يتم التحميل...

الموضوع: المشاكل التي يعاني منها الجيش، الشعور بالمسؤولية وخدمة الشعب‏

خطاب

الحاضرون: قادة الجيش‏

عدد الزوار: 56

التاريخ: 1 خرداد 1358 هـ. ش/ 25 جمادى الثانية 1399 هـ. ق‏
المكان: قم
الحاضرون: قادة الجيش‏

بسم الله الرحمن الرحيم


فوضى ما بعد الثورة وضرورة تعاون الجميع‏
إنني أعلم بجميع هذه المشاكل التي ذكرتموها، إنني أعلم بها ومطَّلع عليها، وأعلم أيضاً بأنه إذا لم تبق سلسلة الرتب في الجيش محفوظة ولم تكن أموره تحت ضابطة معينة فإنه لا يمكن أن يقال عنه جيش. فالجيش الذي لا يطيع فيه الداني العالي لا يستطيع أن يدافع عن البلد. لا شك في هذا. كما أعلم بأن بعضهم و بسبب هذه المسائل ضعفت معنوياتهم ومواقفهم في مواجهة الأمور. إني أعلم هذا. كما أعلم بأن لجان الثورة الإسلامية في أنحاء إيران، عندها مشاكل وهناك اختلافات بينها. إنني أعلم بجميع ذلك، فالمشاكل معلومة ولكن ايجاد الحلول لها يحتاج إلى وقت. فالمشاكل التي تواجه الحكومة الآن كثيرة، وكذلك تلك التي تواجه الجيش، والتي تواجه سائر الفئات. ومع الأسف فقد ازدادت في هذا الوقت، وهي في تزايد مستمر. ولكن إزالة المشاكل لا يمكن أن تكون فورياً، لا يمكن أن يتحقق هذا خلال أيام أو اسابيع أو أشهر، بل لابد من العمل على إزالتها تدريجياً والمهم هو أن نعتبر أنفسنا جميعاً وكل فرد منا أن يعتبر نفسه مكلفاً بالخدمة الآن.

ففي وقت ما كنا نقول مثلًا ما شأننا بما يجري على الحدود. إن هذه مسؤولية الجيش. وكنتم أنتم تقولون ما شأننا بما يجري داخل المدن. إن قوات الجندرمة هي المسؤولة عن ذلك. وقوى الجندرمة كانت تقول ما شأني بما يجري داخل المدن، فهذه مسؤولية الشرطة. فكانت كل قوة تلقي المسؤولية على عاتق غيرها. طبعاً إن المسألة هي هكذا ولكن هذا في الظروف الاعتيادية، إذ تكون كل قوة مكلفة بوظيفة خاصة بها. لكنه في الظروف غير الاعتيادية الوضع يختلف. افرضوا مثلًا أن قوات الجندرمة هي المسؤولة عن مواجهة التخريب الذي يجري في حقول المزارعين والفلاحين. ولكنكم عندما ترون أن بلدكم إذا لم يكن فيه زراعة، إذا لم يستطع المزارعون الذين زرعوا الأرض أن يجمعوا محاصيلهم، سيتعرض للمخاطر، وسوف تزداد الحاجة والفقر. فحينئذ إذا قيل للجيش بأن عليه أن يقوم بمساعدة قوى الجندرمة فإنه لا ينبغي آنذاك للقادة أن يقولوا بأن هذه المهمة ليست مرتبطة بنا، وإنما علينا المحافظة على (سرحدات). أو إذا رأينا أن الوضع في (سرحدات) بشكل أن هناك من يقوم بتهريب الأسلحة، ويدخل عن طريقها المفسدون، ويقومون بتهريب الأسلحة وإيصالها إلى الأشخاص الفاسدين. وهذا يؤدي إلى أننا قد نلتفت في وقت ما فنجد أن هناك مجموعة فاسدة معارضة للشعب، معارضة للبلد، معارضة للإسلام، وقد أصبحت مسلحة.

وحينها قد لا يكون باستطاعتنا التصدي لهم. ففي مثل هذا الوضع لا ينبغي لقوات الجندرمة أن تقول إن مهمتي منحصرة في مراقبة الطرق الخارجية وما بين المدن.

يجب على قوى الجندرمة أن تساعد الجيش، وعلى حرس الثورة أيضاً مساعدتهم. فالوضع يكون أحياناً وضعاً استثنائياً، افرضوا مثلا أنه قد وقعت زلزلة وقد أدَّت إلى تدمير منطقة. فإذا كنتم تشاهدون إخوانكم تحت الركام وهم يلفظون أنفاسهم ويحتضرون، فإنه لا يمكنكم حينئذ الفرار من المساعدة مهما كانت الذرائع، بل كل إنسان يرى نفسه مكلفاً بالمسارعة لانقاذ ما يمكن انقاذه.

ضرورة اليقظة في مواجهة المؤامرات‏

تعم بلدنا اليوم الفوضى. وطبعاً ليست بالفوضى التي لا يمكن إصلاحها. إن هؤلاء ليسوا بشي‏ء، هؤلاء الذين يثيرون الشغب الآن ليسوا بشي‏ء، ولكننا إذا غفلنا عنهم فمن الممكن أن يصبحوا شيئاً. إنني لا أعبأ بهم أبداً. فلقد شاهدتم كيف أنه عندما كان الشعب متحداً بجميع فئاته وكانوا ينشدون هدفاً واحداً، فإن القوى الأجنبية لم تستطع ثني هذا الشعب عما كان يسعى إليه. إننا لا نخشى أبداً هذه العدة القليلة الفاسدة. ولكنه لا ينبغي استصغار العدو مهما كان. إذ أن هذا القليل ربما يزداد تدريجياً، ويجد لنفسه عدة وعتاداً. فيجب علينا أن نكون يقظين. وكلما وجدنا ولو شخصاً واحداً معارضاً فيجب علينا ملاحقته والوقوف في وجهه. لا ينبغي لنا أن نقول على سبيل الفرض- إنهم يهرّبون عدة بنادق من خارج الحدود ولكننا نحن والحمد لله لدينا كذا وكذا. كلا، يجب علينا وبكل ما نستطيع الحيلولة دون تنفيذ مآربهم. لا ينبغي في هذه الظروف غير الاعتيادية أن تجري الأعمال وفق النظام الذي كانت تسير عليه سابقاً. لقد أوصيت السادة قادة الجندرمة ورئيس الأركان، فيما يتعلق بمنطقة (سرحدات). إننا نطمح أن تتحسن الأوضاع سريعاً. إننا نرى أحياناً تقع في الجيش بعض الأمور التي تكون مثار تساؤل وإشكال، مثلا الأمر بنقل السجناء العسكريين من سجن (قصر)- إنكم مطلعون على هذا الأمر- إننا عندما نرى أنهم يريدون وضع السجناء العسكريين في مكان واحد، يخطر في ذهن شعبنا أن هذه مؤامرة- لاأقول إن هناك مؤامرة-... لكنهم احتملوا أن المقصود هو تهيئة الظروف ليفرّوا من السجن، وأن هذه مؤامرة، إنني أعلم بأن هؤلاء لم يعد باستطاعتهم التآمر، إنني أعلم هذا. ولكنه عندما تقع مثل هذه المسألة فإننا نشعر بسوء الظن، ويشعر الشعب بسوء الظن، لماذا ينبغي أن يكون هكذا؟ لابد من تنظيم هذه الأمور والقضايا.

الجرائم التي تغتفر وأخرى لا تغتفر

لقد تحدثت كثيراً حول الجيش وكيف ينبغي له أن يكون وكيف ينبغي للناس أن يتعاملوا معه. وسأتحدث في الموضوع نفسه في هذا الاجتماع ايضاً. على الجيش أن يكون مستعداً ومُعدّاً كما نريد. ولا يمكن ذلك بالكلام. لقد قلت وتحدثت مراراً. وليس الأمر أن المعصية الصغيرة مقابل المعصية الكبيرة. فالقضية الآن لا تتلخص في الكذب وهو ما ذكرتموه. ليست هذه القضية. بل في مثل هذا الوضع الذي يكون لدينا فيه جناة مجرمون، يكون الذنب كبير والعقاب شديد. ولهذا فإن‏ ما نقوله بأننا قد عفونا عن الجرائم الصغيرة معناه ما كان دون ذلك المجرم الجاني. أما قضية الدخول إلى المعسكرات والتصرف فيها، فإن هذا الأمر غير صحيح قطعاً، ولا ينبغي وقوعه. لقد قلت مراراً وأكرر ذلك بأنه لا بد أن تكون المعنويات عاليه وقوية سواء في الدوائر أم في المواقع الأهم، مثل الجيش والجندرمة والشرطة، فإن هذه القوى الثلاث لابد أن تكون معنوياتها عالية، ولا ينبغي خروجها من تحت سلطة قادتها. فيذهب شخص إلى مركز للشرطة ويمسك بواحد من هناك ويذهب به، هذا خطأ، هذه مسألة خاطئة جداً، ولقد أوصينا بعدم حدوث مثل هذا. وسوف نوصي مستقبلًا أيضاً بذلك إن شاء الله. هذا أمر لا إشكال فيه. ولكن توقّع العفو عن مجرم، العفو عن شخص كان يخون على مدى عشرين سنة، فهذا أمر مرفوض.
على كل حال، افرضوا أن شخصاً نزل آنذاك إلى الشارع وقام بعمل ما، ولكنه لم يقتل أحداً ولم يرتكب خيانة وأمثال ذلك، فهذا واضح. إن ما قلته بأننا قد عفونا عن صغائر الجرائم فإن مقصودنا من الصغيرة هو مادون الجناية وما دون الخيانة. وسوف أقوم بتفسير ذلك يوماً ما إن شاء الله.

قطع يد المستغلين‏

إنني آمل أن تكونوا جميعاً موفقين، ومسددين. اليوم يوم الخدمة. اليوم لا يستطيع أحد منكم أن يفرَّ من تحمّل المسؤولية. إنها مسؤولية وجدانية، دينية، إلهية، وطنية. إنكم لا تستطيعون اليوم أن تقولوا: إنني أنا الذي أعمل ولكن الآخرين هم الذين يجنون ثمار عملي. أو يقول أحدهم: إننا نحن الذين نعمل والآخرون هم المنتفعون. فالوضع اليوم ليس كذلك. لم يعد هناك وجود للذين كانوا ينهبون منافعكم ويستغلونكم. لا يستطيع أحد الآن أن يستغلكم. بل البلد بلدكم ويجب أن تكون نظرتكم، كل واحد منا يجب أن تكون نظرته للبلد كنظرته لأسرته، بل أكثر بكثير. علينا أن نعتبر الجميع أسرتنا. إن البلد بلدكم، ولا بد من إصلاح هذا الوضع المضطرب بأيدينا نحن.

إحساس جميع الأفراد بالمسؤولية

الفرد الواحد يستطيع العمل بمقدار فرد، والمجتمع يتشكل من الأفراد. لو أن الفرد لا يستطيع عمل شي‏ء لكنتم أنتم أيضاً لا تستطيعون عمل شي‏ء. إذا كانت هناك صخرة تزن عدة أطنان مثلًا فإن شخصاً واحداً لا يستطيع رفعها، بل لابد من أن يجتمع حولها ألف شخص، بحيث يكون كل واحد منهم قد شارك بمقدار من القوة. إن هذه القوى عندما اجتمعت مع بعضها استطاعت رفع صخرة تزن عدة أطنان. إن قطرة المطر الواحدة هي مجرد قطرة، ولا يمكن تشكيل سيل من قطرة واحدة. ولكن هذه القطرات عندما تجتمع تصبح سيلًا، وهذه السيول عندما تجتمع تصبح بحراً. إن الأفراد حكمهم كالقطرات. فعندما يكونون متفرقين فإنهم يستطيعون القيام بالأعمال الصغيرة لا الكبيرة، فكل فرد يستطيع القيام بمقدار من العمل. إذا جلست هذه القطرة جانباً وقالت إني مجرد قطرة واحدة ولا أستطيع القيام بشي‏ء. وتلك القطرة أيضاً جلست جانباً قائلة: أنا أيضاً لا أستطيع عمل شي‏ء. فإنه حينئذ لا يمكن القيام بشي‏ء أبداً. بل يجب على كل قطرة أن‏ تقول: إنني سأقوم بمقدار ما أستطيع من عمل. وعندما يحصل هذا، عندما يوجد مثل هذا الشعور في شعب ويرى جميع الأفراد أنفسهم مكلفين بأن يعمل كل منهم وأينما كان من أجل بلده، فسوف يغدو لدينا 35 مليون شخص يعملون من أجل الشعب، ومن المستحيل حينئذ أن لا يستطيعوا إنجاز أعمالهم. أما لو كان الأمر بخلاف ذلك بحيث أنكم عندما تذهبون إلى أعمالكم تقولون: إنني لا أستطيع القيام بهذا العمل، وأنا أيضاً أقول إنني طالب للعلوم الدينية ولا أستطيع القيام بهذا، والثالث أيضاً يقول الكلام عينه، العامل أيضاً يقول ذلك. فإن كل شي‏ء سيبقى في مكانه حينئذ.

احترام جيش الإسلام‏

إننا جميعاً مكلفون بأن يعمل كل منَّا على قدر استطاعته. بل على كل واحد أينما كان أن يعمل عمله ويقوم بدعم الآخرين. تكلموا أنتم وادعموا أصدقاءكم. حذِّروهم بأن هؤلاء الذين يحرضونكم على عدم رعاية سلسلة الرتب هم خونة لا يريدون للجيش أن تستقر أموره، إنهم لا يريدون للبلاد أن يتم إصلاحها وإعمارها. عليكم أن تقوموا بوعظهم.. التفتوا إلى الكلام الذي ذكرته حتى الآن. لقد قلت وربما مراراً إن أولئك الذين كانوا خونة ومجرمين فإنهم إما هربوا وإما قد تم القبض عليهم. وأما الموجودون حالياً فإنهم أشخاص يعملون من أجل الإسلام. إن هذا الجيش اليوم هو جيش الإسلام. وجيش الإسلام محترم ولا يحق لأحد سلبه هذا الاحترام.

على كل حال، اطمئنوا بأن الأمر ليس كما يقال بأنهم سيأتون ويعتقلون الجميع ويأخذونهم! ليس الأمر كذلك. إنكم الآن إخواننا. وقد جلسنا نتحدث معاً. فليست القضية أننا أعداء لكم، أو أنكم أعداء لنا. إننا جميعاً إخوة أحباء ويجب علينا جميعاً إن شاء الله إيصال هذه الثورة الى برّ الأمان. وهذه المسائل التي ذكرتموها أعلم بها وهي تدعو للأسف حيث تقع هذه الأمور المخالفة للضوابط. وآمل أن يتم التصدي لها تدريجياً إن شاء الله. وإني أعلن بأنه فيما يرتبط بهذا الأمر فإنه لا ينبغي أن يكون بهذا الشكل. إذا عُلِمَ لا سمح الله أن شخصاً ما فرضاً هو شخص كذا وكذا، فلابد من إعلام قائده بذلك طبق الضوابط، ولابد من العمل طبق الضوابط، سوف أمر بذلك إن شاء الله، حفظكم الله تعالى.

* صحيفة الإمام، ج‏7، ص: 318,315

2011-04-30