب بإزالته، إنهم هم الذين حرموكم وقد جئنا نحن لإزالة هذا الحرمان. ولكن هذا لا يمكن تحقيقه بمعجزة لينجز فوراً! بل لابد من العمل تدريجياً. ويجب توضيح الأمر للمحرومين بأن المسألة هي هكذا، فلقد كنتم تعيشون في نظام قد حرمكم من كل شيء، ودمر كل شيء. وقد ورثنا نحن هذه الخربة ونريد بناءها، وهذا يحتاج إلى وقت، فلابد من الوقت الكافي ولابد من وجود حكومة مستقرة ولابد من وجود ميزانية للحكومة ليمكن العمل. وبدون ذلك لايمكن عمل شيء.
ضرورة تحمل اضطرابات ما بعد الثورة
كل هذا أمر طبيعي في كل ثورة. وأية ثورة أفضل من ثورة إيران. هذه هي الثورة البيضاء، وليست تلك التي كان يروج لها (صاحب الجلالة)! الثورة البيضاء التي حطمت سداً عظيماً، غير أن الخسائر كانت قليلة والأرباح كثيرة. ولكننا ما زلنا الآن في أجواء الثورة، ولم نخرج منها بعد، ما زلنا نعيش أجواء الثورة. وفي أجواء الثورة تقع بعض الاضطرابات، بعد الثورة تحصل بعض الاضطرابات. وعلينا جميعاً تحمل هذه الامور. فتحملوا أنتم بقدر استطاعتكم، ليتحمل العامل بقدر استطاعته، ليتحمل الجامعي بقدر استطاعته، فالوقت الآن ليس وقت الراحة.
إن الوقت الآن وقت الثورة وما بعد الثورة، وهذه المتاعب نواجهها جميعاً. فللحكومة متاعب وللشعب متاعب وللشباب متاعب وللفلاحين متاعب، هناك متاعب للجميع. وعلينا التكاتف والتعاون لإنجاز الأعمال، وفقكم الله تعالى.
* صحيفة الإمام، ج7، ص: 273-281
1- قضية لجان الثورة، والزراعة، والمخدرات، التي تطرق اليها وزير الداخلية في كلمته.
2- ندوة المحافظين التي عقدت بطهران.